7 معتقدات توقف عن الإيمان بها لعيش حياة ناجحة وفقاً لشروطك الخاصة

لأنَّ العقلَ يقود الجسد فإنَّ طريقة تفكيرنا هي ما تجعل أحلامَنا في النهاية ممكنة التحقيق أو مستحيلةً للغاية؛ فواقعُنا بكامله تقريباً هو انعكاسٌ لأفكارنا وطريقة تصرُّفنا الروتينية بناءً على ما نظنُّ أنَّه صحيح؛ لكنَّ المشكلة تكمن في أنَّ ما نظنُّه صحيحاً ليسَ الحقيقة دائماً؛ إذ يتعذر علينا تحقيق أحلامنا ويملأ الندم حياتنا حين تمنعُنا مُعتقَداتنا المُضلِّلة والخاطئة من أن نكون الأفضل، وتتكرر هذه الظاهرةُ في حياتنا بمُعدَّل أكبر ممَّا يُدركه مُعظَمنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن أهم المُعتقَدات التي يجدُر بنا تركُها والتخلُّص منها في سبيل عيش حياة ناجحة وأكثر سعادة وفقاً لشروطنا الخاصة.

يلجأ إلينا المتدربون بصورة يومية تقريباً حاملين أسئلةً وهموماً ومخاوف تخصُّ المشكلات التي تواجههم باستمرار والأشياء التي يندمون عليها، والتي تؤججها أو تغذيها بصورة رئيسة تصوراتهم الخاطئة ومفاهيمهم المغلوطة عن الواقع الذي يعيشون فيه، وعلى اختلاف ظروفُهم الشخصية ثمة تشابه ملحوظ في المُعتقَدات الأساسية التي تضللهم.

الحقيقة هي: مهما كنتَ شخصاً ذكياً أو مُثقَّفاً ومتعلماً فإنَّ عقلَك الباطن سيربُط نفسَه أحياناً بالمُعتقَدات التي عادةً ما تدفعُك بعيداً عن المكان الذي ترغب أن تكون فيه في حياتك، وقد عبَّر أحد المتدربين عن ذلك بطريقة أخرى حين قال في إحدى مكالمات التدريب هذا الصباح: "يبدو أنَّ عقلي مُكتَظٌّ وممتلئٌ بكل تلك المُعتقَدات التي تقودني بالضبط إلى الاتجاه المعاكس لتحقيق أحلامي التي تتمثل بعيشِ حياة ناجحة وفق شروطي الخاصة".

لذا على ضوء الحقيقة التي أدركها متدربُنا السابق وجهودنا الجماعية بوصفنا بشراً في سبيل تحسين طريقة تفكيرنا وعيشِ حياة أفضل، إليكَ بعضُ المُعتقَدات الخاطئة والشائعة للغاية التي يجب عليك التخلص منها إن كنتَ تريد عيشَ حياة ناجحة وأكثر سعادة وفقاً لشروطك الخاصة:

1. الاعتقاد بأنَّ تعريف النجاح في حياتك وطريقك للوصول إليه يحدِّده الآخرون:

حين كنتُ صغيراً كان هناك تعريفٌ ضمني، لكن مُتَّفَقٌ عليه بالإجماع لِما يبدو عليه النجاح في عائلتي، ورغم أنَّنا لم نناقشْ ذلك التعريف صراحة وعلانيةً إلَّا أنَّه كان يُشار إليه بطريقة ضمنية مُبطَّنة خلال معظم المُحادَثات والقرارات المختلفة التي كانت تشملني بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ إذ كان جميعُ أفراد عائلتي الصغيرة والكبيرة ضمن واحدةٍ من المجموعتَين الآتيتَين:

  • متعلمون وخريجو جامعات، ولديهم وظيفة مُريحة براتب ثابت ضمن شركة كُبرى.
  • عمال يدويون شقُّوا طريقَهم بجد واجتهاد واستمرُّوا بارتقاء سُلَّم المناصب الوظيفي في إحدى الشركات الكُبرى.

