ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن عالِمة الأعصاب والطبيبة والاستشارية التنفيذية "تارا سوارت" (Tara Swart) والتي تُحدِّثنا فيه عن أهمية القيلولة.
ومع ذلك، يُعَدُّ النوم أحد أهم الأشياء التي يمكننا القيام بها من أجل شحن طاقتنا وإنتاجيتنا وتعزيز جودة حياتنا، لكنَّ فكرة أن نضيِّع سبع إلى تسع ساعات من أيامنا للاستلقاء والراحة قد يبدو وكأنَّه طلب كبير جداً.
لنأمل أن يغيِّر هذا المقال رأيك بشأن ذلك، وصدِّقني، فأنا أفهم الضغط، وقد اعتدت أن أعطي الأولوية لعملي على حساب حياتي الشخصية وانتهى الأمر بأن استنزفتُ طاقتي تماماً، وأهملتُ احتياجاتي الأساسية مثل الراحة والانتباه، وعندما بدأَت هذه الأمور بالتدهور، بدأ كل شيء آخر يتدهور أيضاً، فتراجع مزاجي وعملي وقدرتي على التركيز؛ ذلك لأنَّني ببساطة لم أكن أهتم بما يكفي بنفسي وعقلي، وكنتُ أعلم أنَّ الوقت قد حان للتغيير والبدء بوضعي النفسي أولاً، ولن أهمل نفسي مرة أخرى.
الأمور الأساسية لصحة الدماغ:
بصفتي طبيبة أعصاب، وكوتش، وبروفيسورة، وطبيبة نفسية سابقة، بالإضافة إلى عملي كمؤلفة ومتحدثة ومستشارة تنفيذية، تراودني الفكرة نفسها مراراً وتكراراً، فإن لم تمنح عقلك احتياجاته الأساسية، فسوف يصبح القيام بأي شيء آخر صعباً للغاية، وإذا كنتُ سأقول إنَّ هناك طريقة خالية من الآثار الجانبية لزيادة إنتاجيتك بنسبة 50%، وتحسين حالتك المزاجية إلى الحد الذي يتناسب مع تأثير مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب الخفيف والمتوسط، وتهيئة الظروف المثلى ليزدهر عقلك، فسوف تتشوق لتتعرف إلى هذا الدواء.
شاهد بالفيديو: 12 حقيقة عن قلة النوم.. هكذا يقودك السهر إلى الهلاك!
الأمر بغاية البساطة حقاً، إنَّه يسمى العناية الذهنية:
يؤثر دماغنا في طاقتنا ونومنا وتركيزنا وجهاز المناعة وغير ذلك الكثير، فقد تعتقد أنَّ العناية الذهنية شيء يمكنك تأجيله حتى وقت لاحق في حياتك، لكنَّ الأدلة المتزايدة تُظهِر أنَّ التدهور المعرفي يبدأ في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، وأنَّ علامات مرض الزهايمر غالباً ما تظهر قبل 25 عاماً من ظهور الأعراض، لذلك حقاً، كلما أسرعتَ في تحديد أولويات العناية بدماغك كان ذلك أفضل.
قائمة أولوياتي الأساسية لوظيفة الدماغ المثلى هي:
- الراحة.
- التغذية.
- الحصول على ما يكفي من السوائل.
- الرياضة.
- التركيز الكامل.
ستلاحظ أنَّ الراحة على رأس تلك القائمة، لكنَّك بحاجة إلى اجتماع كل هذه الأولويات معاً لتُقدِّم أفضل ما لديك، وفي الوقت الحالي، فلنتكلم عن النوم.
لماذا يعتبر النوم هاماً؟
قد تشعر كأنَّك لا تفعل شيئاً خلال الليل، ولكنَّ هناك الكثير مما يحدث خلف الكواليس، فهناك نظام يسمى الجهاز الغليمفاوي (glymphatic system) والذي ينظف في أثناء نومك السائل الدماغي النخاعي، وهذا يساعد على إزالة السموم العصبية مثل اللويحات الشيخوخية (amyloid plaques) والتشابك في الدماغ الذي يمكن أن يؤدي إلى أمراض مثل الخرف والزهايمر وباركنسون، ويمكن أن تؤدي قلة النوم أيضاً إلى الإرهاق وتزيد من صعوبة إدارة عواطف المرء.
