أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

البشر مخلوقات اجتماعية، فنحن نحتاج إلى رفقة الآخرين لننجح في الحياة، ولقوة صِلاتنا تأثير كبير في صحتنا النفسية وسعادتنا؛ إذ يمكن للتواصل الاجتماعي مع الآخرين أن يخفِّف من التوتر والقلق والاكتئاب، ويعزِّز تقدير الذات، ويوفر الراحة والمتعة، ويمنع الشعور بالوحدة، ويسهم في إطالة عمرك، وعلى الجانب الآخر، يمكن أن يشكِّل الافتقار إلى الروابط الاجتماعية القوية خطراً كبيراً على صحتك النفسية والعاطفية.



يعتمد معظمنا في عالم اليوم على منصَّات التواصل الاجتماعي كـ "فيسبوك" (Facebook)، و"تويتر" (Twitter)، و"سنابشات" (Snapchat)، و"يوتيوب" (YouTube)، و"إنستغرام" (Instagram)، للعثور والتواصل مع بعضنا بعضاً، وفي حين أنَّ لكل منها فوائده، لكن من الهام أن تتذكَّر أنَّه لا يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون بديلاً للتواصل البشري في العالم الحقيقي على الإطلاق.

لإثارة الهرمونات التي تخفِّف من التوتر، وتجعلك تشعر بأنَّك أكثر سعادة وصحة وإيجابية، ينبغي التواصل الشخصي مع الآخرين، والذي يُعَدُّ مفارقة بالنسبة إلى التكنولوجيا المُصمَّمة لتقريب الأشخاص من بعضهم بعضاً، هو أنَّ قضاء كثير من الوقت في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يجعلك تشعر بمزيد من الوحدة والعزلة، ويؤدي إلى تفاقم مشكلات الصحة النفسية؛ كالقلق والاكتئاب.

في حال كنت تقضي وقتاً طويلاً في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأَت تُؤثِّر مشاعر الحزن، أو عدم الرضى، أو الإحباط، أو الوحدة في حياتك، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة النظر في استخدامك للإنترنت، وإيجاد توازن صحي أكثر.

الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي:

مع أنَّ التفاعل الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي ليس له نفس الفوائد النفسية التي تنتج عن التواصل المباشر، فإنَّه ما تزال توجد عدة طرائق إيجابية يمكن أن تساعدك المنصات هذه من خلالها على البقاء على تواصل مع الآخرين ودعم صحتك؛ إذ تُمكِّنك وسائل التواصل الاجتماعي من:

  1. التواصل والبقاء على اطِّلاع بما يحدث مع العائلة والأصدقاء في جميع أنحاء العالم.
  2. إيجاد أصدقاء ومجتمعات جديدة، والتواصل مع أشخاص آخرين يشاركونك نفس الاهتمامات أو الطموحات.
  3. المشاركة أو الترويج لقضايا جديرة بالاهتمام، ورفع مستوى الوعي المتعلق بالقضايا الهامة.
  4. طلب أو عرض الدعم العاطفي للآخرين في الأوقات الصعبة.
  5. إيجاد تواصل اجتماعي حيوي في حال كنت تعيش في منطقة نائية مثلاً، أو أنَّك ذو استقلالية محدودة، أو تعاني من قلق اجتماعي.
  6. إيجاد منفذ لإطلاق العنان لإبداعك والتعبير عن نفسك.
  7. اكتشاف مصادر المعلومات والتعلم ذات القيمة بعناية.

