اختيار شريك الحياة:
كيف يمكننا اختيار شريك حياتنا؟ سؤال يراود كثير منا، إن قرار اختيار شريك حياتنا مسسؤول عن سعادتنا طيلة حياتنا الباقية، فهو قرار مهم وحساس يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياتنا بأكملها، فالشريك الصحيح هو شخص يشاركنا القيم والإهتمامات ويدعمنا في رحلة الحياة.
يعد الإهتمام بدراسة التوافق بين الشريكين اتجاهًا حديثًا في علوم الأسرة والمجتمع، نظرًا للتطورات الكبيرة التي شهدتها المجتمعات الحديثة، على اعتبار أن اختيار الشريك اللبنة الأولى في بناء الأسرة واستقرارها النفسي وبالتالي بناء المجتمع الصحي.
قديما، كانت مهمة اختيار شريك الحياة تقع على النساء عامة، أما اليوم، فعملية اختيار شريك الحياة تقع على عاتق الشخص نفسه فهو مسؤول تماما عن خياره ويتحمل تبعاته. حيث يجب أن نكون واعين لاحتياجاتنا ورغباتنا وأهدافنا، وأن نبحث عن شريك يساعدنا على التطور والنمو الشخصي والمهني.
عندما نبحث عن شريك حياتنا، يجب أن ننظر إلى العديد من العوامل المختلفة. بالطبع علينا أولا أن نبحث عن شخص يشعرنا بالراحة والأمان والسعادة، إضافة إلى أن يكون الشريك متوافقا معنا على المستوى العاطفي والعقلي والروحي، ولكن هل هذا يكفي؟
أولاً، مرحلة ما قبل اختيار الشريك:
قبل أن ندخل مرحلة اختيار شريك الحياة، يجب أن ننتبه للنقاط التالية:
1. تغيير طريقة التفكير:
علينا أن نغيِّر طريقة تفكيرنا في المشاعر والأحاسيس؛ فلا ندخل العلاقة ونحن نفكِّر في الفشل والإخفاق، وأنَّ هذا ما ستصل إليه العلاقة، فالأفكار السلبية تؤذي علاقاتنا بالتأكيد.
2. تحديد رغباتنا في شريك العمر:
يجب أن نحدِّد تماماً ما نحب ونرغب من صفات في شريك العمر قبل أن ندخل في أي ارتباط، ونبحث عنها فيمن نتعرف عليهم من أشخاص.
3. تحديد عيوبنا قبل ميزاتنا:
يجب أن نعرف عيوبنا قبل مميزاتنا، ونصارح بها الطرف الآخر، حتى نعرف ردة فعله، وإن كان يستطيع أن يتعامل معها أم لا.
4. الثقة بالنفس:
يجب على كل طرف أن يثق بكونه قادراً على خوض تجربة الزواج والنجاح فيها، حيث تمثِّل هذه الثقة نسبة ثمانين بالمئة من أسباب نجاح الزواج.
5. اختبار الشريك:
للتأكد من أنَّ هذا الشريك بعينه هو الشريك المناسب، يجب أن يقوم كل طرف باختبار الطرف الآخر ببعض المواقف الحقيقية لمعرفة ردة فعله تجاهها.
6. عدم التسرع بالحكم:
يحب ألا نتسرع في الحكم على شخص بالسلب أو الإيجاب، فاكتشاف الشخصية يحتاج لوقت، ولا يمكِن الحكم عليها في بداية التعارف، فقد ننجذب لشخص معيَّن ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه الشخص المناسب، وقد يَحدث العكس؛ لذا يجب أن نأخذ وقتنا كي تكون الصورة واضحة أمامنا.
شاهد بالفيديو: كيف تعثر على شريك حياتك؟
خطوات مهمة قبل اختيار شريك الحياة:
تتأثر عملية اختيار شريك الحياة بعدة معايير وخطوات يجب التأكد من توافقها معنا قبل اختيار شريكنا في الحياة الأسرية الطويلة التي نحلم بها، وهي كالتالي:
خطوات اختيار الزوجة:
إن أساس أهمية ختيار الزوجة ينشأ من أنها الأم المستقبلية لأبنائنا الذين نرغب بأن ننجبهم، إضافة إلى أنها الداعم والسند العاطفي للرجل في لحظاته الصعبة. لذا من المهم أن التأكد مما يلي:
- ذات الدين: الالتزام بالأحكام الشرعية والخوف من الله.
- المنبت الحسن: التأكد من البيئة التي تعيش بها، هل تناسب قناعاتنا وتقاليد بيئتنا؟
- التي تميل إليها: كل ما سبق يجب أن تعيده تقييمه إلى قلبك، فإن أحب وهوى كان الخيار الصحيح.
