ما هي الانفعالات؟
هي حالات نفسية ووجدانية، تتملك الإنسان وتؤثر في سلوكه وتوازنه النَّفسي، مثل انفعال البكاء والضحك والسعادة والحزن والغضب.
يختبر الإنسان الانفعالات منذ سنوات حياته الأولى، ولكنَّه لا يقدر في وقتها على التَّحكم بها، وعندما يكبر يبدأ يعرف كيف يسيطر عليها ويتحكم بها، فهناك مَن تمكن من اكتساب مهارة التحكم بانفعالاته، وهناك مَن لم يعرف يكتسبها.
الانفعالات الشديدة تُفقد الإنسان أعصابه وسيطرته على ذاته، وتجعله يتصرف بطريقة لا عقلانية، ويتخذ قرارات خاطئة، ويُصدر أحكاماً غير سليمة تجاه الآخرين، مما قد يُعرضه للخسائر المادية وحتى الاجتماعية.
لا يحب الناس التعامل مع الشخص الانفعالي، ويُحاولون تجنبه لأنَّه خَلَقَ خوفاً من ردَّات فعله في نفوسهم.
ما هو الثبات الانفعالي؟
هو قدرة الفرد على البقاء مستقراً وهادئاً بعيداً عن المشاعر السلبية كالغضب والتوتر والعصبية مهما كانت الظروف المحيطة به سيئة فهو قادر على مواجهة المشكلات والتعامل مع المواقف المحرجة بعقلانية فلا تسيطر مشاعره المضطربة عليه بل يفكر جيداً قبل إعطاء ردة فعل، ويعتبر الثبات الانفعالي أعلى درجات سيطرة الإنسان على ذاته وتحكمه بمشاعره وعواطفه المختلفة ولكن لا يصل الفرد إلى الثبات الانفعالي إلا بعد مروره بالعديد من التجارب والمواقف الصعبة.
أنواع الانفعالات:
يُصنف الأطباء النفسيين الانفعالات إلى:
- انفعالات إيجابية: التي تزيد من طاقة وحماس الإنسان، مثل الفرح والحب.
- انفعالات سلبية: التي تقلل الحماس والطاقة لدى صاحبها، مثل الخوف والغضب.
- انفعالات فطرية: تظهر في بداية العمر، وتكون تلقائية، وممكن أن تكون لأتفه الأسباب.
- انفعالات مُكتسبة: تأتي في نهاية العمر وتكون نابعة من تراكمات مختلفة، مثل الغيرة أو الازدراء.
ما هي الأسباب الكامنة وراء انفعالاتنا؟
- الإحباط والتعرض للضغوط الحياتية، مما يخلق شخصيات عنيفة.
- ممكن أن يكون للعامل الوراثي دوراً في ردات فعل مشابهة.
- قد تكون طبيعة شخصية الإنسان منذ الطُّفولة أنَّه سريع الانفعال والغضب ويُستثار من أبسط الأشياء.
- التربية في الطفولة؛ وذلك عندما يتربى الطفل على أيدي أب أو أم عنيفين، فإن كان هناك عنف زوجي بين والديه، قد يصبح صاحب ردَّات فعل عنيفة.
- عدم الاستقرار في الأوضاع المادية، يجعل الإنسان دائم التوتر وشديد الانفعال.
لماذا يعدُّ الإنفعال مُضرّاً؟
يؤثر الانفعال في الاتِّزان العقلي للإنسان؛ قد يفقد أعصابه وسيطرته عند الانفعال، فتصبح كلماته وتصرفاته غير صائبة، ممَّا يُسبب له الكثير من المشاكل والخسارات، التي تفسُد علاقته بالآخرين، الذين يبدؤون تجنبه خوفاً من ردات فعله، وقد تتحول بعض علاقاته لعداوات، كما أنَّه يخسر صحته، حيث أثبتت الأبحاث علاقة الانفعال بالإصابة بالقولون العصبي، وارتفاع ضغط الدم، والجلطات القلبية.