كان القاسم المُشترَك بين المجموعتَين هو الحصول على راتب أو أجر ثابت من إحدى الشركات الكُبرى، وقد كان ذلك تعريف النجاح المتفق عليه ضمنياً في عائلتي، وقد كنتُ شخصاً فاشلاً في حياتي، وما زلت كذلك وفقاً لذلك التعريف؛ فقد حصلتُ على شهادة جامعية؛ لكنَّني اخترتُ التنقُّل بالعمل بين شركات ناشئة صغيرة عديدة خارج الجامعة بدلاً من ذلك، وقد كانت الأجور أو الرواتب التي أحصل عليها منخفضةً، كما أنَّ استقراري الوظيفي لم يكن ثابتاً في أحسن الأحوال؛ لكنَّني كنتُ أتعلم وأكتسب خبرةً في كل مرة.

بعدَ استمراري سنواتٍ عديدة في ذلك الطريق تركتُ وظيفتي اليومية الأساسية وسط انهياري؛ نتيجة تراكم المآسي والمصائب في حياتي؛ للتركيز بتفرُّغ كامل على مشروعٍ جانبيٍّ جديد وهو مُدوَّنة "مارك وإنجل هاك لايف" (Marc and Angel Hack Life) التي كنتُ وزوجتي "إنجل" نطورها تدريجياً ونعمل على دعمها وتأييدها طوال الوقت، وحتَّى في الليالي وخلال عطلات نهاية الأسبوع، وبالطبع كانت عائلتي شديدة التشكُّك والريبة حول مسيرتي المهنية المتطورة وقراراتي؛ لكنَّني أدركتُ في وقتٍ ما أنَّه يتحتم عليَّ أن أتخلى عن تعريف عائلتي للنجاح، كما تحتَّم عليَّ التخلي عن أي تعريفٍ للنجاح يتعلق بي قد وضعَه الآخرون أيضاً.

بالطبع لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق؛ فتعاريف النجاح التي زُرِعَت في نفسي في أثناء طفولتي والمُعتقَدات التي حملَتها كانت راسخةً ومتأصلةً بعمق في القصص والحكايات الثقافية التي اعتدتها لدرجة أنَّها أصبحَت إلى حدٍّ كبير معياراً أو مقياس أداءٍ عمدتُ من خلاله لا شعورياً إلى قياس حياتي وتقييمها بناءً عليه؛ لذا فقد استغرقَ مني الأمرُ بعضَ الوقت لتصفية ذهني وتقويم أفكاري وفهمِ ما يعنيه النجاحُ حقاً بالنسبة إلي.

أنا متأكدٌ بأنَّك ستتفهَّمني إلى حدٍّ مُعيَّن؛ فلا أحدَ مُستَثنى من هذه الظاهرة في حياته؛ فحتَّى رواد الأعمال الأكثر خبرةً وتمرُّساً والأشخاص المبدعون الذين أعرفهم، والذين يعيشون إجمالاً وفقاً لشروطهم الخاصة بكل طريقة يمكن تخيُّلها ما زالوا يقعون في فخ تصديق الفكرة المُبالَغ بها المتعلقة بأنَّ الشهرة والثروة رمزان للنجاح ويقضون حياتَهم في محاولة تحقيق ذلك.

خلاصة القول: رغم أنَّ التخلي عن تعريف الآخرين للنجاح والتوقف عن التأثر فيه واعتماده في حياتك أمرٌ صعبٌ ويتطلب جهداً كبيراً إلَّا أنَّه يحررك بصورة مذهلة من قيود التبعية للآخرين ويقودك في النهاية إلى التعبير الكامل عن هويتك الحقيقية؛ لذا أريد منك التفكير ملياً في هذا الأمر؛ فالآخرون لن يُضطَرُّوا إلى العيش مع نتائج قراراتك والخيارات التي تتخذُها؛ بل أنتَ وحدَك مَن سيتحمل تلك النتائج؛ لذا ما من سببٍ يدعوك إلى العيشِ وفقاً لتعريفهم للنجاح؛ فمعظمنا في الواقع تبنَّى تعريفَه للنجاح ومُعتقَداته كذلك من الناس حولَه بكل بساطةٍ بدلاً من التفكير جيداً بما يعنيه النجاحُ له بصدقٍ واعتماد تعريفه الخاص.

لقد أخبرتنا إحدى عميلات التدريب أنَّها ترغبُ في أن تصبح مليونيرةً لاتخاذ خطوات معينة لتحقيق النجاح، لكنْ حين تعمقْنا أكثر في قصتها وأسبابها وتفكيرها أصبح من الواضح أنَّ معظم الأسباب التي دفعَتها إلى الرغبة في أن تصبح مليونيرةً لم تكُن تتطلَّب مليون دولارٍ لتحقيق النجاح في الواقع، وكل ما في الأمر أنَّها تربَّت على هذا الاعتقاد، وهو ما دفعها إلى الضحك بصوتٍ عالٍ حرفياً حين أدركَت ذلك بعد نقاشنا المُطوَّل؛ إذ يُصبح من الأسهل التخلي عن الإيمان بتعريفات الآخرين ومُعتقَداتهم المُختلقة من خلال فهم جوهر أهدافك وأساسها وتعريفك الحقيقي الخاص للنجاح من وجهة نظرك.