الجوانب السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي:

نظراً لأنَّها تقنية جديدة نسبياً، فيوجد بعض الأبحاث لتحديد العواقب طويلة الأمد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت جيدة أم سيئة، ومع ذلك، فقد أكدت دراسات متعددة وجود صلة قوية بين الإسراف في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والزيادة في خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق والوحدة وإيذاء النفس وحتى التفكير في الانتحار، وقد تُروِّج وسائل التواصل الاجتماعي لتجارب سلبية مثل:

  1. عدم كفاية حياتك أو مظهرك: حتى وإن كنت تعلم أنَّ الصور التي تشاهدها على وسائل التواصل الاجتماعي يُتلاعب بها، فيبقى لديك احتمال بأن تجعلك تشعر بالقلق بشأن مظهرك، أو ما يحدث في حياتك الخاصة، وبالمثل، فإنَّنا ندرك جميعاً أنَّ الآخرين يشاركون أبرز جوانب حياتهم، ونادراً ما يشاركون لحظات الضعف والسوء التي يمرون بها، ومع معرفتك بهذا الأمر، فإنَّ مشاعر الحسد وعدم الرضى لا تقلُّ في أثناء تصفُّح الصور المعدَّلة لأحد الأصدقاء خلال عطلتهم على الشواطئ، أو القراءة عن ترقية جديدة مؤثرة حصلوا عليها في العمل.
  2. الخوف من أن يفوتك شيء ما (FOMO): في حين أنَّ هذا المصطلح كان موجوداً لفترة سبقت بكثير وجود وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أنَّ مواقع مثل "فيسبوك" (Facebook)، و"إنستغرام" (Instagram)، تساهم في تفاقم المشاعر التي تجعلنا نظنُّ أنَّ الآخرين يستمتعون أكثر، أو يعيشون حياة أفضل من التي نعيشها نحن؛ إذ يمكن أن تؤثِّر فكرة تفويتك لأشياء معينة في ثقتك بنفسك، وتثير قلقك، وتجعلك تزيد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يجبرك هذا الخوف من أن تغفل شيئاً ما على التحقق من هاتفك كل بضع دقائق، للتأكُّد من وجود تحديثات، أو الاستجابة بطريقة لا تُقاوم لكل إشعار، حتى لو تطلَّب ذلك المخاطرة في أثناء القيادة، أو عدم النوم ليلاً، أو منح الأولوية للتفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي على علاقات العالم الحقيقي.
  3. العزلة: وجدت دراسة في "جامعة بنسلفانيا" (University of Pennsylvania) أنَّ الاستخدام المُفرط لتطبيقات مثل "فيسبوك" (Facebook)، و"سنابشات" (Snapchat)، و"إنستغرام" (Instagram)، يزيد من الشعور بالوحدة إلى حدٍّ ما، وفي المقابل، وجدت الدراسة أنَّ الحدَّ من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يجعلك تشعر بالوحدة والعزلة بشكل أقل ويُحسِّن صحتك العامة.
  4. الاكتئاب والقلق: يحتاج البشر إلى التواصل الشخصي المباشر ليكونوا أصحَّاء نفسياً، فلا شيء يقلِّل من التوتر، ويعزِّز مزاجك تعزيزاً أسرع أو أكثر فاعلية من التواصل المباشر مع شخص يهتم لأمرك، فكلما أعطيت الأولوية للتفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الشخصية، زادت احتمالية إصابتك باضطرابات المزاج كالقلق والاكتئاب أو تفاقمها.
  5. التنمُّر الإلكتروني: أفاد نحو 10% من المراهقين أنَّهم تعرَّضوا للتنمُّر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومعظم المستخدمين الآخرين يتعرَّضون لتعليقات مسيئة؛ إذ يمكن أن تكون منصات التواصل الاجتماعي، مثل "تويتر" (Twitter) منبراً لنشر الشائعات الجارحة والأكاذيب والشتائم التي يمكن أن تترك ندوباً عاطفية دائمة.
  6. الانغماس في الذات: يمكن أن تؤدي كثرة مشاركة صورك الشخصية، ونشر جميع أفكارك على وسائل التواصل الاجتماعي إلى حب غير صحي للذات، وإبعادك عن العلاقات في الحياة الواقعية.

