أثناء قراءتي لإحدى المقالات التي تتحدث عن حل المشاكل، تحدث أحدهم في تعليقٍ له عن رغبته في أن يستيقظ باكراً. لذا جاءني الإلهام لكتابة مقال يتحدث عن كيفية الاستيقاظ باكراً. إذ خلال الأشهر الأربعة الماضية، كنت أستيقظ دائماً في وقت مبكر، في الخامسة صباحاً على وجه الدِّقة. وبناءً عليه، سأقدم لك في هذه المقالة نصائح وجدت أنَّها مفيدة لمساعدتك على أن تصبح ممن يستيقظون باكراً.
في الساعة 4:45 صباحاً، تصدحُ في غرفة نومنا جوقة كاملة من التنبيهات: يبدأها منبه زوجي في الساعة 4:45، يليها منبهي أنا في الساعة 5:00، ليعاود منبه زوجي دقاته مجدداً في تمام الساعة 5:00 (بالتناغم مع منبهي أنا). واعتماداً على مدة الغفوة في ذلك اليوم؛ فربما يكون لدينا تنبيه نهائي في الساعة 5:15 صباحاً. كما أنَّ مطحنة القهوة أيضاً قد تمت برمجتها لكي تعمل في الساعة 5 صباحاً. لتنتقل معها رائحة وصوت حبات البن على طوال الطريق من المطبخ الموجود في الطابق السفلي، إلى غرفة نومنا في الطابق العلوي.
قبل عام مضى، كان هذا ليكون ازعاجاً بشعاً. قبل عام مضى، كان هذا عبارة عن ضجيج مزعج. قبل عام مضى، كنت لأتجاهلَ أي محاولة للاستيقاظ باكراً بسعادة، وأعود وألف نفسي بملاءاتِ السرير، وأدفن نفسي فيها براحة أكبر، مع علمي بأنَّه باستطاعتي أن أنام لبضع ساعات إضافية. لم أكن ممن يستيقظون صباحاً، بغضِّ النظر عن المرات التي حاولت فيها أن أكون واحدةً منهم.
لكن اليوم قد تغير كل هذا.
أنا أشعر بالتواضع والفخر لأنَّني أتعافى من كوني شخص يسهر لطلوع الشمس، ولأنَّني أشعر بكثير من البهجة في الاستيقاظ باكراً قبل شروقها. مما لاشك فيه أنَّ هناك بَرَكةٌ تأتي من الاستيقاظ في الظلام، مباشرة قبل طلوع الشمس. هناك فيض من الصَّفاء والإبداع ينتظرني في الخامسة صباحاً. إنَّ روتين الاستيقاظ بصحة كاملة -كما أحب أن أسميها- قد عادَ عليَّ بحيوية وامتنانٍ هائلين كل يوم.
كيف تستيقظ باكراً (الأسرار الثلاثة):
إليكَ فيما يلي ثلاثة طرق لكي تحول نفسك إلى شخص صباحي، يستيقظ بارتياح، ويحافظ على تلك العادة. والسِّرُّ في ذلك: من أجل أن تستيقظ باكراً، عليكَ أن تبدأ ذلك في الليلة السابقة.
1. حدّد أولويات مهمامِك
لكي تتحول إلى شخصٍ يستيقظ قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات، يعني أنَّه سيتعين عليك أن تحدد أولويات المهام في المساء. قد لا تتمكن من إنجاز كل شيء اعتدت عليه؛ بَيدَ أنَّ مفتاح الاستيقاظ باكراً هو أن تنامَ باكراً. لذا أعط الأولوية للمهام التي لا نقاشَ فيها، قم بعمل قائمة بالمهام الروتينية المسائية، والأعمال الواجب القيام بها، وتخلَّ عمَّن سواها.
قد يعني ذلك أن تُضَحِّيَ ببرنامجٍ تلفزيونيٍّ مفضل لديك. فإذا ما وجدت ذلك صعباً، حاول الجمع بين المهام، مثل طيِّ الملابس أثناء الاستمتاع بالبرنامج التلفزيوني.
