توجد العديد من التمرينات المختلفة التي قد تساعدك على الاستفادة من تنفُّسك واستخدامه كوسيلة لبناء الوعي الذاتي والتركيز في أثناء ممارسة التأمل أو اليوج؛ فقد تطوَّرت ممارسة التنفس لتشمل العديد من التقنيات الجديدة التي تركز على استخدام تمرينات التنفُّس كوسيلة للعلاج والشفاء الذاتي.
لا يقتصر الأمر على مجرد القيام بتمرينات تنفُّس بصورة صحيحة، بل تُعدُّ بمثابة وسائل للتحرُّر والشفاء، وتشمل مجموعة واسعة من الممارسات العلاجية الشاملة والتمرينات المستخدمة لتخفيف التوتر العقلي والجسدي والعاطفي؛ لذا دعنا نكتشف كيف يمكن أن يفيد التنفس عقلك وجسدك وروحك:
كيف يؤثِّر التنفُّس تأثيراً إيجابياً في الجسد؟
عندما تفكر في التنفس، قد تفكر في الجانب الجسدي، أي استنشاق الهواء وزفره.
يُعدُّ التنفس جزءاً حيوياً من الحياة، هذا إن لم يكن أصل الحياة؛ فنحن عشنا في هذا العالم باستنشاق أول أنفاسنا، ونفارق العالم بإطلاق النفس الأخير المتبقي لنا؛ كما يساعد التنفس على توصيل الأوكسجين إلى مجرى الدم وتخليصه من ثاني أوكسيد الكربون.
تتضمَّن دورة التنفس الكاملة أعضاء جسمك ككل، كالصدر والبطن والظَهر والعقل؛ ويتطلب الأمر جهداً لتنسيق جميع عناصر التنفس، رغم أنَّه يبدو عملية سهلة.
عادة ما تكون الفوائد الجسدية المترتبة على التنفس العميق فورية، إذ يمكنك من خلال التنفس بعمق تنشيط الجهاز العصبي اللاودي، وإبطاء سرعة ضربات القلب، وخفض ضغط الدم؛ ممَّا يخلق شعوراً بالهدوء؛ كما تعتمد على الحجاب الحاجز بدلاً من الصدر في عملية التنفس، ممَّا يؤدي إلى استرخاء عضلات الرقبة والصدر، وإشراك عضلات البطن، وسحب كمية أكبر من الأوكسجين للوصول إلى خلايا وأعضاء الجسم.
عندما يكون جسمك تحت تأثير التوتر أو استجابة "الكر والفر"، فإنَّه يطلق مجموعة من الهرمونات -مثل الكورتيزول والأدرينالين- التي تتسبب في تسريع معدَّل التنفس، وزيادة النبض، وارتفاع ضغط الدم، وإبقائك في حالة يقظة مُفرِطة؛ وقد يساعد التنفس العميق في إبطال ردة الفعل هذه، وإعادة الاسترخاء إلى الجسم.
جرِّب الآتي: في المرَّة القادمة التي تمارس فيها التنفس، ركِّز على الجوانب الجسدية لتنفسك، وأيضاً:
- راقب صدرك وبطنك وهما يرتفعان وينخفضان.
- لاحظ درجة حرارة ورطوبة أنفاسك.
- انتبه إلى العضلات والعظام التي تتحرك في جسمك.
- راقب شعورك الجسدي عندما تنتقل من التنفس السطحي إلى التنفس العميق.
كيف يؤثِّر التنفُّس تأثيراً إيجابياً في العقل؟
بالإضافة إلى التخلُّص من الضغط الجسدي وإرخاء جسمك، قد يساعد التنفس العميق أيضاً في تهدئة الاضطرابات العاطفية في عقلك؛ كما تُظهِر الدراسات أنَّ التنفُّس قد يساعد في علاج الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.
قد تساعدك ممارسة التنفس على الوصول إلى حالة ذهنية أعمق، ممَّا يُمكِّنك من الوصول إلى المشاعر الدفينة، والأحقاد الداخلية، والصدمات النفسية؛ والتخلِّص منها ومن وتأثيرها في حالتك العقلية؛ إذ غالباً ما تُستخدَم تمرينات التنفس لمساعدة أولئك الذين يعانون من مشكلات في الصحة العقلية كوسيلة لتهدئة العقل واستعادة تركيزه.
جرِّب الآتي في المرة القادمة التي تمارس فيها التنفس:
- انتبه إلى الأفكار التي تدور في رأسك، لكن لا تشغل نفسك بها.
- اشعر بالعواطف التي تتملَّكك حينها.
- أصغِ إلى صوتك الداخلي.