ما الذي يدفعك لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

يستطيع معظمنا في هذه الأيام الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي عبر هواتفنا الذكية أو أجهزتنا اللوحية، وفي حين يجعل هذا الأمر البقاء على تواصل مع الناس غاية في السهولة، إلَّا أنَّه يعني أيضاً إمكانية الوصول إلى هذه المنصات الاجتماعية دائماً؛ إذ يمكن أن يؤدي هذا التواصل المفرط على مدار الساعة إلى حدوث مشكلات في التحكُّم بالانفعالات، وقد تؤثر التنبيهات والإشعارات المستمرة في تركيزك، وتزعج نومك، وتجعلك عبداً لهاتفك.

لقد صُمِّمت منصات الوسائط الاجتماعية لجذب انتباهك، وإبقائك موجوداً على الإنترنت، وجعلك تتحقَّق دائماً من شاشتك بحثاً عن التحديثات؛ فهذه هي الطريقة التي تجني من خلالها الشركات الأموال، لكن كما هو الحال مع الإدمان على النيكوتين أو الكحول أو المخدرات، فإنَّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يُنشئ رغبة نفسية شديدة لاستخدامها أكثر.

قد يؤدي تلقِّي إعجاب أو مشاركة أو رد فعل إيجابي على منشور ما، إلى إطلاق هرمون الدوبامين في الدماغ؛ وهو نفس المادة الكيميائية التي يفرزها الدماغ عند تلقِّي مكافأة، أو تناول قطعة من الشوكولا، أو إشعال سيجارة مثلاً، فكلما حصلت على مزيدٍ من المكافآت، زاد الوقت الذي تريد أن تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو أضرَّ هذا بجوانب أخرى من حياتك.

الأسباب الأخرى للاستخدام غير الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي:

  1. يمكن للخوف من أن يفوتك شيء ما (FOMO) أن يجعلك تعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي مراراً وتكراراً، وعلى الرغم من وجود عدد محدود جداً من الأمور التي لا تحتمل الانتظار أو تحتاج إلى استجابة فورية، إلَّا أنَّ خوفك من أن يفوتك أمر ما، سيجعلك تظنُّ بخلاف ذلك، فربما تشعر بالقلق من أن تُستبعَد من موضوع يُتحدَّث عنه في المدرسة أو العمل إذا فاتتك آخر الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ربما تشعر أنَّ علاقاتك ستتأثر إذا لم تضغط على زر الإعجاب أو المشاركة أو الاستجابة على الفور لمشاركات الآخرين، أو قد تشعر بالقلق من أن تفوتك دعوة ما، أو أن يقضي الآخرون وقتاً أفضل من الذي تقضيه.
  2. يستخدم معظمنا وسائل التواصل الاجتماعي كـ "وسيلة أمان"؛ فعندما نكون في موقف اجتماعي ما، ونشعر بالقلق أو الإحراج أو الوحدة، فإنَّنا نلجأ إلى هواتفنا، ونسجِّل الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنَّ ذلك لا يقوم سوى بحرمانك بطبيعة الحال من التفاعل بطريقةٍ مباشرةٍ مع الآخرين، والذي يمكن أن يساعد على تخفيف القلق.
  3. قد يكون استخدامك المكثَّف لوسائل التواصل الاجتماعي قناعاً لتُخفي تحته المشكلات الأساسية الأخرى في حياتك، مثل: التوتر، أو الاكتئاب، أو الملل، فإذا كنت تقضي وقتاً أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي عندما تشعر بالإحباط أو الوحدة أو الملل، فربما تكون تستخدمه بوصفه طريقة لتشتيت نفسك عن المشاعر غير السارَّة أو لتهدئة مزاجك، في حين أنَّه قد يكون صعباً في البداية، إلَّا أنَّ السماح لنفسك بأن تمتلك هذه المشاعر يمكن أن يفتح لك الطريق لإيجاد وسائل صحية أكثر لإدارة حالتك المزاجية.

