سيَكْبُر الطفل مع مرور الوقت -شئنا ذلك أم أبيناه- لذلك فإنَّ مهمّتنا -بصفتنا والدَيْن- أن نُعَلّمَه المهارات التي تجعله إنساناً مسؤولاً حينما ينضج، وهذا يحتاج إلى والدَين متفانيَيْن وقد يستغرق عدة سنوات. في القائمة التالية 17 مهارةً يجب عليك أن تساعد طفلك في اكتسابها قبل أن يَكْبُر ويترك المنزل:
1- الطهو:
يجب على كلّ طفلٍ أن يتعلّم الطهو قبل أن يَكْبُر ويغادر منزل والدَيْه، فالشخص الذي لا يعرف كيف يطهو طعامه وحده سيبدد المال على تناول الطعام في الخارج ولن يأكل الكثير من الطعام الصحي، لأنَّه سيُضطر إلى تناول الوجبات المُعالَجة التي لا تحتاج إلى كثيرٍ من الطهو ويمكن أن تنضج في المايكرويف خلال بضع دقائق.
حتى يتعلّم الطفل الطهو يجب عليه أن يكون قادراً أوَّلاً على استعمال الموقد، لكن تأكَّد من أنَّه ناضجٌ بما فيه الكفاية قبل السماح له بذلك لأنَّ سلامته أهم من أي شيء. إذا رأيت أنَّ طفلك أصغر من أن يستطيع استعمال الموقد دعه يساعدك في مزج المكونات ووزْنِها.
من المفيد أن يتعلّم الطفل الطهو أثناء نموِّه وتتطور مهاراته، ويمكنه كلما كبر أن يتعلّم مهاراتٍ أكثر تعقيداً. يجب على الابن حينما يكبر ويغادر المنزل أن يعرف كيف يستخدم الموقد والفرن، وأن يكون قادراً على قراءة الوصفات، وأن يعرف كيف يُحَضِّر أيَّة وصفة. حينما تُعِدُّ وصفةً ما في المنزل دع طفلك يطَّلع على مراحل إعدادها حتى يتعلّم مهارات الطهو، ويمكنك في أثناء ذلك أن تبيِّن له معاني الكلمات التي تُستخدَم للحديث عن الطهو -مثل السكب والغربلة وغيرهما- وطريقة استعمال أدوات الطهو.
رحلة تعليم الطفل الطهو رحلةٌ طويلةٌ قد تمتدّ من الطفولة وحتى بلوغ مرحلة النضج، لذلك فإنَّ أفضل طريقة لمساعدته في تعلّم هذه المهارة هي السماح له بمساعدتك في أثناء إعداد الوجبات كل أسبوع. كلما حَضَر معك إعداد وجبةٍ ما خصص بعض الوقت لتفسِّر له ما تفعل حتى يتمكن من الحصول على معلوماتٍ جديدةٍ كلّما تواجد معك في المطبخ.
تُعَدُّ القدرة على الطهو إحدى المهارات التي يمكن أن تنمو وتكبر في مرحلة الطفولة، وسيكون تعليم الطفل الطهو وكيف يُمارَس بطريقةٍ صحيحة أجمل هديةٍ تُقدِّمها له.
2- غسل الثياب:
علِّم ابنك كيف يستخدم الغسالة وآلة تنشيف الثياب وكيف يطوي الثياب النظيفة ويعيدها إلى مكانها قبل أن يكبر ويغادر المنزل، وذلك حتى يتمكن من غَسْلِ ثيابه وحده حينما يَكْبُر. أفضل طريقةٍ لتعليمه هذه المهارة هي السماح له بممارستها وحده وأن تكون إلى جانبه لتُقوِّم عمله بأسلوبٍ لطيفٍ ومفيد.
دع طفلك يطوي الثياب معك وبيّن له طريقة استعمال آلات الغسيل الموجودة في المنزل، إذ يعزز جعل غسيل الثياب جزءاً من واجباته المنزلية المعتادة حسّ المسؤوليّة لديه ويتيح له تحمل جزء من عبء الواجبات المنزلية عوضاً عنك.
3- التعامل مع المال:
يجب على الطفل أن يتعلّم كيف يتعامل مع المال حتى يتمكن من إنفاقه بحكمةٍ مستقبلاً حينما ينضج. من المنطقي أن يميل بعض الأطفال إلى الإنفاق وأن يميل بعضهم الآخر إلى الادخار، لكن ثمَّة أيضاً درجةً من التوازن يجب عليهم الوصول إليها. تُعَدُّ دورات "ديف رامسي" وكتبه أحد أروع المصادر التي يمكن الاستعانة بها هنا، إذ يُعَدُّ "ديف رامسي" واحداً من أفضل المحاضرين المختصين بالشؤون المالية في العالم ويستفيد من مصادره ملايين الناس. يقدم "رامسي" للبالغين دوراتٍ شخصيةً وعبر الإنترنت، وثمَّة في موقعه الإلكتروني مصادر يستطيع الأهل شرائها واستعمالها مع أبنائهم المراهقين والصغار.
