ملاحظة: هذه المقالة مترجمة للمدوّنة كاترينا رازافي.
لقد كان هذا حالي قبل خمس سنوات، كنت غير واثقٍ بنفسي، وأخشى التواصل مع الناس، وأقول في نفسي أنَّني شخصٌ مخادعٌ أو متصنِّع.
لقد افتتحت توَّاً شركةً ونحن في حاجةٍ إلى جمع رأس مال لها بسرعة. أهمُّ أمرٍ في جمع الأموال هو العلاقات إذ يجب عليك أن تقابل الأشخاص المناسبين، وأن تُفَاتِحَهم بالموضوع بطريقةٍ مناسبة، وأن تروِّج فكرتك، وهذه جميعاً أمورٌ لم أكن أرغب في القيام بها.
لكنَّني أدركت بسرعةٍ أنَّني إذا لم أفعل ذلك ستتبخر أحلام شركتنا الناشئة فقطعت عهداً على نفسي. في تلك الليلة التي كنت فيها وحيداً في غرفة الفندق بعد يومٍ مرهقٍ ومليءٍ بالحوارات الغريبة والشكوك، قطعت عهداً على نفسي أن أخرج من قوقعتي وأُنمِّي مهاراتي الاجتماعية.
كيف فعلْتُ ذلك؟
خلال العام حسَّنْتُ مهارات التواصل لدي، وبنيت شبكة علاقاتٍ رائعة مع مستشارين ومستثمرين، والأهم من ذلك أنَّني جمعْتُ 100 ألف دولار.
لم يكن ذلك هيِّناً فقد عِشْتُ العديد من لحظات الإحراج والضيق، واحتاج ذلك إلى الكثير من التفكير والخروج من منطقة الراحة بشكلٍ كامل، لكنَّني فعلْتُ ذلك وأنت تستطيع فِعْلَ ذلك أيضاً.
لقد أدركت أنَّ التواصل الفعال يُعبِّر عن شخصيتك الحقيقية ومن أجل ممارسة التواصل الفعال يجب عليك أن تكون واثقاً من نفسك وأن تتعامل معها بأريحية.
لماذا تُعَدُّ الثقة مهمةً:
إنَّ جزءً من مشكلة شعوري بالخجل والانطواء يعود إلى أنَّ لي طبعاً سيئاً اعتدت فيه على مخاطبة نفسي بالقول: إنَّني لست بارعاً بما فيه الكفاية وإنَّ أفكاري سيئة ومشروعي سيخفق، على الرغم من أنَّه لم يكن لديَّ ما يُثْبِتُ ذلك.
إنَّ تكرار هذه العبارات في رأسي جعل من الصعب جداً أن أكون شخصاً منفتحاً، وأقابل أشخاصاً جديدين، وأروِّج أفكاري.
واليوم أودُّ أن أقدم لكم بعض النصائح التي حسَّنَتْ مهارات التواصل لدي بشكلٍ كبير:
النصيحة الأولى: استخدم مفرداتٍ جديدة
من المهم أن تُحْسِنَ انتقاء الكلمات التي تخاطب بها نفسك، فقد كنت أخاطب نفسي قائلاً أنَّني شخصٌ مخادعٌ ومُتصنِّع وأكرر هاتين الكلمتين مراراً حتى وصلت إلى مرحلةٍ صدَّقْتُ فيها ذلك فعلاً.
لقد عكفْتُ على دراسة حالات أشخاص يعانون من القلق الاجتماعي والشعور بالإحراج، ومن خلال عدة مقابلات أجريتها معهم، لاحظْتُ أنَّ الأشخاص الذين يواجهون صعوبةً في بناء علاقات اجتماعية يختلقون دائماً قصصاً سلبية حول رأي الآخرين فيهم. ينسج هؤلاء الأشخاص قصصاً تصيبهم بالوهن، تَرْوِي كيف أنَّ الناس ينظرون إليهم وهذا بدوره يجعل التواصل مع الآخرين يثير توترهم، ويستمرون في الدوران في هذه الحلقة.
من الطرائق السهلة لضبط هذه العواطف البحث عن مرادفات أقل إثارةً للعواطف من أجل وصف المشاعر التي تُحِسُّ بها، فعوضاً عن القول أنَّك تشعر بـ "الذعر" عند التعامل مع أحدٍ ما أو التفاعل معه قل أنَّك: "قلقٌ قليلاً".
