هل تعتقد بأنَّك تدرس أو تعمل 10 ساعاتٍ يوميَّاً؟ ربما تحسب الوقت الذي تقضيه في الدراسة أو العمل بعدد الساعات التي تقضيها جالساً، لكنَّ عدد الساعات التي قضيتها جالساً لا يُعَدُّ مهمَّاً بقدر أهمية النتائج التي حققتها خلال جلساتك، إذ ربما لا يتعدّى الزمن الحقيقي اللازم لإنجاز النتائج التي حققتها أربع ساعات، وأصحاب الإنجازات يَعُون الفرق بين قضاء الساعات في الجلوس فقط وبين استثمار تلك الساعات في التركيز في الدراسة وتحقيق الإنجازات.
أحد أبرز الأسباب التي تقف خلف خسارة الناس تركيزهم هو فقدان الاهتمام بالعمل الذي يؤدونه، وفقدان الاهتمام هذا ناجمٌ بشكلٍ كبيرٍ عن غياب الهدف الذي يمكن أن يثير اهتمامهم ويحفز نفوسهم. لنلقي نظرةً سريعة على حجم الخلل الذي يمكن أن يصيب جداول أعمالنا نتيجة تشتت الانتباه.
علاج عدم التركيز وتشتت الانتباه للكبار:
إنّ ضغوط الحياة اليومية التي يعيشها الفرد خلال الوقت المعاصر، كثيرًا ما تعرضه إلى نوبات تشتت ذهني، وعدم تركيز، فما هو علاج قلة التركيز، توجد عديد من الدراسات والأبحاث التي تساعد المرء في الحفاظ على الطاقة الذهنية، ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليه هي كالآتي:
- اتباع نظام غذائي متوازن، والابتعاد عن العادات الصحية السيئة مثل السهر الزائد، وتناول الكحول، وتعاطي المخدرات.
- الحرص على حصول الجسد على القسط الكافي من النوم والراحة.
- الحرص على أخذ عطلة بين الحين والآخر، والخروج من ضغط الحياة.
- ممارسة الرياضة بانتظام، إذ إنّ ممارسة الرياضة تساعد على التخفيف من التوتر النفسي، وتخليص الجسد من الإرهاق.
- الاحتفاظ بدفتر ملاحظات أو مذكرة الكترونية يتم تدوين المهمات فيها، بما يساعد على التذكير بها.
- مراجعة المهمات الأساسية في بداية كل يوم، سواء كانت مهمات عمل أم مهمات منزلية أم اجتماعية.
إن اتباع النصائح السابقة تساعد بشكل فعّال على علاج قلة التركيز وتشتت الذهن عن المرء، بما تجعله محافظاً على الصلابة الذهنية والنفسية التي تساعد الإنسان على القيام بمهماته بنجاح.
سبب عدم التركيز في الدراسة:
توجد أسباب عديدة تؤدي إلى عدم التركيز والتشتت ومن هذه الأسباب:
- التعب والإجهاد الزائد، الذي يمكن أن يسبب في ضعف التركيز والتشتت.
- كثرة المهام، إذ إنّ تعدد المهام والقيام بأكثر من مهمة في آن واحد تجعل المرء عرضة للتشتت وقلة التركيز.
- المشكلات العاطفية، فتعرض المرء لضغوط عاطفية سواء في الأسرة أو في المحيط الاجتماعي يجعله تحت ضغط نفسي يؤثر على قوة تركيزه.
- قلة النوم، إذ إن عدم أخذ الجسم للقسط الكافي من النوم يجعله منهكاً، يما يؤثر على القوى الذهنية للمرء فيصيبها التشتت وعدم التركيز.
كيفية التركيز في الدراسة وعدم التشتت:
تعد مشكلة التركيز في الدراسة من أكثر المشكلات التي تؤرق بال الطلاب، إذ إن كثير من الطلبة يشتكون من قلة التركيز في أثناء الدراسة، وتشتت أفكارهم بما يؤثر سلبا على أدائهم الدراسي وتحصيل الدرجات، ويمكن للطلبة تجاوز هذه العقبة باتباع النصائح الآتية:
- المذاكرة المنظمة:فالطالب الذي ينظم وقت مذاكرته، ويقسم مواده بشكل صحيح، تكون قدرته على التركيز أعلى من ذلك الطالب الفوضوي.
