قانون التراكم:
بدايةً يتساءل الكاتب: "كيف يستطيع الإنسان أن يكون متكاملاً تماماً، ومتزناً داخلياً؟". والاتزان هنا يشمل: الاتزان الروحاني، والاتزان الذهني، والاتزان العاطفي، والاتزان الجسماني.
هل يستطيع الإنسان أن يسامح غيره؟
أحياناً نجد شخصاً يفكر بالمنطق، ويقول: "أنا إنسانٌ متسامح"، لكنَّه إذا تذكَّر الماضي وفكَّر بتجربةٍ معيَّنة، فسوف يجد نفسه مازال متعباً نفسياً من تلك التجربة، والنتيجة:
من الخطأ أن يأخذ الإنسان تجربةً من الماضي بشعورها وأحاسيسها نفسها للمستقبل؛ وذلك لأنَّه سينتج عن ذلك قانون التراكم، وهو قانون من قوانين العقل الباطن، وهذا القانون يعني أنَّ الإنسان يأخذ تجربةً من الماضي ويفكر فيها من جديد بشعوره وأحاسيسه نفسها وقت حدوث تلك التجربة، وهذا يعطي لتلك التجربة قوةً أكثر، فتقوى المشاعر والأحاسيس أكثر فأكثر.
وللتخلص من قانون التراكم ينصح الكاتب باتخاذ هذه القاعدة: "لقد تعلَّمتُ منك الكثير والكثير، وذلك من خلال التجارب والخبرات، ولكنَّني سأترك المشاعر والأحاسيس لك ولن آخذها معي للمستقبل أبداً".
فطاقة الإنسان بين أمرين وهما: إما أنَّها تجعل هذا الإنسان يُحقق أهدافه، أو أنَّها ستصل به إلى مرحلةٍ سيندم على وصوله لها.
الخطة الثلاثية:
عناصر الخطة الثلاثية هي: التسامح، الحب، العطاء، فلن يستطيع الإنسان أن يعطي دون الحب، ولن يستطيع أن يحب دون التسامح، فهذه الأمور الثلاثة مرتبطةٌ ببعضها، فلا يستطيع أن يصل إلى واحدةٍ منها دون الآخرين.
1. التسامح:
إنَّ التسامح شيءٌ يتعلمه الإنسان بسهولة، لكنَّ تنفيذه صعب.
وتشمل مرحلة التسامح: التسامح المنطقي، والتسامح العاطفي؛ بمعنى أنَّ الإنسان كلما فكَّر في شخصٍ كان قد غضب منه، يتمنى له الخير، فالأسهل والأفضل أن تسامح وسيعطيك الله سبحانه وتعالى الثواب.
واعلم أيها الإنسان أنَّها حياةٌ واحدةٌ ليس لها (تجربة)؛ وإنَّما هي حياةٌ حقيقيةٌ ليس لها إعادة، فإذا ما انتهَت لم تَعُد، فيجب أن تستخدم كل لحظة في حياتك كأنَّها آخر لحظة منها، فأنت لن تخرج أبداً من هذه الحياة وأنت حي.
1. 1. أنواع الذات:
لكي نصل إلى مرحلة التسامح، يجب أن نعلم أنواع الذات، وأنواع الذات هي:
- الذات المزيفة: وهي الذات السُفلى، فالذات المزيفة هي التي تحتوي على: اللوم، والحقد، والغيرة، والمقارنة، كما تحتوي على: الغضب، والخصام، والكذب، والنميمة، والمنافسة، فتصل هذه الذات بصاحبها إلى مرحلة الكراهية، ثمَّ التكبر، فهي مليئة بالضغوط النفسية، وتوصل صاحبها للشعور بالوحدة، والقلق، والإحباط، والتعاسة، والعيش في الماضي، أو العيش في المستقبل، وفي الحالتين سيصل الإنسان إلى مرحلة الشر الداخلي وهي: البعد عن الله سبحانه وتعالى.
