الدليل الكامل لتكوين عادات راسخة

إليك في كلمتين، الطريقة التي ستمكنك من أن تعيش بمستوى نجاح يتجاوز أكثرَ أحلامك جموحاً: رتِّب سريرك.

إنَّ أقصر طرق الوصول إلى العظمة وأكثرها إرضاءً، لا يمر عبرَ استراتيجية كبرى أو حيلٍ بارعة أو مواهبَ فطرية وشبكة معارف مناسبة؛ بل عبرَ خطوات صغيرة متّسقة تتكرر مراراً وتكراراً.



ملاحظة: هذا المقال هو خلاصة ما توصل إليه المدون ومؤسس شركة " So You Want to Write? Inc." ميكائيل بيترزاك في تكوين عادات جيدة من شأنها أن تثري حياتنا، وتدفع بها نحو الأفضل.

أنا أخطط عبر قرائتك لهذا المقال، لأن أزيل من نفسك تلك العوائق الذهنية المتجذرة تجاه القيام بالمهام اليومية، ولإذكاءِ نار العادات فيك.

لقد قُمْتُ ولمدّة 15 عاماً، بدراسةٍ منهجيّة تستهدف أكثر الرجال والنساء نجاحاً، أحياءً كانوا أم أمواتاً، وهنا يكمن الرابط المشترك في تحقيقهم لإنجازاتهم: لقد واظبوا على ترتيب أسرتهم باستمرار، من الناحية المجازية.

نعم وبكلّ تأكيد، لعبت الإستراتيجية والموهبة وشبكة المعارف والحظ دوراً في تحقيقهم لتلك الانجازات العظيمة، لكن لا أحد من هؤلاء العظماء يربِطُ تلك الأمور بتحقيق إنجازاته، بل تراهم يشيرون جميعاً إلى جمالِ التصرفات الصغيرة.

جسمكُ عبارة عن شطيرةٍ من الجبن...

بعد ابتلاع لقمة طعام، تقوم أحماض وأنزيمات المعدة بتقسيم المواد الأولية إلى عناصرَ أساسيَّة. لتقوم الأمعاء بعد ذلك بهرسها أكثر، وتقوم خلايا متخصصة بانتزاع السكريات والأحماض الأمينية الدهنية والفيتامينات والمعادن منها، ومن ثم تُدخِلها في مجرى الدم.

تصل هذه العناصر الغذائية إلى كل خلية في الجسم، حيث يتم استخدام الجلوكوز كطاقة. بينما تدخل الجزيئات والأحماض والكربوهيدرات والبروتينات في بنية وتركيب ما يقارب من 37.2 تريليون خلية في جسمك. ما الهدف من هذا الدرس العلمي المبسط للغاية؟ نحن حرفياً، عبارةٌ عمَّا نأكله. بمعنى أنَّ جسدك المادي عبارةٌ عن بروكلي أو بيتزا ساخنة.

وحياتكُ عبارةٌ عن آلافٍ من القرارات اليومية...

"إنَّ ما نقوم به يومياً يمثل طريقة عيشنا في هذه الحياة" -الكاتبة الأمريكية آني ديلارد.

إنَّ هذا الأمر يحمل في طياته أهمية تشمل جميع نواحي الحياة، فالتَّشبيه الذي قد ذكرته عن الغذاء، يعتبر قصة تخبرنا كيف نعيش. إذ يتحول الطعام إلى خلايا، تماماً مثلما يتحول كل إجراء نقوم به إلى ثمانين عام نقضيهم على هذا الكوكب. فإن أنت لم تقم بترتيب سريرك لعدة أيام متتالية، ستبدو حياتك بنفس الشكل الذي سيبدو عليه جسمك بعد أن تتناول "غزل البنات" في كل وجبة.

إن أهملت ترتيب سريرك فقد لا تشعر بالرغبة عندئذٍ في غسل الأطباق القذرة، ومن ثم سوف تهمل العمل وتتخلى عن الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. ولن يمضي وقتٌ طويل قبل أن يصبح تأثير كرة الثلج هذا عبارة عن بركة مياهٍ مذابة سوداءَ قذرة تملأ جميع نواحي حياتك. إذ دائماً ما تقود عادة سيئة واحدة إلى عادةٍ سيئةٍ أخرى، وإن بقيت على هذا المنوال ستتحول تلك العادات إلى كآبةٍ قاتلة.

وبالمقابل، إن رتبت سريرك صباحاً، فستكون قد قمت بإنجاز شيء واحد. شيءٍ سوف يدفعك إلى القيام بعشرين تمرين ضغط. ثم للاستحمام وصنع وجبة إفطارٍ صحيَّة والقيام بأشياءَ أكثر إنتاجية. أنتج وأبدع باستمرار، وستضمن أن توجد لنفسكَ حياةً بارزة.

من قال لك أنَّ ذلك ممل؟

عندما كنت في العشرينيات من عمري، جعلت من عدم وجود أيِّ هدف؛ بمثابةِ هدفٍ لي. نظرت إلى الناس الذين كرروا نفس العادات على أنَّهم مملين بلا حياة، بل وكأنَّهم مجانين. كنت أدعوهم "آلات بلا عقل". إذ أردت أن أعيش حياةً ملؤها المغامرة، حياةً عفويَّة. وأن أبقى في الخارج وأستيقظ متى ما أردتُ ذلك. أما هؤلاء الذين يعيشون حياتهم بنفس الأسلوب كل يوم، فلم أكن واحداً منهم أبداً.

قادني العيش وفقاً لتلك العقلية في نهاية الأمر إلى أن أكون كما هو متوقع من أمثالي في ذلك الوقت: غاضب من عدم نجاحي، ومحبطٌ لأنَّني لم أكن أعرف ما يجب عليَّ أن أفعله بحياتي، وتنتابني حالة اكتئابٍ لأنَّني كنت أدمّر كيمياء عقلي من خلال الشرب "العفوي والمرح"!. كما كانت عادات نومي سيئة ونظامي الغذائي أسوأ، إذ كان عماده السندويتشات واللحوم والبطاطس المقليَّة. وكان يومي يتكرر بنفس تفاصيله.

تستلزم العادات منا العمل والمثابرة، لكن ما الفائدة منها؟ حسبيَ في هذه المقالة أن أُظهر لك وبوضوح، أنَّ العادات العظيمة تجلب فرحةً كبيرة.

1. الجزء الأول: لم يجب أن يكون لدينا عادات؟

"ازرع فعلاً، تجني عادة. ازرع عادة، تجني شخصية. ازرع شخصيَّة، تجني مصيرك." -تشارلز ريد.

1.1. جاين تريد أن تقتل نفسها:

بعد إصابتها بارتجاج دماغي لم يُشفَ بشكلٍ ملائم، أصبح لدى جاين ماكجونجال ميولٌ انتحارية. "لقد قال لي عقلي بالحرف الواحد: جاين، أنت تريدين الموت"، تقول جاين في حديث أجرته على منصة TED عام 2012.

لكن بدلاً من أن تستسلم لأفكارها المظلمة، حوّلت جاين عمليَّة شفائها إلى لعبة الكترونية أسمتها "Jane the Concussion Slayer". كانت قواعد اللعبة بسيطة: تَجَنّبِ الأشرار (والذين هم في هذه الحالة أضواء ساطعة وأماكن مزدحمة) وابحث عن نقاط القوّة. هل تريد أن تجرب ما تفعله نقاط القوة تلك؟ حسناً، قف وامشِ ثلاث خطوات. أو كَوِّر كفيك على شكلِ قبضة يد، وارفعها عالياً فوق رأسك لمدة خمس ثوانٍ. تهانينا، لقد ربحت نقطةَ مرونة بدنية.

تقول جين عن هذا: "في غضون بضعة أيام فقط من بدء اللعب، اختفى رهاب الاكتئاب والقلق".

تحولت لعبتها تلك إلى تطبيقٍ يسمى "Super Better"، والذي قد ساعد الناس في جميع أنحاء العالم على التغلب على التحديات.

ما الذي كان على المحك هنا؟ فقط القوة الهائلة التي تأتي من ترتيبك لسريرك (قوة العادات اليومية)؛ تلك القوة البسيطة، العادات المتكررة التي تجعل عالمك يدور بانتظامٍ حول محوره الثابت. قد لا تبدو ثلاث خطوات بالأمر الكبير، لكن في هذه الخطوات، قد تقدر على إنهاء سباق ماراثون، والشفاء من السرطان، أو تنشئ شركة تشبه آبل أو جوجل، وتبني الحياة التي تريدها.

تلك القرارات التي تتخذها كل يوم والتي قد تبدو لك غير ذات أهمية، تحتوي على قوة لا حدود لها.

1. 2. أفضلية طفيفة:

"الفرق بين من أنت حالياً ومن تريد أن تكون عليه؛ هو ما تقوم به" -بيل فيليبس.

إذا ما رأيت واحدةً، فستقول أنَّ زهور الخزامى والأزهار الوردية لنبات ياسنت الماء هي أزهارٌ جميلة. موطن ذلك النبات هو أمريكا الجنوبية، إنَّها واحدة من أسرع نباتات العالم نمواً. يمكن أن يتضاعف حجمها كل أسبوعين عن طريق إرسال براعم تنتج نباتات جديدة. إذا ما رأيت نبتةً واحدة تطفو على سطح بركة ما، عُد في غضون أسبوعين وبالكاد ستلاحظ أي نمو. لكن عُد بعد بضعة أشهر، وسترى كيف أنَّ النبتة قد غطَّت نصف البركة. ومن ثم عدُ في اليوم التالي، وسترى النبتة قد غطَّت البركة بأكملها.

دائماً ما تبدو التغييرات اليومية الصغيرة قليلة التأثير، إلى أن يمر الوقت الكافي وتنقلب تلك العادات التي تبدو غير ذات أهمية إلى تحولات هائلة في حياتك. تعمل العادات عملَ الفائدة المركبة؛ بعمر 20 عاماً، ابدأ في استثمار 500 دولار فقط كل شهر، بمعدل إعادة بسيط قدره 5٪. وبحلول الوقت الذي تكون جاهزاً فيه للتقاعد في عمر 60 عاماً، تكون قد حصلت على 769,868.50 دولار كرصيدٍ في البنك (529000 دولار منه هو فائدة متراكمة).

أطلق المؤلف جيف أولسون على هذه الظاهرة لقب "الأفضليَّة الطفيفة - The Slight Edge": وهي خيارات دنيوية بسيطة قد تبدو غير هامة، تتراكم يومياً لتصبح أكبر تلَّة نجاح يمكنك تخيلها.