- الحصول على القسط الكافي من النوم، إذ يعمل الطلاب أحياناً على السهر حتى ساعات متأخرة في الدراسة ظناً منهم أن الدراسة الليلية تساعدهم على التركيز، وهذا خطأ فالجسم بحاجة إلى أخذ قسط كاف من الراحة والنوم في الليل، ومهما نام المرء في النهار لن يعوض نوم الليل.
- تغيير روتين الدراسة: إذ يساعد تغيير روتين الدراسة على كسر حالة التشتت الذهني، وعدم التركيز، فعلى سبيل المثال إن كنت تبدأ صباحاً في مادة تتطلب حفظاً، اعكس في اليوم التالي الأمر وابدأ بالرياضيات مثلاً.
- رفّه نفسك؛ إذ يساعد ترفيه النفس في حفاظ المرء على التركيز وعدم التشتت، فالذهاب في نزهة على شاطئ البحر مثلاً يعيد طاقة التركيز إلى أعلى مستوياتها، أو السماع لشيء من الموسيقا تعيد للعقل ألقه بما يساعد على زيادة التركيز في أثناء الدراسة.
- تناول الأطعمة التي تساعد على التركيز في الدراسة مثل تناول الشوكولا الداكنة.
كيف تؤثر مصادر تشتيت الانتباه في قدرتنا على الدراسة؟
وفقاً لدراسةٍ أجرتها جامعة كاليفورنيا ارفاين عند فقدان التركيز قد تحتاج للعودة إلى مستوى التركيز السابق إلى حوالي 20 دقيقةً وسطيَّاً. نعم، قد يؤخر ذلك الردّ السريع على رسالةٍ ما وصلت للتّو إنجاز المهمّة التي بين يديك عدة دقائق، واحسب فقط عدد مصادر تشتيت الانتباه التي تتعرض لها في أثناء الساعات التي تبلغ فيها إنتاجيتك أعلى مستوياتها.
إذا كنت تقود مثلاً سيارةً على طريقٍ سريعٍ خالٍ من المطبات فإنَّك ستسير طوال الرحلة بأعلى سرعةٍ ممكنة، لكن إذا واجهت مطبَّاتٍ في الطريق سينخفض بشكلٍ كبيرٍ متوسط السرعة التي تسير بها خلال الرحلة لأنَّ تلك المطبات تجبرك على تخفيف السرعة إلى الصفر تقريباً قبل العودة تدريجيَّاً إلى أعلى سرعة. ربما لا يتجاوز عرض المطب قدمين وقد لا يتجاوز طول المطبات الموجودة على الطريق مجتمعةً 0.01% من المسافة الكُلِّيَّة التي تقطعها في رحلتك لكنَّها تزيد الوقت اللازم لقطع الرحلة بمقدار 20-30%.
تفعل مصادر تشتيت الانتباه شيئاً مشابهاً للذي تفعله المطبَّات، إذ تؤدي بضع حالات توقف قد تكون قصيرةً إلى درجةٍ لا تشعر معها بأنَّها مزعجةٌ إلى انخفاض الإنتاجية انخفاضاً كبيراً.
حل مشكلة عدم التركيز في الدراسة:
1- تحديد الهدف:
كيف إذاً تثير في نفسك الاهتمام بالأمور التي تُعَدُّ مهمَّةً بالنسبة إليك كالدراسة إذا فقدت الاهتمام بها؟ فكِّر في السبب الذي يدفعك إلى إنجاز الأعمال التي تؤديها. إذا كنت طالباً في الثانوية على سبيل المثال أنت تعلم أنَّ الحصول على درجاتٍ جيدة وتقديم أداءٍ رائعٍ في الامتحان، إلى جانب أمورٍ أخرى، يُعَدُّ مهمَّاً للحصول على قبولٍ في الكلية التي ترغب في الالتحاق بها، وهذا بدوره يُعَدُّ خطوةً مهمَّةً على طريق تحقيق الأهداف المهنية.
