يعد النوم أمراً هاماً لتنظيم أجزاء كثيرة من أجسامنا، وذلك بدءاً من العمليات الأساسية لأجسامنا ووصولاً إلى تنظيم الهرمونات التي تساهم في التوتر وارتفاع ضغط الدم، فبدون النوم ستصبح في الواقع إنساناً عاجزاً عن العمل.
لذلك إذا اتفقنا على أنَّ الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم أمر ضروري، لاسيما إذا كنت ترغب في الحصول على وفرة في الطاقة والحيوية والنشاط، فما هي العادات الصحية للنوم التي يمكنك تطويرها لتعزيز هذه الآثار الإيجابية بحيث يمكنك الحصول على قسط كافٍ من النوم باستمرار؟
إليك 8 عادات صحية للنوم يمكن أن تساعدك على البقاء مستيقظاً ونشيطاً وأكثر تركيزاً كل يوم:
1. تحديد وقت للنوم:
قد تكون أكثر الطرائق فاعلية لضمان حصولك على قسط كافٍ من النوم هي الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في الوقت نفسه كل يوم؛ حيث ينطبق هذا الأمر على أيام الأسبوع وكذلك عطلات نهاية الأسبوع.
تقع مسؤولية تحديد وقت نومك على عاتقك؛ حيث تحتاج أولاً إلى معرفة مقدار النوم الذي تحتاجه لتشعر بالراحة، ثم يجب معرفة المدة التي تستغرقها عادةً لتغفو.
نحن جميعاً نختلف في هذا الأمر، فقد يحتاج بعضنا إلى ثماني أو تسع ساعات من النوم، وعموماً كلما كنت أصغر سناً؛ احتجت إلى مزيد من النوم، أو قد يكفيك النوم لمدة خمس أو ست ساعات، ويمكن أن يغفو بعضنا بمجرد وضع رأسه على الوسادة، في حين قد يحتاج آخر ثلاثين دقيقةً على الأقل قبل أن ينام.
بمجرد أن تحدد مقدار النوم الذي تحتاجه والمدة التي تستغرقها عادةً لتغفو، يمكنك تحديد وقت ذهابك إلى الفراش، فمثلاً، إذا كنت بحاجة إلى ست ساعات من النوم، وثلاثين دقيقةً لتغفو، والاستيقاظ عند الساعة 7:30 صباحاً؛ فيجب أن تذهب إلى الفراش في موعد أقصاه منتصف الليل.
إذاً، الصيغة التي تحتاجها لمعرفة موعد الذهاب إلى الفراش هي: مقدار النوم الذي تحتاجه (بالساعات) مضافاً إليه متوسط الوقت المخصَّص لتغفو (بالدقائق) مطروحاً من الوقت الذي يجب أن تستيقظ فيه.
بمجرد أن تعرف موعد نومك، اجعل هذا الأمر جزءاً غير قابل للتفاوض من حياتك.
2. عدم الخروج من العمل قبل حل كل المشكلات:
يكافح معظم الناس للحصول على نوم جيد ليلاً؛ وذلك لأنَّ لديهم مشكلات وقضايا لم تُحَل بعد خلال يومهم، فإذا لم نتعامل مع هذه القضايا العالقة، فإنَّ عقولنا ستشعر بالقلق والتوتر.
كل ما يحدث هو أنَّ عقلك الواعي ينشغل بهذه المشكلات؛ وذلك لأنَّك لم تتخذ قراراً لحلها، وبدلاً من ذلك، قبل الذهاب إلى النوم، اكتب كل المشكلات التي تدور في ذهنك وقرِّر ما عليك فعله لحلها، وهذا لا يعني أنَّه يجب عليك حل المشكلة في الوقت الحالي؛ وإنَّما تحتاج إلى تحديد ما يجب القيام به فيما بعد.
على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تلقَّيت بريداً إلكترونياً قبل الانتهاء من عملك مباشرةً يبلغك بأنَّ العرض التقديمي الهام الذي سيُقَدَّم الأسبوع المقبل قد انتقل إلى يوم أقرب، بدلاً من ترك البريد الإلكتروني حتى يوم غد، والشعور بالقلق طوال الليل، افتح جدول مواعيدك وحدِّد وقتاً للعمل على العرض التقديمي غداً، وأعد ترتيب مواعيدك إذا لزم الأمر.
ستبعد تلك الدقائق القليلة التي تعيد فيها ترتيب جدول مواعيدك المشكلة عن تفكيرك وذهنك وتحرِّرُك من الشعور بالتوتر والقلق اللذين يحدثان عندما لا تحل المشكلة، وفي الواقع، ما تقوم به هو إخراج المشكلة من عقلك الواعي ونقلها إلى عقلك اللاواعي إلى الجزء المسؤول عن حل المشكلات في الدماغ.
3. التخطيط مساءً لليوم التالي:
بطريقة مشابهة للعادة السابقة، احرص على أن يكون لديك خطة ليوم غد؛ فالقيام بهذا الأمر يمنعك من الشعور بالقلق بشأن ما يجب عليك القيام به يوم غد، أنت تعرف ما هي الأمور الهامة بالنسبة إليك، وبأنَّ لديك الوقت الكافي للقيام بذلك.