2. جهز نفسك للذهاب للنوم
حدد موعداً لنفسك تذهب فيه للنوم، إذا كان وقت نومك هو 10 مساءً، فحاول بحلول الساعة 9 مساءً أن تنقطعَ عن أي شيء يتطلب منك طاقتك الكاملة لكي تقوم به؛ مثل التلفاز والحاسوب والهاتف الجوال، ساعة كاملة قبل أن تخلد للنوم. واستثمر تلك الساعة في التجهيز لصباح الغد: سواءً أكان ذلك بتوضيب وجبة الغداء، أو إخراج الملابس التي سترتديها أثناء ممارسة التمرين، أو جدولة ما تريد القيام به ليوم غد، أو تجهيز ملابس العمل. حاول أن تقومَ بالكثيرِ خلال المساء، لكي تُمكِّنَ نفسك من الاستيقاظ بسهولة وبدون أيَّة متاعب.
3. نَمْ
نحن غالباً ما نتنازل عن النوم، وذلك من أجل أن نقومَ بأكبر قدر ممكن من المهام. تكمن الاستدامة في الصباح الباكر في نوعية النوم التي نحصل عليها. لذا اسعَ لأن تحصل على ما يقارب من 7 إلى 8 ساعات نوم كل ليلة. حضرت مؤخراً عرضاً تقديمياً قدمه خبير الطاقة والإنتاجية، توني شوارتز. حيث صرَّحَ قائلاً:
"إنَّ الطاقةَ البدنية هي أساس جميع أبعاد الطاقة، والنوم هو أساس الطاقة المادية. ولا يوجد سلوك فردي مثل النوم يؤثر ذلك التأثير الجذري على كفاءتنا في حياتنا ونحن مستيقظون. إذ يمكن للحرمان من النَّوم أن يؤثر سلباً على صحتنا وسلامتنا العاطفية ووظائفنا الإدراكيَّة. لذا اجعل من الحصول على ما مدته من 7-8 ساعات من النوم يومياً أولويةً قصوى لديك. غالباً ما يكون النوم هو أول شيء نرغب في التَّنازل عنه عند محاولتنا لإنجاز المزيد من المهام، لكن حتى الجرعات الصغيرة من الحرمان من النوم، تجعلنا أقلَّ كفاءةً إلى حدٍّ كبير".
4. الدَّافع للاستيقاظ باكراً
إنَّ سلاسة الطقوس المسائية هي ما يحدد فيما لو كان الصباح سوف يسير كما خططنا له أم لا. لذا احرص على أن تمنح الأولوية للمهام غير القابلة للنقاش، وأن تجهز نفسكَ للغد. والأهم من ذلك كله؛ أن تحصل على 7 ساعات من النوم كحدٍّ أدنى.
أعتقد أنَّ الاستيقاظ باكراً يعتمد بشكل أساسي على روتين مسائيٍّ صحي، وممارسة متسقة وإيجاد شيء مرغوب في الصباح يمكن أن يلهمك لأن تقفز من السرير. ليس عليك بالضرورة أن تنهض من نومكَ وتركض لمسافةِ 3 أميال، أو تمارس اليوغا أو أن تأخذ كلبك في نزهة؛ هناك العديد من النشاطات الصباحية التي يمكن أن تجعلك تبدأ يومك بحالةٍ من العافية.
6 أمور تقوم بها في الصباح الباكر:
نقدم لك يلي 6 أفكار ستعودُ بنتائج إيجابية على عافيتك، والتي يمكن أن تبدأ بها صباحك:
1. المفكرة اليومية
استيقظ، وابحث عن مكانك المفضل -سواءً أكانَ ذلك في منزلك أو في مقهى قريب- واكتب. لا داع لأن يكون هناك موضوع لما ستكتبه. كل ما عليكَ أن تقومَ به هو أن تسترخيَ وتكتب؛ اسمح لكل ما يدور في خُلدك في أن يتدفق على الورق. هناك حالةٌ من صفاءِ الذهن تتأتَّى من مجرد صبِّ أفكارك على قطعةٍ من الورق.