الحلقة المفرغة للاستخدام غير الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي:

يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إلى دوَّامة من السلبية الذاتية الدائمة:

  1. تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان بصفتها طريقةً لتخفيف الملل، أو الشعور بالارتباط بالآخرين عندما تشعر بالوحدة أو الاكتئاب أو القلق أو التوتر.
  2. مع ذلك، يزيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان من الخوف من تفويت الأحداث، والشعور بعدم الكفاءة، وعدم الرضى، والعزلة.
  3. تؤثر هذه المشاعر بدورها سلباً في مزاجك، وتزيد من سوء أعراض الاكتئاب والقلق والتوتر.
  4. تتسبَّب هذه الأعراض المُتفاقمة في زيادة استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، لتستمر بذلك الحلقة المفرغة.

شاهد: إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي

علامات تدل على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في صحتك النفسية:

يختلف كل شخص عن الآخر؛ فلا يوجد مقدار وقت محدد يُقضى على وسائل التواصل الاجتماعي، أو عدد مرات محدد للتحقُّق من التحديثات، أو عدد محدَّد من المنشورات التي تُنشَر، تدلُّ على أنَّ استخدامك أصبح غير صحِّي؛ إذ يتعلَّق الأمر - عوضاً عن ذلك - بتأثير الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي في مزاجك وجوانب أخرى من حياتك، إلى جانب دوافعك لاستخدامها.

فعلى سبيل المثال، قد يتحوَّل استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي إلى مشكلة في حال تتسبب في إهمال العلاقات المباشرة، أو صرف انتباهك عن العمل أو المدرسة، أو جعلك تشعر بالحسد أو الغضب أو الاكتئاب، وبالمثل، إذا كنت متحمِّساً لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمجرد أنَّك تشعر بالملل أو الوحدة، أو كنت ترغب في نشر شيء ما لإثارة غيرة الآخرين أو إزعاجهم، فربما قد حان الوقت لإعادة تقييم عاداتك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتشمل المؤشرات التي تدل على أنَّه ربما تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي سلباً في صحتك النفسية ما يأتي:

  1. تقضي وقتاً على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر ممَّا تقضيه مع أصدقائك في العالم الحقيقي: إذ يصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً عن كثير من تفاعلاتك الاجتماعية خارج حدود الإنترنت، فتشعر بالحاجة إلى التحقُّق باستمرار من وسائل التواصل الاجتماعي حتى عندما تكون في الخارج مع الأصدقاء، وغالباً ما تكون هذه الحاجة مدفوعة بإحساس بأنَّ الآخرين يستمتعون بوقتهم أكثر ممَّا تفعل أنت.
  2. مقارنة نفسك مقارنةً سلبيةً مع الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي: إذ تنخفض ثقتك بنفسك، أو تكوِّن صورة سلبية عن جسدك، ومن الممكن أن يصبح لديك اضطرابات في تناول الطعام.
  3. تعاني من التنمُّر الإلكتروني، أو تقلق من عدم قدرتك على التحكُّم بالأشياء التي ينشرها الأشخاص عنك.
  4. يتشتَّت انتباهك في المدرسة أو العمل، لشعورك بالضغط لنشر محتوى دائم عن نفسك، أو الحصول على تعليقات، أو إعجابات على مشاركاتك، أو الرد بسرعة وحماسة على مشاركات الأصدقاء.
  5. ليس لديك وقت للتأمُّل الذاتي: إذ تمتلئ كل لحظة فراغ من وقتك بالتفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يترك لك قليلاً من الوقت، أو قد لا يترك لك وقتاً على الإطلاق للتفكير في الأمور التي تسمح لك بالنمو بصفتك شخصاً.
  6. اتباع سلوك محفوف بالمخاطر من أجل كسب الإعجابات، أو المشاركات، أو التفاعلات الإيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي، فتقوم بمقالب خطيرة، أو تنشر مواد مُحرجة، أو تتنمَّر إلكترونياً على الآخرين، أو تستخدم هاتفك في أثناء القيادة، أو في مواقف أخرى غير آمنة.
  7. المعاناة من مشكلات النوم: هل يكون التحقُّق من وسائل التواصل الاجتماعي آخر شيء تقوم به في الليل، أو أول شيء تفعله في الصباح، أو حتى عندما تستيقظ في منتصف الليل؟ يمكن أن يؤدي الضوء المنبعث من الهواتف والأجهزة الأخرى إلى اضطراب نومك، الذي يمكن أن يكون له تأثير خطير بدوره في صحتك النفسية.
  8. تفاقم أعراض القلق أو الاكتئاب: فبدلاً من أن تساعدك على تخفيف المشاعر السلبية وتحسين مزاجك، تشعر بعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمزيد من القلق أو الاكتئاب أو الوحدة.