- الذات الحقيقية: وهي الذات العُليا التي يصل إليها الإنسان كل يوم ومن وقتٍ لآخر، ومن ضمن الأشياء التي تحتوي عليها الذات الحقيقية، التسامح الذي ينتج عنه الحب والذي سيتبعه الحنان ثمَّ العطاء، ثمَّ مرحلة الاتصال مع الآخرين ثمَّ الكفاح في سبيل الله، ثمَّ الكفاح لتستمر في حياتك حتى تصل إلى الثقة والتفاهم مع الآخرين، وتصل إلى التواضع، والتعلم، والصبر، والصدق، وكل هذه الأمور الإيجابية ستجعل صاحب هذه الذات يصل إلى راحةٍ نفسية وهدوء نفسي، وهو أمرٌ ليس من اليسير الوصول إليه، فراحة البال شيء يطمح إليه الجميع؛ وذلك لأنَّه يجعل صاحبه يتقبل نفسه كما هي، فيصل الإنسان إلى مرحلة الحكمة والسعادة، التي ستجعله يعيش في الوقت الحاضر لا في الماضي ولا في المستقبل، فيصل إلى مرحلة الخير التي يتقرب فيها من الله عزَّ وجل.
شاهد بالفديو: أهمية التسامح للفرد والمجتمع
1. 2. مفاهيم خاطئة عن التسامح:
- التسامح معناه الضعف: هناك مَن يقول إنَّ التسامح هو الضعف.
- التسامح معناه التحكُّم: هو اعتقاد بعض الناس أنَّ التسامح يعطي الآخر الفرصة ليتحكم بالشخص المتسامح.
- التسامح معناه تقبُّل الإهانة.
- التسامح معناه نسيان الأمر.
1. 3. ماذا يسبب عدم التسامح؟
يتسبب عدم التسامح في أمرين، هما:
- زيادة الشعور والأحاسيس السلبية.
- زيادة حدة التجربة.
1. 4. فوائد التسامح:
إذا كان الإنسان متسامحاً، فإنَّ تفكيره سيكون صحيحاً، وسيكون لديه اتزان في القوة الروحانية التي سينتج عنها اتزان الذهن، الذي سيعقبه اتزان الشعور والأحاسيس، وينتهي الأمر بأن يكون الجسم كله في اتزان فيحدث اتزان جسماني.
أما إذا كان الإنسان لا يتمتع باتزان روحاني، فإنَّه يفكر بالذات المزيفة، ويتصرف بها ويبني تفكيره من خلالها، وتوجد حقيقة في علم الميتافيزيقيا تقول: "إنَّ الإنسان إذا فكَّر تفكيراً صحيحاً، فإنَّه سيتكلم كلاماً صحيحاً، وإذا تكلَّم كلاماً صحيحاً، فإنَّه سيتصرف تصرُّفاً صحيحاً، وإذا تصرَّف تصرُّفاً صحيحاً، فإنَّ رد الفعل سيكون متزناً؛ مما ينتج عن ذلك شعور وأحاسيس متزنة وليست سلبية".
1. 5. خطوات التسامح:
- الإدراك: إذا أدرك الإنسان أنَّه يجب أن يكون متسامحاً، فذلك يمثل 50% من التغيير، فالإدراك يتبعه اتخاذ القرار بالتغيير.
- الاستفادة من التجربة: الاستفادة من التجربة يعني تعلُّم شيء جديد.
- الاحتفاظ بالمهارات: إذا نجح الإنسان أن يحتفظ بمهارته في تلك التجربة، فإنَّه سيتعلم شيئاً جديداً، وسينتج عن ذلك اختفاء للشعور والأحاسيس السلبية.
- التخلص من الأحاسيس السلبية.
- الفعل: وهو القرار بالتغيير والتصرف تصرُّفاً صحيحاً؛ وذلك لأنَّ التفكير سيكون منضبطاً، وستعرف ماذا تريد بالضبط.
1. 6. دوائر التسامح:
بدايةً، يجب عليك أن تطلب من الله سبحانه وتعالى أن يسامحك، وسيسامحك فعلاً؛ وذلك لأنَّ الله يغفر الذنوب جميعاً، ثمَّ يجب عليك بعد ذلك أن تسامح نفسك.
- سامح والديك: علينا أن نسامح والدينا، ونعلم أنَّهم كانوا يبذلون أقصى ما في جهدهم لتربيتنا وجعلنا أفضل منهم.