لا ينبغي أن يستغرق التخطيط لليوم أكثر من عشر إلى خمس عشرة دقيقةً، لكنَّ تأثير معرفة ما تريد إنجازه في اليوم التالي يجعلك تشعر بالاسترخاء أكثر، وعندما تشعر بالاسترخاء ستتمكن من الحصول على القسط الكافي من النوم.
كما أنَّ معرفة ما تريد إنجازه يوم غد يساعدك على بدء اليوم بمزيد من التركيز، ممَّا يمنحك بالتأكيد المزيد من الطاقة لإنجاز أعمالك.
عندما لا تضع خطة ليومك، فإنَّك ستهدر الكثير من الوقت والجهد محاولاً تحديد الأمور التي يجب العمل عليها، وغالباً سينتهي بك الأمر إلى العمل على أولويات الآخرين بدلاً من أولوياتك؛ أي ستشعر أنَّك كنت مشغولاً في نهاية اليوم، لكنَّك كنت منشغلاً في إنجاز أعمال الآخرين وليس أعمالك.
4. تحديد مقدار النوم الذي تحتاجه:
يتطلب اتباع عادات نوم صحية معرفة عدد ساعات النوم التي تحتاجها؛ حيث نختلف عن بعضنا في هذا الأمر؛ حيث سيحتاج بعضنا ثماني ساعات، في حين يحتاج آخر إلى ست ساعات، إذاً كم عدد ساعات النوم التي تحتاجها لتشعر بالنشاط؟
قد يحتاج الأمر إلى تجربة ذلك، فغالباً ما نتأثر بالمعلومات التي نقرأها على وسائل الإعلام، لكن لا نحتاج جميعنا إلى ثماني ساعات من النوم، فمن الممكن أن تجعل تسع أو حتى عشر ساعات من النوم بعضنا يشعر بالنشاط التام.
اشتهرت مارجريت تاتشر (Margaret Thatcher) رئيسة وزراء المملكة المتحدة سابقاً بأنَّ جسمها لا يحتاج سوى أربع ساعات من النوم، في حين وجد إيلون ماسك (Elon Musk) الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا موتورز أنَّ ست ساعات من النوم تساعده على تحقيق الإنتاجية المثالية، وكان باراك أوباما (Barack Obama) رئيس أمريكا السابق ينام خمس ساعات في الليلة فقط.
لذلك، خصِّص بضعة أسابيع وجرب لتعرف عدد ساعات النوم المناسبة لك، فمثلاً، يمكنك تجربة ست ساعات لبضعة أيام ولاحظ كيف ستشعر؛ فإذا وجدت أنَّك تشعر بالنشاط والحيوية والتركيز على طول اليوم، فربما تكون تلك هي الساعات التي تحتاجها.
وإذا وجدت نفسك تشعر بالتعب منذ منتصف فترة الظهيرة إلى وقت متأخر منها، فزِد عدد ساعات نومك ساعة وجرب النوم لمدة سبع ساعات، وبعد مرور أسابيع ستتمكن من تحديد عدد ساعات النوم المثلى بالنسبة إليك وعندها يمكنك تنظيم نومك.
5. تَناوُل الطعام في وقت مبكر:
إذا كنت ترغب في الحصول على نوم أفضل، تناول وجبتك الأخيرة في وقت مبكر، على سبيل المثال، إذا أكلت بعد الساعة 8 مساءً، قد تستيقظ وأنت تشعر بالخمول، ولن يكون ذلك أمراً مناسباً لتبدأ يومك التالي بنشاط.
ولكن يوجد أمر واحد يجب أن تعرفه - على الرغم من أنَّه غير مثبت علمياً - وهو أنَّ قدرة جسمك على هضم الطعام تتباطأ في أثناء النوم، وهذا يعني أنَّك إذا ذهبت إلى النوم ومعدتك ممتلئة بطعام غير مهضوم؛ فإنَّ الكثير من هذا الطعام سيبقى غير مهضوم عندما تستيقظ صباحاً، ولهذا يشعر الكثيرون منَّا بالخمول في الصباح لأنَّ أجسامنا يجب أن تستهلك الطاقة الحيوية للقيام بأمر كان يجب أن نقوم به قبل الذهاب إلى النوم.
يعني تناول الطعام في وقت مبكر أنَّ جسمك سيكون لديه وقت كافٍ لهضم الطعام بالكامل قبل الذهاب إلى النوم، وستستيقظ وأنت تشعر بمزيد من النشاط.
6. بدء اليوم بروتينٍ صباحي ثابت:
إذا كنت تريد أن تبدأ يومك وأنت تشعر بالطاقة والنشاط والتركيز، فأنت تحتاج إلى روتين صباحي ثابت؛ حيث ستساعدك ممارسة التمرينات الرياضية البسيطة، والتأمل، واحتساء مشروبك المفضل، وقراءة بعض المعلومات العلمية لبضع دقائق عوضاً عن النهوض من سريرك واختيار الملابس وتصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي وآخر الأخبار على الحصول على يومٍ مليءٍ بالنشاط.