ماذا لو قمت بتحسين نفسك بمعدل عُشرٍ من 1٪ كل يوم لمدة 365 يوماً؟ في نهاية تلك السنة، سوف تكون من الناحية النظرية قد طورت نفسك بنسبة 44٪! كيف يمكنك تحسين نفسك بمقدار عُشرٍ بالمئة كل يوم؟ اقرأ فصلاً من كتابٍ رائع، أو قم بعمل 50 تمرين ضغط أو... رتِّب سريرك.

كل قرار تتخذه يُحَسِّن أو يقلل من قيمة حياتك. يختار الناجحون العادات التي تجعل القرارات الجيدة عبارةً عن عمليةٍ تلقائية، ويجنون ثمار ذلك.

إقرأ أيضاً: 5 دروس من الطُّفولة سوف تخدمك للأبد

2. الجزء الثاني: أدوات العادات:

2. 1. عالمك الداخلي: العادات العقليَّة:

"غير أفكارك، لتُغيِّرَ حياتك" -د. واين داير

بِتَّ الآن تعلم قوة العادات، لكن أيُّها سيساعدك على الارتقاء بشكلٍ أسرع؟

لقد بدأت أجربهم بوعي منذ عام 2005، وذلك عبر وضع قائمة بسيطة من المهام التي يتعين عليَّ إنجازها في العمل كل شهر. وفي غضون 14 عام، قرأت مئات الكتب حول كيفية إنجاز الأمور والعيش بشكل جيد، وجربت الكثير من الطرق. بل حتى أنَّني قد وضعت بنفسي بضعَ طرق للقيام بذلك. إذ أنَّني قد حولت نفسي إلى آلة انتاجية. لكن إلى وقت قريب، وحتى مع كل ما أملكه من أدوات وخبرات، شعرت بأنَّني مقيد بسبب أعظم تحدي يواجهني؛ والذي هو أنا.

لقد توصّلت إلى أنَّ كل الأدوات والحيل التي تستخدمها في عالمك الخارجي لن تؤدي سوى نصف الغرض المنوط بها ما لم تعمل على حالتك الذهنية؛ طريقة تفكيرك، عقليتك.

العادة التأسيسية الأولى: انتبه لطريقة تفكيرك

منذ أمدٍ ليس ببعيد، كان من الطبيعي بالنسبة لي أن أستيقظ وأذهب إلى الصالة الرياضية، وأراجع أهم أهدافي السنوية، وأرتب مهامي اليومية بحسب أهميتها، وأتخلص من كل ما قد يلهيني عن مهامي، وأجبرَ نفسي على العمل. على الرغم من ذلك الروتين الجيد من الناحية النظرية، إلا أنَّني عملياً كنت أُنهي خمسة بومودورو وأشعر بعدها بالإنهاك الشديد. للعلم فإنّ بومودورو هي تقنية لإدارة الوقت عبر استخدام مؤقت لتقسيم وقت العمل إلى فترات زمنية مدة الواحدة منها 25 دقيقة، يفصل بينها فترات راحة قصيرة (سنتحدث عنها لاحقاً).

في عقلي، لم أؤمن بأنَّ عملي قد ينجح. لم أكن أعتقد أنني كنت "جيداً بما يكفي". واعتقدت أنَّه كان من الصعب كسب المال، وأنَّه لن يأتي إلا إذا قدمت تنازلاتٍ فظيعة تُسيء إلى نزاهتي. كنت منقسماً على نفسي، كما لو أنَّني أقود وفرامل اليد مرفوعة. لم أكن لأصل إلى ما قد وصلت إليه لو لم أبدأ العمل على حالتي الداخلية.

فيما يلي أهم العادات التي يجب أن تركِّز عليها إن كنت تريد التخلص من "مكابح حياتك":

2. 1. 1. أولاً: الامتنان:

لقد بدت تلك الكلمة غريبةً بالنسبة إليَّ عندما سمعتها من توني روبنز لأول مرة. فقد قال: "ليس باستطاعتك أن تشعرَ بالخوف أو الغضب بينما تشعر بالامتنان في ذات الوقت".

لم أكن أمتلك أدنى سيطرةٍ على غضبي ولا على مخاوفي في ذلك الحين، وبالتالي فإنَّ فكرة أنَّني قادرٌ على أن أتحرر من تلك القيود باستخدام القوة التي يمنحني إياها الامتنان، كانت فكرةً غريبةً علي. وقد جربت ذلك على أي حال، ووجدت أنَّني كلما مارست الامتنان أكثر، كلما شعرت بمشاعر سلبية أقل. وأنا اليوم أخصص ما لا يقل عن خمس دقائق يومياً أسرد فيها في ذهني ما أنا ممتن لأجله، وأشعر بمشاعر الامتنان تجاهه. أَفْعَلُ ذلك بعد أن أمارس التَّأمل، فأنا أقوم أولاً بتعداد الخصال الحسنة التي أمتنُّ لوجودها في نفسي: نزاهتي، وروح الدعابة لدي وجسمي السليم. ثم أتوجه بالشكر للناس في حياتي، مثل: زوجتي وأخي وأقاربي، وعملائيَ من الكُتَّاب في موقع " So You Want to Write". وأخيراً، أنتهي بالأشياء المادية التي أشعر بالامتنان لوجودها، مثل: العقار الذي أؤجره والذي يغطي تكاليف سفري، وسيارتي التي تأخذني من مكانٍ لآخر.

كان توني روبنز على حقٍّ مجدداً حينما قال: كلما شعرتُ بالامتنان أكثر، كلما قل تعاملي مع "الكوابح" المتمثلة في الغضب أو الخوف أو الإحباط والحزن.

شاهد بالفيديو: كيف يتعامل الأشخاص الناجحون مع الغضب؟

2. 1. 2. ثانياً: التَّصوّر:

بعد خمس دقائق فقط من ممارسة "الامتنان"، أُصبحُ في حالة من الهدوء والسَّعادة والحيوية، وهو وضع مثالي لأبدأ فيه بتكوين صورٍ ذهنية لما أريده في حياتي. لا يشتمل ذلك فقط على أشياءَ ملموسة، مثل استضافة ورشة عملٍ أو شراء لابتوب جديد؛ بل الأهم من ذلك هو تخيل أنواع التجارب التي أرغب أن أعيشها في حياتي، مثل: الضحك مع زوجتي، وإجراء محادثات رائعة مع مجموعة ممتعة من الأصدقاء، والتحديق بدهشة في شروق شمسِ كُلِّ صباح.

لقد وجدت التصور شديد الصعوبة عندما بدأت أمارسه لأول مرة. إذ كنت قد تركت مخيلتي تضمر، وهي حالة نشأت عن عالمٍ من التَّواصل الدائم، وعالمٍ من النشاط المستمر. لذا ابدأ ببساطة ولا تتوقع الكثير في البداية، وأَعِدُكَ بأنَّك في النهاية ستتمكن من إنشاء أكوانٍ أكثر تعقيداً في عقلك.

لم عليك أن تقوم بذلك؟ لأنَّك كي تُوجِدَ ما تريده في حياتك، عليكَ أولاً أن تُوجِدهُ في عقلك.

2. 1. 3. ثالثاً: المانترا:

مازلت أتذكر لحظة الكشف خاصتي في أوائل عام 2018، عندما استوعبت أخيراً أهمية السَّيطرة على كل فكرةٍ في ذهني (بمعنى اختياري المتعمد لطريقة تفكيري).

لقد قرأت بافتتان في كتاب "الراهب الذي باع سيارته الفيراري" لـ روبين شارما فكرة أنَّه: "لا يمكنك أبداً تَحَمُّل ترف فكرة سلبية واحدة".

إنَّ المانترا هو ترياق ضدَّ الأفكار غير المفيدة. يكتب شارما في ذلك الصدد: "إنَّ المانترا ليست سوى مجموعة من الكلمات التي تجتمع معاً لخلق تأثير إيجابي".

بينما جاء النصف الثاني من لحظة الكشف خاصتي، من كتاب توني روبنز حول الحرية المالية: "Unshakeable". إذ يوضح روبنز في أحد الفصول الأخيرة، أنَّ المال لا قيمة له إلا إذا كان يساعدك على تحقيق الحالة الداخلية والمشاعر التي تريدها لنفسك وللآخرين. ويقول: "يمكنك أن تختار العيش في حالة جميلة".

وهكذا، رحت أردد أثناء مسيرتي اليومية إلى العمل: "اخترت أن أعيش في حالة جميلة" مراراً وتكراراً، وأخذت أشعر بوقع كل كلمة. وبحلول الوقت الذي كنت أصلُ فيه إلى العمل، أكونُ قد وضعت نفسي في حالة لا مثيل لها؛ بحيث مهما حدث معي في يومي هذا، كنت سأختار أن أعيش ما قد عزمت عليه.

لقد واجهت الفظاظةَ والفتور والبيروقراطية، لكن كل ذلك لم يكن مهماً بالنسبة لي؛ وذلك لأنَّني كنت سيد مجالي الداخلي (internal domain).

2. 1. 4. رابعاً: التفكير المضاد:

لن يكون هناك نقص في العقبات في حياة أيِّ شخص. والناجحون يخترقون هذه الحواجز ويمزقونها ويستخدمونها كوقود لإذكاء نار حياتهم المتأججة. لقد بدأت أجرب ممارسةً وجدتها فعالةً بشكل لا يُصدَّق؛ إذ رحت أستخدم الأفكار والمشاعر السَّلبية كرسائل تذكير لتوليد أفكار إيجابية. لقد علمت مؤخراً أنَّ هذا يدعى بالتفكير المضاد.

وعلى قدر ما قد تبدو لك تلك الفكرة جنونيَّة، إلا أنَّني بتُّ أُرَحّبُ الآن بهؤلاء الزوار المقيتين سابقاً (الأفكار السلبية)، لأنَّهم يمنحونني فرصة لكي أعيش مشاعر الفرح. وكلما تدربتَ على ذلك أكثر، كلما أصبحت هذه العملية تلقائية أكثر.

هل يمكنك تخيل القوة التي ستحصل عليها إذا تمكنت من تحويل نقاط ضعفك إلى نقاط قوة؟ تخيل أنَّه في كل مرة يقول لك فيها عقلك: "لا أستطيع"، يمكنك استبدال هذا بـ "أنا أكثرُ من قادرٍ على القيام بذلك".

إنَّ العقبة هي الطريق.