اعلم أنَّ المغزى أو المقصَد ليس أنَّ أحد مقاييس النجاح أفضل أو أسوأ من الآخر؛ بل أن يتسنَّى لك اختيارُ تعريف النجاح الخاص بك وفقاً لوجهة نظرك وشروطك الخاصة، فما عليك إلَّا أن تدرك أنَّه كلما زاد وعيُك وتروِّيك وتدبُّرُك حول معنى النجاح بالنسبة إليك تعزَّزَت قدرتُك على متابعة طريق النجاح الصحيح بالنسبة إليك والسير فيه.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلص من المعتقدات السلبية التي تمنع وصولك إلى أقصى إمكاناتك؟

2. الاعتقاد بأنَّك يجب أن تشعر بثقة كبيرة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية في حياتك:

يُخطئ مُعظَم الناس في فهم معنى الثقة بالنفس؛ إذ يظنُّونها أمراً عليهم امتلاكُه أو الاستحواذ عليه قبل أن يتمكنوا من تأدية مهامهم على الوجه الأمثل؛ لذا فإنَّهم يتخذون قراراً لا شعورياً بالانتظار حتى يشعروا بثقة كبيرة قبل أن يتخذوا الخطوة التالية للتقدُّم في حياتهم، لكن مُجرَّد الانتظار دون فعل أي شيءٍ ليس عملاً يؤدي إلى بناء الثقة بالنفس أو تعزيزها؛ لذا فإنَّهم لا يزدادون ثقةً أبداً ولا ينتقلون إلى الخطوة التالية أبداً؛ ومن ثمَّ فإنَّهم لا يتقدمون في حياتهم على الإطلاق.

لذا فليكُن كلامي هذا بمنزلة تحذير أو تنبيه لك؛ فالثقة ليسَت مُتطلَّباً أساسياً أو ضرورياً لتحقيق الإنجازات الحالية والمُستقبلية؛ بل على النقيض من ذلك الثقةُ بالنفس هي نتيجة ثانويةٌ مباشرة لأدائك وإنجازاتك السابقة.

على سبيل المثال إن بدأتَ يومك بطريقة مُوفَّقة وصحيحة على الأرجح أنَّك ستتمتَّع بثقة أفضل بالنفس طوال ما تبقى من يومك، وعلى العكس من ذلك إن تعثرت في بداية يومك على الأرجح أنَّ ذلك الأداء المُسبَق الذي بدأتَ به يومَك سيقلل من ثقتك بنفسك لبعض الوقت حتَّى يعود مستوى الثقة لديك إلى ما كان عليه.

لكنَّ الجدير بالذكر هو أنَّ اليومَ سيكون ماضينا في الغد؛ إذ تعتمد ثقتُك بالبدء في عيشِ يوم الغد مباشرةً على اتباعك لسلوكات وتصرُّفاتٍ إيجابية اليومَ، ومن ثمَّ التعلم واكتساب الخبرات منها؛ ممَّا يعني أنَّك تستطيع الاستفادة من تصرُّفاتك ونشاطاتك الحالية واستثمارُها في تعزيز ثقتك المستقبلية بنفسك، وكذلك إجبار نفسك على الانتقال إلى الخطوة التالية في حياتك؛ لأنَّها تُعدُّ الخطوة الأولى في طريقك نحو اكتساب مزيد من الثقة بنفسك؛ لذا كلَّما وجدتَ نفسَك منتظراً اكتساب ثقة كبيرة قبل إنجاز المهمة التي بين يديك ذكِّرْ نفسك بكيفية النجاح باكتساب الثقة وتأثيرها؛ ومن ثمَّ أجبرْ نفسَك على البدء بالعمل قبل أن تشعر بأنَّك مستعدٌّ لذلك.