4- الحوارات الودية القصيرة:
تُعَدُّ مهارة إجراء الحوارات الودية القصيرة إحدى الأمور الأساسية التي تعكس تحلّي المرء بحسّ المسؤوليّة، إذ كيف لطفلك أن ينجح يوماً من الأيام في إجراء مقابلة عمل إذا لم يكن يعرف كيف يمارس فن إجراء الحوارات الودية القصيرة؟
تُعَدُّ هذه المهارة المهمة إحدى المهارات الاجتماعية الأساسية، لذلك يجب على الطفل أن يعرف كيف يستهلّ الحديث مع أيّ شخصٍ بحوارٍ وديٍّ قصير. بهذه الحوارات يبني الشخص علاقاته ويحصل على أصدقاء، من أجل ذلك تُعَدُّ قدرة الطفل على بدء الحديث بحوارٍ وديٍّ قصير إحدى أثمن المهارات التي يمكن أن يتعلّمها قبل أن يغادر المنزل. إذا تعلّم الطفل كيف يبدأ حواراً ودِّيَّاً مع أيّ شخصٍ ستزداد ثقته بنفسه كُلَّما استخدم هذه المهارة وستترسّخ ثقته بقدرته الاجتماعية.
قد يقابل طفلك في يومٍ من الأيام رئيس إحدى أكبر الشركات، فإذا كان يثق في قدرته على إجراء حوارٍ وديٍّ قصير، وكان قد أجرى مثل هذه الحوارات آلاف المرات من قبل، فقد ينجح في أهمّ لقاءٍ في حياته، لأنَّه سيتعامل مع الموقف بثقةٍ وستكون لديه المهارات اللازمة لبناء علاقةٍ مع هذا الشخص عن طريق إجراء حوارٍ وديٍّ معه.
5- الكتابة على لوحة المفاتيح:
سواءً أصبح عاملاً عاديَّاً أم توجّه إلى الدراسة في إحدى الجامعات بعد أن يكبر، يجب على ابنك أن يتعلّم الكتابة على لوحة المفاتيح. لقد أضحت التقنيات الرقميّة هي التي تُسيِّر العالم، والقدرة على استعمال لوحة المفاتيح والكتابة عليها تُعَدَّان مهارتين أساسيتين تضاهيان في أهميتيهما تحدّث لغة المكان الذي نعيش فيه.
هل في إمكان الأطفال أن يحققوا النجاح حينما يكبرون إذا لم يكونوا قادرين على الكتابة بسرعة على لوحة المفاتيح؟ نعم في إمكانهم ذلك بكل تأكيد، لكن إذا أردت أن يحقق طفلك النجاح ويتمتع بحسّ المسؤوليّة من المهم جدَّاً أن تُعلّمه الكتابة على لوحة المفاتيح. ثمَّة في كلّ وظيفة تقريباً جانبٌ مرتبط بالتكنولوجيا، لذلك تُعَدُّ القدرة على استعمال الأجهزة التكنولوجية والكتابة عليها مهارتَيْن أساسيَّتَيْن، وكلما تمكَّن الطفل من الكتابة على لوحة المفاتيح بكفاءةٍ أكبر كان ذلك أفضل له.
تُعَدُّ القدرة على استخدام الكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي مهمَّتَيْن جدَّاً، لكن يبدو أنَّ الأطفال يكتسبون هاتين المهارتين بشكلٍ طبيعيٍّ، إذ في إمكان الطفل أن يكتشف طريقة تصفح الآيباد أو الجهاز اللوحي قبل أن يدخل إلى المدرسة دون الحاجة إلى أي توجيهٍ يُذكَر، لذلك أصبحت هاتان المهارتان أقرب إلى المهارات الفطرية بالنسبة إلى الأطفال.
علِّم طفلك منذ صغره هذه المهارات لأنَّه سيحتاج إليها حينما يكبر سواءً أراد أن يعمل في مكتب، أو أن يملأ استمارةً ما، أو أن يُنشئ مدوّنةً، وهذا يجعل القدرة على الطباعة إحدى المهارات الأساسية التي يحتاج إليها الأطفال حينما يكبرون.