إقرأ أيضاً: 7 عبارات لا يستخدمها الشخص الناجح

2. 2. عاداتك تجاه العالم الخارجي:

"إنَّ العَظَمَةَ عبارةٌ عن الكثير من الأمور الصغيرة التي جرت بشكل جيد" -راي لويس.

بمجرد ما إن تضع مشاعركَ وطريقة تفكيرك في نصابهم الصحيح، ستبدأ في رؤية نتائج هائلة تنبعُ من العادات التي توسع وتنمي عالمك الخارجي: جسمك ووظيفتك وأعمالك وعلاقاتك، بالإضافة إلى شؤونك المالية. إليك مجموعة من أقوى الأدوات والاستراتيجيات التي اختبرتها وأوافق عليها شخصياً. قم بربط هذه الإجراءات بحالة ذهنية قوية وإيجابية، وستبني أجمل حياة يمكنك تخيلها.

2. 2. 1. أولاً: عادة التَّخطيط:

"أعطني ست ساعات لأقطع شجرة، وستجدني أقضي الساعات الأربعة الأولى منها وأنا أشحذ الفأس" -أبراهام لينكولن.

إنَّ الأفعال الصغيرة المتكررة باستمرار هي واحدة من أعتى القوى في العالم. إذ قد مكَّنت هذه المنهجية البشر من القضاء على الجدري، وبناء سور الصين العظيم، وإجبار البريطانيين على الخروج من الهند. كما أنَّ التكرار هو أيضاً نفس الآلية التي تؤدي إلى الإصابة في السمنة، وإدمان الكحول والاكتئاب. إذ لا يكفي أن تمارس العادات، بل عليك أيضاً أن تعلم سبب انخراطك فيها. من الأهميَّة إعداد خارطة طريقٍ لوجهتك قبل أن تبدأ رحلة العادات.

1. التخطيط السنوي:

كنت في السابق أستخدم الأول من كانون الثاني (يناير) لكي أصحوَ من سهرة احتفال الليلة السابقة، لكنَّني أستخدمه الآن كهديةٍ أعظم: يوم بلا التزامات أو مقاطعات لتحديد ما أريد أن أخرج به في سنتي القادمة. في الحقيقة، إنَّ خطتي السَّنوية تنقسم إلى خمسة أجزاء:

  • مراجعة كيف كان عاميَ السابق:
  1. ماذا كانت أهدافي؟ هل حققتهم أو أحرزت تقدماً فيهم؟
  2. ما الذي قد تمَّ بشكلٍ جيِّد؟ وما الذي كان بإمكاني أن أُحَسِّنَ فيه؟
  3. ما هو شعوري تجاه السَّنة السابقة؟ (المشاعر هي بوصلتك الداخلية).
  4. أحتفلُ بإنجازاتي عبر سرد كل واحد منها.
  • القيام ببعض مهام إدارة الممتلكات:
  1. تغيير كل كلمات المرور الخاصة بي.
  2. التحقق من درجة الائتمان الخاصة بي.
  3. قراءة ومراجعة جميع الملاحظات التي قد وضعتها العام الماضي.
  4. إلغاء الاشتراك في رسائل البريد الإلكتروني "التافهة" والأصدقاء "الفيسبوكيين" السَّلبيين.
  • أقرر ما أريد تحقيقه في عاميَ الحالي:
  1. أضع أهداف محددة. وأحدد أهداف الربع الأول من السنة، وبنود العمل خاصتي، وعدد الساعات التي سأقضيها كل أسبوع في العمل على كل هدف من تلك الأهداف.
  2. أختار العادات التي أريد تبنيها أو مضاعفتها.
  3. أتعلم مهارةً جديدة. فهذا العام مثلاً كنت أعلم نفسي كيف أتحدث الإسبانية، إنَّه لمن المفيد القيامُ بذلك عندما تعيش في المكسيك لمدة ستة أشهر.
  4. أقوم بطباعة أهدافي السَّنوية والفصلية وألصقها على الحائط حيث يمكنني أن أراها يومياً.

2. التَّخطيط الفصلي:

إنَّ الخطة الفصلية هي نسخة مصغرة من الخطة السنوية، والتي أخوض بتفاصيلها في الأول من كل أبريل ويوليو وأكتوبر. وأسأل نفسي معظم الأسئلة المذكورة أعلاه، لكن مع اختلاف أنَّ الجداول الزمنية تكون لثلاثة أشهر بدلاً من عام. وأقوم بطباعة ونشر خطة العمل الجديدة هذه لكي أراها يومياً.

3. التَّخطيط الأسبوعي:

كل ليلة أحد بعد العشاء، أجلس لأقوم بأمرين اثنين:

  • أراجع خطة الأسبوع الماضي وأسأل:
    • ما الذي قد جرى على ما يرام؟
    • ما الذي بإمكاني أن أحسن فيه؟
    • كيف هو شعوريَ تجاه الأسبوع الماضي؟
  • أحدد أهدافيَ للأسبوع القادم، وأخمِّن مقدار الوقت الذي سيستغرقه كل هدف، وأقوم بجدولة هذه المهام في تقويميَ الخاص. من المهم أن تُخصص وقتاً غير محدد من الأجل الأمور غير المتوقعة.

ومن منطلق الخطط السنوية والربع سنوية، فإنَّ الغرض من هذا التَّمرين هو التحديد الدقيق لما أريد إنجازه، ووضع خطة تساعدني على ترسيخ العادات من أجل الوصول إلى الأهداف التي قد وضعتها لنفسي.

4. التخطيط اليومي:

اعتدت في السنوات الماضية أن أقوم بما هو أكثر من ذلك، إذ كنت أبدأ يومي بوضع قائمة من النوايا وبنود العمل، ثم أقوم بإعداد قائمة بالإنجازات أثناء عملي. في البداية كان هذا مفيداً، لكن يمكنني الآن ببساطة أن أعود إلى خطتي الأسبوعية في بداية كل يوم لتعديل مسار عملي.

إقرأ أيضاً: النجاح في الحياة: 6 نصائح تساعدك على التخطيط لحياتك بالشكل الصحيح

2. 2. 2. ثانياً: العادات البدنية:

إنَّ الجسم هو عبارة عن آلة معقدة، إلا أنَّ دليل العمل عليه الذي يهدف لبناء آلةٍ تخدمك كمركبة تسير بك في هذه الحياة، متوفرٌ بشكلٍ مجاني. والذي هو ببساطة: تناول طعاماً صحيَّاً ومارس الرياضة.

فإن أنت فشلتَ في توفير الوقت لذلك الآن، فسوف تضطر لاحقاً لقضاء كثيرٍ من الوقت في إصلاحِ مشاكلَ جمَّة. أو تموت وأنت بحالةٍ صحيّةٍ سيّئة. لذا قم بتحريك جسمك بمجرد ما إن تستيقظ. يعتبر الكورتيزول هرمون الإجهاد الرئيسي للجسم، وتتمثل وظيفته في إيقاظنا ومنحنا الطاقة. إنَّه ما يتم استخدامه أيضاً في استجابات الكرِّ والفر. وهو ما يجعلنا خائفين ومتوترين مثل أوتار البيانو.

يبلغ الكورتيزول أعلى مستوياته في الصباح. وعلى الرَّغم من أنَّ ذلك يكون لسببٍ وجيه، إلا أنَّ فرط إفرازه يؤدي إلى القلق والاكتئاب وشلِّ قدرتك على التَّفكير السَّليم، ويمنعك من أداء أعظمِ أعمالك.

حتى التمارين الخفيفة، يمكن لها أن تقلل بشكل كبير من مستويات الكورتيزول، وأن تنظف عقلك من أجل يوم مثمر مليءٍ بالتركيز. فمثلاً، يبدأ رائد الأعمال تيم فيريس يومه بخمسة إلى عشرة تمارين ضغط فقط. "إنَّ التواصل مع جسدي، حتى لمدة 30 ثانية لا غير، له بالغ الأثر على حالتي المزاجية وهدوئي العقلي"، يقول تيم في ذلك الصَّدد.

إن كنت ترغب في أن تحصل على مزيد من الإثارة، يقترح عليك روبن شارما في كتابه (نادي السَّاعة الخامسة صباحاً - The 5 AM Club)، عشرين دقيقة من التَّمارين الشاقة بما يكفي لكي تجعلك تتعرق. وذلك من أجل خفض الكورتيزول وإفراز عامل التغذية العصبية المستمدة من الدماغ (neurotrophic factor)، والذي يزيد من الذكاء ويحسن المزاج ويعزز الإنتاجية والذاكرة. ومن أجل إفراز الدوبامين الذي يزيد من اندفاعك، والسيروتونين الذي يولد السعادة.

لقد أصبحت مدركاً تماماً لأهمية ممارسة التمارين كأول أمرٍ أقوم به في الصباح. وفي الأيام التي أقوم فيها ببعضٍ من تلك التمارين، يكون مزاجي أفضل بمرتين إلى 10 مرات مقارنة بالأيام التي أتخطى التمرّن فيها.

2. 2. 3. ثالثاً: عادة القراءة:

"إنَّ من لا يريد أن يقرأ، لا يميِّزه شيءٌ عن الأمِّي الذي لا يعرِفُ كيف يقرأ".

1. القراءة:

يقرأ بيل غيتس 50 كتاباً سنوياً. كما اعتاد إيلون ماسك منذ الصغر على القراءة لمدة 10 ساعات يومياً. وغالبية الناجحين الذين حاورهم تيم فيريس في كتابه "Tools of Titans"، هم قرَّاءَ نهمين. هذه ليست بمصادفة!

لا يبدأ العظماء في القراءة بعد أن يحققوا النجاح. صحيحٌ أنَّ ثروتهم توفر لهم أوقات فراغ كثيرة، إلا أنَّ عظمتهم تلك كانت حصيلة عادتهم في التعلم عبر قراءة الكتب.

ومع ذلك، قال 24٪ من الأميركيين أنَّهم لم يقرأوا ولو حتى كتاباً واحداً منذ عامٍ مضى. وذلك وفقاً لدراسةٍ أجراها مركز "بيو - Pew" للأبحاث. إذاً ما الفرق هنا بين من يعرف القراءة والكتابة، ويختار مع ذلك ألَّا يقرأ؛ وبين الانسان الأمِّيّْ؟ لا يوجد أدنى فرق.

يمكن لأي جدولٍ زمني مهما كان مزدحماً، أن يتسع للقراءة. ففي العام الماضي، استمعت إلى كتاب صوتي في كل رحلةٍ من رحلاتي اليومية التي تستغرق 45 دقيقة، وغالباً ما كنت أغفو وأنا أحتضن كتاباً -لا على التَّعيين- كنت أقرؤه قبل 20 دقيقة من موعد نومي. لقد أنهيت قراءة 25 كتاباً العام الماضي.