خطوات اختيار الزوج:
من المهم اختيار زوج مناسب، فمع تغير الحياة الاجتماعية بات احترام الاختلاف وتقبل الآخر هو أهم خطوة يجب التأكد منها قبل اختيار شريك الحياة، كما يجب الأخذ بالاعتبار القضايا التالية:
- ذو الدين: فمهما اختلفتما لن يعصي الله فيك.
- حسن الخلق والاحترام: فالأخلاق ستمنعه من توجيه الإساءات لك واحترامك أمام أصدقائه ومحيطكما الاجتماعي سيكون له الأثر الإيجابي على علاقتكما.
ثانياً، مواصفات جوهرية في شريك الحياة:
هناك مجموعة من الصفات التي يُنصح أن تتوفَّر في شريك العمر؛ لأنَّ توفُّرها يزيد من نسب نجاح الزواج واستمراره، وهي كالتالي:
1. الثقة والإخلاص:
تُعدُّ الثقة والإخلاص من أهم مقوِّمات الزواج الناجح، إذ يجب أن يكون الصدق أساس العلاقة، كما يجب تجنُّب أي غش أو خداع يُمكِن أن يهدم هذه الثقة، واعتماد المصارحة حتى في حال وجود أفكار غريبة تجاه الطرف الآخر.
2. تحمُّل المسؤولية:
من أهم المواصفات التي ينبغي توفُّرها في شريك الحياة المستقبلي هي تحمُّل المسؤولية، حيث يجب أن يُدرك الطرفين المُقبلين على الزواج حجم المسؤوليات والواجبات التي يتطلبها الزواج، وأن يتحلوا بالوعي والنضج الكافي لتحمُّلها وإنجازها بأكمل وجه.
3. الاستقلالية:
تُعدُّ الاستقلالية أحد أهم مواصفات شريك الحياة، أي أن يكون الشريك شخصاً مستقلاً يُمكِن الاعتماد عليه والوثوق بقدرته على تحمُّل وعلاج أي أمر بمفرده دون الاعتماد على أحد.
4. روح الدعابة:
نحتاج لكثيرٍ من المرح والبهجة في حياتنا؛ لذا من الجميل أن يكون شريك الحياة خفيف الظل، ويتمتع بحس الدعابة والمرح، ليُخفف علينا ضغوط الحياة ومصاعبها.
5. الشعور بالقبول:
من أهم معايير اختيار الشريك هو الشعور تجاهه بالقبول وبالإنجذاب والإعجاب، وألا يكون الزواج فقط لمجرد الزواج نفسه أو إرضاءً للأهل أو المجتمع.
6. القدرة على التواصل معه:
يُعدُّ التواصل مفتاح العلاقات وسبباً لتقريب الشريكين؛ لذا يجب أن يحرص الإنسان على اختيار الشريك القادر على التواصل معه بكل سهولة ويسر.
7. التوافق:
يُقصد بالتوافق وجود قواسم مشتركة بين الشريكين تحقِّق الانسجام الفكري بينهما، مما يجعلهما يتفاهمان أكثر، ويُمكِّنهما من التعاطف مع بعضهما في مختلف الأمور.
8. الانفتاح وتقبل النقد:
من أهم معايير العلاقة الزوجية أن يتمتع الشريكين بتقبل النقد بدون حساسية، والانفتاح على الرأي الآخر واحترامه، واستغلاله بطريقة تطور علاقتهما.
9. الاحترام:
يُعدُّ اختلاف وجهات النظر بين الشريكين وتعارض أفكارهما أمراً طبيعياً ووارداً في الزواج، لكن يجب ألا يُلغي هذا الأمر وجود الاحترام بينهما؛ لذا يجب اختيار الشريك الذي يتمتع بصفة الاحترام للآخر رغم اختلافه.
10. التعبير عن العواطف:
تحتاج العلاقة بين الشريكين إلى تغذيةٍ مستمرة من خلال التعبير عن العواطف والاهتمام بالطرف الآخر؛ لذا من المهم اختيار الشريك الذي يُبدي الحب ويعبِّر عن مشاعره، ويقدِّم هذه المشاعر الجميلة التي تجعل العلاقة مستمرة وقوية.
11. المشاركة:
تُعدُّ المشاركة حجر أساس الزواج، إذ يجب اختيار الشريك الذي يؤمن بهذه الفكرة، ويُدرك أنَّ الحياة الزوجية هي مُشاركة بالواجبات والمسؤوليات والقرارات، وألا يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، ولا يحتكر حق اتخاذ القرار له وحده.
12. لا قاسي ولا لين:
مثلما يقول المثل: لا تكن قاسياً فتُكسر، ولا ليناً فتُعصر، أي ألا يكون الشريك قاسياً عنيفاً، ولا هشاً ضعيف الشخصية لا وجود له.