6- تحديد الأهداف وتحقيقها:
يجب عليك أن تُعلِّم طفلك كيف يحدد الأهداف ويحققها إذا كنت تريده أن يتمتع بحسّ المسؤوليّة حينما يكبر. هذا لا يعني أنَّه يجب عليه أن يحدّد أهداف حياته حينما يبلغ 12 عاماً، لكن من المفيد أن يضع أهدافاً تناسب حياته والسن الذي وصل إليه.
تدريب الطفل على ذلك منذ الصِغَر يمنحه مهارة تحديد الأهداف التي تُعَدُّ إحدى المهارات المهمّة التي تمكِّنه من تحقيق النجاح والتحلي بحسّ المسؤولية حينما يكبر. يستطيع الطفل -مهما كان عمره- أن يحدد أهدافاً قصيرة المدى وأهدافاً بعيدة المدى، لكنَّه قد يحتاج إلى مساعدتك في المرات القليلة الأولى. الجدير بالذكر أنَّ نموذج "سمارت S.M.A.R.T" يُعَدُّ من أروع النماذج التي يمكن استعمالها لتعليم الطفل تحديد الأهداف.
7- الحفاظ على الصحة من خلال ممارسة التمارين الرياضية وتناول الطعام الصحي:
يُعَدُّ إحساسنا بالمسؤولية تجاه أجسامنا ضروريَّاً لتحقيق النجاح، فإذا لم نتمكن من الاعتناء بأجسامنا لن نحيا حياةً صحيّةً ولن نُعَمِّر طويلاً. بناءً على ذلك يُعَدُّ من واجبنا كوالدَيْن أن نعلِّم أطفالنا اتباع عاداتٍ صحيّةٍ في أثناء تناول الطعام وأن نبيِّن لهم أهمية ممارسة التمارين الرياضية، وتصرفاتنا التي يقتدي بها الأطفال تُعَدُّ أبرز طريقةٍ لتعليمهم كيف يعيشون حياةً صحية.
إليك بعض الطرق الأخرى التي تستطيع من خلالها تعليم طفلك تحمّل مسؤولية جسمه والاعتناء به بشكلٍ مناسب:
- اجتماع أفراد العائلة على الطعام مرةً واحدةً على الأقل في اليوم.
- إخرِاج الطفل إلى التنزه ومنحه فرصة اللعب مع أقرانه.
- إغلاق الأجهزة الإلكترونية.
- الاهتمام بالأنشطة التي تُمارس خارِج إطار المدرسة.
- عدم استخدام الطعام كمكافأة الأطفال.
- التأكد من أنَّ الأطفال يتلقّون كل يومٍ دروساً مميزةً في التربية البدنية.
8- ارتداء الثياب المناسبة:
من المهم أن يتعلّم الطفل تحمّل مسؤوليّة اختيار ثيابه والعناية بمظهره، فمن يأتي إلى العمل وقد فقد أحد أزرار قميصه لن يحظى في عمله بكثيرٍ من الاحترام. مظهرنا هو اللوحة التي نرسم عليها شكل شخصياتنا والمرآة التي تعكس تلك الشخصيات سواءً أعجبتنا هذه الحقيقة أم لم تعجبنا.
تعتمد الانطباعات الأولى على المظهر غالباً، لذلك يُعَدُّ الاعتناء بالنظافة وارتداء ثياب مرتبة، ومتناسقة، وملائمة أيضاً إحدى مهارات الحياة الأساسية. تخيَّل أن تذهب إلى مقابلةٍ للعمل في وظيفةٍ مكتبية مُرتدياً بدلة غطس، سيعتقد المسؤولون عن إجراء المقابلة أنَّك معتوهٌ على الأرجح ولن تُقبَل في الوظيفة. قد يبدو هذا مثالاً غريباً لكنَّ ارتداء بدلة غطس عند الذهاب إلى العمل يضاهي من حيث بشاعته ارتداء سروال جينز ممزق وقميص مُجعَّد عند الذهاب إلى مقابلة للعمل في وظيفةٍ مكتبيّةٍ.
تشبه الثياب التي نرتديها السير الذاتية التي يقرأ من خلالها الآخرون المعلومات التي نتحدث بها عن أنفسنا، من خلال هذه الثياب يرى الآخرون فيما إذا كنت تحترم نفسك وتحترم المناسبة التي تحضرها والأشخاص الذين حضرْتَ لمقابلتهم. حضور مناساتٍ رسميةً -مثل الأعراس- بسروال جينز ليس أمراً لطيفاً، لكن هذا ما يحدث إذا لم يتعلّم الصغار قبل أن يكبروا أهميّة المظهر وارتداء ثياب تلائم المناسبة.