بدأت أنا وزوجتي في عام 2006 إنشاء مدونة، ولم نكُنْ نعلم حينَها كيفية إنشاء موقع على الإنترنت أو تصميمه، ولم يكُنْ لدينا أدنى فكرةٍ عن ماهية المُدوَّنة، كما أنَّنا لم نكن كاتبَين ماهرين، وقد اقتصرَت معرفتُنا حينَها على خمسة أمورٍ وهي:

  • خسارتُنا لاثنَين من أحبائنا أخيراً؛ بسبب المرض والانتحار على نحوٍ مفاجئ.
  • معاناتُنا ومواجهتُنا صعوبات كثيرة في حياتنا الشخصية والمهنية.
  • حاجتُنا إلى وسيلة تعبيرٍ للتنفيس عن مشاعرنا وأحاسيسنا.
  • شغفُنا وحماستُنا للكتابة وتحسين أنفسنا بها.
  • عدمُ ممارستنا الكتابة بصورة كافية.

لا بدَّ أنَّنا تعلمنا تصميم موقع على الإنترنت أو إنشاء مُدوَّنة، ووجدْنا الثقة اللازمة للإقدام على ذلك بالطريقة نفسها التي يتَّبعها أيُّ شخصٍ آخر؛ أَيْ تدريجياً شيئاً فشيئاً، وخطوةً تلو الأخرى، وبكتابة صفحةٍ واحدة تلو الأخرى؛ إذ عليك البدءُ بالقراءة والتعلم؛ لتتمكن من اتخاذ القرارات والإجراءات، وعندَها سترتكب الأخطاء التي تتعلم منها وتكتسب مزيداً من الخبرات وتجرب بعدَها مرةً أخرى.

هُنا ستجد نفسَك شخصاً أفضل وأكثر ثقةً بنفسه؛ ومن ثمَّ ستتعلم المزيد بعدَها وتتخذ المزيد من القرارات وتُقدِم على المزيد من الإجراءات والنشاطات، وهذه العملية هي جوهرُ جميع المُبادرات الفعالة والناجحة لبناء الثقة وتحقيق الأهداف، كما أنَّها إحدى المهارات الأساسية والضرورية التي ينبغي لك تطويرُها في نفسك كي تتمكن من النجاح في حياتك.

ليس من الهام إن كنتَ تطمح لأن تصبح مُدوِّناً أو رائد أعمال أو فناناً أو مُديراً تنفيذياً لإحدى الشركات الكبرى؛ فكلُّ ما عليك فعلُه هو البدء بالعمل على تحقيق إنجازاتك قبل أن تشعر بالاستعداد لذلك، وعندَها ستتمكن من تعلم كيفية النجاح تدريجياً؛ وذلك قبلَ أن تُدرك حتَّى أنَّك جيدٌ بما يكفي لتحقيق ذلك الإنجاز أو النجاح.

اليومُ هو اليوم المنشود؛ فقد حان الوقت للبدء بوضع خططك قيدَ التنفيذ وبناء طقسٍ أو روتينٍ يومي في حياتك يتجلى بتحقيق إنجازات ومكاسبَ صغيرة لنفسك، وأؤكد لك بأنَّ تلك المكاسب ستتجمع وتتراكم سريعاً من خلال ذلك؛ مما سيُكسبك ثقةً أكبر ويقرِّبك أكثر من الأهداف التي ترغب في تحقيقها في النهاية مع مرور كل يوم.

شاهد بالفيديو: كيف يمكن تكوين وترسيخ عادات جديدة في حياتك؟

3. الاعتقاد بأنَّ مزيداً من التخطيط والتفكير سيعود عليك بنتائج أفضل:

مثلما أنَّك لستَ بحاجةٍ إلى مزيد من الثقة بالنفس من أجل الانتقال إلى أصغر خطوةٍ تالية كي تتقدم في حياتك، فعلى الأرجح لستَ بحاجةٍ إلى مزيد من التخطيط والتفكير المُفرط أيضاً؛ فقد قال المؤلف الأمريكي "ستيفن كينغ" (Stephen King) ذات مرة: "يجلس الهُواة وينتظرون الإلهام، في حين ينهضُ بقيَّتُنا من نومهم ويذهبون للعمل".

لقد ألصقتُ هذا الاقتباس بشريطٍ فوق مكتب عملي؛ فهو يذكرني أنَّ رغم أهمية التخطيط المناسب والصحيح ووضع الاستراتيجيات وامتلاك عقل مدبِّر للتنظيم في أثناء العمل في مشروعٍ ما، إلَّا أنَّه من السهل أن نستمر في ذلك إلى أجلٍ غير مُسمَّى.