تمارين الثبات الانفعالي، كيف أتحكم بانفعالاتي وأحافظ على ثباتي الانفعالي؟
الحفاظ على الثبات الانفعالي والتحكم في ردود أفعالك هو أمر مهم لتحسين جودة حياتك النفسية وعلاقاتك مع الآخرين. تدريبات الثبات الانفعالى تعتبر وسيلة فعالة لتحقيق ذلك. هذه التدريبات تساعدك على أن تصبح أكثر وعياً بمشاعرك وتفاعلاتك العاطفية، وفي الوقت ذاته تمكّنك من تطوير القدرة على التحكم في استجاباتك الانفعالية في مختلف المواقف. إليك مجموعة تمارين لزيادة الثبات الانفعالي:
1. محاولة فهم أسباب انفعالي:
أولى خطوات ضبط النَّفس في فهم الإنسان لذاته، وتحليل نفسه متى ينفعل؟ ولماذا ينفعل؟ هل من الموقف الحاصل، أم أنَّه يتجاوز اللَّحظة لتراكمات من الماضي، أم أنَّه يُعاني من ضغوط تجعله في حالة انفعال دائم؟ إنَّ محاولة معرفة السبب تُمكِّن من معالجته والسيطرة على الانفعال.
2. العد التنازلي:
ينصح علماء النفس باتباع هذه الطَّريقة، باستخدام الأرقام من 1 إلى 10، للسيطرة على الغضب وتهدئة النفس.
3. تمرين التنفس بعمق:
يُساعد أخذ شهيق وزفير بعمق وبطء لعدة لحظات على الاسترخاء، وذلك مع قول عبارة أو كلمة لها أثر إيجابي على الإنسان، مثل: "أنا قوي وأستطيع أن أسيطر على انفعالاتي"، "لن أسمح للغضب أن ينال مني"، "سأتجاوز الموقف دون أن يثير انفعالي"، "لن أسمح لأحد أن يُزعزع ثقتي بنفسي".
4. تدريب النفس على الهدوء "الثبات الانفعالي":
عندما يتعرض الإنسان لأمر ما يثير انفعاله، يُحاول أن يُفكر قبل انفعاله لحظة واحدة أنَّ الانفعال لن يُفيده شيئاً وسيُعقد الأمر، ويُحاول التزام الهدوء وإخفاء غضبه، حتى لو كان ذلك غصباً عنه في المرات الأولى، لكن شيئاً فشيئاً يتحول لعادة وسلوك دائم، وبهذا نكون تدربنا على المحافظة على ثباتنا الانفعالي.
5. الهروب والخيال:
عندما ينفعل الإنسان كثيراً ويفقد السيطرة، من الأجدى أن ينسحب ويجلس في مكان هادئ لوحده، وأن يتخيل مشهداً يُريحه كالبحر أو الطَّبيعة.
6. الكتابة:
تعدُّ الكتابة من الوسائل المفيدة في تفريغ المشاعر السلبية، وإعادة السيطرة والتفكير بالأحداث، وزيادة الضبط الانفعالي.
7. التفكير قبل الكلام:
من الخطأ أن يتكلم الإنسان وهو في لحظات انفعال، يُنصح أن يصمت لثوانٍ، ويأخذ وقتاً للتفكير فيما يجب أن يقول أو يتصرف.
8. الثقة العالية بالنفس:
كلنا يتعرض لأشخاص سلبيين، لديهم متعة باستفزاز الآخرين وإغضابهم، والثقة بالنفس هي السلاح في مواجهة هؤلاء الأشخاص، ويجب ألَّا نترك مجالاً لاستفزازهم أن يُزعزع استقرارنا النفسي.
شاهد بالفديو: 9 نصائح مؤثرة لتعزيز الثقة بالنفس
9. القيام بعادات تُعلّم الصبر:
مثل قراءة كتاب لساعات، وممارسة الرياضة، أو أي عادة تعلم الصبر وضبط النفس وضبط الانفعالات.
10. ممارسة نشاطات تُهدئ النفس:
يُنصح عند شعورنا بالانفعال اللجوء لنشاطات مثل سماع الموسيقى، المشي في الهواء الطَّلق، والغناء وغيرها من النشاطات التي تُحسن المزاج والحالة النفسية.
11. التماس الأعذار:
من المفيد أن نحاول فهم موقف الطرف الآخر، ونلتمس له الأعذار، عندها قد نُسامحه ولا نرى أنَّ هناك ما يستدعي الانفعال.