بعد التوصُّل إلى الأسباب التي تدفعك إلى ممارسة العمل الذي تؤديه وازن هذه الأسباب مع النتائج المترتبة على الامتناع عن القيام بهذا العمل. في مثال طالب الثانوية السيناريوهان المُتوقعان نتيجة قيامه بالعمل الذي يجب عليه أن يؤديه أو امتناعه عن ذلك هما:
- إذا حصلت على قبولٍ في الكلية التي ترغب في الالتحاق بها من المحتمل جدَّاً أن تحقق أهدافك المهنية على المدى القصير وأن تحقق الاستقرار المادي.
- إذا لم تحصل على القبول في الكلية التي تريد الالتحاق بها قد لا تتمكَّن حينئذٍ من تحقيق أهدافك المهنية على المدى القريب وبالتالي قد تظلّ مكانك وقتاً طويلاً.
يجب على هذه المفارقة أن تكون حاضرةً في ذهنك وأن تدوِّنها على ورقةٍ وتلصق الورقة على مرآة الحمام والجدران حتى تتمكن من رؤيتها عديداً من المرات خلال اليوم وتصبح جزءاً من تفكيرك الواعي.
خصص في جدول أعمالك اليومي بضع دقائق قبل الجلوس لأداء المهام تذكَّر فيها مختلف النتائج التي يمكن أن تحققها وكيف أنَّ الساعة القادمة التي ستقضيها في العمل أو الدراسة ستُمكِّنك من تحقيق النتيجة التي تتمناها. يحافظ هذا الربط بين العمل الذي تؤديه والنتيجة التي تسعى إلى تحقيقها على أعلى مستويات الاهتمام.
2- محاربة مصادر تشتيت الانتباه:
لقد أضحى انتشار مصادر تشتيت الانتباه من هواتف وأجهزةٍ رقميّة أشبه بانتشار الأوبئة، والأسوأ من ذلك أنَّ في إمكانها أن تشتت انتباهنا بكلّ سهولةٍ، إذ لا يحتاج الأمر إلى أكثر من ضغطة زر. إليك عدد من الخطوات للحد من تأثير التقنيات الرقمية عى تشتيت الإنتباه:
1. تخلَّص من هاتفك:
اضبط الهاتف على الوضع الصامت وضعه تحت الوسادة أو داخل أحد الأدراج.
2. أغلق الإنترنت:
إمَّا أن تقطع الكهرباء عن الإنترنت، وإمَّا أن تستخدم "برامج مُلحَقة" (extensions) لمتصفح الإنترنت جوجول كروم مثل (StayFocused)، تساعدك في تقليل الوقت الذي تضيِّعه في استخدام الإنترنت، وإمَّا أن تدرس في مكانٍ لا يوجد فيه شبكة إنترنت. حينما تعلم أنَّك لن تستطيع استعمال الإنترنت بضع ساعات سيتأقلم عقلك مع الواقع الجديد وسترى أنَّ مشاعر الضيق الناجمة عن الحرمان من الإنترنت ستكون أقلّ بكثيرٍ مما تظن.
3. لا تفتح إلاّ المهمة التي تعمل عليها:
إذا كنت تعمل باستخدام الكمبيوتر افتح أقلّ عددٍ ممكنٍ من الملفات والنوافذ وأغلق كلّ ما لا تحتاج إليه. يتيح لك هذا تركيز الاهتمام على مهمةٍ واحدةٍ ويجعل احتمالات استسلامك لمصادر تشتيت الانتباه أقل.