حين تكون أعظم أفكارنا ما زالت مُجرَّد مفاهيم وتصوُّرات تحوم في أرجاء عقولنا دون اتخاذ أي إجراء لتنفيذها على أرض الواقع، نميلُ لأن نكون أشخاصاً طَموحين وواثقين بأنفسنا ونفكرَ بمبادرات وأشياء هامة وعظيمة، ورغم أنَّ ذلك ليس أمراً سيئاً بطبيعته إلَّا أنَّ الجانب السلبي لطريقة التفكير تلك هو أنَّها غالباً ما تُضخِّم الحاجز الذي يعوقُنا عن اتخاذ إجراءٍ ما والانتقال إلى الخطوة التالية في حياتنا.

بعبارة أخرى غالباً ما نميل إلى التفكير المُفرِط في المشاريع والمهام التي نرغب في تنفيذها إلى درجة أنَّها تبدو أكثر تعقيداً وصعوبةً ممَّا هي عليه فعلياً في الواقع؛ لذا فإنَّنا نلجأ إلى المُماطلة مراراً وتكراراً؛ لمنح أنفسنا مزيداً من الوقت للاستعداد للخطوة التالية.

لتجنُّب شلل التحليل الناجم عن طريقة التفكير السابقة قلِّلْ أفكارَك للحد الأدنى وقسِّمْها إلى نشاطاتٍ أصغر يمكن اختبارُها على الفور؛ فقد طبقتُ وزوجتي "إنجل" ذلك من خلال اختبارنا التجريبي لفكرة إقامة مؤتمرنا واسع النطاق والمُسمَّى "فكرْ بطريقة أفضل، وعِشْ بطريقة أفضل" (Think Better, Live Better) عن طريق استضافة سلسلةٍ من الفعاليات المحلية الأصغر حجماً وتنظيمها.

كذلك عندما أخذنا فكرةَ كتابنا بعنوان "1000 أمرٍ بسيطٍ يفعله الأشخاص السعداء والناجحون بطريقة مختلفة" (1,000 Little Things Happy, Successful People Do Differently) واختبرْناها من خلال كتابة منشورات عدة ذات صلة بمُدوَّنتنا؛ إذ تدور الفكرةُ باختصارٍ حول قدرتُك على رسم الشيءِ قبل بنائه ووضع أنموذجٍ أوليٍ لإنجازاتك قبل فعلها؛ فبمُجرَّد أن تختبرَ فكرتك وتجرِّبها على نطاق أصغر ستمتلكُ البصيرةَ والفهم والبيانات التي تحتاجُ إليها للارتقاء بفكرتك ومشروعك إلى المستوى التالي.

قد يبدو مفهوم اتخاذ الإجراءات تدريجياً بديهياً للغاية؛ لكنَّنا جميعاً نستغرقُ في اللحظة وننسى أنفسَنا في وقتٍ ما فنُفرط في التخطيط للأمور والتفكير بها؛ ممَّا يجعل عقولنا تكافح وتعمل بجد في حين لا نُنجز أيَّ شيءٍ على أرض الواقع، وهو ما شهدتُ وزوجتي "إنجل" حدوثَه مئاتَ المرات على مر السنين مع متلقي التدريب الذي نقدِّمه.

على سبيل المثال، يرغب أحدهم في تحقيق هدفٍ هام في حياته؛ لكنَّه لا يستطيع اختيار خطوة أو خطوتين هامتين فقط للتركيز عليهما؛ لذا لا يتمكن من إنجاز أي شيءٍ يستحق العناء والجهد على الإطلاق؛ لذا فليكُن ذلك بمنزلة تذكير بالنسبة إليك؛ كي لا تنسى أنَّ قدراتك محدودة وأنَّك غيرُ قادرٍ على حمل 1000كغ دفعة واحدة، لكن يمكنك حمل 1كغ 1000 مرة بسهولة.

ستتمكن من بلوغ هدفك في النهاية من خلال بذل الجهود الصغيرة والمتكررة وزيادتها تدريجياً، وربَّما لن يساعدك ذلك على تحقيق هدفك بلمح البصر؛ لكنَّه سيمكنك من الوصول إليه بسرعة مُقارنةً بعدم تحقيقه على الإطلاق.