بهذه الطريقة أنت لا تنكر مشاعرك الحقيقية بشكلٍ كامل، بل تخفف أثرها فقط، ولا تسمح لها بالسيطرة على عقلك سيطرةً كاملة. إنَّ تعلم كيفية السيطرة على المشاعر وانتقاء الكلمات التي تخاطب بها نفسك يُعَدُّ جزءً مهماً من شخصيتك.
يقول "توني روبنز": "نحن القصص التي نُحدِّث بها أنفسنا"، لذا إذا كنت تستخدم كلماتٍ سلبيةً مبالغاً فيها، توقَّف عن ذلك واستبدل بها كلماتٍ أكثر لطفاً، وبهذه الطريقة لن تُحْبِط نفسك ولن تعتقد بأنَّك لا تقدم أفضل صورةٍ ممكنةٍ عن نفسك.
النصيحة الثانية: عزز ثقتك بنفسك من خلال خدعة الـ 120 ثانية
إذا أخفقت كل المحاولات وكنت تريد حضور مناسبةٍ اجتماعية أو إجراء مقابلة عمل تظاهر بأنَّك تشعر بالثقة. فقد شاهدت لحسن الحظ مقطع فيديو رائع تتحدث فيه "أمي كادي" (عالمة علم النفس الاجتماعي)، مُبيِّنةً كيف أنَّ الوقوف مدة دقيقتين وِقْفَةً تعكس قوتك، يمكن أن يرفع مستويات التستوستيرون (المركب الكيميائي الذي يفرزه الدماغ ويجعلك تشعر بالقوة) ويقلل مستويات الكورتيزول (المركب الكيميائي الذي يفرزه الدماغ ويجعلك تشعر بالتوتر).
فقد أظهرت التجربة التي تتحدث عنها، زيادة مستويات التستوستيرون لدى المشاركين الذين وقفوا وقفةً تعكس القوة بنسبة 20% وانخفاض مستويات الكورتيزول بنسبة 25%.
لذا فكل ما يجب عليك فعله هو البحث عن مرآة والوقوف أمامها مدة 120 ثانية وقفةً تعبِّر عن القوة التي في داخلك.
إنَّ لغة الجسد تحكي الكثير عن المشاعر التي تنتابك في موقفٍ معين، ونحن البشر معتادون على الإشارات غير اللفظية ونستخدمها لتحديد شكل ردود أفعالنا. إنَّ أي تغييرات فيزيولوجية تطرأ على الإنسان يمكن أن تغير مشاعره فاستفد من هذه النصيحة الجميلة وعزز ثقتك بنفسك.
النصيحة الثالثة: ابتسم
خلال ذلك العام انتقلت من كوني ذلك الشاب الجالس الذي يسأله الناس وهو جالسٌ في المقهى "لماذا لا تبتسم؟"، إلى كوني إنساناً يراه الآخرون ليِّن الجانب ويمكن الحديث معه بسهولة.
أدركت أنَّ ابتسامةً صغيرة ستجعل هذا يحدث، فقد جعلتني تلك الابتسامة واثقاً بنفسي من خلال منحي شعوراً بالسعادة ومنحَتْ الآخرين أيضاً شعوراً بالاطمئنان.
أثبتت الدراسات العلمية أنَّ الابتسام يعدِّل المزاج من خلال إفراز مواد كيميائية تجعلك تشعر بالسعادة. وقد أظهرت هذه الدراسة أنَّ التبسُّم يمكن أن يجعلنا محبوبين أكثر ويجعلنا نبدو أكثر كفاءةً أيضاً.
إنَّ رؤية شخصٍ ما يبتسم تكفي لتحفيز الخلايا العصبية المرآتية التي تجعلك تشعر بالسعادة أيضاً، فالسعادة تنتقل بالعدوى.
وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يرون أنَّ بناء علاقاتٍ مع الآخرين أمرٌ مثيرٌ للتوتر، تستطيع ابتسامةٌ دون أي كلمة أن تفتح باب الحوار.
في الختام:
يحتاج تعزيز المهارات الاجتماعية إلى الكثير من تطوير الذات، والوقت، والجهد لكنَّه أمرٌ ممكن. حاول أن تزيد ثقتك بنفسك وسترى أنَّك ستبدأ تشعر بالراحة بشكلٍ طبيعي عند بناء علاقات مع الآخرين.
الآن جرب أن تطبِّق بعضاً من هذه النصائح لتبدأ زيادة ثقتك بنفسك وتعزيز مهارات التواصل لديك.
أضف تعليقاً