- سامح أولادك: يجب علينا أن نغفر لأولادنا، فهم يتعبوننا كثيراً في كل الأحوال، وفي كل مراحل حياتهم سيكون هناك تعب، ولكن يجب أن نغفر لهم ونسامحهم.
- سامح أفراد عائلتك: لقد كتبتُ على الرمال أنَّك ضربتَني حتى تجيء الرياح فتزيلها فأنساها، وكتبتُ على الصخر أنَّك أنقذتَني حتى لا تُمحَى ولا أنساها أبداً.
- سامح الناس: إنَّ الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده؛ لذلك، يجب عليه أن يغفر ويسامح غيره ممن أساؤوا إليه.
1. 7. استراتيجية التسامح:
- التفكير في الشخص والتجربة.
- الاسترخاء التام.
- التخيل والرجوع إلى الماضي.
- الاستدعاء.
- التسامح المتكامل.
2. الحب:
الحب يصنع المعجزات.
2. 1. دوائر الحب:
- حب الله سبحانه وتعالى: إنَّ رضا الله تبارك وتعالى يجب أن يكون الشغل الشاغل لكل إنسان في هذه الحياة، وحب الله سبحانه وتعالى ليس بالكلام وإنَّما بالفعل. نحن نعلم أنَّ الله تبارك وتعالى له تسعةٌ وتسعون اسماً مَن أحصاها دخل الجنة، والواجب على كل مسلم إزاء هذه الأسماء أن يحفظها ويعلم معناها، ثمَّ يحقق ما وصف الله سبحانه وتعالى نفسه بها. فالإنسان الموصول بالله دائماً لا يصيبه هم ولا حزن حتى وإن أصابه ما في صورته الخارجية ضرر، إلا أنَّه في حقيقته الخير من الله تعالى.
- حب المخلوقات: إنَّ حب الله سبحانه وتعالى ينبع منه حب كل المخلوقات سواء من بني آدم، أم من المخلوقات الأخرى، "إنَّ من حب الله تبارك وتعالى أن تُحِبَ مخلوقاته".
- حب النفس: عليك أن تحب نفسك وتقدِّرها، وتقول: "أنا أحب الهدية التي وهبني الله سبحانه وتعالى إياها"، ومن حبك لله سينبع حبك لنفسك؛ وذلك لأنَّك معجزةٌ أبدعها الله عزَّ وجل، فعليك أن تصل إلى مرحلةٍ تحب فيها نفسك، فلقد خلقك الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم، ويجب عليك أن تحب نفسك وتقدِّرها، وتقول: "أنا متزن داخلياً، وأحب الهدية التي وهبني الله سبحانه وتعالى إياها".
- حب الوالدين: يجب على الإنسان أن يحب والديه مهما فعلا معه، فلا بُدَّ أن نتعلم كيف نحب، وكيف نحضن، ونتعلم الحب الصحيح، والحضن الصحيح، فحتى الحضن له طريقة معيَّنة مرتبطة بالطاقة.
- حب أفراد العائلة: لا بُدَّ لنا أن نصل إلى مرحلةٍ ندرك فيها كيف نحب، وكيف نجهر ونعلن عن هذا الحب، فيجب عليك أن تحب إخوتك كما هم، فإذا علمتَ أنَّ هذه هي آخر ساعة في عمرك، ستكون حينها متسامحاً، وستقول للجميع: "سامحوني واعلموا أنَّني أحبكم"، فلماذا لا نكون هكذا دائماً؟ فإذا كان هناك من يخاصم أحداً في عائلةٍ، فينبغي ألا يفعل ذلك، ونحن نعلم أنَّ الخصام أكثر من ثلاثة أيام أمرٌ يُغضِبُ الله سبحانه وتعالى، والخصام شيءٌ يُفقدنا جزءاً من طاقتنا، فالأفضل والأسهل كما قلنا آنفاً أن تسامح وسيعطيك الله سبحانه وتعالى الثواب، فنحن ليس لدينا الوقت في هذه الدنيا للحزن والضيق والغضب من شخصٍ معيَّن، أو موقفٍ محدد، فإذا غضبتَ من شخصٍ ما، فلا تهدر طاقتك في الغضب والضيق والحزن، وإنَّما الأفضل أن تسامحه وتنسى ما حدث فتحبه، فأرسل لمن يضايقك باقةً جميلةً من الطاقة، بدلاً من أن يُفقدك هو طاقتك التي لو وصلَت إلى بلدٍ لأضاءته لمدة أسبوعٍ كامل.