4. الاعتقاد بأنَّ زيادة التركيز على أهدافك هو الحل:

لقد أتيتُ وزوجتي "إنجل" على ذكر ذلك مراتٍ عدة في الماضي؛ لكنَّه ولأهميته يجدر بنا التنويه إليه كلما سنحت الفرصة: لا تؤدي الأهداف إلى إحداث التغييرات الإيجابية؛ وإنَّما الطقوس أو الروتينات اليومية هي المسؤولة عن ذلك؛ لذا عليك التفكُّر أو التأمُّل جدياً في ذلك للحظة؛ لأنَّنا كثيراً ما نشغل بالَنا بالهدف الكبير في حياتنا أو النتيجة النهائية العُظمى التي سنحصل عليها أكثر من اللازم حتَّى تصبح هاجساً بالنسبة إلينا، في حين لا نركز أبداً على ممارسة العادات اليومية أو الخطوات المتكررة التي ينبغي لنا التزامُها كي تقودنا لتحقيق ذلك الهدف في النهاية، وهكذا فإنَّ ثقل هذا الهدف الكبير الذي يتعذر تحقيقُه يشل تفكيرنا ويبطئ تقدمنا.

إن كان ذلك يبدو مألوفاً بالنسبة إليك في حياتك، فقد حان الوقتُ لنقل تركيزك وإبعاده عن أهدافك؛ فإن عمدتَ لتجاهل أحد أهدافك كلياً خلال الأسابيع القليلة المُقبِلة وركزتَ بدلاً من ذلك على الطقوس أو الروتينات اليومية فقط التي تعزز ذلك الهدف وتدعمه، فلا بدَّ من أنَّك ستستمرُّ في تحقيق النتائج المُذهِلة؛ إذ ستقتربُ تدريجياً من تحقيق هدفك شيئاً فشيئاً دون التفكير به حتَّى، كأن تركزَ على تناول الطعام الصحي وممارسة التمرينات الرياضية يومياً فقط، وتتجاهلَ هدفك بخسارة ما يُقارب 11 كيلو غراماً إن كنتَ تحاول فقدان الوزن.

5. الاعتقاد بأنَّك يجب أن تكون دائماً على حق:

عليك ألَّا تمانع أن تكون مخطئاً على الأمد القصير إن أردتَ أن تصبح شخصاً ناجحاً وفقاً لمعاييرك أو شروطك الخاصة؛ إذ يتحتم عليك أن تتخذ موقفاً مُعيَّناً وتختبرَ آرائك ووجهات نظرك وتتفحَّصها للتدقيق في صحتها؛ ومن ثمَّ تعترفَ بأنَّها خاطئة إن أدركتَ ذلك، فعمليةُ التجريب وارتكاب الأخطاء هي التي تساعدك على اكتشاف الأمور الصحيحة في الحياة، والتي تُعَدُّ أكثر أهميةً بكثير من كونك على صوابٍ دائماً.

كما تُعَدُّ عملية التجريب وارتكاب الأخطاء جزءاً ضرورياً وأساسياً من حياة أي شخصٍ ناجح؛ في الواقع، حين ينفِّذ أيُّ إنسانٍ فكرةً ما للمرة الأولى، نادراً ما تكون النتيجة المترتبة عليها فاتنة أو مُبهِرة؛ لكنَّ الأهم من ذلك هو جمعُ الدروس والعِبَر المُتعلَّمة خلال تلك العملية في سبيل تحسين الفكرة الأولية وصقلِها، وإنشاء استراتيجية أو خطة جديدة ومُحسَّنة، وربَّما طقسٍ أو روتين يومي جديد ومُحسَّن لدعم تلك العملية.

إنَّ توقُّع إتقان الأمور وفعلها بالطريقة الصحيحة من المرة الأولى هو عبث لا طائل منه، فإعداد النماذج الأولية والاختبار والتجربة والإعادة والتكرار أمورٌ بالغة الأهمية لتحويل فكرة لائقةٍ ما إلى نتيجة قيِّمة؛ ومن ثَمَّ بدلاً من الشعور باليأس وفقدان الهمة بسبب محاولاتك الفاشلة وإخفاقاتك، عليك أن تراقبها عن كثب وتحاول الاستفادة والتعلم منها؛ ومن ثمَّ استثمرْ الدروس والعبَر التي تعلمتَها في تحقيق إنجازٍ أفضل بعضَ الشيء، وكرِّرْ تلك العملية بخطوات بسيطة وصغيرة؛ وآجلاً أم عاجلاً، ستحقق مستوى النجاح الذي لطالما تخيلتَه وحلمتَ به.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