وأنت قادرٌ على أن تفعل ذلك أيضاً. لذا توجه إلى موقع "Goodreads" الآن وسجِّل في تحدي القراءة.

2. الإصغاء:

كل ما تبذله من جهدٍ في التَّعلم من أرقى الكتب، والمقالات عبر الإنترنت ومقاطع اليوتيوب الغنيَة بمعلوماتها، وحضور الندوات؛ لن يفيدك في شيءٍ ما لم تكن قادراً على الإصغاء مليَّاً لما يقال. فكم من مرَّةٍ صادفت فيها شخصاً يعلم كل شيء، لكنَّه يفشل في تطبيقه؟ أو لعلك قد صادفت من يدَّعي أنَّه يعلم كل شيء، ولكنَّه مخطئ تماماً في كُلِّ ما يعرف.

قد تسمع البعض يقول: "لا أستطيع أن أفقد وزني، وجيناتي هي السَّبب في ذلك"، أو "أفضل طريقة للتوفير هي اقتطاع 10٪ من راتبك كل شهر"، لكن من يقول ذلك؛ تراه يُنفقُ كلَّ فلسٍّ يملكه!

ركبت ذات مرة مع سائق أجرة في مدينة لاس فيجاس، فأخذ يشرح لي بالتَّفصيل المُمِل، كم أنَّه من السَّهل خداع الكازينوهات وجني الملايين من ذلك! لم أرد أن أحرجه في حينها وأسأله لمَ لا يزال يقود سيارة أجرة إذاً!

بدأ عملي بالازدهارِ عندما علمت أنَّه لكي يكون لي أمل في القيام بتسويقٍ ناجح، عليَّ أولاً أن أصغيَ إلى عملائي. يأتي النَّجاح عبر بناء المنتجات التي يريدونها هم، وليس عبر البدء بمنتج تريده أنت، ومن ثم "الإعلان عنه".

أصغِ لكي تعلمَ ما يجب عليكَ القيام به.

2. 2. 4. رابعاً: عادات تُنعش بها نفسك:

سأروي لكم الآن حكايةً من نمط "عبرة لمن يعتبر". أنا لا أتعلم بسرعةٍ في بعض الأوقات. فقد كان هدفي الرئيسي لسنواتٍ عدة، هو تحسين كفاءتي. شيءٌ أشبهَ بضبط عَصَّارة ما، من أجل الحصولِ على أكبرِ قدرٍ ممكن من "العصائر الإنتاجية" اللذيذة. لقد درست أدوات ومنهجيات كفيلةً بأن تسمحَ لي أن أحشرَ ساعات عملٍ أكثرَ في يومي. وضغطت على نفسي بشدة، وزدت قوة إرادتي فعليَّاً.

إليك ما حدث بشكل عام: في يوم الاثنين، كنت أستيقظ باكراً وأجهدَ نفسي في العمل. فقد كنت لا آخذ استراحةَ غداء قصيرة إلا حين أشعر أنَّني أستحق ذلك، لأستمرَ في العمل الشَّاق إلى أن يحينَ موعدُ العشاء. ومن ثمَّ يأتي موعد الاسترخاء ومشاهدة بعض برامج التلفاز الرهيبة، من دون أن أكون قد أنهيت يوم عملي "فعلياً". كنت أدخلُ في مَهمَّة وأخرجَ من مَهمَّةٍ أخرى، وأجيب على رسالة بريد إلكتروني هنا، وأقرأ مقالاً هناك. بمعنى أنَّني كنت لا أركز على أيٍّ من مهامي فعلياً، ولا أرتاح أيضاً. لم أكن أعطي عقليَ أدنى فرصة.

كنت أضغط على نفسي بهذا الشكل لأسابيعَ عدة قبل أن يحصل ذلك الانهيار الذي لا مفر منه؛ ألا وهو تمرُّدُ جسمي وعقلي. لأقرر بعد ذلك أن أنام بضع ساعات إضافية، أو آخذ قيلولةً قصيرة، أو ألهوَ من السَّاعة 2 مساءً ولا أكون على دراية بما كنت أقومُ به إلا بعد مُضِيِّ ستِّ ساعات. كما كنت أصاب بنزلات برد ويتطلب الأمر مني أخذ بضعة أيام إجازةٍ لكي أتعافى منها (وهو ما أحببته في سري، لأنَّه في ذلك الوقت كان بمثابة العذر الشرعي الوحيد الذي مكَّنَنِي من إراحةِ نفسي).

ما لم أدركه في ذلك الحين هو أنَّه من المفترض أن تُستخدم العادات باعتدال، لا أن يُسَاءَ استخدامها مثل محركٍ يعمل فوق حدود طاقته لفترة طويلة جداً.

يمكنك أن تعلم كيف يؤدي النشاط المستمر بدون توقف إلى نتائج عكسيَّة عندما تقود السيارة وترفض التوقف للتزود بالوقود. إليكَ فيما يلي بعض العادات التي ستجعلك تعمل بأعلى كفاءة.

1. أخرِج نفسك من مربع الاحتراق:

مربع الاحتراق

رسم بيانيٌّ واحدٌ من كتابٍ لـِ نيل باسريشا بعنوان "معادلة السعادة - The Happiness Equation" قد شفاني من محنتي تلك. فقد أوضحَ أنَّهُ يمكننا العملُ ضمن أربع حالات أساسية تتضمن مزيجاً من التفكير العالي / المنخفض، والتنفيذ العالي / المنخفض.

والوضع الأكثر روعة وفظاعة في آنٍ معاً هو "مربع الاحتراق - Burn Box"، والذي يُميِّزُه التفكير والتنفيذ العالي (المربع العلوي الأيمن). وهي الحالة الأكثر قيمةً في مجتمعنا المُختل هذا، حيث يعتبر "فرط النشاط" كوسامِ شجاعة يعلَّقُ على الصدور، ويكون الكسل فيه خطيئةً قاتلة.

إنَّ من ينساقون وراء دعاية "ابذل مزيداً من الجهد"، سوف يُنهُونَ حياتهم بخيبةِ أملٍ شديدة لأنَّهم يكونون قد أهملوا أسرهم وأصدقائهم، ناهيك عن ذلك الصوت الداخلي القوي الذي يقول لهم إنَّهم لم يكونوا راغبين أبداً في تسلق السُّلم الوظيفي في شركاتهم. إنَّ مقال تيم كرايدر تحت عنوان "Lazy: A Manifesto" يصور بصورة رائعة، ذلك المرض الشائع. لدرجةِ أنَّني أشعر بالغيرة لأنَّني لم أسبقه إلى كتابته.

أولئك الذين يقضون الكثير من الوقت في مربع الاحتراق ينتهي بهم الأمر بشكل متوقع في الوقوع ضحيةً للشُّعور بالإنهاك. فوصولاً إلى الوقت الذي رأيت فيه ذلك المخطط، كنت أحرق نفسي مرة واحدة في كل رُبعٍ من السَّنة، لأعود من جديد وأنا مسلَّحٌ بكامل طاقاتي، وذلك حالما أتمكن من الوقوف على قدميَّ مجدداً.

لقد أظهر لي نيل كيف يقوم أنجح الأشخاص بالانتقال بسهولة بين المربعات. أنا الآن ضمن (مربع التنفيذ - Do Box) ذلك عبر قياميَ بنزهة فرديَّةٍ لمدة ثلاثة أيام في الغابة. وأمضي وقتي في (مربع أوقات الفراغ - Space Box) عبر التسجيل لمدة أسبوع في أحد المنتجعات، مع عدم وجود أيَّة أجندة مسبقة باستثناء قضاء وقتٍ ممتع ومطالعة أمهات الكتب.

كيف تعرف متى يحين وقت تركك للمربع الذي أنت فيه؟ أصغِ لما يخبرك به عقلك وجسدك، ومع الممارسة تصبح العلامات أكثر وضوحاً.

إقرأ أيضاً: علامات تدل على الإصابة بمتلازمة الاحتراق النفسي المهني

2. خذ كثيراً من الإجازات:

لا يسعكَ ألَّا تأخذ إجازاتٍ طويلة، سيما تلك التي تأتي عند خروجك من مربع الاحتراق. ذلك سيساعدك على شحذ أكثر أسلحتك قيمة: عقلك وروحك. والعلم يدعم قولي هذا.

إنَّ امتلاكك لأوقات الفراغ هو دليل عافيةٍ ورضىً عن الحياة؛ بما في ذلك صحتك واستمتاعك بالعمل والإبداع فيه وصولاً للرضى عن حياتك الزوجية.

تشير الدراسات إلى أنَّ من يأخذون إجازاتٍ أكثر يحصلون على علاواتٍ وترقيات وظيفيَّةٍ أكثر.

هل أنت ممن يحصلون على إجازة لمدة أسبوعين على مدار العام؟ إذاً طالب بالحصول على أربعة أو ستة أو ثمانية أسابيع! طالب بذلك! فأنت لا تحصل في هذه الحياة إلا على ما تمتلك ما يكفي من الشجاعةَ للمطالبة به.

دعونا نحطم الأسطورة القائلة بأنَّ الإجازات تضر بالإنتاجية، فالعكس هو الصحيح. إذ يوجد في أوروبا تسعة من أصل عشرة دول هي أكثر الدول إنتاجية، حيث أنَّ الحد الأدنى للاجازات فيها هو أربعة أسابيع مدفوعة الأجر. كما أنَّه في بعض الأماكن، ستة أو ثمانية أو 12 أسبوع من الإجازة ليس بالأمرِ الغيرِ مألوف. والولايات المتحدة لديها أقل عدد من الإجازات مدفوعة الأجر من هذه البلدان العشرة، وتحتل المرتبة السادسة في الإنتاجية.

لا تستطيع تحمل تكاليف الإجازة؟ وفر 50 دولاراً فقط كل أسبوع (أو ما يعادلها) وسيكون لديك 2600 دولار في نهاية العام. يمكن لذلك المبلغ لوحده أن يوفر لك إجازةً محترمة.

لا أعذار: فقط قرر أنَّك ستستثمر ذلك الوقت الثمين. فأنت تستحق ذلك.

3. خذ فترات استراحةٍ متكررة للوصول لقمة أدائك:

ما هو احتمال أن تتعثر أثناء عملك على إحدى المهام؟ أنا عن نفسي يحصل معيَ ذلك يومياً. وعندما يحدث لك ذلك: توقف! توقف عن القيام بتلك المهمة. فإن أنت حاولت بشدة أن تتغلب على تلك العقبة، فستزيد من إحباطك وتقضيَ على حماسك تجاه تلك المَهَمَّة.

