ونُدمِن الجلوس في منازلنا نطوي الساعات الطوال مدققين على أصغر التفاصيل وأتفهها بدلاً من الاستمتاع بالحياة والإحساس برونقها، متبنِّين صفتي العصبية وعدم الرضا على الدوام، من دون أن يكون لنا أي سيطرة على موجة المشاعر السلبية التي تنتابنا.
آن الأوان لتغيير التقنية التي نتعامل فيها مع مشاعرنا السلبية، فماذا لو اعترفنا بوجودها واحتضناها بدلاً من إنكارها أو مواجهتها بعنف شديد؟ ماذا لو كنَّا قادرين على التعامل السليم معها بحركة ضغط صغيرة من أصابعنا على نقاط معيَّنة من جسدنا؟ ماذا لو استطعنا التكامل ما بين روحنا وجسدنا؟ وماذا لو استطعنا الدمج ما بين تصوراتنا العقلية واستجابتنا الجسدية للوصول إلى الراحة والتوازن؟
تقنية الحرية النفسية للتخلص من المشاعر السلبية؛ مدار حديثنا خلال هذا المقال.
ما بين الجسد والعقل:
نلاحظ دوماً أنَّ كل شعور نشعر به يخلق استجابة معيَّنة في جسدنا؛ حيث تختبر تدفق الطاقة والحيوية في جسدك مع كل شعور إيجابي تعيشه مثل مشاعر الفرح والسرور، وكما تختبر الآلام الجسدية وعدم الراحة مع كل شعور سلبي تختبره مثل مشاعر الغضب أو التوتر أو القلق أو الحزن؛ إذ إنَّك لن تستطيع التنفس بحرية عند إصابتك بالتوتر، ولن تستطيع النوم جيداً عند شعورك بالحزن، ولن تطاوعك معدتك وقولونك العصبي عندما تكون قلقاً وغير مرتاح، ولن تخدمك مفاصلك عندما تكون كئيباً. إذن، جسدنا يخبرنا عن حالتنا النفسية والشعورية.
ومن هنا تأتي أهمية التعامل السليم مع المشاعر السلبية، فهي تؤثِّر في صحتنا الجسدية وفي تعاملنا مع الآخر ونظرتنا إلى الحياة، فأنت لن تميل إلى الانفتاح على الناس عندما تكون حزيناً، بل ستميل إلى الانعزال في المنزل، ولن تكون لك نظرة إيجابية عن الحياة عندما تكون متوتراً وقلقاً.
شاهد بالفديو: كيف تطرد الطاقة السلبية من الجسد
التعامل التقليدي مع المشاعر السلبية:
يعتمد معظمنا تقنيات فاشلة في التعامل مع المشاعر السلبية، فإمَّا أن ننكر وجودها ونسلبها أحقيتها في الظهور، ممَّا يؤدي إلى تراكمها في داخلنا، ولكون الجسد مرآة المشاعر، تظهر تلك المشاعر على هيئة أمراض جسدية مزعجة للغاية. وإمَّا أن نعترف بوجودها ولكن بطريقة عنيفة، كأن نقاومها بشدة ونرفضها رفضاً قاطعاً، ممَّا يزيد في حدتها، فالأمر الذي ترفضه يزداد أكثر وأكثر.
تقنية الحرية النفسية للتخلص من المشاعر السلبية:
تعتمد هذه التقنية على الاعتراف الكامل بالمشاعر السلبية، مع التقبُّل الكامل لوجودها فينا بدلاً من إنكارها أو مقاومتها بعنف. ومن ثمَّ تقوم بالربط ما بين الفكرة السلبية والجسد، من خلال الضغط على نقاط معيَّنة في الجسد تكون مسؤولة عن مسارات عصبية وطاقية، بحيث يؤدي الرَّبت عليها إلى إرسال إشارة إلى اللوزة الدماغية تطلب منها الهدوء وعدم الاستنفار أو القيام بتقنية (مواجهة أو هروب)؛ الأمر الذي يساعد على تنظيف المسارات الطاقية في جسد الإنسان من المشاعر السلبية المتراكمة وصولاً إلى الراحة.
كيف أطبِّق تقنية "الرَّبت"؟
1. التحديد:
عليك بداية أن تكون مُحدَّداً تماماً بخصوص الفكرة السلبية التي تزعجك وتسبب لك الألم، على سبيل المثال لا يجوز أن تقول: "أنا منزعج من أمي"، بل عليك أن تحدد بدقة الشيء الذي يزعجك من والدتك، كأن تقول: "أنا منزعج من الصوت العالي لوالدتي". أو تحدد انزعاجك من شريك حياتك، فتقول: "أنا منزعج من أسلوب شريك حياتي". أو تحدد انزعاجك من شكلك، كأن تقول: "أنا غير راضٍ عن شكل أنفي".