6. الاعتقاد بأنَّك مُجبَرٌ على قول كلمة (نعم):

إلى جانب الفن الذكي لإنجاز الأمور الصحيحة، يوجد أيضاً فنُّ ترك فعل الأمور الخاطئة والذي غالباً ما يُنسى، إذ عليك أن تتدرب على قول كلمة (لا) حتَّى إن شعرتَ بأنَّها غريبة أو غير مألوفة بالنسبة إليك؛ لأنَّ طاقتك ووقتَك في الواقع محدودَين للغاية؛ لذا عليك استثمارهما فيما ينفعك، ويعلم الأشخاص الناجحون المتمرسون والذين حققوا إنجازات عظيمة ويعيشون وفقاً لشروطهم الخاصة أنَّ عليهم الحرص على وقتهم وطاقتهم وتركيزهم.

لا نريد أن نتباهى أو نتفاخر بأنفسنا؛ لكنَّني و"إنجل" أبلينا بلاءً حسناً في حياتنا خلال العقد الماضي، فقد ازدهرَ عملُنا بالكتابة والكوتشينغ ونجحَ للغاية بصورة تفوق كلَّ توقعاتنا وأحلامنا الجامحة؛ فقد بِعْنا قرابةَ 40,000 نسخةٍ من كتابنا الأول المُسمَّى "العودة إلى السعادة: غيِّرْ أفكارَك وواقعك وحوِّلْ تجاربك إلى انتصارات" (Getting Back to Happy: Change Your Thoughts, Change Your Reality, and Turn Your Trials into Triumphs).

لدينا أيضاً مئات المتدربين المُسجَّلين بصورة فاعلة في دورتنا التدريبية بعنوان "العودة إلى السعادة" (Getting Back to Happy)، كما أنَّنا نجحْنا في إقامة مؤتمرات ناجحةٍ للغاية لتعزيز النمو الذاتي، والتي بيعَت تذاكرُها بالكامل وعادت علينا بتغذية راجعة إيجابية كبيرة، فخبرتُنا وأفكارُنا ومعرفتُنا مرغوبة للغاية، لكن على الرَّغم من قدرتنا على زيادة عروض أعمالنا بكل سهولة والانتقال بها إلى المستوى التالي لتطويرها، إلَّا أنَّ ذلك لن يترك لنا ما يكفي من الوقت والطاقة للتركيز على أهدافنا الشخصية والعائلية، والتي تُعدُّ أعلى في قائمة أولوياتنا وأكثر أهمية بالنسبة إلينا، كما أنَّه لن يترك لنا مزيداً من الوقت والطاقة لإجراء تواصلٍ هام وحميمي مع قرَّائنا الحاليين.

لذا، عليك أن تتذكر دوماً بأنَّك لستَ مُضطرَّاً إلى قبول كلِّ الفُرَص العظيمة التي تُدعَى إليها أو تُقدَّم لك، وتذكَّرْ كذلك حين تكون في وضع تنفيذ مُخططاتك وأهدافك أنَّ الفُرص الجديدة وغير المُتوقَّعة يمكن أن تعني أيضاً إلهاءً يشتت انتباهك عن أهدافك وأولوياتك الجوهرية؛ إذ يُعدُّ قول كلمة (لا) جزءاً أساسياً كي تتمكن من عيشِ حياتك بصورة فعالة وناجحة وفقاً لشروطك الخاصة.

7. الاعتقاد بأنَّ لديك ما يكفي من حرية الإرادة للتغلب على عقبات البيئة غير الصحية وإغراءاتها:

إن بقيتَ في بيئةٍ تؤثر سلباً في نواياك الحسنة، فإنَّك ستستسلم في النهاية لتلك البيئة وتندمج بها بصرف النظر عن مقدار التصميم والإصرار وحرية الإرادة لديك، وهو ما يدفعُ معظمنا إلى ارتكاب أخطاء وعثرات تغيِّر حياتهم؛ فحين نجد أنفسنا نكافح بقوةٍ لإحراز التقدم في بيئة غير صحية، نظنُّ بطريقةٍ ما أنَّه ما من خيارٍ آخر أمامنا، وأنَّ الانتقال إلى بيئة أكثر دعماً وتشجيعاً وإن لفترات قصيرة حتَّى أمرٌ مستحيل.