عندما تواجه ذلك النَّوع من "التَّعثر"، فإنَّ قشرة الفص الجبهي لديك سوف تعاني من الإجهاد المفرط. وهي الجزء المسؤول في دماغك عن التركيز والتفكير المنطقي وقوة الإرادة. ونحن إذ قلنا "توقف عن تلك المَهَمَّة"، لا نعني بقولنا هذا أن تنتقل من مهمة شاقة إلى مهمةٍ شاقة أخرى. بل نقصد بقولنا هذا عدة خياراتٍ مستحبة، نذكر لك منها:

  • تمشَّ قليلاً: كان بيتهوفن والكثير من أقرانه العباقرة يفضلون هذا الخَيار. وأنا أيضاً أُفضِّل ذلك. حتى وإن قمت بجولةٍ لمدةِ خمس دقائق حول مكتبك، فسوف يوفر لك ذلك انتعاشَةً كبيرة.
  • اعزف بضع مقطوعاتٍ موسيقيَّة باستخامٍ إحدى الآلات: لقد كان العزف على الكمان هو أسلوب أينشتاين المفضل لأخذ قسطٍ من الراحة.
  • غيِّر المحيط الذي تتواجد فيه: إنَّ المشاهد الجديدة تُحَفِّزُ الحلول الإبداعية.
  • خذ قيلولة: عن تجربة؛ يمكنك أن تشرب كوباً من القهوة قبل أن تغفوَ لمدة 15 دقيقة. وسترَ عندها كيف ستستيقظُ وأنت في كامل تركيزك.
  • مارس التأمل، أو اسرح بمخيلتك أو استمع لأغنيتك المفضلة.

وأزيدك من الشعر بيتاً؛ إنَّ فترات الراحة تجعلك تحرك جسمك، وهو ما من شأنه أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسُّكري والاكتئاب والسمنة. لذا حرِّك نفسكَ قليلاً.

الأساليب المفضلة عندي في أتمتة الاستراحات:

  • تقنية البومودورو: لقد اشتهرت هذه المنهجية في إدارة الوقت على مدار الأعوام العشرة الماضية لسبب وجيه؛ فهي تحافظ على تجدد طاقتك. كيف تعمل؟ اضبط مؤقتاً لمدة 25 دقيقة، واعمل على مَهمَّة واحدة من دون أن يلهيك عنها أي شيء، ثم انهض واسترح لمدة خمس دقائق. وعد وكرر تلك العمليَّة.
  • طريقة (60/10): هذه الطريقة مأخوذة من كتاب روبن شارما الذي يتحدث عن عيش حياة استثنائية: "نادي السَّاعة الخامسة صباحاً - The 5 AM Club". تشتمل تلك الطريقة على المداورة بين 60 دقيقة عمل و10 دقائق من الراحة. جرب هذه الطريقة إن وجدت أنَّ جلسات البومودورو تقاطع دفق أفكارك بشكلٍ متكرر.

2. 2. 5. خامساً: العادات المضادة للعادات؛ (اللاجدولة - The Unschedule):

"هؤلاء الذين يعملون كثيراً، لا يعملون بجد" -هنري ديفيد ثورو.

ماذا لو قلت لك أنَّك على مدار الأربعين عاماً القادمة، سوف تعمل في مشاريع صعبة، من دون أن ترى عائلتك أو أصدقائك كثيراً، أو أن تستمتع بأي نشاط بدني، ولا أن تحظَ بوقت تستريحُ فيه؟ هل ستكون متحمساً لحياةٍ تشبه هذه الحياة؟ (أنا عن نفسي أُفَضِّلُ الموتَ على ذلك!).

بالنِّسبة للأشخاص العاقلين، فإنَّ الإجابة هي لا، لكن هؤلاء "العاقلين" أنفسهم يقومون بشيء غير عاقل عبر ملء جداول أعمالهم عن آخرها بتلك المهام الكئيبة الصعبة، من دون أن يوفروا لأنفسهم وقتاً للتَّرويح عن أنفسهم. هم يفعلون ما سبق بحذافيره، من دون أن يدركوا ذلك حتَّى!

لقد وجد الباحث نيل فيور، في بحثه حول "ما الذي يُسهم في خلق إنتاجية غير مسبوقة"، أنَّ أفضل طريقة للتغلب على المماطلة هي قلب جدولك الزمني رأساً على عقب، وذلك عن طريق جدولة مهامك الترفيهية أولاً: مثل ممارسة التَّمارين الرياضية، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، واللهو، والتوقف عن العمل. نعم صدقني، إنَّ ذلك يعمل! فأنا لا أُفَوِّتُ على نفسي موعد السَّباحة عند الظهيرة.

وعبرَ التَّركيز على خلق مساحة لتلك "اللاجدولة"، ستسري قوة فعالة: إذ سوف تضمن لنفسك أنَّ الحياة لن تكون عبئاً يثقل كاهلك، وستطلق العنان لحماسٍ جديدٍ تجاه عملك. بالإضافة إلى أنَّك من خلال معرفة كم عليكَ أن تخصص من وقتٍ لشركائك الآخرين ضمن جدولك اليومي، فإنَّك ستدرك القيمة الفعلية لكل جزء من العمل، وسيصبح كل جزء منه أكثر إنتاجية.

2. 2. 6. سادساً: لا تنسَ أن "تُنَحِّيَ عاداتكَ جانباً":

على مدار الأسابيع السِّتة الماضية، كنت ممن يستيقظون باكراً ويذهبون إلى صالة الألعاب الرياضية ويتناولون طعاماً صحيَّاً ويلتزمون بجدول أعمالهم. إذ يحقُّ لك أن تكون راضياً عن نفسك.

لكن ومع هذا، يتسلل إلى نفسك شكٌّ بأنَّك قد وقعت ضحيَّةً لحلقة زمنية، شيءٌ يشبه المرور عبرَ ثقبٍ أسودٍ هائمٍ يعبرُ نظامك الشمسي، ويمتص منك كلَّ حافزٍ تملكه. وتشعر وكأنَّ كل ساعة استثمرتها، قد انُتزعت من حياتك انتزاعاً.

إذا ما وصلت لهذه المرحلة، فعندها يكونُ الوقت قد حان لكي تفاجئ نفسك: لقد حان الوقت لكي تتخلى -مؤقتاً- عن تلك العادات! يقوم لاعبو كمال الأجسام بذلك مع المكملات الغذائية؛ وذلك لأنَّ الكثير من "الأشياء الجيدة" سيؤدي إلى ما يسمى "بالغضب السيتيروئيدي" وهو ثورة الغضب الناتج عن استخدام الستيروئيدات.

هذا لا يعني بالضرورة أن تذهب في عطلة. إذ لست بحاجةٍ لأن تتوقفَ عن العمل؛ بل كل ما يعنيه هذا أنَّها قد تكون فرصة جيدة لوضع "قوائم مهامك" جانباً لفترة أسبوع مثلاً.

فبدلاً من التخطيط لأسابيعك والتمسك بنظام محدد، اترك قلبك يوجه نشاطك لفترة من الوقت. لا تشعر برغبةٍ في التمرين اليوم؟ وترغب في أن تجرب هذا المقهى الجديد الذي مررت بقربه مئة مليون مرة؟ إذاً ادخل إلى هناك وجرب أصناف القهوة فيه.

نحن لسنا بروبوتاتٍ ولا حواسيب؛ بل نحنُ بشر. والبشر يحتاجون إلى تنوع ومدخلات جديدة حتى يزدهروا.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لبلوغ الرضا عن الذات

2. 2. 7. سابعاً: اليوم الذي تتخلص فيه من "قطعة الجبن العفنة":

إحدى الحلقات المفضلة لدي من مسلسل "الجناح الغربي - The West Wing"، هو عندما تتذمر شخصيات المسلسل من يوم سنوي يُجبر فيه موظفو البيت الأبيض على عقد اجتماعات مع المجموعات التي لا يُخصص لها في العادة وقتٌ من أوقات العام.

يبدو أنَّ هذا التَّقليد قد بدأ في الحياة الواقعية مع الرئيس أندرو جاكسون. إذ من أجل أن يتخلص من قطعةٍ من جبن ذات رائحة كريهة يبلغ وزنها 2 طن، والتي أهداها أحد المزارعين المزعجين -كنوعٍ من المقالب- إلى البيت الأبيض، قام بفتح أبواب البيض الأبيض أمام العامَّة واحداً تلوَ الآخر، وطلب منهم أن يتناولوا منها، فقضوا عليها خلال بضعة ساعات.

وأنت أيضاً يمكنك إزالة "الجبن العفن" من حياتك عبرَ تخصيص يوم أو أكثر (أوصي بيوم واحد في الشهر) لإيلاء الاهتمام للمصالح والأنشطة التي لا تستدعي انتباهك في العادة. سمِّه "يوم الجبن الكبير".

لربما كنت تنوي إصلاح باب الشرفة منذ ستة أشهر. أو ربما تريد القيام بصيانةٍ لحاسوبك.

لقد تزوجتُ منذ مدة وما زلتُ لم أشارك صورة زفاف واحدة مع العائلة والأصدقاء، لذا يمكنك أن تتخيل ما قد أفعله في "يوم الجبن الكبير" التالي.

حقاً إنَّه لمن المريح أن تولي اهتماماً للأمور التي كانت تقبع على قلبكَ وعقلك منذ مدة.

2. 2. 8. ثامناً: عادات التَّفكر:

"يقول أفلاطون: "إنَّ الحياة غير المدروسة لا تستحق العيش". لكن ماذا لو تحولت الحياة المدروسة إلى حياةٍ رثَّة؟" -كورت فونيجت.

  • "لا أستطيع أن أصدق أن شهر أبريل قد انتهى، أَفَلَمْ أقعْ لتويَ ضحيَّةً لكذبة أبريل؟".
  • "أنا أعمل مثل ثور لكنني لا أزال في حياتي المهنية، مثل ما كنت عليه قبل عام مضى".
  • "هل حان وقت تجديد "رخصة القيادة" بتلك السرعة؟!؟"

نحن نردد مثل هذه الديباجة عندما نتجاهل التَّفكُّر فيما نقوم به. فنحن لا نشعر بأنَّنا نعيش حياةً كاملة عندما نندفع باستمرار من مهمة إلى أخرى. كما لو أنَّنا فأر هامستر يدورُ داخل عجلة!

