ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن مدربة اللياقة البدنية "كاتيلين ديلاني" (Katelyn Delaney)، والذي تحدثنا فيه عن تجربتها الشخصية في ممارسة الرياضة، وتقدم لنا بعض النصائح عن كيفية البدء بممارسة الرياضة والالتزام بالتمرينات.
أعلم أنَّك ملتزم، وأعلم أيضاً أنَّ هناك بعض الأسئلة التي تدور في ذهنك، بما في ذلك: "من أين أبدأ؟".
حسناً، لكوني أهتم بنجاحك، لن أقدم لك إجابة حاسمة، كأن أقول لك مثلاً: "أنت بحاجةٍ إلى القيام بهذه التمرينات" أو أي إجابةٍ من هذا القبيل؛ حيث لا يعني إنشاء نمط حياة جديدٍ تغيير عاداتك البدنية فحسب، ولكن عاداتك الذهنية أيضاً؛ إذ يمكنك البدء بممارسة التمرينات إن أردت ذلك، ولكن قد تجلب لنفسك الضرر بجعل الأمور أكثر تحدياً ممَّا تحتاج إليه.
هناك ثلاثة أشياء يمكنك البناء عليها لإجراء تغييرٍ يدوم طويلاً:
أولاً، العقلية الصحيحة:
لنبدأ بالركيزة الأساسية لأهدافك، ألا وهي "العقلية الصحية".
لقد أدركت -بصفتي مدربة لياقة بدنية- من خلال تجاربي كيف أنَّ التغيير البسيط في طريقة التفكير يمكن أن يغير حياة الفرد كلياً، وكل ما عليك فعله هو:
1. إيجاد دوافعك:
لو سرت باتجاهي في الصالة الرياضية وسألتني كيف أبدأ التمرين، لأوقفتك في مكانك وأجبتك بسؤال آخر: "لماذا تريد أن تبدأ بممارسة الرياضة أصلاً؟".
في حقيقة الأمر، أفعل هذا شخصياً لأنَّني أعلم علم اليقين أنَّ تغيير السلوك أمر عاطفي، فغالباً ما يتطلب الأمر بعض المعاناة في سبيل الالتزام بالتغيير.
بالنسبة إلي، كنت أعاني من مرضٍ مزمنٍ لسنواتٍ عديدة، فبدأت بممارسة الرياضة لإنقاذ حياتي؛ أمَّا الآخرون، فربَّما عانوا من ضيق في التنفس بسبب الإنهاك حرمهم من اللعب مع أطفالهم، فقد شاهدَت واحدةٌ من عملائي صورة لها جعلتها تبكي لأنَّها لم تعد تتعرف على نفسها بعد الآن.
هذه هي المشاعر التي ستقودك نحو هدفك؛ لذا عليك أن تعرف لماذا تُقدِم على هذه الخطوة؛ ذلك لأنَّ معرفة ما يجب فعله فحسب لن يساعدك أبداً في الوصول إلى الإمكانات التي تستحقها.
شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع
2. إعداد أهداف ذكية (SMART):
هذه لحظة مثيرة؛ إذ عليك أن تكتشف ما تريده من عاداتك، وتعرف ما الأحلام والأهداف التي تريد الوصول إليها. سيجعلك مجرد كتابة هدفك أقرب من تحقيقه؛ ولكن هناك سر مهني آخر أود مشاركته معك: إنَّه قوة الهدف الذكي (SMART).
إنَّ الهدف الذكي وسيلة لتقسيم هدفك الكبير إلى خطوات قابلة للتنفيذ، حيث يمثل كل حرف من هذه الكلمة (SMART) خطوة تساعدك على تحقيقه.
خذ على سبيل المثال هدف شخص يريد تخفيف وزنه، حيث يمكن تحويل هذا الهدف إلى هدف ذكي (SMART) من خلال جعله هدفاً:
- محدداً (specific): أريد أن أفقد 10كيلوغرامات من دهون الجسم.
- قابلاً للقياس (measurable): أريد أن أفقد 10كيلوغرامات بحلول الأول من فبراير.
- يمكن تحقيقه (achievable): يمكنني أن أفقد كيلوغراماً واحداً في الأسبوع بأمان عن طريق ممارسة تمرينات القوة وتمرينات القلب 3 مرات في الأسبوع.
- واقعياً (realistic): هل أنا مستعد لتخصيص وقت كافٍ لبلوغ هذا الهدف؟
- مقيداً زمنياً (timely): سأفقد كيلوغراماً كل أسبوع، و4 كيلوغرامات كل شهر؛ وأصل خلال 5-6 أشهر إلى الوزن المستهدف.