- حب العمل: تعلَّم كيف تجتاز ما يعترضك من ظروفٍ وعقبات، وكيف تتكيف مع ما لا تستطيع اجتيازه مما لا يرضيك، ولا تحب من حالاتٍ وظروفٍ ومواقف. عليكَ أن تتعلم كيف تحب عملك، وكيف تعطي فيه بكل جهدك، فإذا أردتَ أن تأخذ، عليك أن تعطي، وذلك حتى يكون راتبك حلالاً، ويجب عليك أن تبذل مجهوداً لتكون مستحقاً ذلك المال. وحتى تنتقل من مرحلةٍ إلى أخرى، احرص على أن تحب مجال عملك، واعلم أنَّك لن تستطيع أن تتفوق، أو أن تبدع في مجالٍ لا تحبه. فلا أحد يقول: "أنا لا أحب وظيفتي"، وإنَّما يجب عليك أن تتعلم كيف تحب عملك، فلا تقل: "عندما أجد وظيفةً أخرى سأكون أفضل"؛ وذلك لأنَّك لن تكون كذلك؛ حيث إنَّ مشاعرك وأحاسيسك السلبية في هذه الوظيفة ستنقلها معك للوظيفة الجديدة، ونصائح الكاتب في هذا الصدد:
- "إياك أن تترك أيَّة وظيفة بناءً على شعورٍ وأحاسيس سلبية".
- "تعلَّم من تجاربك، وتخيَّل نفسك في المستقبل، واعلم أنَّ هذه مجرد مرحلة، وأنَّ هذه تحديات الحياة، ولن تأتي الظروف دائماً بما ترجوه".
- حب الناس: كما ذكر الكاتب آنفاً، إنَّ طبيعة الإنسان الداخلية هي التي تحدد علاقاته بالآخرين، فيجب على الإنسان أن يحب الناس بلا شروط. فإذا كان الإنسان محباً من داخله للآخرين ساعياً إلى مد جسور التواصل بينه وبين غيره، فإنَّه سيحب الآخرين وسيسعد بهم، وسيبادلونه الشعور نفسه. أما إذا كان الإنسان من داخله كارهاً للآخرين، مترقباً منهم الزلات، لا ينظر فيمن حوله إلا إلى الجانب المظلم من شخصياتهم فهو لا يرى في غيره من الناس إلا كل ما هو سيئ ومظلم، فهذا الإنسان بلا شك سيكره من حوله أياً كانوا؛ وذلك لأنَّ الكره نابعٌ من داخله وليس نتيجةً لتصرفاتهم معه.
3. العطاء:
على قدرِ عطائك لغيرك سيكون كرم الله سبحانه وتعالى عليك.
في الختام:
عش كل لحظة وكأنَّها آخر لحظة في حياتك، عش بالإيمان وبحب الله سبحانه وتعالى، وعش بالأمل، وبالحب، وبالكفاح، وقدِّر قيمة الحياة، وتعلَّم من تجاربك، وتخيَّل نفسك في المستقبل، واعلم أنَّ هذه مجرد مرحلة، وأنَّ هذه هي تحديات الحياة، ولن تأتي الظروف دائماً بما ترجوه، ولكن يجب أن يكون إحساسك إيجابياً، مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات، ومهما كان المؤثر الخارجي، فأنت لا زلتَ حياً تتنفس، وعندك فرصة لتقترب أكثر من الله سبحانه وتعالى، فما دمتَ حياً في هذه الدنيا فسوف تدعمك أحاسيسك، فلا تجعل ما بداخلك يضايقك، واعلم أنَّ الحب هو أساس الحياة ونعمة عظمى من الإله سبحانه، فلا تحرم نفسك من العيش في ظل تلك النعمة العظيمة.
أضف تعليقاً