فن التواصل مع الآخرين:
إنها مهارة من أفضل المهارات التي ينبغي أن تتعلمها في حياتك، يمكن أن نقول أن فن التواصل مع الآخرين هو نشاط إنساني يهدف إلى إنشاء علاقة اتصال فعالة بين الفرد وأقرانه في المجتمع، سواء كان ذلك عبر الكتابة والاستماع أو لغات الجسد المختلفة، ويشمل هذا الفن القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بوضوح وبطريقة موجهة نحو الاستماع والتفاعل مع الآخرين.
يمكن أن يكون التواصل فنا مهما في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك العلاقات الشخصية والعملية والاجتماعية، وكما تتطورت البشرية في ابتكار آلات تقنية (الفاكس، الهاتف، شبكات الأنترنت) على الإنسان أن يطور أدواته في التواصل أيضًا.
من الملاحظ ان الأشخاص الذين يملكون مواهب وقدرات في إدارة علاقاتهم مع زملائهم سواء في مكان العمل وفي المنزل وخارجهما، هم الأكثر فعالية وإنتاجا وسعادة، فتكوين الصداقات وحسن التعامل هو حاجة بشرية اجتماعية قبل أن تكون وسيلة لمصلحة ما، فالفطرة الإنسانية تأبى الإنعزال والإنطواء وتسعد بالمخالطة والانسجام مع المحيط.
مهارات التواصل مع الاخرين:
1- الثقة بالنفس:
يتطلب فن التواصل مع الآخرين امتلاك الثقة بالنفس؛ وتعتبر من أهم الصفات الشخصية التي تحدد إمكانية التوافق بين الشخص والبيئة المحيطة به، وبين الإنسان ونفسه أيضاً، كما أنّها نوع من أنواع الأمان الداخلي، والرضا بالقدرات، والمواهب التي منحه إياها المولى عز وجلّ، وهي مقدرة الشخص على مجابهة كافة أنواع المشاكل الحياتية والعملية، فهي تمنح الفرد الإعتزاز بنفسه، والإفتخار بقدراته وإمكانياته. ولكن كيف يمكننا أن نقوّي ثقتنا بأنفسنا؟
نصائح لتعزيز الثقة بالنفس:
- التفاؤل مهما كان الموقف صعباً: والابتعاد عن الشعور بالإحباط ،والإرتباك ودائماً فكر بأنّه دوام الحال من المحال.
- النظافة من الإيمان: يجب عليك الإهتمام دائماً بنظافتك الشخصية، والظهور بشكل مرتب، وأنيق ولو كانت ثيابك بسيطة، فالأناقة في البساطة، يجب الابتعاد عن العادات الغير مستحبة اجتماعياً، مثل: البصق على الأرض عندما تتحدث مع شخص ما، أو التجشؤ بصوت عال. وعليك بالابتسامة في وجه الآخرين.
- الطاقات الكامنة: كثير منا لا يعرف ماهي الطاقات، والقدرات الكامنة لديه، ولكن عندما نُتيح لأنفسنا ممارسة الخبرات والمهارات الجديدة الغير مألوفة بالنسبة لنا، ونتغلب على مخاوفنا، ستتوسّع عندها دائرة إدراكنا، وتزداد ثقتنا بأنفسنا.
- حضور المناسبات الاجتماعية: يعتبر حضور المناسبات الاجتماعية، والحفلات والذهاب إلى أماكن التجمعات، من أهم الطرق لتعزيز الثقة بالنفس، لأنّها توسع من دائرة التواصل مع المحيطين بك.سيكون لإظهارثقتك بنفسك أمام الأشخاص الذين تتحدث معهم، تأثيراً إيجابياً كبيراً لديهم، وسيكون لديهم ثقة بكل الأفكار، والكلمات التي ستقولها إليهم.
2- تعزيز الثقافة العامة:
إنَّ الثقافة العامة تساعد الإنسان على تنمية سلوكه، وعقله وتفكيره، حيث يمكن للفرد أن يتعامل مع جميع أنواع المشاكل التي تواجهه، وحلّها بسهولة بفضل الخبرة والمعرفة والذكاء الذي اكتسبه من هذه الثقافة. ولكن كيف يمكننا أن نعزز ثقافتنا؟ أهم طريقة لتعزيز الثقافة هي القراءة ثم القراءة، فالقراءة تعتبر الباب الرئيسي لتلقي جميع أنواع العلوم والمَعارف، وبشكل متصل غير متقطع.
تلعب القراءة دوراً كبيرا في توسيع آفاق المعرفة، حيث يصبح الشخص قادراً على مناقشة الأخرين في مواضيع متعددة من مجالات الحياة المختلفة، كما أنَّ القراءةَ تعد مصدراً للنموّ اللغوي والشخصي لدى الفرد، وهي تساعد على تطوير مجال التعليم الذّاتي.