تعديل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين الصحة النفسية:

1. تقليل الوقت الذي تقضيه على الإنترنت:

وجدت دراسة أجرتها "جامعة بنسلفانيا" (University of Pennsylvania)، أنَّ تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يومياً، أدى إلى انخفاض كبير في مستويات القلق، والاكتئاب، والشعور بالوحدة، ومشكلات النوم، والخوف من تفويت الأحداث، لكن لتعزِّز صحتك النفسية، لست بحاجة إلى تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وخلصت نفس الدراسة إلى أنَّه يمكن لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوعي فقط أن يكون له نتائج مفيدة على مزاجك وتركيزك.

مع أنَّه قد لا تكون 30 دقيقة في اليوم هدفاً واقعياً للكثير منَّا، لكن ما يزال في إمكاننا الاستفادة من تقليل مقدار الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي يعني بالنسبة إلى معظمنا تقليل مقدار استخدامنا لهواتفنا الذكية، ويمكن للنصائح الآتية أن تساعدك:

  1. استخدم تطبيقاً يتتبع مقدار الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي يومياً، ثُمَّ حدِّد المدة التي تريد قضاءها على وسائل التواصل الاجتماعي.
  2. أغلق هاتفك في أوقات معينة من اليوم، في أثناء القيادة، أو في اجتماع، أو في صالة الألعاب الرياضية، أو عند تناول العشاء، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء بعيداً عن الإنترنت، أو اللعب مع أطفالك، ولا تأخذ هاتفك معك إلى الحمام.
  3. لا تحضر هاتفك أو جهازك اللوحي معك إلى السرير: أوقِف تشغيل أجهزتك، واتركها تُشحَن في غرفة أخرى طوال الليل.
  4. أوقف الإشعارات على وسائل التواصل الاجتماعي: من الصعب مقاومة الرنين المستمر على هاتفك لتنبيهك لوصول رسائل جديدة؛ لذا يمكن أن يساعدك إيقاف تشغيل الإشعارات على استعادة السيطرة على وقتك وتركيزك.
  5. قلِّل من مرات التحقق من هاتفك: إذا كنت تتحقَّق من هاتفك كل بضع دقائق بطريقة لا تستطع مقاومتها، فأوقِف نفسك عن طريق الاقتصار على مرة واحدة كل 15 دقيقة، ثمَّ مرة كل 30 دقيقة، ثمَّ مرة كل ساعة، وحتى عندما يكون هاتفك معك، توجد تطبيقات بإمكانها تقييد استخدامه تلقائياً.
  6. حاول إزالة تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي من هاتفك حتى تتمكَّن من الوصول إلى "فيسبوك" (Facebook)، و"تويتر" (Twitter)، وما شابه ذلك من خلال جهازك اللوحي، أو حاسوبك الشخصي فقط، وفي حال بدت هذه الخطوة على أنَّها حاسمة جداً، فحاول إزالة تطبيق واحد في كل مرة لمعرفة كم ستتوق لاستخدامه مجدداً.

شاهد أيضاً: 6 فوائد لترك مواقع التواصل الاجتماعي

2. تغيير تركيزك:

يستخدم معظمنا وسائل التواصل الاجتماعي كعادة أو في أوقات الفراغ، لكن من خلال التركيز على دوافعك لتسجيل الدخول لهذه التطبيقات، تستطيع تقليل الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، وستتمكَّن أيضاً من تحسين تجربتك وتجنب العديد من الجوانب السلبية.