2. الاستشعار:
استشعر الفكرة السلبية في جسدك، حيث تُولِّد كل فكرة سلبية ألماً في الجسد، كأن تشعر بألم في القولون أو في المعدة أو في الرأس أو في المفاصل. وفي حال عدم استشعارك أي ألم في جسدك، فحينها ركز على أي فكرة سلبية تضغطك وتوترك.
3. المقياس:
وهنا حدد درجة الشعور السلبي الذي تشعره على مقياس من واحد إلى عشرة.
4. التقبُّل:
تقوم هذه التقنية على فكرة تقبُّل المشاعر السلبية على عكس الطريقة التقليدية في التعامل مع المشاعر، وهنا عليك أن تقول لنفسك بعد اختبار الألم: "أنا متقبل لهذا الألم، وأنا متأكد من أنَّه سيزول"، وهنا تعطي جملتك العصبية إحساساً بالأمان الذي تفتقده في الطريقة التقليدية، فتهدأ جملتك العصبية وتحاول مساعدتك في إيجاد الحلول للتخلص من المشاعر السلبية.
5. الرَّبت:
هنا تبدأ الرَّبت على نقاط معيَّنة في جسدك من أجل تحرير المسارات الطاقية من المشاعر السلبية، كما يلي:
- منطقة الرأس: تقوم هنا بالرَّبت على أعلى منطقة الرأس بأصابعك الخمسة، ومن ثمَّ تقول جملة التقبُّل في أثناء الرَّبت، كأن تقول: "أنا متقبل خوفي من القطط، ولكنَّه سيزول"، "أنا متقبل توتري من الامتحانات، لكنَّه سيزول"، "أنا متقبل خوفي من عدم الزواج، لكنَّه سيزول".
- منطقة الحاجب: هنا تقوم بالرَّبت على النقطة الموجودة في نهاية الحاجب، مستخدماً الوسطى والسبابة ومردداً عبارة التقبل. وتقوم بعد ذلك بالرَّبت على النقطة الموجودة أسفل بداية الحاجب، مستخدماً الوسطى والسبابة أيضاً.
- منطقة العين: وهنا تقوم بالرَّبت على المنطقة أسفل العين مردداً عبارة التقبُّل، مستخدماً الوسطى والسبابة.
- منطقة أسفل أرنبة الأنف: وهنا تقوم بالرَّبت على النقطة أسفل أرنبة الأنف مع ترديد عبارة التقبُّل.
- منطقة الذقن: وهنا تقوم بالرَّبت على منطقة الذقن مع ترديد عبارة التقبُّل.
- منطقة الحلق: وهنا تقوم بالرَّبت على منطقة الحلق (المنطقة بين عظمي الترقوة) بكامل اليد مع ترديد عبارة التقبُّل.
- منطقة تحت الإبط: تختار منطقةً أسفل الإبط بمقدار أربعة أصابع، ومن ثمَّ تبدأ الرَّبت عليها مستخدماً يدك مع تكرار العبارة السابقة.
- منطقة تحت الثدي: تقوم بالرَّبت تحت الثدي بالنسبة إلى الإناث، وتحت الحلمة بالنسبة إلى الذكور.
- منطقة المعصم: وهنا تقوم بالرَّبت على المعصم من الجهة العلوية، ومن ثمَّ على المعصم من الجهة السفلية، وأيضاً عليك الرَّبت على المنطقة التي تقع على امتداد الخنصر في كف اليد.
أمَّا فيما يخصُّ عدد مرات الرَّبت، فلا يوجد عدد محدد لها، وبإمكانك مثلاً الرَّبت عشر عدَّات لكل منطقة. من جهة أخرى، سجَّل أغلب البشر نجاحاً في تجربتهم مع تقنية "الرَّبت" ولكن في حال عدم حصولك على النتيجة المتوقعة بعد تطبيق هذه التقنية؛ بإمكانك تكرارها إلى حين الحصول على النتيجة المنشودة.
شاهد بالفيديو: ماذا لو أمكنك التخلص من المشاعر السلبية بضغطة بسيطة
الخلاصة:
إن كنت تشكك في فعَّالية هذه التقنية البسيطة في التخلص من المشاعر والأفكار السلبية؛ فلكَ الحرية التامة في ذلك، ولكنَّ التجربة هي الفيصل في هذه الحالة؛ فإمَّا أن تدعم شكَّك وإمَّا أن تدحضه.
أضف تعليقاً