3- تعلّم اللغات الجديدة:
إنّ تعلم لغات جديدة يساعد بشكل كبير في صقل شخصية الإنسان وتعزيز مهارة التواصل مع الاخرين، وكذلك يُعزّز الجوانب الإيجابية لديه، كما أنّ تعلم اللغات يُعزّز قدرتك على التواصل مع الكثير من الأشخاص في العالم المحيط بك، ويُؤهلك للحصول على فرص متميزة في العمل، لذلك ننصحك بتعلم لغة جديدة، أو أكثر فلهذا أهمية كبرى، ممكن أن نذكر لكم بعض جوانب هذه الأهمية:
أهمية تعلم لغات جديدة:
أولاً: لقد أثبتت الدراسات أنّه وبعد ثلاثة أشهر من تعلم لغة جديدة، نمت أدمغة المتعلمين في الأماكن التالية: (التلفيف الجبهي الأوسط، والتلفيف الجبهي السفلي، والتلفيف الصدغي). مما زاد وبشكل واضح من صحة الدماغ.
ثانياً: إنّ تعلم لغة جديدة يُساعدك كثيراً في تحسين ذاكرتك، وذلك وفقاً للبحث الذي أجرته جوليا موراليس من جامعة غرناطة الإسبانية
ثالثاً: كانت نتائج الأبحاث التي أجراها براين جولد، بأنّ تعلم لغة جديدة يزيد بشكل كبير من مرونة الدماغ، حيث أنّ الأشخاص المتعلمين لأكثر من لغة يكون من السهل لديهم التبديل بالمهام في ثوان قليلة، وفسّرت الدراسة أنّ سبب هذا يعود إلى أنّه عندما يتعلم الإنسان لغةً جديدةً، فإنه يتحول بشكل متكرر بين لغته المألوفة، ولغته الجديدة، هذا التمرين اللغوي يُحفّز مناطق مختلفة من دماغه، وكُلّما قام الإنسان بالتبديل بين اللغات، أصبحت مناطق الدماغ لديه أكثر اعتياداً على العمل.
رابعاً: ووفقاً لأبحاث كاثرين بامفورد و ودونالد ميزوكاوا، إنّ تعلم لغة جديدة بإمكانه أن يزيد من إبداعك، وذلك لأنه يجعلك تجرب كلمات، وعبارات جديدة، كما أنه يجعلك تفكر في بدائل الكلمات الأصلية في حال نسيانك لمعناها.
خامساً: إنّ تعلم لغة جديدة يُعزّز من ثقتك بنفسك، التي تعزز بدورها مهارة تواصلك مع الآخرين.
سادساً: إنّ تعلم لغة جديدة يفتح لك أفاق السفر، ويزيل أغلب الحدود، والعوائق أمامك، فتتوسع دائرتك المعرفية، وهذا يساعدك أيضاً في تحسين مهارة تواصلك مع الاخرين.
سابعاً: إنّ تعلم لغة جديدة يساعدك على تكوين صداقات جديدة مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، إما بالسفر، أو عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي، وهذا يسهم في تحسين تواصلك مع الآخرين.
ثامناً: إذا كنت موظفاً، فإنّ تعلم لغة جديدة يمكنك من التواصل والتفاعل داخل مجتمعات متعددة، ومختلفة، كما أنّ تعلم لغة جديدة يعطي إنطباعاً عنك بأنّك شخص منضبط، وذكي ويمنحك ميزات تنافسية مع من لا يتكلمون إلا لغةً واحدةً.
لكل الأسباب الأنفة الذكر، عليك أن تسعى، وبشكل جدي لتعلم المزيد من اللغات الجديدة، عن طريق التسجيل في دورات خاصة، أو عن طريق قراءة الكتب الأجنبية.
شاهد: 6 نصائح لتعلّم اللغات الجديدة بشكلٍ سريع
4- استخدام المفردات الواضحة وتجنب وضعية المقابلة الوظيفية:
لكي تنجح في التواصل مع الآخرين بسهولة ويسر وتعزّز هذا التواصل يجب أن تحرص على استخدام المفردات والكلمات الواضحة وعدم تعمّد استخدام المفردات الصعبة والتي تحمل عدة معاني تجعل الطرف الأخر يتوه فيها ولا يصل إلى الفكرة التي تود أن توصلها له.
عليك أيضا أن تتجنب وضيعة طرح الأسئلة الدائمة، دون أن تسمح للشخص الذي تحاوره بأن يطرح عليك أسئلته أيضاً، لأنك في هذه الحالة تطلب من الأشخاص الآخرين معلومات عنهم، دون أن تشارك أحداً بمعلومات عنك وعن حياتك، فاحرص دائماً على إفساح المجال أمام الأشخاص المحيطين بك ليُعبّروا هم أيضاً عن أنفسهم، وفي كل مرة تُجيب فيها على سؤال موجّه لك من أحد الأشخاص، بادر أنت أيضاً واسأله ليكون الحديث متوازناً بينكما فتضمن بذلك تواصلاً فعالًا.
