لكن ماذا لو لم يكن الاندماج في موقفٍ ما كافياً، ورفضَ العقل اتخاذ الإجراء الذي تريده من خلال وضع تنبؤات وأعذار سلبية؟ هنا يتوقف معظم الناس، وكل ما عليك فعله هو تدوين هذه الأعذار، ثمَّ استبدالها بأفكار تُسهِّل عليك اتخاذ الإجراءات والتحيُّز لها، فالأسلوب العادي الذي يمكنك استخدامه هنا هو التفكير في طريقة القيام بذلك، في حين الأسلوب الأعمق هو سؤال نفسك: بماذا يجب أن أفكِّر حتى أستطيع القيام بذلك؟ أنت تعرف دائماً ما هو الأمر المناسب الذي يجب عليك فعله، ولكنَّك تحتاج أيضاً إلى تأييد العقل.
للقيام بذلك جرِّب الخطوات الثلاث أدناه:
1. اتخاذ الإجراء:
ضع نفسك في مواقف معينة دون التفكير والتنبُّؤ فيما سيحدث، وحاول اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى يندمج عقلك في حل التحديات التي تواجهك.
2. الملاحظة:
إذا لم تتمكَّن من اتخاذ الإجراءات اللازمة، لاحظ الأفكار والأعذار التي يختلقها عقلك خلال الموقف الذي يواجهك.
3. التحسين:
حاول أن تنتقد حقيقة تلك الأفكار وتستبدلها بأفكار تساعدك بدلاً من ذلك.
شاهد بالفديو: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح
بعض الأمثلة:
- لنفترض أنَّك تريد تعلُّم العزف على آلة جديدة، لكن في كل مرة تفكِّر بها في الفكرة، يخبرك عقلك أنَّ الأمر صعب جداً لأنَّك لم تبدأ منذ الصغر، فيمكنك مواجهة ذلك من خلال تبنِّي اعتقاد أنَّ الناس لا يكبرون إلا عندما يتوقفون عن تعلُّم أمور جديدة، ثمَّ ابحث عن الأشخاص المشهورين أو الناجحين الذين أصبحوا ناجحين في وقت متأخر.
- قابلت شخصاً رائعاً خلال يومك وترغب في التعرف إليه أكثر، قد يعترض عقلك على تلك الفكرة لأنَّك تظنُّ أنَّك ستشغله عن عمله، فبدلاً من ذلك يجب عليك أن تستوعب أنَّ ذلك قد يكون بمنزلة فرصة لك وليست تعطيل الشخص الآخر عن عمله، ويمكن أن تحدث أمور مذهلة إذا فعلت شيئاً ما.
- أنت منشغل جداً في دراستك تحت ضغط الحصول على أعلى الدرجات بحيث تشعر أنَّك لا تستطيع الاستمرار بعد الآن، ويخبرك عقلك طوال الوقت أنَّ عروض العمل لا تتوفَّر للخريجين الذين يحملون درجات عادية، فبدلاً من ذلك ذكِّر نفسك لماذا بدأت في الأساس، واستمتع بدراستك لتحقيق هدفك الأساسي والذي قد يُكسِبك درجات أعلى.
- عندما تحاول القيام بأمر يخيفك، فإنَّ الاعتقاد بأنَّ الأمر الذي ستفعله ليس صعباً، يمكن أن يكون مفيداً جداً.
كرِّر الخطوات مرات عدة حسب الضرورة، لكن لا تستسلم حتى تحصل على النتائج التي تريدها، ففي كل مرة تنفِّذ فيها تلك الخطوات حتى لو لم تتخذ أي إجراء خارجي، ستحدث معك تغييرات داخلية، وسرعان ما ستعمل أجزاء كافية من عقلك لتتخذ بصورة طبيعية الإجراء الذي تريده؛ لأنَّك تمتلك نظاماً للأفكار الموجهة ذاتياً والتي تُشير جميعها إلى اتجاه اتخاذ الإجراء.
فإذا شعرت أنَّ الأفكار الجديدة التي تطرحها ليست واقعية، فيجب أن تدرك أنَّ هذا الأمر ليس صحيحاً؛ وذلك لأنَّ كل أمر ذاتي يُفسَّر بحسب وجهة نظر كل شخص، ولا توجد حقيقة موضوعية؛ لذا افعل ما تظنُّ أنَّه ضروري ومفيد لك في واقعك الخاص، وضع المعتقدات والقواعد التي تساعدك على دعم نفسك؛ فتوجد دائماً طريقة لتغيير الأفكار لتعمل لمصلحتك.
فإذا كانت توجد فكرة تدفعك إلى الأمام فاستفد منها، وإذا كانت توجد فكرة تعوقك، حاول التخلُّص منها واستبدالها بفكرة تحفِّزك مباشرةً، فطالما لديك هدف واضح، سيعمل العقل على تحقيق كل ما تريده.
"الرجل الذي يريد قيادة فرقة موسيقية يجب أن يدير ظهره للجمهور" - المؤلف "ماكس لوكادو" (Max Lucado)، وفي الحياة، أنت الفرقة الموسيقية، وأنت تقود نفسك.
في الختام:
إذا كنت تشعر بتردُّد كبير في اتخاذ الإجراءات اللازمة على الرَّغم من تغيير جميع المعتقدات، فتوجد طريقة أخيرة، وهي طريقة "افعلها فحسب" (Just-do-it)، فإذا كنت ما تزال تفكِّر في أمر ما لوقت طويل، فإنَّ هذا الأمر يستحق أن تفعله حتى لا تشعر بالندم فيما بعد، فخالف المنطق وفكرة المخاطرة مقابل المنفعة وافعل ذلك فحسب، وستشعر بتحسُّن كبير بعد ذلك.
أضف تعليقاً