فإذا كنت تقوم، مثلاً، بالدخول إلى تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي للعثور على معلومات محددة، أو للتحقُّق من حالة صديق مريض، أو مشاركة صور جديدة لأطفالك مع العائلة، فمن المُحتمل حينها أن تكون تجربتك مختلفة تماماً عمَّا إذا كنت تقوم بتسجيل الدخول لمجرد أنَّك تشعر بالملل، وتريد معرفة عدد الإعجابات التي حصلت عليها من منشور سابق، أو التحقُّق ممَّا إذا كان قد فاتك شيء ما، وتوقَّف للحظة في المرة القادمة التي تودُّ فيها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ووضِّح لنفسك دوافعك للقيام بذلك.

  1. هل تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها بديلاً عن الحياة الحقيقية؟ يوجد بالتأكيد بديل صحي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ فعلى سبيل المثال، في حال كنت وحيداً، ادعُ صديقاً لتناول القهوة، وإن كنت تشعر بالاكتئاب، فتمشَّ أو اذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، وإذا شعرت بالضجر، فابدأ بممارسة هواية جديدة، فقد تكون وسائل التواصل الاجتماعي حلاً سريعاً ومريحاً، لكن غالباً ما تكون لديك طرائق أكثر صحة وفاعلية لإشباع الرغبة.
  2. هل أنت مستخدم نشط أم سلبي على وسائل التواصل الاجتماعي؟ لا يقدم التصفُّح السلبي للمشاركات، أو متابعة تفاعل الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مجهولة، أي مغزىً خاص بالتواصل؛ بل قد يزيد من الشعور بالعزلة، لكن ستوفر لك المشاركة النشطة مزيداً من التفاعل مع الآخرين.
  3. هل تجعلك وسائل التواصل الاجتماعي تشعر بعدم الكفاءة أو بخيبة أمل بشأن حياتك؟ يمكنك مواجهة أعراض الخوف من تفويت الأحداث من خلال التركيز على ما لديك عوضاً عن التركيز عمَّا تفتقر إليه، فضع قائمة بجميع الجوانب الإيجابية الموجودة في حياتك واقرأها مرةً أُخرى عندما تشعر أنَّ أمراً ما يفوتك، وتذكَّر أنَّ الحياة التي يُظهِرها الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي ليست أبداً بالمثالية التي تبدو عليها؛ إذ نتعامل جميعنا مع الحزن والشك الذاتي وخيبة الأمل، حتى وإن اخترنا عدم مشاركة هذه المشكلات عبر الإنترنت.

3. قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء بعيداً عن الإنترنت:

نحتاج جميعاً إلى الرفقة الشخصية المباشرة مع الآخرين لنكون سعداء وأصحَّاء؛ إذ تُعَدُّ وسائل التواصل الاجتماعي في أفضل حالاتها، أداةً رائعةً لتسهيل التواصل في الحياة الواقعية، لكن إذا كنت قد سمحت للصداقات الافتراضية باستبدال الصداقات الواقعية في حياتك، فيوجد كثيرٌ من الطرائق لبناء روابط ذات مغزى دون الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي.