12. المرونة:
المرونة في تقبل الأحداث والمواقف مهما كان نوعها، وتوقُّع مستجدات الحياة وتحدياتها، أي أن يبقى الإنسان جاهزاً ومتوقِّعاً كل شيء، فلا ينصدم ولا ينفعل، ويتقبلها بكل مرونة وإيجابية، ويعمل عقله وليس عاطفته، وأن تكون ردات فعله عقلانية وليست استجابة وقتية.
13. عدم اتخاذ قرار:
أكبر خطأ أن يتم اتخاذ قرار في أثناء الانفعالات، لأنَّه مبني على أساس انفعال، وليس حالة طبيعية صحية، لذا من الضروري عدم اتخاذ أي قرار تحت ضغط الانفعال، وإنَّما تأجيله لتهدأ النفس واستجماع الأفكار، ليكون قراراً صائباً.
14. الابتسامة:
للابتسامة مفعول سحري في التحكم بانفعالاتنا، عندما يتعرض الإنسان لموقف يُثير انفعاله، يَنصحه علماء النفس بالابتسامة، ومحاولة تحويل الموقف لشيء من الفكاهة، إذ إنَّ الفكاهة تُخفِّف من حجم المشكلة وتجعلها تبدو أسخف مما هي عليه.
15. الحصول على قسط كافٍ من النوم:
حسب العديد من الدراسات، إنَّ النوم المتوازن يؤثر على درجة سيطرة الإنسان على انفعالاته، وعند الحرمان من النوم الكافي فإنَّ الوظائف الدماغية تضعف، خصوصاً منطقة قشرة الفص الجبهي، التي تصبح أقل قدرة على التحكم بمناطق في الدماغ المسؤولة عن التجاوب مع مشاعر التوتر.
شاهد بالفديو: هل تنام أقل من سبع ساعات؟ هذه الأمراض تنتظرك
16. ممارسة الرياضة:
في دراسة حديثة أجرتها جامعة تكساس الأمريكية، تم تقديم استبيان للمشاركين لتقدير درجة ضبط النفس لديهم، ومن ثم طُلب منهم المداومة على ممارسة التمارين الرياضية "المشي أو الهرولة" مدة شهرين متتابعين، على أن يقوموا بمراجعة المشرفين على الدراسة 3 مرات أسبوعياً؛ وفي كل مراجعة للمشاركين، كان يُطلب منهم الإجابة عن نفس الاستبيان، وفي النهاية لم تؤدِّ التمارين الرياضية لزيادة قدرة المشاركين على ضبط النفس فحسب، بل إنَّ التحسن الذي حصل لهم استمر لشهر كامل بعد انتهاء الدِّراسة.
17. الوقت كفيل بحل المشكلة:
يجب أن نتذكر دائماً هذه الفكرة، وعندها سنشعر أنَّ المشكلة التي نحن فيها ستكون لا تستحق الانفعال بعد مرور فترة من الزمن، والتفكير في المشاكل القديمة وكيف مرت دون أن تترك تأثيراً كبيراً، يساعدنا في تحسين نظرتنا لمشكلتنا الحالية.
توقَّف عن قول كلمة "لا أستطيع":
تؤثر نوعية الكلمات التي يستخدمها الإنسان على سلوكاته لاحقاً، ويرغب الكثير من الأشخاص الذين يُعانون من فقدان سيطرتهم أثناء الانفعال، في التخلص من هذا الطبع، واكتساب قدرة السيطرة على النفس عند الانفعال، لكنَّهم سلَّموا للأمر، مُفترضين أنَّه غير قابل للحل، فلسان حالهم يقول: "أفقد عقلي حين أنفعل، وبعدها ألوم نفسي كثيراً وأشعر بالندم الشديد، ولكنِّي لا أستطيع التحكم بنفسي".
لذا يجب التوقف عن قول كلمة: "لا استطيع التحكم بانفعالي"، وقول: "أنا أريد وأستطيع التحكم بها".
شاهد: كيف تتحكم بانفعالاتك؟
في الختام:
أشار المتحدث التحفيزي ستيفن كوفي إلى هذا المبدأ الأساسي: " بين التحفيز والاستجابة، هناك مساحة، في هذا الفضاء تكمن قدرتنا على اختيار ردنا، في ردنا تكمن لدينا القوة والسَّعادة".
السر إذن هو إيجاد المساحة بين الحافز للانفعال ورد فعلنا اللاحق، هذه المساحة هي التي تُمكننا من المحافظة على ثباتنا الانفعالي.
أضف تعليقاً