العديد من الناس يشعرون بالتوتر في الواقع إذا أُبعدَت هواتفهم عنهم مدةً طويلة (تذكَّر المرات التي بقيتَ فيها ساعاتٍ بعيداً عن هاتفك). يُعَدُّ هذا الخوف من تفويت الأشياء المهمّة إحساساً وهميَّاً وغير منطقي يمكن التخلص منه من خلال تقليل عدد الساعات التي تقضيها في استعمال الأجهزة الرقمية بشكلٍ تدريجي.
3- تجنُّب القيام بعدة مهام في الوقت نفسه:
يُعَدّ تَعدُّد المهام واحداً من أبرز أسباب تشتت الانتباه لدى أفراد الجيل الصاعد، في دراسةٍ أجراها ثلاثة باحثين قُسِّم 100 طالبٍ جامعيٍّ إلى مجموعتين ضمَّت الأولى أشخاصاً يمارسون الكثير من المهام المتعددة وضمَّت الثانية أشخاصاً يمارسون مهاماً متعددةً لكن بشكلٍ معتدل، وكانت المهام التي يؤديها أفراد كِلا المجموعتين ذات طبيعةٍ تكنولوجية لها علاقة بأمور مثل الإنترنت والوثائق الإلكترونية وإرسال الرسائل النصية وغيرها. طُلب من أفراد المجموعتين تركيز الانتباه على مشكلةٍ معيَّنةٍ وعُرِّضوا في الوقت نفسه إلى الكثير من مصادر تشتيت الانتباه.
توقع الباحثون أن يتحلّى الأشخاص الذين يمارسون الكثير من المهام المتعددة بقدرةٍ أكبر على تركيز الانتباه على المشكلة التي طُلب منهم التعامل معها على الرغم من كثرة مصادر تشتيت الانتباه التي تحيط بهم، إذ إنَّهم معتادون أكثر من غيرهم على تشتت الانتباه. لكنَّ المفاجئة كانت أنَّ الأشخاص الذين يمارسون القليل من المهام المتعددة تمكنوا من تركيز الانتباه بشكلٍ أفضل.
لقد صُمِّمَت عقول البشر لتركيز الاهتمام على مَهمةٍ واحدةٍ، وحينما تؤدي أكثر من مَهمةٍ فإنَّك بشكلٍ أساسيٍّ تنقل اهتمامك بين تلك المهام، وهذا يُعَدُّ من أبرز أسباب تشتت الانتباه. يمكنك أن تؤدي أكثر من مَهمةٍ في الوقت نفسه بكلّ تأكيدٍ لكنَّك لا تستطيع أن تركز اهتمامك إلَّا على مَهمةٍ واحدة، وإنجاز المهام لا يكون إلَّا من خلال تركيز الاهتمام عليها.
يُعَدُّ تَعَدُّد المهام في الأساس شكلاً من أشكال تشتت الانتباه الشديد حيث يتشتت انتباهك كلّ بضع دقائق وأنت تنتقل من مهمةٍ إلى أخرى. حينما تقرأ وتتصفح الإنترنت بشكلٍ متقطِّع مدة ساعة فإنَّ الإنجاز الذي تحققه سيكون أقلّ بكثيرٍ من الذي كنت ستحققه لو أنَّك أدَّيت مهمةً تلو الأخرى خلال المدة نفسها.
4- "أوراق الحفاظ على التركيز":
حينما يمارس الكُتَّاب المحترفون الكتابة فإنَّهم لا يفعلون شيئاً سوى الكتابة ولا يتوقفون حتى لو كانوا يحتاجون للتحقق من معلومةٍ بسيطةٍ مفقودة لأنَّ هذا يحتاج إلى عملية بحث يمكن أن تستمرّ دقيقةً أو دقيقتين. يترك هؤلاء الكُتَّاب مكان الإحصائية فارغاً ويتابعون الكتابة، ثمَّ يعودون إلى مكان الإحصائية الفارغ بعد الانتهاء من الكتابة.