  1. تخصيص وقت كل أسبوع للتفاعل على أرض الواقع مع الأصدقاء والعائلة، وحاول أن تجعله لقاءً منتظماً تُغلقون في أثنائه هواتفكم.
  2. التواصل مع صديق قديم، أو مع صديق عبر الإنترنت والترتيب للقاء بينكما، في حال كنت قد أهملت الصداقات الشخصية المباشرة: إذا كنتما تعيشان حياة ممتلئة بالمشاغل، فاعرض عليه القيام ببعض المهام أو ممارسة التمرينات معاً.
  3. الالتحاق بنادٍ: ابحث عن هواية، أو نشاط إبداعي، أو نشاط لياقة تستمتع به، وانضمَّ إلى مجموعة من الأشخاص الذين يشبهونك في التفكير والذين يجتمعون باستمرار ليقوموا بهذا النشاط.
  4. عدم السماح للإحراج الاجتماعي بالوقوف في طريقك، فحتى لو كنت خجولاً؛ توجد تقنيات مثبتة للتغلُّب على عدم الأمان ولبناء الصداقات.
  5. التواصل مع معارفك إذا كنت تشعر أنَّه ليس لديك أي شخص تقضي الوقت معه: فمثلك تماماً، يشعر كثير من الأشخاص الآخرين بعدم الارتياح حيال تكوين صداقات جديدة؛ لذا كن الشخص الذي يبادر ويكسر الجمود، وادعُ زميلاً في العمل لتناول طعام الغداء، أو اطلب من أحد الجيران أو زميلك في الفصل أن ينضمَّ إليك لتناول القهوة.
  6. التفاعل مع الغرباء: ابحث من خلال شاشتك، وتواصل مع الأشخاص الذين تقابلهم في وسائل النقل العامة، أو في المقهى، أو في محل البقالة؛ إذ سيحسِّن مجرد الابتسام أو إلقاء التحية على الآخرين من شعورك، وربما تُخبِّئ لك معرفتك بهذا الشخص أُموراً جيدة لم تكن تتوقعها.
إقرأ أيضاً: 9 طرق للتواصل مع الآخرين في العالم الافتراضي

4. التعبير عن الامتنان:

يمكن أن يكون الشعور والتعبير عن الامتنان تجاه الأشياء الهامة في حياتك بمكانة متنفَّس من الاستياء والعداء والسخط الذي تولِّده أحياناً وسائل التواصل الاجتماعي.

  1. خذ وقتاً للتفكُّر: احتفظ بدفتر، أو استخدم تطبيقاً خاصاً بالامتنان، وسجِّل عليه جميع الذكريات الرائعة والإيجابيات الموجودة في حياتك، بالإضافة إلى الأشياء والأشخاص الذين ستفتقدهم في حال غابوا فجأة عن حياتك، وإذا كنت تميل إلى التعبير عن غضبك أو السلبية في منشوراتك، ففي إمكانك التعبير عن امتنانك على وسائل التواصل الاجتماعي، مع أنَّك قد تستفيد أكثر من مراجعة ذاتك دون الخضوع لتدقيق الآخرين.
  2. مارس اليقظة الذهنية: تجعلك تجربة الخوف من أن يفوتك شيء ما، ومقارنة نفسك بالآخرين مقارنةً سلبيةً، تعيش حياةً ممتلئةً بخيبات الأمل والإحباطات، فبدلاً من الاندماج الكامل في اللحظة، ركِّز اهتمامك على الاحتمالات والأمنيات التي تمنعك من التمتُّع بالحياة المُطابقة لتلك التي تراها على وسائل التواصل الاجتماعي، وستتمكَّن من تعلُّم كيفية العيش أكثر في اللحظة الحالية من خلال ممارسة اليقظة الذهنية، وتقلِّل من تأثير الخوف من تفويت الأحداث، وتحسِّن صحتك النفسية.
  3. تطوَّع: تماماً كما البشر مجبولون على التواصل الاجتماعي، فإنَّنا مجبولون أيضاً على العطاء؛ فمساعدة الناس أو الحيوانات تثري مجتمعك، وتفيد قضية هامة بالنسبة إليك، وتجعلك تشعر بالسعادة والامتنان أيضاً.
إقرأ أيضاً: إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وكيف نحمي الأطفال منها

مساعدة طفل أو مراهق يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بصورة غير صحية:

قد تمتلئ سنوات الطفولة والمراهقة بتحديات النمو والضغوطات الاجتماعية، وتُعَدُّ وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة إلى بعض الأطفال، وسيلةً لتفاقم تلك المشكلات، وتأجيج القلق، والتنمُّر، والاكتئاب، وقضايا الثقة بالنفس.

