ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "ليو بابوتا" (Leo Babauta)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن تجربته في التعامل مع انعدام الرضى عن الذات.
قد نشكك في أنفسنا عندما يجب علينا التحدث أمام مجموعة من الناس ونتساءل إن كنا جيدين بما فيه الكفاية للمساهمة، أو ربما نكون غير راضيين عن جوانب معينة في أنفسنا، مثل أجسادنا أو وجوهنا أو طريقة غضبنا أو كيف نفقد صبرنا، وفي نهاية الأمر يدفعنا هذا الاستياء إلى الاعتقاد بأنَّنا بحاجة إلى التحسن.
إنَّها حالة مستمرة، حتى لو تلقينا إطراء من أحدٍ ما، نجد طريقة لتقويضها في أذهاننا كوننا نظن بأنَّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية لتلقِّي هذه المجاملة.
يؤثر الأمر في حياتنا بطرائق عدَّة؛ فربما لسنا الأفضل في تكوين صداقات جديدة أو التحدث أمام الناس أو إيجاد شريك أو القيام بالعمل الذي يحمسنا أو الشعور بالرضى تجاه حياتنا وأنفسنا، فنحن لا نحب الشعور بهذه الطريقة، فنهرب ونلجأ إلى أشياء عدة مثل الطعام أو التدخين، ونصبُّ غضبنا على الآخرين عندما نكون دفاعيين، فالأمر جوهر العديد من مشكلاتنا.
إذاً كيف نتعامل مع هذه المشكلة الأساسية؟ الجواب سهل ولكن يصعب تنفيذه، وقبل البدء بمعالجة المشكلة علينا مناقشة أمر أولاً؛ فكرة أنَّه يجب أن نكون غير راضيين عن أنفسنا كي نُحسِّن حياتنا.
"عدم الرضى عن الذات" كنوع من الحافز
كنت أعتقد مثل الكثير من الناس بأنَّه إذا لم نكن راضين عن أنفسنا، فسنندفع إلى العمل بشكل أفضل، وإذا شعرنا بالرضى تجاه أنفسنا فجأة، فسنتوقف عن القيام بأي شيء.
لم أَعُد أصدق هذا الأمر، أعتقدُ بأنَّه في كثير من الأحيان نندفع إلى إجراء تحسينات عندما نكون غير راضين، وهذا ليس بأمر سلبي؛ إذ نأمل بشيء أفضل.
ولكن فكِّر في التالي؛ عندما نكون غير سعداء مع أنفسنا، يصعب علينا أن نكون سعداء عند قيامنا بشيء جيد، لذا نبقى غير راضين؛ وعليه فإنَّ القيام بشيء جيد ليس بالمكافأة التي نحن بانتظارها.
كما لدينا عادة سيئة بالهرب من هذا الشعور تجاه أنفسنا؛ لذا يصبح التسويف والتشتيت حالتنا الطبيعية ويعوق ذلك جهودنا، وفي الواقع لن نحل مشكلة التسويف والتشتيت حتى نحل مشكلة عدم الرضى مع ذاتنا.
يعوق عدم الرضى عن الذات روابطنا مع الآخرين؛ لأنَّنا نشعر بأنَّنا لسنا جيدين كفاية ومن ثم نشعر بالتوتر عند مقابلة الآخرين، ولا يمكننا حل هذه المشكلة بغض النظر عن رغبتنا في التحسن قبل التعامل مع المشكلة الأساسية.
حتى عند إحرازنا تقدم، لا يزول شعور عدم الرضى؛ لذا نحاول إحراز تقدم أكبر، ومع هذا لا يزول الشعور، ومن خلال تجربتي أعرف أنَّه لا يزول حتى نكون مستعدين إلى مواجهته وجهاً لوجه.
شاهد: 7 خطوات لبلوغ الرضا عن الذات
خلال هذه الفترة من تحسين الذات المدفوعة بعدم الرضى عن الذات، لا نحب أنفسنا وهذا أمر حزين، فهل من الممكن إنجاز الأمور والقيام بتحسينات دون الشعور بعدم الرضى هذا؟ لقد اكتشفتُ أنَّ الجواب هو حتماً نعم.
يمكنك القيام بالتمرينات الرياضية وتناول غذاء صحي، ليس لأنَّك تكره جسدك وتريد جعله أفضل؛ بل لأنَّك تحب نفسك وتريد إلهام الآخرين، ويمكنك القيام بشيء بدافع الحب للأشخاص، كما يمكنك التخلص من الفوضى ودفع ديونك والقراءة أكثر والتأمل ليس لأنَّك غير راضٍ عن نفسك؛ وإنَّما لأنَّك تحب نفسك والآخرين. في الواقع أزعم أنَّ احتمال قيامك بكل هذا أعلى عندما تحب نفسك وأقل احتمالاً عندما لا تحب نفسك.
التعامل مع عدم الرضى عن الذات
ماذا يمكننا أن نفعل حيال عدم رضانا المستمر عن أنفسنا؟ وكيف نتعامل مع الشك بالذات، والشعور بأنَّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية، أو عدم الرضى في أجزاء معينة من أنفسنا؟
تبيَّن أنَّ هذه المشاعر هي فرص مثالية لنتعرَّف أنفسنا ونتقبلها، وإليك الطريقة:
- في كل مرة تراودك هذه المشاعر، توقَّف قليلاً ولاحظها.
- ركز في الشعور، وشاهد كيف تشعر به في جسدك، وكن فضولياً بشأن ما تشعر به جسدياً.
- ابقَ مع الشعور، بدلاً من رفضه وحاول الانفتاح له وتقبله.
- افتح نفسك لألم هذا الشعور وانظر إليه كطريق لفتحِ قلبك؛ بهذه الطريقة التواصل مع الألم هو فعل يحررك.
- انظر إلى هذا الشعور الصعب كدليل لقلب طيب وحساس ورقيق ومحب، لن تهتم بكونك شخصاً جيداً بما يكفي إن لم تمتلك قلباً طيباً؛ إذ يوجد أساس طيب لكل هذه الصعوبات، وما علينا إلَّا أن نبقى ونلاحظ هذه الطيبة.
- ابتسم لنفسك، وصادق كل ما تراه بطريقة غير مشروطة.
والآن، لا أظن أنَّ هذه طريقة سهلة، ولن تحل مشكلاتنا بلمح البصر، ولكن يمكنك البدء بتشكيل علاقة ثقة مع نفسك، والذي سيخلق تغييراً رائعاً.
أنصح القيام بهذه الطريقة في كل مرة تشعر بالانتقاد الذاتي والشك الذاتي وعدم السعادة مع نفسك، أو بالجفاء تجاه كل ما ترى في نفسك، فالأمر يستغرق دقيقة واحدة لتواجه ما تشعر به وتبقى معه بلطف غير مشروط.
إن كنت تريد حقاً التركيز في هذا التغيير القوي، ففكر فيه لمرة واحدة يومياً عن طريق الكتابة في يومياتك عنه في نهاية اليوم، وكيف أبديت وما يمكنك القيام به لتذكُّر هذه الطريقة.
في النهاية، أعتقد بأنَّك ستجد أنَّ الحب هو محفز أقوى من عدم السعادة مع أنفسنا، وأتمنى أن تصادق نفسك وهذا سينعكس على علاقاتك مع جميع الأشخاص عندما تلتقي بهم.
المصدر: 1
أضف تعليقاً