حينما تؤدي عملك يجب عليك أن تقوم بشيءٍ يشبه ما يقوم به هؤلاء الكُتَّاب، إذا تذكرت في أثناء جلسة الدراسة أنَّ فاتورة الهاتف يجب أن تُسدَّد اليوم لا تترك دراستك وتذهب إلى الموقع الإلكتروني لمُزوِّد الخدمة. دوِّن المهمة على ورقة صغيرة (حيث أطلقنا على مثل هذه الأوراق اسم "أوراق الحفاظ على التركيز") وتابع دراستك.
تدوين هذه الأفكار التي تشتت الانتباه يحرّر عقلك منها ويمكِّنك من تركيز الاهتمام على المهمة التي بين يديك فقط، وحينما تنهي جلسة الدراسة يمكنك إنجاز المهام التي دوَّنتها في قائمة "أوراق الحفاظ على التركيز".
5- السيطرة على المخاوف والأفكار المزعجة:
إننا نمارس الكثير جدَّاً من الأعمال في حياتنا بشكلٍ آليّ دون أن ندرك متى بدأنا نمارسها، ومتى يمكن أن نتوقّف عن ذلك، وما عواقب ممارسة تلك الأعمال. أحد تلك الأعمال التفكير بأمورٍ تثير الخوف والانزعاج في نفوسنا ("ماذا لو لم أحرز 90%")، والمواقف البشعة ("لماذا قال ذلك لي؟")، والأفكار العشوائية وأحلام اليقظة التي تقفز إلى الذهن ("ماذا لو قضيت عطلتي القادمة في جنوب إفريقيا").
تستطيع مثل تلك الأفكار التسلّل إلى عقولنا في أيّ وقت، غالباً أثناء جلسات الدراسة، وتشتت انتباهنا بعيداً عن المهمة التي نؤديها. كيف يمكننا إذاً السيطرة على مثل هذه الأفكار؟ إليك بعض الاستراتيجيات:
1. الانتباه إليها:
مثلما قلنا سابقاً نعتاد في بعض الأحيان على أمورٍ -جيدة وسيئة- دون أن ندرك أنَّها تسيطر علينا، لذلك يجب عليك أن تكتشف الفكرة المزعجة وتنتبه إليها في اللحظة التي تقفز فيها إلى ذهنك.
2. تدوين الفكرة في "أوراق الحفاظ على التركيز":
حينما تلاحظ أنَّ فكرةً مزعجةً سيطرت على تفكيرك دوِّنها في "أوراق الحفاظ على التركيز" (التي تحدثنا عنها في الأعلى) وعُدْ إليها بعد أن تنتهي من دراستك.
3. راجع أفكارك:
بعد انتهاء جلسة الدراسة عُد إلى كلّ فكرةٍ من الأفكار التي شغلَت تفكيرك واسأل نفسك هل ستكون هذه الفكرة مهمةً بعد عامٍ من الآن؟ إذا كان الجواب "لا" تخلص من الفكرة مباشرةً، وإذا كان الجواب "نعم" تعامل معها.
4. جد الحلول:
إذا سيطرت عليك مثلاً فكرة عدم إحراز 90 درجة من أصل 100 في مادةٍ من المواد الدراسيّة، وإذا كان جواب السؤال الذي أشرنا إليه في الأعلى هو "نعم"، فكِّر في طريقة للتعامل مع هذه الفكرة. كيف يمكن علاج هذه المشكلة؟ الطريقة الوحيدة لعلاجها الاستعداد بشكلٍ أفضل، لأنَّ الخوف والقلق لن يحققا لك النتيجة التي تتمنى تحقيقها، بل يمكن أن يؤثِّرا سلباً فيها.
قد يبدو هذا بسيطاً جدَّاً إذ إنَّ حلول المشاكل الخطيرة تكون بسيطةً عادةً، بيد أنَّ التحدّي يكمن في التحلّي بالانضباط اللازم لاتباع العمليّة بحيث تتصدّى آلياً للأفكار المزعجة في الوقت الناسب.