13. الطموح:
من أهم المواصفات في شريك الحياة أن يكون شخصاً طموحاً يسعى للتطور وتحسين حياة أسرته.
14. الالتزام:
تحتاج مؤسسة الزواج لالتزامٍ من الطرفين، أي أن يلتزم كل منهما بالآخر، وينظر كل منهما للزواج على أنَّه مقدساً ولا يُسمح لأي طرف خارجي بتهديد استقراره.
15. التضحية والعطاء:
تُعدُّ الأنانية أكبر مدمر للعلاقات، فمن أهم مواصفات شريك الحياة أن يكون شخصاً معطاءً يؤمن بالتضحية والتنازل في سبيل الحفاظ على عش الزوجية.
16. العفوية:
يجعل الغرور والتصنُّع العلاقات متعبة؛ لذا من صفات الشريك المحببة العفوية والتلقائية أن يتصرف ويتكلم بكل بساطة وتواضع بدون تكبُّر أو تصنُّع.
17. الثقة بالنفس:
يجذب الإنسان الواثق من نفسه كل من يتعامل معه، فمهما كانت أفكار الإنسان مُهمة لن تغري أحداً في حال طُرحت بضعف وقلة ثقة بالنفس.
18. الكرم:
تستحيل الحياة مع الشخص البخيل، فالبخيل مادياً بخيل في كل شيء، لذا من أهم صفات شريك الحياة أن يكون كريماً مستعداً لبذل الغالي والنفيس في سبيل من يحبه.
19. الأخلاق:
لا تؤتمن الحياة مع شخص يفتقد الأخلاق، من مروءة، وصدق، وشهامة، وإخلاص، واحترام، فالأخلاق صفة جامعة وشاملة، والشخص ذو الأخلاق شخص جدير بالارتباط به والعيش معه.
20. السيطرة على الغضب:
تصعب الحياة مع الشخص العصبي الذي لا يُسيطر على غضبه، فمن الصفات المُهمة في شريك الحياة أن يتحلى بالثبات الانفعالي، أي أن يُسيطر على انفعالاته، ولا يسمح لمشاعر الغضب أن تعمي بصيرته وتدمر علاقته بشريكه.
21. الدعم:
من أهم مواصفات شريك الحياة أن يكون داعماً لشريكه، ويُؤمن به وبأحلامه ويُساعده على تحقيقها، إذ تكون الحياة معه عبارة عن رحلة رائعة من الإنجازات.
22. فارق العمر:
يجب اختيار شريك الحياة بفارق عمر معقول بحيث لا يؤدي إلى سوء التواصل بينهما، والفارق المثالي حسب ما حدَّده العلماء هو خمس سنوات، حيث بينَت دراسة أجريت على أربعة آلاف زوج، أنَّ الأزواج الذين ترواح فارق العمر بينهم بين خمس وأربع سنوات ونصف، كانوا الأكثر سعادةً، مقارنةً مع الذين تجاوز فارق العمر بينهم التسع سنوات.
23. الذكاء:
تتطلب الشراكة الزوجية الناجحة أن يتمتع الشريكين بنسبة ذكاء جيدة، فالحياة مع شريك ذكي تكون مريحةً وممتعة، لأنَّه سيكون قادراً على فهم شريكه وكيفية التعامل معه.
24. المظهر الخارجي:
لا يُشترط في شريك الحياة أن يكون وسيماً وساحراً، ولكن يكفي أن يكون شكله مقبولاً ومحبباً بالنسبة للطرف الآخر.
25. التكافؤ العلمي:
من المعايير المُهمة في الزواج التكافؤ العلمي بين الشريكين، أي ألا يكون هناك تفاوت كبير بينهما في المستوى العلمي، لأنَّ ذلك يؤدي إلى اختلاف في طريقة تفكير كل منهما، وفي أسلوب الحوار وطريقة التواصل مع الآخرين.
26. العيوب:
لا أحد منا كامل، ولكل منا مزايا وعيوب؛ لذا من الضروري أن يتعرف الإنسان إلى العيوب أو الطباع التي لا يُحبها في شريك الحياة المستقبلي، ويتأكد من قدرته على تقبلها والتعايش معها.
27. إعطاء المساحة الشخصية:
لكل إنسان منا مساحة شخصية خاصة به، قد يقضيها في ممارسة هواية يُحبها أو في الجلوس مع أصدقائه أو أي نشاط يستهويه، لذا يجب أن يكون شريك الحياة مدركاً لضرورة هذه المساحة الشخصية لكل منهما، ولضرورة احترامها وعدم اقتحامها.