يوضح استخدام طريقة تحديد الهدف هذه هدفك، ويقدم لك خطوات عمل بسيطة تضمن نجاحك في تحقيقه.
ثانياً، التغيير السلوكي والعادات:
قد تكون كيفية البدء بممارسة الرياضة بسيطةً نسبياً، إذ ما عليك سوى أن تبدأ؛ ولكن لو كان الأمر بهذه السهولة، لوجدت الجميع يمارس الرياضة، أليس كذلك؟
ماذا لو أخبرتك أنَّ هناك طريقة لتتمرن بصورة طبيعية، حيث لن تضطر إلى التفكير في الأمر، وستستيقظ وتفعل ذلك تلقائياً؛ ويكمن كل هذا في قوة العادة.
إذا سبق لك أن قرأت كتاب "العادات الذرية" (atomic habits)، فستدرك أنَّ بإمكانك تبديد الكثير من الطاقة غير الضرورية دون الالتزام بأنماط محددة؛ فبمجرد أن تصبح الممارسة أمراً غريزياً بالنسبة إليك، يصبح تحقيق الأهداف أسهل؛ وذلك لكون العادة "سلوكاً روتينياً يتكرر بانتظام، ويميل إلى الحدوث لا إرادياً".
فكر في عادة سيئة لطالما أردت التخلص منها، وستجد أنَّه من الصعب التخلي عنها لكونها متأصلة في عقلك؛ وينطبق الشيء نفسه على العادات الجيدة؛ فبمجرد أن تكتسب عادة جيدة، سيفعلها عقلك تلقائياً.
هناك عدة طرائق لاكتساب عادة، لكنَّني أفضل طريقتين اثنتين:
1. الاستفادة من العادات المتراكمة:
إنَّ تكديس العادات طريقة لاكتساب عادات جديدة من خلال الاستفادة من العادات الموجودة أصلاً.
ربَّما اكتسبت مئات العادات على مر السنين، كصنع القهوة كل صباح، وتنظيف أسنانك، وسحب هاتفك عند الشعور بالتوتر، والقيادة في طريق معين عند العودة من العمل؛ ويمكنك الاستفادة من هذه العادات بدلاً من محاولة اكتساب عادة جديدة من الصفر، فعلى سبيل المثال: إن كنت تغير ملابس العمل كل مساء، فتستطيع بسهولة أنَّ تجعل تمرينك لهذا اليوم هو اكتساب عادة جديد تتمثل في ارتداء ملابس الرياضة بدلاً من ذلك، وإرسال رسالة نصية إلى صديق.
في الواقع، هذا هو سبب حبي للرياضة في المقام الأول، حيث كنت أضع ملابس الرياضة ومعدات التمرين على سريري في كل مساء، وأرتدي في الصباح هذه الملابس وأذهب للتنزه سيراً أو هرولة؛ وخلال فترة قصيرة، أصبح الاستيقاظ باكراً عادة أساسية بنيت عليها عادات أخرى فيما بعد.
2. جعل العادة سهلة المنال:
يحب دماغنا دائماً القيام بالأمور السهلة دوماً؛ فإذا عقَّدنا الموقف بإضافة خطوات غير ضرورية، سنجد صعوبة في المتابعة؛ والحل البسيط لذلك هو أن تجعل عادتك سهلة.
عندما تعلمت كيف أبدأ التمرين، كنت أجهز له في الليل، ولم يتطلب الأمر بهذه الطريقة سوى خطوة واحدة تتمثل في تغيير الملابس قبل أن أكون مستعدة للتمرين؛ أمَّا الآن، أصبحت أحمل حقيبة رياضية، وأكتب برامج التمرينات خاصتي مسبقاً أو أكلف شخصاً ما لكتابتها، ولديَّ أيضاً طريقة محددة لتتبع جميع أهدافي وتقدمي.
لذا، مهما كان خيارك، حضِّر للأمر الذي تريد القيام به، وتدرب عليه في اليوم السابق ليوم التنفيذ الفعلي.
3. الالتزام اليومي:
قد يصبح الأمر بمثابة هوس، ولكن من الضروري الالتزام بأهدافك يومياً؛ فإن لم تقم بذلك، فمن المحتمل أن تتخلى عن هذه العادة.