6- الموازنة بين الطاقة وصعوبة المهمة:
إذا بدأت نهارك بإنجاز المهام السّهلة وتركت المهام الصعبة إلى وقتٍ لاحق من المحتمل جدَّاً أن تستسلم لمصادر التشتيت الذهنيّ الممتعة، مثل اليوتيوب، حينما تبدأ أداء المهام الصعبة.
تُعَدُّ المهام الصعبة أكثر عُرضةً للتأثُّر بمصادر تشتيت الانتباه، فأدِّ هذه المهام في وقتٍ مبكِّرٍ من اليوم حينما تكون إنتاجيتك في أعلى مستوياتها (إذا شعرت أنَّ إنتاجيتك تصل إلى أعلى مستوياتها في فترةٍ أخرى من اليوم لا حَرَج في أن تؤدي هذه المهام في تلك الأوقات).
7- تقسيم المشاريع الصعبة إلى أجزاء صغيرة:
هل سبق لك أن بدأت عملاً شاقَّاً ثم ذهبت لتفقُّد هاتفك بعد وقتٍ قصير؟ يحدث هذا بكثرةٍ بين الناس، إذ تُعَدُّ المهام الصعبة أكثر عُرضةً من غيرها للتأثُّر بمصادر تشتيت الانتباه لأنَّ أداءها يترافق مع الإحساس بعدم الارتياح -وأسباب ذلك معروفة- وعندما نُحِسُّ بعدم الارتياح نميل بشكلٍ طبيعيٍّ إلى البحث عن المتعة (عن طريق تصفح فيسبوك أو يوتيوب على سبيل المثال)، وهذا البحث عن المتعة ما هو إلَّا شكلٌ من أشكال تشتت الانتباه. لذلك إذا واجهت مهمةً قاسية نفِّذها بشكلٍ تدريجي لأنَّ التعامل مع كلّ الأمور دفعةً واحدة يجعلك على الأرجح أكثر عُرضةً لمصادر تشتيت الانتباه.
8- الانشغال بما يشغلنا عن مصادر تشتت الانتباه:
لا تتخلَّ عن مصادر تشتيت الانتباه لأنَّك لا تستطيع ذلك، هل في إمكانك التوقف عن متابعة التلفزيون أو حضور الفيديوهات عبر يوتيوب؟ بالتأكيد لا يمكنك. يجب عليك أن تحصر تعرضك لكلّ مصادر تشتيت الانتباه في وقتٍ محدّد عوضاً عن التعرّض لها خلال فتراتٍ متفرقةٍ من اليوم، لا سيما أثناء جلسات الدراسة التي تبلغ فيها إنتاجيتك أعلى مستوياتها. المطلوب إذاً أن تنظم الفترات التي تتعرض فيها إلى مصادر تشتيت الانتباه.
بعد أن جلست بضع جلساتٍ للدراسة دون أن يقطع تركيزك أيُّ شيءٍ اذهب وأشبِع رغبتك في تصفُّح الإنترنت، وإرسال الرسائل، والدردشة. نفِّذ كلّ الأشياء التي تريد أن تفعلها في الوقت نفسه وانتهِ منها خلال 30 دقيقة. حينما تنتهي ابدأ سلسلةً جديدةً من الدراسة بعيداً عن مصادر تشتيت الانتباه. باختصار ابنِ سوراً يفصل بين الجلستين ولا تدع أنشطة إحداهما تتسرّب إلى الأخرى.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح مهمة لمن يعاني من قلة التركيز أثناء الدراسة
نصائح لتقوية التركيز أثناء المذاكرة:
أخيراً ثمَّة بضعة أمورٍ لوجستيةٍ بسيطة تساعدك في الحفاظ على التركيز:
- اختر للدراسة مكاناً خالياً من مصادر تشتيت الانتباه مثل المكتبات، وإذا كنت تدرس في المنزل اجعل الغرفة التي تدرس فيها محصَّنةً قدر الإمكان ضد مصادر تشتيت الانتباه، ودَع أفراد العائلة والأصدقاء يعرفون بشكلٍ دقيق الأوقات التي يمكنهم أن يقابلوك فيها.