28. أسئلة يجب أن تسألها لنفسك في أثناء اختيار شريك الحياة:
- - هل حياتي ستكون أفضل مع هذا الشخص؟
- - هل هذا الشخص يجعلني شخصاً أسعد وأفضل؟
- - هل يُضيف هذا الشخص قيمة إلى حياتي؟
- - هل أستمتع بقضاء الوقت معه؟
- - هل طاقة هذا الشخص جيدة بالنسبة لي؟
- - هل يستمع إلي هذا الشخص ويحترمني؟
29. رأي الأهل:
ينصح الخبراء بتقديم شريك الحياة المحتمل للأهل ودائرة الأصدقاء، لأنَّهم أكثر الناس معرفةً بشخصية الإنسان ورؤية نقاط الاختلاف والاتفاق بينهما، وبالتالي يمكنهم الحكم موضوعياً على شريك الحياة.
ثالثاً، هواجس تُؤخر الزواج:
1. ضغط التقدم في السن:
يُشكل تقدم المرء في العمر وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية ضغطاً على الشاب، وعلى الفتاة بنسبة أكبر، إذ تزداد ضغوط الأهل والمحيطين بهم لحثهم على الزواج.
2. زيادة الوعي:
كلما ازداد النضج يُصبح الشاب والفتاة أكثر وعياً ومعرفةً بمعايير وشروط نجاح الزواج، وبقصص الزواج المتعثر حولهم، وبالتالي يكون أكثر قدرة على اكتشاف العيوب في الشريك المحتمل، فتزداد صعوبة الاختيار.
3. الاختيار الخاطئ:
يُعدُّ الاختيار الخاطئ للشريك من أكبر الهواجس لدى الشاب والفتاة المقبلين على الزواج، حيث يخشى كل منهما الوقوع في هذا المطب، مما يجعلهم حذرين جداً، ويتأخرون في اتخاذ قرار الزواج.
رابعاً، كتب يُنصح بقراءتها لعلاقات عاطفية صحية:
- كتاب الذكاء العاطفي: للمؤلف دانيال جولمان.
- لغات الحب الخمس: للمؤلف جاري تشابمان.
- الرجال من المريخ والنساء من الزهرة: للمؤلف جون جاري.
- كيف تحصل على الحب الذي تريده: للمؤلف هارفيل هيندريكس.
- كتاب فن المحبة: للمؤلف إيريك فروم.
- افتحوا نوافذ للحب والحوار: للمؤلف محمد أحمد عبد الجواد
- ثلاثون سراً للأزواج السعداء: للمؤلف بول كولمان.
- الحب هو كل ما نحتاج إليه وبعض كذبات أخرى عن الزواج: للمؤلف د. جون دبليو جاكوبس.
- كي يعيش الحب طويلاً: للمؤلف أيفون دالير.
- رواية طعام، صلاة، حب: للكاتبة إليزابيث جيلبرت.
كيف أختار شريك الحياة؟
إختيار شريك الحياة هو قرار مهم يجب عليك اتخاذه بعناية وبتأني. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في اتخاذ هذا القرار:
1. تحديد المواصفات المهمة:
قبل اتخاذ قرارك، حدد المواصفات التي تبحث عنها في شريك حياتك، مثل القيم، الاهتمامات، الهدف، الشخصية، وغيرها.
2. التوازن بين العاطفة والعقل:
يجب أن تكون قادرًا على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات بعقلانية، دون أن تنسى الجانب العاطفي.
3. الاتصال والتفاهم:
تأكد من أن تكون هناك تواصل وتفاهم جيد بينكما، حيث أن القدرة على التحدث والاستماع بشكل صحيح أساسية في علاقة ناجحة.
4. التوافق الثقافي:
أهمية التوافق الثقافي لا يمكن إغفالها، فقد يؤثر بشكل كبير على العلاقة في المستقبل.
5. الاستماع للغرائز:
في بعض الأحيان، يمكن أن تكون لديك شعور غريب بأن شخصًا ما يناسبك بشكل كبير، لذا تأكد من أن تستمع إلى تلك اللغة الداخلية.
6. الوقت الكافي:
لا تستعجل في اتخاذ القرار النهائي، قد يحتاج الأمر لبعض الوقت لتتأكد من الشخص الذي تختاره.
في الختام:
"خذ وقتك" يُعدُّ اختيار شريك العمر القرار الأهم في الحياة؛ لأنَّك تختار الشخص الذي سوف تقضي بقية حياتك معه، وليست السعادة في سرعة الزواج، لذا احذر كل الحذر من التسرع في اتخاذ هذا القرار، وخذ وقتك في التعرف على شريك الحياة المحتمل واكتشاف نقاط التوافق والاختلاف بينكما، والتأكد من كل المعايير والمواصفات التي ذكرناها سابقاً والتي تُعدُّ من أساسيات الزواج الناجح.
أضف تعليقاً