جميعنا عاملنا زملاءنا بنَزَقٍ في يومٍ من الأيام حينما عانينا قلة النوم؛ حيث تؤثر نوعية وكمية نومنا أيضاً في المناعة، وهو ما يحصل من خلال تنظيم الواسمات المناعية (immunological markers) وخلاياها، والتي لها تأثير مباشر في الحفاظ على المناعة والاستجابة المناعية.
على سبيل المثال: يمكن أن تؤدي التغيرات في مسار الساعة البيولوجية، المرتبطة بالإجهاد، إلى الإضرار بجودة النوم، ومن ثمَّ بجهاز المناعة، والنوم أيضاً هو الوقت الذي تُثَبَّت فيه الأشياء التي تعلَّمناها أو مارسناها خلال اليوم بالذاكرة، وتُثَبَّت الأشياء المرئية والعاطفية في أثناء نوم حركة العين السريعة وتُثَبَّت الأشياء التي تتضمن كلمات مثل قوائم الحقائق في أثناء النوم العميق.
كم نحتاج من النوم؟
نحتاج جميعاً من سبع إلى تسع ساعات من النوم العميق يومياً؛ حيث يُعَدُّ هذا المقدار الذي تحتاج إليه أدمغة 98% من البشر ليلاً، وماذا عن كل هؤلاء السياسيين ورجال الأعمال الذين يتفاخرون بأنَّهم يحتاجون فقط إلى بضع ساعات في الليلة؟
حسناً، كل ما يفعله هؤلاء هو أنَّهم يجعلوننا نشعر بالاستياء، ولا يقدِّمون لأدمغتهم وصحتهم العقلية أيَّة خدمة أيضاً، وأنت على الأرجح لستَ من 1-2% من باقي البشر، لذلك حان الوقت للتخلي عن هذه الفكرة والاعتراف بأنَّك تشعر بتحسُّن عندما يكون لديك قسط كافٍ من النوم، فالحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يحمي صحتنا العقلية والجسدية، ناهيك عن جودة حياتنا وسلامتنا.
فقد كشفَت الدراسات أنَّه حتى الحرمان الجزئي من النوم يمكن أن يكون له تأثيرات هائلة في الكثير من الوظائف المعرفية، وفي شعورنا باليقظة، ومزاجنا حتى في الأشخاص ذوي الأداء العالي، فالنوم جزءٌ من فطرتنا؛ حيث يعمل إيقاع الساعة البيولوجية لدينا مع دورات الجسم الطبيعية للراحة واليقظة، ويوفر النوم وقتاً حيوياً للعديد من العمليات البيولوجية الأساسية.
القيلولة الصحية:
آمل أن يكون الأمر الآن أوضح قليلاً بشأن مقدار أهمية النوم، فإنَّه أمر ضروري لمزاجك، ووظيفة دماغك اليومية، وجهازك المناعي، ولحمايتك من التدهور المعرفي في المستقبل، والحصول على ما يكفي من الاحتياجات ليكون أولويةً قصوى، وهنا تأتي أهمية القيلولة، وأعلم أنَّ الأطفال والحيوانات الأليفة والحاجة إلى الحمام والشريك الذي يشخر وجميع أنواع العوامل يمكن أن تزعج نومك طوال الليل، لذلك يمكن أن تكون القيلولة التي تستحقها طريقةً رائعة لشحن طاقتك.
نصائح لنظام نوم صحي:
إذا كنتَ تواجه صعوبةً في النوم، أو ترغب في تحسين نومك إما خلال الليل أو مع قيلولة قوية، فحاول اتباع نصائح النوم الصحية هذه:
1. عندما تستيقظ من النوم أو قيلولة:
- استخدِم ساعة منبه بدلاً من منبه الهاتف.
- لا تغفو بعد رنين المنبه مهما كان الضغط على زر الغفوة مغرياً.
- اشرب بعض الماء على الفور لترطيب جسمك.
- افتح الستائر للسماح بدخول بعض أشعة الشمس.
- مارِس تمريناتالمطمطة.
- تأكَّد من أنَّ نظامك الغذائي يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية اللازمة للحصول على قسطٍ جيدٍ من النوم.
- تجنَّب الأجهزة الإلكترونية.
- مارِس بعض اليوغا البسيطة.
- تأمَّل.
- خذ بضع دقائق للتفكير ولكتابة مذكراتك.
- مارِس التصورات.
2. قبل النوم أو أخذ قيلولة:
خلق البيئة المناسبة للنوم والقيلولة:
إنَّ خلق البيئة المناسبة هام أيضاً إذا كنتَ ترغب في تطوير عادات نوم جيدة، فإليك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها:
- استخدِم سدادات الأذن وقناع النوم.