- تصوَّر الهدف الذي ترغب في تحقيقه من خلال ممارسات التنفس.
كيف يؤثِّر التنفُّس تأثيراً إيجابياً في الروح؟
قد تكون ممارسة التنفس أمراً روحانياً أيضاً؛ فعندما تمارس التنفس بعمق، يمكنك تجاوز جسدك وعقلك، والتواصل مع روحك وذاتك العليا؛ أو بمعنى آخر: التخلُّص من الأنا والتواصل مع النفس تواصلاً متناغماً، يشهد الكثير من الأشخاص الذين يمارسون التنفس أنَّهم باتوا متناغمون مع أنفسهم.
جرِّب الآتي في المرة القادمة التي تمارس فيها التنفس:
- اشعر بأنَّك تستنشق هواء الكون كله.
- اشعر بقوة الحياة (برانا) تتدفق من خلالك.
- أفسح في نفسك مجالاً لهذه الطاقة.
- اشعر كيف تربطك هذه الطاقة بجزء أعمق من ذاتك.
- أرسل هذه الطاقة في أثناء الزفير إلى جميع الكائنات الحية من حولك.
أساليب ممارسة التنفس:
ترجع أصول ممارسة التنفس إلى الممارسات الشرقية القديمة، ويركز بعضها على حالة الوعي المتغيرة أكثر من غيره، ولكنَّها جميعاً قادرة على المساعدة في بناء الوعي الذاتي والسلام الداخلي.
الأساليب الثلاثة الأكثر شيوعاً للتنفس هي:
- البراناياما (Pranayama).
- الهولوتروبيك (Holotropic).
- إعادة الولادة (Rebirthing).
1. البراناياما (Pranayama):
كلمة "براناياما" هي كلمة سنسكريتية، وتتكوَّن من كلمتين "برانا" التي تعني طاقة الحياة، و"ياما" التي تعني التحكُّم أو السيطرة.
إذا كنت تمارس اليوجا، فربَّما تكون على دراية بهذا التمرين؛ حيث يدور تمرين "براناياما" حول التحكُّم بأنفاسك للحصول على تأثيرات إيجابية، ويمكنك من خلال ذلك تجاوز العوائق العاطفية النشطة التي تعيق تدفق قوة الحياة في داخلك.
2. هولوتروبيك (Holotropic):
يعني مصطلح هولوتروبيك (Holotropic) التحرُّك نحو الكمال، وتعدُّ تقنية التنفس هولوتروبيك (Holotropic) ممارسة مصحوبة بموسيقى مكثفة مُجمَّعة من الحضارات القديمة، ويقودها مدرب يوجِّه مجموعة من المشاركين، وتتضمن الشهيق والزفير بسرعات مختلفة للحصول على حالات متغيِّرة من الوعي.
يشبه أسلوب هولوتروبيك (Holotropic) العلاج باستخدام أميد حمض الليسرجيك المُخدِّر (LSD)، ولكنَّه البديل الخالي من المخدرات، حيث إنَّ الهدف الرئيس هو إنتاج تجارب عقلية متغيرة.
غالباً ما يشهد الناس رؤى واندفاعات عاطفية لا يمكن السيطرة عليها، وتشنجات عضلية أحياناً؛ وعليهم في نهاية الجلسة أن يشاركوا تجاربهم مع الآخرين، ويُطلَب منهم رسم تمثيل مرئي لها.
3. إعادة الولادة (Rebirthing):
يستند أسلوب التنفس "إعادة الولادة" إلى فكرة أنَّك ما زلت تحمل بعض الضغوطات المتبقية من تجربة الولادة المؤلمة، ويُعتقَد أنَّ بإمكانك السماح لنفسك بالتحرُّر من أي صدمات عاطفية حدثت في أثناء ولادتك من خلال هذا النوع من التنفس.
تتضمن هذه الممارسة استخدام التنفس الدائري، وغالباً ما يكون من خلال استلقاء معظم جسدك تحت الماء لخلق حالة من الاسترخاء تُحرِّرك من الضغط المكبوت الذي خُزِّن في الجسم منذ الولادة؛ حيث يمكنك من خلال التنفس الواعي بدلاً من طرائق التنفس التقليدية تحريك الطاقة السلبية بداخلك للتخلُّص منها.
قد يتجاوز هذا الأسلوب كونه نمطاً من أنماط التنفس في أثناء ممارسة اليوجا، ويصبح ممارسة علاجية قوية؛ وإذا قررت استكشاف فوائد تنفس إعادة الولادة، فاعثر على خبير في هذه الممارسة، وجرِّب أساليب مختلفة من التنفس لتجد أفضل ما يناسبك.
أضف تعليقاً