بالنسبة إلي، يعني هذا التمرن كل صباح دون توقف، وقد لا يكون التمرين مكثفاً في بعض الأحيان؛ ففي الواقع، أُقيِّد حركتي بهدف التعافي ليوم واحد على الأقل، وأمارس بدلاً من ذلك رياضة المشي لمسافات طويلة أو المشي السريع أو التمدد؛ وعلى أي حال، يضمن الالتزام اليومي الحفاظ على لياقتي.
يعتقد معظم الناس أنَّه لا ينبغي عليهم الالتزام بهذه الخطة مدى الحياة؛ ومع ذلك، أعتقد أنَّه ينبغي على الجميع الالتزام بذلك في أول 30-90 يوماً، وأنا شخصياً أستخدم جهازاً يُدعَى "جهاز قياس الأداء" لتتبع مثابرتي ومواظبتي على التمرين، حيث استطعت تغيير قواعد اللعبة بمساعدة هذا الجهاز.
ثالثاً، التمرينات الرياضية:
الخطوة الأخيرة هي اختيار التمرين الذي يجب القيام به.
توصيتي هي قضاء أول 30 يوماً في اكتساب العادة فقط، وقد يعني ذلك حضور الفصول التدريبية، والمشي، وأداء تمرينات القوة، وكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق الاستمرارية لسبعة أيام في الأسبوع.
بمجرد اكتساب عاداتك، هناك بعض أنواع التمرينات التي يمكنك ممارستها لتحقيق نتائج إيجابية؛ ومنها:
1. التمرينات الهوائية:
يعرف الجميع تقريباً التمرينات الهوائية، وبما أنَّني أتمرن في النادي، أرى دائماً أنَّ أكثر المعدات استخداماً هي معدات هذا النوع من التمرينات.
تُعدُّ التمرينات الهوائية ممتازة لقلبك، وتساعدك على حرق السعرات الحرارية على الفور؛ ومع ذلك، لا تعزز هذه التمرينات عملية الأيض، وتجعلك تفقد الدهون على الأمد الطويل (إذا كان هذا هو هدفك).
يجب الانتباه إلى أنَّ التمرينات الهوائية ليست مفيدة إلَّا إذا كنت تمارس الرياضة كثيراً، أو تدفع نفسك لزيادة معدل ضربات قلبك.
2. تمرينات القوة:
تَنحَت تمرينات القوة الجسم وتسمح لك بحرق مزيدٍ من الدهون على الأمد الطويل؛ وهذا صحيح لعدة أسباب:
- تقلل هذه التمرينات من مقاومة الأنسولين؛ فإن كنت تعاني مرض السكري وتحاول التقليل من أثر الكربوهيدرات في جسمك، فهذا جيد لك.
- تحرق عملية بناء العضلات الدهون؛ فكلما زاد بناء العضلات، زادت السعرات الحرارية التي تحرقها يومياً.
- يعزز التعافي بعد أداء تمرينات القوة عملية الاستقلاب الغذائي لمدة 2-3 أيام على أقل تقدير.
إذا سألت أي خبير لياقة عمَّا إذا كانت التمرينات الهوائية أفضل أم تمرينات القوة، فسيقول جميعهم تقريباً أنَّ تمرينات القوة ستؤدي المَهمَّة بسرعة.
كيف تمارس تمرينات القوة؟
طالما أنَّ تمرينات القوة مفيدة جداً، فإنَّ السؤال البديهي هو: "من أين أبدأ؟".
من وجهة نظري الشخصية كمدربة، أوصي دائماً بالبدء بتمرينات التثبيت التي تساعدك على بناء عضلاتك الأساسية وزيادة توازنك حتى لا تتعرض إلى الإصابة لاحقاً.
إذا كان من الصعب تعلم هذه التمرينات، فإنَّني أوصي بتعيين مدرب شخصي لإرشادك في أثناء التمرين أو حضور دروس اليوغا، مما يُحسِّن ثباتك وحركاتك الأساسية؛ وبمجرد أن تتقن بعض تمرينات التوازن والاستقرار، يمكنك القيام بتمرينات أخرى أيضاً.
الخلاصة:
حظاً سعيداً في رحلتك لتغيير حياتك نحو الأفضل؛ ولتسهيل الأمور عليك، تذكر الخطوات التالية:
- جد دوافعك الخاصة.
- ضع أهداف ذكية (SMART).
- اجعل العادات سهلة المنال.
- التزم بعاداتك اليومية.
- اقضِ 30 يوماً لاكتساب عادة تساعدك على التقدم.
- مارس تمرينات القلب والقوة.
أضف تعليقاً