وهذا ما تدعوه جوليا كاميرون بـ "صفحات الصباح"؛ والتي هي في جوهرها عبارة عن كتابة سيلٍ متواصل من الوعي على الورق، شريطة أن يكون ذلك أول شيءٍ تقوم به صباحاً.
2. اخرج لأماكنَ مفتوحة
يمكن للخروج لأماكن مفتوحة -سواءً أكان ذلك عبارةً عن نزهة حول الحي أو للحديقة- أن يغذي حواسك وعافيتك بصورةٍ مذهلة. جد طريقك إلى باب منزلك، وقم بالتنزه في الخارج. وركز على الاحساس الذي تشعر به عندما تلمس أشعة الشمس جسدك، أو عندما تداعب الريح وجهك، أو عندما تحسّ بالأرض تحت قدميك. فقط اخرج ودع الطبيعة تتنفس معك.
3. غَذِّي عقلك
إنَّ الصباح الباكر هو الوقت الأمثل لقراءة كتاب جيد أو مقالاتك المفضلة (مثل التي تجدها في موقعنا: النجاح.نت). كما أنَّ بدء يومك بروحٍ من الايجابية والتغذية الذهنية، هو بمثابةِ عطيَّةٍ لك وليومكَ ولكُلِّ شخصٍ تصادفه.
4. غذِّي جسدك
تواصل مع الشيء الذي يطلبه جسدك منك. ربما قد كنت خاملاً، ومن الممكن أن تستفيد من قليلٍ من تمارين الكارديو في جعل قلبكَ ينبض بسرعةٍ أكثر. وربما كنت مرهقاً وقد تستفيد من قليلٍ من تمارين اليوغا. أو أنَّ جسدك يبدو لك ليناً وقد حان الوقت بالنسبة إليك لرفع بعض الأثقال في صالة الألعاب الرياضية. قم بتغذية جسمك عن طريق إعطاءه ما يطلبه منك.
5. استمع للموسيقى
عدِّل مزاجك وغذِّه بالموسيقى الهادئة. استمع إلى محطةٍ إذاعيَّةٍ مبهجة أو إلى أغنيتكَ المفضلة أو إلى إيقاع منشط. اسمح للموسيقى وما تصاحبها من مشاعر إيجابية من أن ترافقكَ في رحلتك الصباحية.
6. اجلس وحسب
قد يبدو لك أنَّ الاستيقاظ باكراً من أجل أن تجلس ساكناً وحسب هو أمر فيه نوعٌ من التناقض والعبثيَّة، ولكن بإمكان ذلك أن يكون بمثابةِ هدية حقيقية لكيفية سير بقية يومك. تعجبني قدرة زوجي على أن يستيقظَ في الساعة 4:45 صباحاً ويجلس في صمت لمدة 15 دقيقة قبل أن يستعدّ للذهاب إلى العمل. فقد شهدت تحولاً كبيراً في قدرته على أن يتعاملَ مع ضغوطات يومه بسهولة أكثر بكثير.
عبر قضاء بضع لحظات في الصباح لالتقاط أنفاسك -بدلاً من هاتفك الخلوي أو جريدةِ الصباح-، ستمهد لنفسك طريق الوصول لصفاء الذهن والسكينة.
كيف تستيقظ باكراً؟
يوجد العديد من الطرق لكي تغذي بها صباحك عن طريق الاستيقاظ بشكل جيد. وسر الحفاظ على الدافع هو التركيز على ما قد تريده صباحاً، سواء أكان ذلك هو السكينة أم الإنتاجية أم تحسين الصحة أم الإبداع.
أضف تعليقاً