حدِّد مقدار الوقت الذي تحتاجه للقيام بروتينك الصباحي، واحرص على أن يكون لديك الوقت الكافي قبل البدء بيومك.
ابتعد عن استخدام البريد الإلكتروني وتصفُّح الإشعارات على مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعة تقريباً من النوم؛ حيث تؤثر الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني في مشاعرنا تأثيراً سلبيَّاً، ومن ثم لن نكون في حالة جيدة قبل نهاية يومنا.
حدِّد لنفسك موعداً لقراءة الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني ومن ثم توقَّف عن القيام بأي شيء، على سبيل المثال، إذا قررت أنَّ موعد ذهابك إلى النوم هو منتصف الليل، فحدِّد الساعة العاشرة مساءً بأنَّها آخر موعد لك للقيام بأي شيء، وعند الساعة العاشرة، أغلق خدمات البريد الإلكتروني والرسائل، مثل سلاك (Slack) أو واتس آب (WhatsApp)، فأنت لست مضطراً لتلقي رسائل من رئيسك أو زملائك في العمل، لاسيما تلك الرسائل التي من المحتمل أن تدفعك للشعور بمشاعر سلبية.
إذا كنت معتاداً على التحقق من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الخاصة بك حتى في أثناء ذهابك إلى النوم، فقد لا يكون من السهل عليك تنفيذ هذه العادة في البداية، ومع ذلك فهي تستحق المحاولة، وسوف تعتاد عليها.
يمكنك تفعيل خيار "عدم الإزعاج" في هاتفك؛ بحيث يقوم هاتفك تلقائياً بوضع نفسه في هذا الوضع في وقت محدد، وبهذه الطريقة، لن يوجد أي صوت أو اهتزاز، فقط الشعور بالهدوء والسكينة قبل الذهاب إلى النوم.
7. إيقاف زر الغفوة والنهوض:
عندما يُصدِرُ المنبه صوتاً في الصباح، نرغب جميعاً في البقاء في السرير لبضع دقائق أخرى، لاسيما عندما يكون الجو بارداً وماطراً في الخارج، لكن تلك الدقائق القليلة الإضافية لها تأثير سيئ في مستويات طاقتنا.
عندما نستيقظ في الصباح، نقترب من نهاية دورة نوم حركة العين السريعة، وعندما نغفو، نعود بسرعة إليها، وتكمن المشكلة هنا أنَّه عندما نستيقظ في منتصف دورة نوم حركة العين السريعة أو في بدايتها، نشعر بالضبابية والترنُّح والضعف؛ حيث يستغرق الخروج من هذه الحالة وقتاً طويلاً.
لذلك بغض النظر عن مشاعرك عندما تسمع صوت المنبه في الصباح، انهض من سريرك، ولا تضغط على زر الغفوة مرةً أخرى، وإذا كنت تواجه صعوبة في هذا الأمر، فجرِّب قاعدة ميل روبنز ذات الخمس ثوانٍ (Mel Robbins’ 5 Second Rule) وهي: عندما تستيقظ، عُدَّ إلى خمسة وانهض من السرير، وتأكد أنَّك ستشعر بتحسن كبير في اليوم إذا فعلت ذلك.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً
8. أخذ قيلولة قصيرة:
يعد النوم لفترة قصيرة في أثناء النهار أمراً مفيداً، ويساعدك على العمل بسرعة ويقلل احتمال ارتكاب الأخطاء، وقد اكتشف ونستون تشرشل (Winston Churchill) هذا الأمر قبل مئة عام حيث قال:
"لا تعتقد أنَّك ستؤدي عملاً أقل لأنَّك تنام خلال النهار، فهذه الفكرة السخيفة تشغل تفكير الأشخاص الذين لا يمتلكون خيالاً، وعندما تقوم بذلك ستكون قادراً على إنجاز المزيد؛ حيث ستتمكن من إنجاز عمل يومين أو يوم ونصف على الأقل، وأنا متأكد من ذلك".
وقد تبيَّن أنَّ كلامه صحيح لاسيما الجزء المتعلق بإنجاز عمل يوم ونصف على الأقل، ففي الأيام التي لا تأخذ فيها قيلولة، غالباً لن تتمكن من متابعة العمل بعد الساعة السادسة أو السابعة مساءً، وعندما تأخذ قيلولة، ستكون في حالة تأهب ونشاط تام خلال المساء، وستتمكن من تعلُّم أمور جديدة.
في الختام:
تعد هذه النصائح الثماني المتعلقة بعادات النوم الصحية مجرد بداية لزيادة طاقتك كل يوم، ويجب أن تعلم أنَّنا جميعاً مختلفون، وستحتاج إلى التجربة، بمجرد أن تحدد أفضل وقت للنوم، يمكنك تنظيم يومك لضمان الحصول على ساعات النوم المثلى، ممَّا يمنحك روتيناً صباحياً نشطاً ويساعدك على الاسترخاء.
اتَّبع عادات النوم الصحية هذه، وستمتلك الكثير من الطاقة والحماس، وفي النهاية ستشعر بسعادة أكبر وتوتر أقل.
أضف تعليقاً