وهذا ما يجعلني أضع التفكُّر على رأس أولويات عادات التخطيط الخاصة بي. لذا إليك هنا بعض عادات التفكُّر الإضافية الفعالة للغاية.

1. تدوين اليوميات:

إنَّ الكتابة هي أكثر الممارسات عطاءً في رأيي. إذ يمكن لخمس دقائق من الكتابة أن تولد عوالم من التقدم في حياتك. ففي عملية نقل الأفكار من أدمغتنا إلى الورق، نحن نُجبِرُ أنفسنا على تقييم الأنشطة واللحظات التي تُكَوِّنُ حياتنا. فالانتقال الأعمى من لحظة إلى أخرى دون توقف، ستجعلك تستيقظ ذات يوم في دار العجزة لتجد عائلتك تبكي عند سريرك، وأنت تتساءل: لمَ لم أتوقف للتَّفكر بين الحين والآخر؟

2. كتابة الخواطر الصباحية:

قرأت في عام 2015، رائعة جوليا كاميرون "The Artist’s Way"، وتعلمت كيف استفاد الملايين من ممارستها في كتابة الخواطر في أوقات الصباح.

لذا أمضيت بعد ذلك عامين متتالين، لخمسة أيامٍ في الأسبوع، وأنا أكتب لمدة 30 دقيقة كل صباح، ثلاث صفحات باستخدام القلم والورقة. كنت قد نشرتُ مقالاً يتحدث عن تجربتي تلك وفوائدها، لكن إليكم موجز ذلك: إنَّ الكتابة كُلَّ صباحٍ تُزيلُ الأفكار السيئة من عقلك، وتَزيدُ من إبداعك. ممَّا يساعدك على التصدي للتحديات وإيجاد الحلول لها. كما أنَّ لذلك فوائد مؤكدة على الحالة المزاجيَّة ونظام المناعة لديك، بل وحسابك المصرفي أيضاً!.

3. تدوين اليوميات في 5 دقائق فقط، وما شابه ذلك من تقنيات:

إذا لم تتمكن من تخصيص 30 دقيقة يومياً للكتابة، فيمكنك وبكل تأكيد، أن تُخصص خمسة دقائق. يستخدم تيم فيريس تقنية (تدوين اليوميات في 5 دقائق)، والتي تتطلب منك الإجابة الفورية على خمسة أسئلةٍ بسيطة:

  • في الصباح:
    1. ما الذي أنا ممتن له؟
    2. ما الذي يجعل يومي عظيماً؟
    3. حقائق عن الذات: أنا... (إملأ الفراغ بما تريد: مغناطيس نقود، شخصيَّةٌ جذابة، وهلمَّ جرا).
  • في المساء:
    1. اذكر ثلاثة أمورٍ مذهلة حدثت معك اليوم.
    2. اذكر ثلاثة أمورٍ من شأنها أن تجعل يومك أفضل.

من برأيك كان يقوم بمثل تلك الممارسة؟ لقد أصبت: مئات من أكثر الرموز التاريخية شهرة، بما في ذلك ماركوس أوريليوس وماري كوري وتوماس إديسون.

إقرأ أيضاً: الدليل المبسّط لاحتراف منصة التدوين المُصَغّر تويتر Twitter

2. 2. 9. تاسعاً: عادات المال:

"مهما قيل في مدح الفقر، تبقى الحقيقة هي أنَّه لا يمكن للمرء أن يعيش حياة كاملة أو ناجحة، ما لم يكن غنياً" -والاس واتلس.

هل فعلاً قال والاس واتلس ذلك؟؟!!

لقد كانت الكاتبة جين سينسيرو هي من لفتت انتباهي إلى هذه الدُّرة. ومثلي تماماً؛ لقد بَذَلَتْ قصارى جهدها لكي تقتنع بأنَّ هذه العبارة ليست مجرد هراء. إذ تبدو هذه المقولة وكأنَّها تعادي نظراءها من الأقوال التي تُمجِّدُ الفقر وتذمُّ الغنى، من أمثال: "المال لا يشتري السعادة" و"الأغنياء مقرفون".

لكن دعنا نُعمِلُ مِبضَعَ النَّقد في هذا الاقتباس، لنستأصلَ "شحومَ" معتقداتنا السابقة، ونتعامل فقط مع "لحمِ" هذا البيان.

هل يمكنك أن تكون بمنتهى السَّعادة والرضا في حياتك من دون أن تمتلك مليماً واحداً؟ بالتأكيد نعم. إذ هناك الكثير من الذين يمارسون اليوغا على ضفة نهر الجانج، ممن بإمكانهم أن يبرهنوا لك على أنَّ ذلك ممكن. هل يعيشون بهدف أن يصلوا لأعلى إمكاناتهم بحيث يمكنهم مشاركة ذلك مع العالم؟ في رأيي، بالتأكيد لا. أما بالنِّسبة لما يقومون به فهو أكثرُ من كافٍ من وجهة نظرهم.

ومع ذلك، إن كنت تقرأ هذه المقالة على موقع النَّجاح، فأراهِنُ على أنَّك تسعى وراءَ حياة تعيشها لأبعد الحدود. وأنا لا أتحدث هنا عن شراء سيارة فارهة أو عرض صور إجازاتك على موقع انستغرام، فإذا كانت هذه هي أهدافك، أوصيك أن تنضج يا صديقي!

كل ما أجادل به هنا هو أنَّه من المنصف القولُ بأنَّ الشخصَ القادرَ على تلبية احتياجاته المالية، سيكون قادراً على تجنب القلق الذي يرافق عدم القدرة على تأمين قوتِ اليوم. وماذا بشأن من يعيش في وفرة تتعدى حدود تحقيق الأمان المالي؟ سيكون ذلك الشخص قادراً من حيث المبدأ على تقديم المزيد للعالم واستثمار المزيد من الوقت والمال في نموه العقلي والجسدي والروحي.

أنا لست خبيراً مالياً على الإطلاق، وقد بدأت العمل بشكل منهجي لتحقيق وفرةٍ في حياتي، لكن فيما يلي بعض العادات البسيطة التي يمكنك تطبيقها الآن والتي ستوفر لك إيراداتٍ ضخمة (بالمعنى المجازي والحرفي للكلمة).

1. اسحق ديونك باستخدام قاعدة "10-20-70":

تعتبر النُظم التنفيذية -والتي تُعرف باسم العادات- إلزامية إن كنت ترغب في تنمية أموالك. عند قرائتي لكتاب "أغنى رجل في بابل"، تعرفت على المعادلة البسيطة "10-20-70"، والتي ساعدتني على سداد كامل دفعات حدِّيَ الائتماني البالغ 12000 دولار خلال عامٍ واحد. إنَّه أمرٌ بسيط، لكنَّه يعمل بنجاعة.

ملاحظة جانبية: لن أوصي أبداً بتأسيس مشروع تجاري استناداً إلى قرضٍ ذي حدٍّ ائتماني. فقد كان ذلك أمراً مؤلماً بحق بالنسبة لي.

علامَ تدل صيغة "10-20-70"؟ حسناً إليكَ ذلك:

  • 70: عِش على 70% من دخلك الشهري.
  • 20: من كل دولار تكسبه، ادفع 20 سنتاً منه إلى دائنيك على الفور، لا تقدم أعذاراً لذلك. وإذا كنت تقوم بدفعات نصف شهرية، فقم بإعداد خطة تلقائية لتحويل تلك الأموال.
  • 10: إنَّ قيامك بنوعٍ من التَّقشف المالي + العمل بجدٍّ لسداد ديونك، ومن ثم عدم إحرازُ أيِّ تقدمٍ على الصَّعيد الشخصي: لا يعتبرُ أمراً مقبولاً بتاتاً. لذا يجب أن يذهب ما مقداره 10% من دخلك إلى مدخراتك الشخصية، بحيث تعتاد على توفير 10٪ كحدٍّ أدنى من كل دولار تكسبه، من أجل أن تحصل مستقبلاً على شيءٍ ملموسٍ مقابل ذلك.

2. ادفع لنفسك أولاً:

معلومة طريفة: غالباً ما تُنسب عبارة "ادفع لنفسك أولاً" إلى كتاب "الأب الغني، والأب الفقير" لـِ روبرت كيوساكي، ولكنَّه في الحقيقة يأتي من كتاب "أغنى رجل في بابل" للكاتب جورج صامويل كلاسون.

تعوَّد على أن تنظرَ لنفسك على أنَّكَ "أكثرَ الفواتير أهميَّةً". هل كل من فاتورة الهاتف والكهرباء وأقساط السيارة واشتراك الانترنت، تستحق الدفع هذا الأسبوع؟ لا بأس بذلكَ، طالما أنَّ 10٪ من دخلك يذهب لمدخراتك أولاً.

هل يبدو لك هذا تصرُّفٌ لا يَنِمُّ عن مسؤولية؟ إذ قد يقول قائلٌ: "أنا دائماً ما أدفعُ فواتيري في موعدها المحدد!".

حسناً، إنَّ تلك العقلية هي جزء من السَّبب الذي يجعل الغالبية العظمى منا يعيشون "من الراتب إلى الراتب". فإن كنت راغباً في تحضير طبقٍ من البيض المقلي، فلابدَّ أن تمتلك سلة بيضٍ قبلَ أن تقوم بذلك.

فقط من خلال الدفع لنفسك أولاً، يمكنك أن تمتلك مقداراً كبيراً من المال يُمكِّنك من أن تبدأ بالاستثمار في بعض الأصول؛ مثل الاستثمار بمشروعك الخاص، أو في أحد صناديق المؤشرات التي من شأنها أن تعودَ عليكَ بالثروة التي تحتاجها لكي تعيش الحياة التي تريدها.

لقد قمت بإعداد حسابي المصرفي لكي يقوم تلقائياً بتحويلِ مبلغٍ ثابت كُلَّ أسبوعين إلى حسابي الاستثماري، حتَّى وإن تفاوتت قيمة إيراداتي من شهرٍ لآخر. فأنا أنظر لفكرة الدَّفع لنفسيَ أولاً كنوعٍ من النفقات، إلا أنَّ الفرق يكمُنُ في أنَّ تلك النَّفقة تفوق نظيراتها أهميَّةً.