إذا كنت تشعر بالقلق إزاء طريقة استخدام أطفالك لوسائل التواصل الاجتماعي، فقد تكون فكرة مصادرة هواتفهم أو أجهزتهم الأخرى فكرة ممتازة، لكن يمكن لهذا الأمر أن يؤدي إلى مزيد من المشكلات، ويُبعد أطفالك عن أصدقائهم، وعن اختبار الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي؛ لذا بدلاً من ذلك، توجد طرائق أخرى لمساعدة أطفالك على استخدام "فيسبوك" (Facebook)، و"إنستغرام" (Instagram)، والمنصات الأخرى بطريقة أكثر مسؤولية.

  1. المراقبة والحد من استخدام طفلك لوسائل التواصل الاجتماعي: كلما زادت معرفتك بكيفية تفاعل طفلك على وسائل التواصل الاجتماعي، ازدادت قدرتك على معالجة أي مشكلة بأسلوبٍ أفضل، ويمكن أن تساعد تطبيقات الرقابة الأبوية - التي يمكن تحميلها على الهواتف الذكية - على الحدِّ من استخدام طفلك للبيانات، أو تقييد استخدام هواتفهم في أوقات معينة من اليوم، ويمكنك أيضاً ضبط إعدادات الخصوصية على المنصات المختلفة للحدِّ من تعرُّضهم المُحتمل للتنمُّر أو المُعتدين.
  2. التحدث إلى طفلك عن المشكلات الحقيقية التي يواجهها: تُخفي المشكلات المتعلقة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مشكلات أُخرى أعمق؛ لذا عليك طرح الأسئلة الآتية على نفسك، ومحاولة إيجاد إجابات صحيحة عنها: هل يعاني أطفالك من مشكلات في التكيُّف في المدرسة؟ وهل يعانون من الخجل أو القلق الاجتماعي؟ وهل تُسبِّب لهم المشكلات التي تحدث في المنزل التوتر؟
  3. فرض فواصل وفترات راحة من وسائل التواصل الاجتماعي: على سبيل المثال، يمكنك حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي حتى ينتهي طفلك من واجباته المدرسية في المساء، وعدم السماح بوجود الهواتف الذكية على مائدة العشاء، أو في غرفة نومه، والتخطيط للنشاطات العائلية التي تمنع استخدام الهواتف أو الأجهزة الأخرى، وتأكَّد دائماً من إيقاف تشغيل الهواتف قبل النوم بساعة واحدة على الأقل لمنع حدوث مشكلات في النوم.
  4. تعليم أطفالك أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي ليست انعكاساً دقيقاً لحياة الناس الحقيقة: لذلك يجب ألَّا يقارنوا أنفسهم أو حياتهم مقارنةً سلبيةً بالآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ ينشر الأشخاص فقط ما يريدون أن يراه الآخرون، فيتم التلاعب بالصور، أو أخذها واختيارها بعناية، ووجود أصدقاء أقل على وسائل التواصل الاجتماعي لا يجعل طفلك أقل شعبية أو أقل جدارة.
  5. تشجيع ممارسة الرياضة والاهتمامات غير المرتبطة بالإنترنت: أبعِد أطفالك عن وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تشجيعهم على ممارسة النشاطات البدنية، والهوايات التي تنطوي على تفاعلٍ في العالم الحقيقي؛ إذ تُعَدُّ ممارسة الرياضة أمراً رائعاً؛ وذلك لتخفيف القلق والتوتر، وتعزيز احترام الذات، وتحسين الحالة المزاجية، وهي أمر في إمكانكم القيام به بصفتكم عائلة، فكلما زاد تفاعل أطفالك خارج حدود الإنترنت، قلَّ اعتماد مزاجهم وإحساسهم بتقدير الذات على عدد الأصدقاء، أو الإعجابات، أو المشاركات التي لديهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

المصدر




مقالات مرتبطة