5- الاستماع الجيد إلى الآخرين:
الاستماع الجيّد من أهم مهارات التواصل مع الآخرين، والاستماع هو السهل الممتنع، أي أنَّنا نمكن أن نَعتبرها أمراً بسيطاً، ولكنه يعتمد على عمليات عقلية معقدة وذلك بسبب ضرورة تلازم كل من التفكير والسَمع مع بعضهما بعضاً. والاستماع له قواعدٌ وآداب وشروط، هل هناك معوقات للسمع؟ نعم، وبكل تأكيد ومن أهم هذه المعوقات الضوضاء، التي تسبب عدمَ القدرة على التركيز، والملل، وعَدم الصَبر، وقلة المقدرة على التحمل.
أهمية مهارة الاستماع الجيد إلى الآخرين:
- جميعنا عندما كنا أطفالاً تعلمنا لغتنا الأم عن طريق الاستماع، لذا يعد الاستماع وسيلةً تعليميةً مميزةً.
- إنَّ الاستماعَ يساعد على زيادة خزينتنا من الكلمات، والتعابير، والمعاني الجميلة، التي نستطيع استخدامها في مواقفنا المختلفة.
- عندما تكون مستمع جيدٌ، يجب عليكَ أن لا تسلم بصحة كلَ ما تسمَعه، بل يجب عليكَ التأكد، والتثبت من صحة معلومات القائل، هذا يعزز لديكَ من مهارة النقد والتحليل.
- عندما يَنشغل العقل بالإنصات، والاستماع لكل ما يقوله الشخص، الذي يتحدث أمامنا، فإنَّ ذلكَ كله يَزيد، ويعزز من عملية التفكير العقلي.
لذلكَ يتوجَب عليكَ أن تنصت، وبشكل تام إلى الشخص الذي يتحدث معكَ، لتفهم كل النقاط التي يريد أن يوضحها لكَ.
شاهد: 7 نصائح لتكون ذكيّاً في التعامل مع الناس
6- التعامل الإيجابي مع الآخرين:
من الضروري عند تعامُلكَ مع الآخرين، احترامَهُم، وإظهار تقديركَ لهم من خلالِ الثناءِ عليهم، واستخدامِ كلماتِ الشكرِ المحببة، لأنَّ الأشخاص ييضلون التعامل مع الإنسان الذي يكون ودودا معهم، وأن تتكلم مع الآخرين بشكلٍ حضاري، ومنتِح، بعيداً عن النظرِ إلى مستواهم الإقتصادي أو الإجتماعي أو الثقافيّ، أو إلى أيّ أمورٍ أخرى مُتعلقة بالجِنس، أو الدينِ، أو حتى العرق، وذلكَ من أجلِ أن تَنجح في تحقيق عملية اتصال فعالة وإيجابية.
7- تقبُل وجهات النظر:
هُناكَ مثلٌ عربيّ شائعٌ ألا وهو (اختلافُ الرأيّ لا يُفسِد للودّ قضية)، قد نُصادف كثيراً من الأشخاصِ في حياتنا الإجتماعية، وحتى العمليةِ، ومن المُمكن أن نختلفَ معهم بوجهاتِ نظرنا، حتى مع أصدقائنا المُقربين يقولُ فرويد: (ما أجملَ أن يكونَ لديكَ صديقٌ يُخالِفُكَ الرأي لأنه يَهتمُ بمَصلحتكَ بِصدقٍ). وعند الاختلاف مع الأشخاص المحيطين بكَ، عليكَ أن تَتقبل وبكلِ رحابةِ صدرِ هذا الإختلاف، وأن تَحرِص بشكلٍ دائمٍ على احترامِ أفكارِ الآخرين، وآرائهم وذلكَ لكي تَنجح في تعزيز مهارات الاتصال لديك.
8- عدم انتقاد الآخرين:
الانتقاد هو تصيد مقصود للأخطاء الهدف منه إظهار سلبيات الشخص الذي انتقد. ولكي تعزز علاقتك مع الآخرين عليك أن تتجنب إحراجهم، أو توجيه الانتقادات الجارحة لهم، وذلك لكي لا يشعروا بالانزعاج، والاضطهادِ من قبلكَ لأن ذلك سيبعِدهم عنك، ويجعلهم يرفضون الحوار، أو التحدُث معك، ومن الممكنِ أن نَتعرض نحن أيضاً للانتقاد، يقول ديل كارنيجي في كتابه "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس": (بإمكانِ أي أحمق أن ينتقد ويدين ويشتكي لكن يلزمك التحكم في النفس والشخصية القوية لتكون متفهماً ومتسامحا).
شاهد: 9 طرق لتحسين مهارات التواصل
بالتزامك بهذه النصائح البسيطة ستعزز مهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين وستنجح في اكتساب محبتهم واحترامهم لك.
أضف تعليقاً