- تناول الأطعمة التي تساعدك في الحفاظ على الطاقة وإلَّا أصابك الإعياء بسرعةٍ وأصبحت فريسةً سهلةً بالنسبة إلى مصادر تشتيت الانتباه.
- خذ استراحةً مُدَّتها 5-10 دقائق كلّ 50 دقيقة لاستعادة التركيز لأنَّ ضعف التركيز يجعلك أكثر عُرضةً للاستسلام لمصادر تشتيت الانتباه.
لا أستطع التركيز في الدراسة نهائيا فماذا أفعل؟
إذا كنت غير معتادٍ على الجلوس فتراتٍ طويلة وتركيز الاهتمام على عملٍ واحدٍ ابدأ بجلسةٍ تمتد 30 دقيقة، نعم 30 دقيقة فقط. وإذا لم تكن تستطيع تحمُّل هذه المدة ابدأ بجلساتٍ أقصر، المهم أن تبدأ بمدةٍ زمنية تستطيع الجلوس خلالها بشكلٍ متواصل دون مقاطعة.
بعد إنهاء بضع جلسات بنجاح زِد مدّة الجلسة بمقدار 5 دقائق (أو ربما 10 دقائق) استمرّ في ذلك إلى أن تعتاد على المدّة الجديد ثم زِد المدة أيضاً بمقدار 5 دقائق، في النهاية ثبِّت مدّة الجلسة على حوالي 50 دقيقة إذا كنت تستطيع ذلك (بعد جلسةٍ تمتد 50 دقيقةً متواصلة يبدأ تركيزنا بالتشتت لذلك يجب على الشخص أن يأخذ استراحةً مدتها 5-10 دقائق كلّ 50 دقيقة).
تمكِّنك مثل هذه الجلسات من تحقيق الإنجازات، على عكس جلسات الدراسة الوهمية التي تقضي فيها ساعاتٍ جالساً (لهذا السبب قد يحقق بعض الطلاب الذين يدرسون يوميَّاً 5 ساعاتٍ فقط نتائج أفضل من التي يحققها أولئك الذي يجلسون 10 ساعات، فالمهمّ هو تركيز الانتباه وليس عدد الساعات). إذا نجحت في تخصيص عدة جلسات يوميَّاً للدراسة هذا يعني أنَّك تسير على الطريق الصحيح.
لا يُعَدُّ تجنُّب مصادر تشتيت الانتباه أمراً هيِّناً لكنَّه قابلٌ للتنفيذ (تذكَّر أنَّ معظم حالات تشتت الانتباه ناجمةٌ عن عاداتٍ سيئةٍ بسيطة يمكن التخلّص منها أو السيطرة عليها مثل أيَّة عاداتٍ سيئةٍ أخرى). يحتاج إتقان هذه المهارة (مهارة تجنُّب مصادر تشتيت الانتباه)، مثل أيَّة مهارة أخرى، إلى التمرُّن والانضباط في أثناء جلسات الدراسة. ابدأ بجلساتٍ تمتد 30 دقيقة واعقد عدة جلساتٍ يوميَّاً، وبعد بضعة أسابيع زِد مدة الجلسة وعدد الجلسات التي تخصصها للدراسة كلّ يوم.
في الختام:
تستحق تقنيات الحفاظ على التركيز وتجنب مسببات تشتت الانتباه المحاولة بكلّ تأكيدٍ لأنَّ إتقانا يجعلك مميزاً عن الآخرين في عالم تَكثُر فيه مصادر تشتيت الانتباه، وستكون هذه المهارة مفيدةً لك طوال حياتك لأنَّ المعرفة السائدة في عالم الاقتصاد اليوم تُحتِّم على جزءٍ كبيرٍ من أفراد القوة العاملة أن يؤدوا مهاماً تحتاج إلى كثيرٍ من تركيز الاهتمام، تذكَّر أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مصادر تشتيت الانتباه المغرية لن تسدد فواتيرك، وأنَّ من يفعل ذلك هو العمل الجاد.
أضف تعليقاً