3. تخصيص الأصول:

تعوَّد على أن تقومَ تلقائياً بتنويع استثماراتك الخاصة. يعدُّ تخصيص الأصول طريقةً بارعة لتوزيع استثماراتك على قطاعاتٍ مختلفة. طريقتي في تخصيص الأصول بسيطة، وهي مستقاةٌ من راي داليو، مؤسس أحد أكبر صناديق التَّحوط. والذي كما أذكر، قد أُوكِلَت إليه مهمة إدارة 160 مليار دولار من أموال الآخرين. إليكم الطريقة التي يقترحها راي على الإنسان العادي من أجل تخصيص الأصول:

  • 30 ٪ للأسهم.
  • 15 ٪ للسندات المتوسطة الأجل من 7-10 سنة.
  • 40 ٪ للسندات الطويلة الأجل من 20-25 سنة.
  • 5 ٪ لكل من الذهب والسِّلعِ على اختلافها.

غايةٌ في البساطة. يمكنك أن تتطلع على المزيد حول هذه الاستراتيجية من توني روبنز "المال اتقان اللعبة : 7 خطوات بسيطة لتحقيق الحرية المالية". لكن إن كان من يحتل المركز 79 على قائمة أغنى أغنياء العالم قد أيَّدها، إذاً سوف ينجح ذلك.

4. مراجعة نفقاتك الشهرية ووضع ميزانية لها:

هذه العادة أقل أهمية من الدفع لنفسك أولاً وأتمتة استثماراتك وفقاً لعملية التخصيص التي قد اخترتها، لكنَّني أجد أنَّها تفيد في فهم طرق الإنفاق الخاصة بي، ومعرفة الأماكن التي بإمكاني أن أجري بعض التعديلات عليها.

يترجم ذلك على أرض الواقع عبرَ مراجعة جدول بيانات الشهر الماضي في اليوم الأول من كل شهر لكي أسأل نفسي: أين أسرفت في الإنفاق؟ أين لم أنفق كما يجب؟ هل هذه المشكلة متأصِّلة، أم لمرة واحدة؟ أين يمكنني أن أُخَفِّض من قيمة إنفاقي؟

قيامك بذلك سيجبرك على تسليط الضوء على عاداتك المالية غير الواعية، من أجل إجراء عمليَّةِ تقييمٍ دقيقةٍ لها.

فمثلاً: لقد وجدتُ في العام الماضي أنَّ إنفاقي الشهري على شرب القهوة قد ازداد ليبلغَ 200 دولار شهرياً، وهو أمرٌ كان غبياً بالنسبة لراتبي آنذاك. لذا قررت عند معرفتي لذلك أن أحضر القهوة معي من المنزل.

كما كانت مراقبة التدفق النقدي خاصتي هي ما أقنع زوجتي بفكرة أنَّنا: لا ننفق الكثير على سيارات الأجرة، لذا لا داعي لأن نستقل الحافلة عند عودتنا إلى المنزل.

أنت لست بارعاً باستخدام جداول البيانات؟ لا عليك، فهناك موقع "Mint.com". والذي سيرتبط بحساباتك المصرفية ويخبرك عن تفاصيل نفقاتك.

3. الجزء الثالث: كيف ترسِّخ تلك العادات:

"إنَّ المعرفة ليست بقوة. بل هي قوة محتملة. والتَّنفيذ سوف يتفوق على المعرفة في أيِّ وقت" -توني روبنز.

لقد أخبرتك في الجزء الثاني عن أقوى العادات التي أعرفها لبدء الحياة التي تريدها. لكنَّك لن تكون قادراً بأيِّ حالٍ من الأحوال على أن تتبنى تلك العادات في ليلةٍ وضحاها.

فقد كنت أتعلم وأمارس وأختبر مئات العادات والتقنيات بطريقة منهجية ومتعمدة لمدة 15 عاماً. ورحلتك أنتَ ستكون عبارةً عن آلاف الخطوات الصغيرة التي يتم تكرارها يومياً، وتحسينها باستمرار. فقد حادَ صاروخ أبولو الذي أوصل رواد الفضاء الأوائل إلى القمر عن مساره لـِ 97٪ من الوقت. إلا أنَّ التَّعديل المستمر والتَّقدم إلى الأمام هو ما أوصل الرُّواد لوجهتهم ذهاباً وإياباً.

ستشعر في البداية أن لا شيء يتغير، وهذا طبيعي. فدائماً ما تكون البدايات أصعب جزءٍ من العمل. والخطر الوحيد الذي يتهددك في هذه المرحلة هو الإحباط والتَّخلي عن الأمر برمَّته. تُعدُّ الرغبة في الاستسلام أمراً شائعاً. وهي نزعةٌ عليك أن تزيلها من تفكيرك إذا ما كنت تسعى وراء نتائجَ ملموسة. ولن تتأخر النتائج في الظهور إن أنت عقدتَ العزم وتماسكت، وأنا أضمن لك ذلك.

3. 1. كيف تبدأ؟

اختر عادةً واحدة فقط من هذه القائمة، والتزم بها لمدة 66 يوماً على التوالي، هذا هو متوسط المدة التي نستغرقها للتمسك بأيِّ عادةٍ بشكلٍ دائم. (يمكنك أن تسافر لتقضي عطلة نهاية الأسبوع إن كنت تريد ذلك. لقد اكتسَبْتُ كثيراً من عاداتي بهذه الطريقة. لكن عليك أن تقوم بتعديل جداولك الزمنية وفقاً لذلك).

فكر ملياً في بواعث رغبتك في التَّغيير. استخر قلبك، فإن كنت راغباً في أن تجلب المزيد من السَّكينة إلى حياتك، فاختر التَّأمل. أما إن كنت ترغب في تحسين صورتك الذاتية، فابحث عن مانترا مناسبة وقلها 100 مرَّة في اليوم. أو إن كنت لا تريد أن تشعر بالخمول عندما تستيقظ كل صباح، فقم بعشرين تمرين ضغطٍ حالَ مغادرتك السَّرير.

إنَّ التركيز الشديد هو أمر مطلوب. ومن المهم عدم إرغام نفسك على القيام بالكثير من العادات الجديدة دفعةً واحدة، خاصة إذا كانت عاداتٍ جذرية بالنسبة لك. إذ يمكن للقيام بالكثير من العادات دفعة واحدة أن يُهَدد تقدمك على جميع الجبهات.

يختلف معدل ترسيخ عادات جديدة باختلاف الخبرة وقوة الإرادة وأسباب الممارسة. لذا دعنا نضع جدولاً مبدئياً:

حاول ممارسة عادة جديدة كل شهر، وقم بمراكمة تلك العادات بعضها فوق بعض. وإذا ما وجدت أنَّ هذا يمثل تحدياً كبيراً بالنِّسبة لك، فتبنى عادةً جديدة كل شهرين. أو إن كنت تجد أن هذا الأمر غايةٌ في السُّهولة، فحاول بدء عادةٍ جديدة كُلَّ أسبوع.

أعدك أن تحبّ بعض العادات وتلتزم بها بسهولة. بينما ستشعرك عاداتٌ أخرى بالإنهاك من اليوم الأول لدرجةٍ تجعلك تتخلى عنهم بسهولة؛ لا بأس بذلك. فمثلاً: يكاد توني روبينز أن يُقسِمَ بما يدعوه "روتينه التمهيدي"، لكنَّني جربته لبضعة أشهر ولم أجد أي فائدة ترجى منه، فقمت عندئذٍ بإزالته من روتيني اليومي بشكلٍ كامل. لذا خذ ما يعمل، واترك الباقي.

كما قد تستخدم بعض العادات الأخرى لفترة ثم تشعر أنَّها لم تعد تناسبك. كنت لأشهرٍ مضت أتجول في حيِّي لمدة ساعة قبل شروق الشمس، وأتفكر، وأستمع إلى الكتب الصوتية. لقد أفادني ذلك بشكل جيد لفترة من الوقت حتى لم يعد الأمر كذلك. لذا استخدم بصيرتك.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لإحداث تغيير مذهل في حياتك بشكلٍ فوري

3. 2. النموذج الذي أتَّبعه للحصول على حياةٍ استثنائية:

أود أن أعرض لك نسخة واحدة تُظهِرُ طريقة جمع كل هذه المعلومات معاً، لكنَّني أشدد مرة أخرى على أنَّ كُلَّ شخص فريدٌ من نوعه. لعلَّكَ سترغب في اختبار وإعادة اختبار عدة عاداتٍ مختلفة، لتقوم بعدئذٍ في قولبتها ضمن قالبٍ يناسبك. إليك لمحة عن حياتي الآن، لم أكن بذلك القدر من السَّعادة قبل الآن:

  • 3-1 كانون الثاني (يناير): أقوم بمسحٍ لتقويمي الخاص من أجل العمل على خُطتي السَّنوية، وأحدد أهدافيَ للربع الأول من السَّنة (ارجع للفقرات السابقة).
  • 4 كانون الثاني (يناير): مسلحاً بالخطة التي وضعتها على نطاقٍ واسع، أقوم بالتَّخطيط للأسبوع الأول من العام.
  • في الصباح الباكر من كل يوم:
    • أستيقظ تلقائياً في السَّاعة 6 صباحاً (وهو الأمر الذي نجحت به يومياً لمدة خمس سنوات متتالية!).
    • لثلاثة أيام في الأسبوع، وعند الساعة 6:15، إما أن أقودَ الدراجة لمدة 15 دقيقة إلى الشاطئ، أو أقوم بالركض هناك. وعندما تشرق الشمس، أقوم برفع الأثقال. وفي العادة، أقوم بالسباحة قليلاً.
    • صحيح أنَّني لا أزال أستيقظ في السَّاعة 6 صباحاً في اليومين الأخيرين من الأسبوع، لكنَّني أتجه إلى باحة منزلي لأقوم بـِ 10-50 من تمارين الضغط والقرفصاء، أو أذهب بدلاً من ذلك في نزهة سريعة.
    • بعد التمرين، أتأمل لمدة 10-20 دقيقة. وفي نهاية جلسة التَّأمل تلك، أتقدم بالشكر إلى الله على كل ما أملك، وأتصور الأمور التي أريد إنجازها في يومي هذا وحياتي بشكلٍ عام.
    • بحلول هذا الوقت، يحين موعد القهوة. والتي أحتسيها وأنا أُدَوّنُ ثلاث أو أربع صفحات في كل ما يتبادر إلى ذهني، لكنني غالباً ما أتفكر وأقوم بالتَّخطيط لتجاوز التحديات. وأضع نجمة بجانب أيَّة أفكارٍ رائعة أو عناصر هامة.
    • في الآونة الأخيرة، وبمجرد ما أن أنتهيَ من كتابة يومياتي تلك، كنت أقرأ بضع فصولٍ من كتاب تيم فيريس "أدوات الجبابرة - Tools of Titans"، وأقوم بعدها بتدوين بضعة ملاحظاتٍ منه. وبحلول السَّاعة التاسعة صباحاً، أتناول وجبة إفطار صحية وأستمع إلى كتاب صوتي، لأكون بذلك قد كسبتُ يوميَ مقدماً. أي شيء أقوم به بعد ذلك سيكون غايةً في السَّلاسة.
  • في الأوقات المتأخرة من صباح كل يوم:
    • حان الآن وقت العمل. هذا يعني عادةً أن أعمل على مقال -مثل الذي تقرؤه الآن- لمدة ساعة أو ساعتين. وأنظرَ إلى برنامجي الأسبوعي -الذي وضعته الأحد مساءً- لأعلم ما عليَّ القيام به. لأكون بذلك قد قمت بالحدِّ مما يسمى "إرهاق القرار".
    • بناءً على ما أشعر به، سأبدأ مؤقتَ بومودورو (تحدثنا عنه في الفقرات السابقة)، والذي يجبرني على أخذ استراحة لمدة خمس دقائق كل 30 دقيقة. وهو الأمر الذي يبقيني نشطاً؛ فالجلوس لفترة طويلة هي عادةٌ أكثر ضرراً من التَّدخين.
    • فقط في حوالي الساعة 11 صباحاً. أسمحُ لنفسي بإلقاء نظرة خاطفة على بريدي الإلكتروني أو هاتفي. هذان الشيئان يعتبران قاتلان للتَّركيز، على الرَّغم من أهميتهما.
    • وفي الساعة 12:30 ظهراً، أتناولُ وجبةَ غداءٍ قصيرة وأعودَ إلى الاستماع إلى كتابي الصوتي، أو أشاهد مقطع فيديو ملهم على اليوتيوب، أو أنهي درساً أو درسين من دولينجو.
  • في ظهيرة كل يوم:
    • أقوم بالعمل على مشروعي الخاص: "So You Want to Write". فأختار مهمة أو أكثر من المهام ذات الأهمية العليا، وأركز على تلك المهمتين كُلٌّ على حدى. وأخفي هاتفي ولا أتحقق من بريدي الإلكتروني.
    • أتوقف عن العمل على تلك المهام في أيِّ وقتٍ بين 4-7 مساءً، بحسب مدى حماستي للعمل. وفي أكثر الأحيان، أقفز بعد ذلك في حوض السِّباحة لكي أشعر بالانتعاش.
  • مساءَ كُلِّ يوم:
    • بعد أن أنتهي من عملي، أكون في العادة شديد الحرص على عدم العمل لما تبقى من الليلة. هناك خطر كامن في أن تكون في "وضع العمل" طوال الوقت. ومن تجربتي السَّابقة، يمكن لعدم السَّماح لنفسك بالخروج بشكلٍ كاملٍ من وضع العمل، أن يقتل فيك وبسرعة، محبتك لما تقوم به، ويجعلك إنساناً مملاً وعدوانياً بشكلٍ لا يُصَدَّق.
  • في العاشرة مساءً:
    • من يوم الأحد إلى ليلة الخميس، ينطلق صوت المنبه في السَّاعة 10 مساءً. لأترك عندئذٍ كُلَّ ما أقوم به بدون استثناء، وأتجه صوب السَّرير. إنَّ أسهل طريقة للاستيقاظ بانتظام هي الذهاب إلى الفراش في ذات الوقت. فقد تبيَّنَ أنَّ النَّوم في الموعد المعتاد هو أمرٌ بالغ الأهمية للحفاظ على مزاج جيد. إذ لا شيء يجعلك مكتئباً بشكل أسرع من أنماط النَّوم غير المنتظمة.
    • أقوم بعد ذلك بالتَّفكر في يومي هذا، ثم أقرأ كتاباً رائعاً لمدة تتراوح بين 15 و30 دقيقة إلى أن أغفو.
  • عطلات نهاية الأسبوع:
    • بالنِّسبة لي أنا وزوجتي، فإنَّ عطلة نهاية الأسبوع مخصصة للمغامرة. لذا أغطُّ في النوم إلى الساعة 7 أو 8 صباحاً. ونادراً ما أعمل. قد نركب السيارة أنا وزوجتي ونخرج للريف أو إلى الشاطئ، ونتناول الغداء مع الأصدقاء. وقد أقضي فقط ستَّ ساعات في لعبِ ألعاب الكمبيوتر.
    • اعتدت أن أعمل في عطلة نهاية الأسبوع، لكنَّني وجدت أنَّ جودة مخرجاتي قد قلَّت، وازداد قلقي في المقابل. إنَّ الحياة قصيرة؛ لذا لا تصدق الأسطورة التي يُرَوِّج لها روَّاد الأعمال بأنَّه عليك العمل في عطلات نهاية الأسبوع. فأنت تعمل بجدٍّ لكي تعيش، لا العكس.
  • ليلة الأحد، حوالي الساعة 8 مساءً:
    • أحب أن أستبق أسبوعي القادم، لذا أراجع قائمة مهام الأسبوع الماضي وأدوِّن: ما الذي جرى بشكل جيد، وما الذي من الممكن أن يتحسن، وكيف أشعر تجاه الأسبوع الماضي؟
    • ثم أقوم بإنشاء قائمة مهامٍ للأسبوع المقبل، وأكون عندئذٍ قادراً على البدء بالعمل بسرعة في صباح يوم الاثنين. وأنام بعمق لأنَّني أعلم أنَّني قد أنجزت العمل على أولوياتي وتحدياتي والتزاماتي.
  • الأول من أبريل ويوليو وأكتوبر:
    • أمضي كل يوم من هذه الأيام في إجراء مراجعة سنوية مصغرة، حيث ألقي نظرةً على مدى تقدمي في الأشهر الثلاثة الماضية، وأحدد لنفسيَ أهدافاً للأشهر الثلاثة القادمة. وغالباً ما أمضي الكثير من الوقت الجيد عند قياميَ بهذه العملية.
  • مرة في الشهر:
    • يكون ذلك عادةً في يومٍ سئمتُ فيه من الروتين، إذ أقوم عندها بإلقاء كل عاداتي من النافذة، وأكون عفوياً. قد يعني ذلك أحياناً مشاهدة التلفاز طوال اليوم، وقد يكون في بعض الأحيانِ "يوم قطعة الجبن الكبير" (ارجع لفقرات السابقة)، أو قد أخرج أحياناً من المنزل واستكشف المدينة من دون وجهة محددة أقصدها. قد تواجهك أيام عصيبة، أليس كذلك؟ لا تشعر بالذنب عندما تخصص واحداً منها من أجل صحتك النفسية.
    • لمدة أسبوع تقريباً من كل شهر، أعمل بما يقارب 50٪ من أقصى جهدي. لا أعرف السَّبب، ولكن مهما أحاول، فلا أستطيع أن أحافظ على أقصى حدود إنتاجيتي. لقد تعايشت مع هذه الفكرة، مذكِّراً نفسي بأنَّني لست روبوتاً، وأنَّ التَّناغم موجود في كل مكان في الطبيعة. وعندما توقفت عن القلق بسبب ذلك، أصبحت حياتي أسهل.

شاهد بالفديو: 5 عادات يومية للأشخاص النَّاجحين

4. مسكُ الختام:

"نحن وسيلة لكي يتعرف بها الكون على نفسه" -كارل ساجان.

سوف تهزمك الروبوتات دائماً في العادات. إذ هم لا يشعرون بالتَّعب أو الملل، ولا يحتاجون إلى دافعٍ أو قوة إرادةٍ حتَّى يتصرفوا. أنت لست بروبوت، وهذه هي أعظم قوة لديك. إذ يمتلك البشر -على حدِّ علمنا- قدرةً لا مثيل لها على المغامرة والتصرف بشجاعة، والفضول والفرح والحب والفكاهة والرقة والفن والطَّبخ وإرضاء الآخرين، وتحسين الذات والتَّوجه الذاتي والأدب وممارسة الرياضات الخطرة والاستغراق في أحلام اليقظة وغيرها الكثير. وما إلى ذلك.

دع تلك الميزة التنافسية الهائلة لنوعنا هي التي تحدد أولوياتك. سَخِّر قوتك الدافعة في الرغبة بأن تختبر أقصى حياة يمكنك تخيلها. فإذا كانت هناك قوة أعلى تختبر الكون من خلالنا، فهي تريد منَّا حقاً أن نقضي وقتاً رائعاً في أجسادنا تلك.

العادات ليست عبارةً عن مستحاثاتٍ لا حياة فيها، والتي تنشأ عن عالَمٍ يسوده ضيقُ الصَّدر وقلة التَّركيز والسَّعيِ نحو تحقيق الثراء السريع والتَّحايل على هذه الحياة. وكما يُكَوِّنُ الطعام الذي نأكله أجسادنا بكل ما للكلمة من معنى، فإنَّ ما نقوم به كل يوم وفي كل لحظة، يشكِّل ويَصُوغُ حياتنا.

اختر عاداتٍ سلبية، وسوف تقودك إلى أماكن مظلمة. اتَّبع مساراً إيجابياً وسوف تبدأ المشيَ بين مرتفعات الفرح والوفرة والإنجاز. أنا لا أبالغ في قوليَ هذا، فهو نابعٌ من تجربة شخصيَّة. ومع هذا، لا تنسَ أبداً القاعدة الرئيسية للعادات: "يجب على العادات أن تخدمك، لا العكس".

تَبَنَّ العادات، ولكن لا تراكمها لتصنع منها جداراً يحولُ بينك وبين ضوء العفوية والفضول. وفِّر حيزاً في حياتك لبعض أوقات الفراغ، واترك بعض الحقول الفارغة في تقويمك الخاص.

عندما تتعامل مع العادات، عليك أن تختار الطريق الأنسب لها: استخدمها للعمل بكفاءة، وتحقيق نموك وأهدافك. لكن اعرف متى تضعها جانباً للاستمتاع بتلك التجارب الإنسانية التي لا صلة لها بالنجاح وتحقيق الإنجازات.

وفي الختام...

لقد قدمت لك أفضل ما أملك من أفضل الأدوات والتكتيكات المكتسبة عبر 15 عاماً من دراسة أعظم النَّاجحين، وتطبيق حكمتهم وتجربة مئات المنهجيات الأخرى. لقد أظهرت لك ما هو ممكن، وقمت بتجميع مجموعة من الأدواتٍ وشاركتك نموذجاً يناسبني.

والآن يأتي وقت التنفيذ. ابدأ بترتيب سريرك (حياتك).

المصدر




مقالات مرتبطة