- حافِظ على درجة حرارة لطيفة ومستقرة.
- أوقِف تشغيل إشعارات الهاتف.
- رتِّب أجواءً هادئة.
تأكَّد أيضاً من الحفاظ على جدول نوم ثابت والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً، حتى في عطلات نهاية الأسبوع أو في أثناء الإجازات، وحاول الحصول على سبع ساعات من النوم على الأقل أيضاً، وتجدر الإشارة إلى أنَّه إذا كنتَ تعاني من مشكلة مستمرة في النوم مثل الأرق، فقد تكون هناك بعض المشكلات الأساسية الأخرى؛ لذا يُرجى التحدث إلى طبيبك.
فوائد القيلولة:
كما قال الكاتب "آلكس سوجنغ-كيم بانغ" (Alex Soojung-Kim Pang) في كتابه" الراحة: لماذا تنجز أكثر عندما تعمل أقل" (Rest: Why You Get More Done When You Work Less): "إذا كنتَ تريد الراحة، فعليك أن تأخذها، كما عليك أن تقاوم إغراء الانشغال، وتُخصِّص وقتاً للراحة، وتأخذ الأمر على محمل الجد، وحمايته من عالم عازم على سرقته".
القيلولة هي فترة صغيرة من النوم الهادئ المدروس نحصل عليها حينما نشعر بأنَّنا نريدها، ومن واقع خبرتي، ينقسم الناس إلى فئتين: أولئك الذين يأخذون قيلولةً بانتظام، وأولئك الذين لا يأخذون قيلولةً أبداً؛ حيث تشمل فوائد القيلولة تحسُّناً في الوظيفة الإدراكية واليقظة والإنتاجية.
يُعتقَد أيضاً على نطاق واسع أنَّ القيلولة تزيد من الإبداع، وقد خصَّصَت بعض أكبر الشركات في العالم، مثل: "غوغل" و"أوبر" أمكنة للقيلولة في مكاتبها لهذا السبب بالتحديد، وقد أظهرَت العديد من الدراسات أيضاً أنَّ القيلولة تُحسِّن الأداء في مجالات مثل وقت رد الفعل، والتفكير المنطقي، والتعرف إلى الرموز، وتساعد على تنظيم المشاعر، وتحمُّل الإحباط، وتدعم قدرتك على التعلم والاحتفاظ بالمعلومات.
مدة القيلولة:
هناك عدد قليل من فترات القيلولة المختلفة التي يمكنك تجربتها اعتماداً على ما تحتاجه وكم من الوقت لديك، أحب أن أصنفهم بهذا الشكل:
- قيلولة لمدة 20 دقيقة = تعزيز الطاقة.
- قيلولة لمدة 30 دقيقة = تحسين التعلم والذاكرة.
- قيلولة لمدة 60 دقيقة = تُحسِّن ذاكرة التعلم، وتساعد على تكوين روابط جديدة في الدماغ، وتساعد على الإبداع.
لذلك، إذا لم تكن القيلولة شيئاً تفعله عادةً، فقد ترغب في التفكير في استبدال الوجبات الخفيفة بعد الظهر بقيلولة بدلاً من ذلك لتحسين طاقتك وأدائك خلال فترة ما بعد الظهر.
خصِّص روتيناً للنوم:
ومهما تحدَّثنا، لا يوجد كلمات كافية للتأكيد على أهمية النوم لصحتك وعافيتك وتركيزك، وبالنسبة إليَّ لا يمكنني الحصول على نوم جيد أو حتى قيلولة دون أن يكون لديَّ نوع من الروتين لإعداد نفسي للنوم، وبالطبع، سيختلف الروتين من شخص لآخر، ولكن إليك بعض الأشياء التي قد ترغب في وضعها في الحسبان.
- تمرينات المطمطة.
- التنفس العميق.
- تجهيز ملابسك لليوم التالي.
- التأمل.
- الاستحمام أو الاستحمام بالمغنيسيوم.
- القراءة.
- مراجعة يومك وتحديد أهدافك.
- استخدام معطر الوسائد للاسترخاء.
يجب أن تساعدك كل خطوة في روتينك على الشعور بالإنجاز والاستعداد والنوم، كما يمكن أن يساعدك إنشاء روتين على أن تكون أكثر نشاطاً عند الاستيقاظ وتحقيق المزيد في اليوم التالي.
أضف تعليقاً