لذا بدلاً من العمل في بيئة داعمةٍ ومشجِّعة تدفعُنا إلى التقدم والتطور في حياتنا، نستنزف كلَّ طاقتنا بالضغط على أنفسنا محاولين الانسجام والتكيُّف مع عوائق تلك البيئة غير الصحية ومشكلاتها، لنجدَ في النهاية أنَّ طاقتنا نفدَت على الرَّغم من بذل قُصارى جهدنا.

الشيء الرئيسي والأهم الذي ينبغي لنا تذكُّرُه هنا هو أنَّ البيئة المحيطة بك تؤثر فيك بوصفك إنساناً بدرجة عالية؛ ومن ثَمَّ فإنَّ أحد أفضل استخدامات طاقتك أو فوائدها هو استثمارها بصورة واعية في اختيار البيئات وتصميمها ولا سيما تلك التي ستعمل فيها، والتي من شأنها دعمُ النتائج والأهداف التي وضعتَها لنفسك وتسهيل تحقيقها.

على سبيل المثال، إن كنتَ تحاول الإقلاع عن التدخين، يجب عليك إذاً:

  1. قضاء وقتٍ أقل مع أصحابك المدخنين.
  2. قضاء وقتٍ أقل في البيئات الاجتماعية التي تشجع على التدخين.

لأنَّك إن لم تنفذ الشرطين السابقين، فإنَّ إرادتك ستنهار وتضعُف في النهاية مهما بلغَت قوتها؛ لذا عليك أن ترسمَ حدوداً واضحة لنفسك وتلتزمَ بها ولا تتعدَّاها مهما كلفك الأمر؛ ومن ثمَّ تعيدَ تصميم بيئتك المحيطة أو تهيئتها كي تتمكن من تحقيق التزامك.

لنفكرْ إذاً ببعض الأمثلة الأخرى:

  • إن كنتَ ترغب في فقدان الوزن، فإنَّ أفضل خيارٍ أمامك هو قضاء مزيد من الوقت في البيئات والأوساط الصحية بصحبة أشخاصٍ يتناولون الطعام الصحي ويمارسون التمرينات الرياضية بانتظام.
  • إن أردتَ أن تصبح كوميدياً محترفاً يتخذ من ذلك عملاً له - والذي كان هدفاً لأحد الأشخاص من جمهور مؤتمراتنا وقد حققه مؤخَّراً - فأفضل ما يمكنك فعلُه هو إحاطة نفسك بكوميديين محترفين، وعقد شراكات معهم، وتبادل الخبرات معهم، وتوجيه حياتك وبيئة عملك نحوَ تحقيق ذلك الهدف.
  • إن رغبتَ في تخطي الصعوبات والعقبات التي تواجهك وعيش حياةٍ أكثر سعادة، فأفضل ما بوسعك فعلُه هو قضاء مزيد من وقتك بالتواصل مع أشخاص يشاركونك الأهداف والنوايا ذاتها، وهو ما يمكن تحقيقُه من خلال مجموعات الدعم المحلية ومؤتمرات التنمية الذاتية مثل مؤتمرنا بعنوان "فكِّرْ بطريقة أفضل، وعِشْ بطريقة أفضل" (Think Better, Live Better)، أو عبر الإنترنت من خلال مجموعات الدعم والدورات التدريبية مثل دورتنا التي أقمناها بعنوان "العودة إلى السعادة" (Getting Back to Happy course).
إقرأ أيضاً: 8 معتقدات مهمة يجب أن تؤمن بها لتحوّل فشلك إلى نجاح

في الختام:

إنَّ الإصرار والتصميم وحرية الإرادة وحدها ستمكنك من التقدم بدرجة محدودة فقط؛ أما إن كنتَ ترغب في إحداث تغيير هام وإيجابي وطويل الأمد في حياتك، سيتحتم عليك أيضاً تغييرُ بيئتك تدريجياً بناءً على ذلك، وهو ما يمثل فعلاً الأساس لكيفية نمونا وتطورنا بوصفنا بشراً؛ إذ نطوِّر أنفسنا ونتكيف مع البيئات المحيطة بنا؛ وهكذا فإنَّ النموَّ والتطور الواعيان ينطويان على اختيارك الحازم لبيئات غنية مُثرية لك أو إنشائها لنفسك، والتي من شأنها أن تجبرك على التكيُّف وتطوير نفسك تدريجياً لتصبح شخصاً أفضل.




مقالات مرتبطة