كن قدوةً لأطفالك ودعهم يتعلّمون هذه المهارة منك، لكن احرص على البدء بذلك منذ الصّغر حتى لا يرتكبوا هذه الأخطاء الجسيمة بحقّ مظهرهم حينما يكبرون. هذا لا يعني أن ترغمهم على ارتداء الملابس بطريقةٍ معينة بل يعني أن توجّههم وتبيِّن لهم الملابس التي يُعَدُّ ارتداؤها غير مقبولٍ اجتماعياً في كل مناسبة.
9- استعمال المعدات والقيام بعمليات الصيانة الأساسية:
من الأفضل أن يتعلّم ابنك كيف يستخدم المطرقة والمسامير، ويُبَدّل المصابيح، ويستعمل مختلف أنواع مفكّات البراغي قبل أن يكبر ويغادر المنزل. قد نصادف في حياتنا أعطالاً من شتّى الأنواع لذلك تُعَدُّ القدرة على إصلاح هذه الأعطال والاطلاع على مهارات الصيانة الأساسية أمرين مهمّين للغاية.
إذا كان الطفل يستعدّ مثلاً للتوجّه إلى أوّل يومٍ في المدرسة وأَوْقَعَ أحد أزرار القميص الوحيد النظيف لديه ما الذي سيفعله؟ أَيَتْرُكُه أم يَخِيْطُه؟ إذا كنت قد علَّمْته الخياطة بشكلٍ صحيح يجب عليه أن يعرف كيف يستخدم الإبرة والخيط ليعيد خياطة الزر في القميص، ويقوم بعمليات الإصلاح الأساسية التي تحتاج إليها ثيابه. هل سيعرف ابنك أيضاً أيّ نوعٍ من مفكات البراغي يجب عليه أن يستعمل إذا سقط غطاء علبة الكهرباء مستقبلاً من أمام باب منزله؟ وهل يعرف كيف يعيد تثبيت الغطاء على الحائط مرةً أخرى عوضاً عن ترك الأسلاك الكهربائية الخطيرة تتدلى من الحائط؟ يحتاج الطفل من أجل اكتساب هذه المهارات المهمّة إلى سماع بعض التوجيهات الثمينة منك، فإذا سقط برغيٌّ من إحدى ألعابه استَثْمِر هذه الفرصة لتعليمه طريقة استخدام مفك البراغي لوضع البرغي مجدداً في مكانه.
حينما يكتسب الطفل هذه المهارات منذ الصغر يتعلّم تحمّل مسؤوليّة ممتلكاته ومنزله، ويتعلّم أيضاً أهمّ المهارات اللازمة للقيام بعمليات الصيانة الأساسية وحده.
10- إدارة الوقت:
يبدأ الطفل تعلّم إدارة الوقت منذ صغره، فهل يتعلّم منا المماطلة في الاستعداد صباحاً فيخرج مسرعاً إلى الباب قبل أن يتذكّر أنَّه نسي حقيبة الغداء ويصل متأخراً في جميع الأحوال؟ أم يتعلّم منا تنظيم الوقت في الصباح بحيث يعرف أنَّه يجب عليه أن يرتدي ثيابه في الساعة 7:00، وأن ينتهي من تناول الفطور في الساعة 7:20، وأن يجمع جميع أغراضه عند الساعة 7:30 وأن يكون في ذلك الوقت مستعدَّاً للمغادرة عند باب المنزل؟ الطفل الذي يكتسب مهارة إدارة الوقت منذ الصغر يتعلّم كيف يدير وقته مستقبلاً.
السماح للطفل بالنوم بعد محاولة إيقاظه خمس مراتٍ في الصباح لن يحقق مُرادنا إذا كنا نريد أن نُعَلّمَه حُسْن إدارة الوقت، وفي حال كان يواجه صعوبةً في الاستيقاظ كل صباح قد يعني هذا على الأرجح أنَّه يجب عليه أن يتوجّه إلى سريره في وقتٍ أبكر. من المهم إذا أردنا أن نساعد الأطفال في تعلّم مهارة إدارة الوقت على المدى البعيد أن نعلِّمهم الاستيقاظ في مواعيد ثابتة تتيح لهم الاستعداد للمدرسة وتجنِّبهم الإحساس بأنَّ الوقت يداهمهم، وينطبق الأمر نفسه على التوجّه إلى السرير في الوقت المحدد؛ إذ تُعَدُّ هاتان العادتان أهمَّ عاملين يؤثِّران في قدرة أبنائك على الوصول إلى أعمالهم في الوقت المحدد عندما يكبرون.
كن أنت قدوةً لأطفالك وعلِّمهم أنّ الوصول باكراً إلى المواعيد أفضل من الوصول إليها متأخّرين، إذ يُسْهِمُ إصرارك على التحلّي بهذا السلوك في تعليمهم إدارة الوقت إسهاماً أكبر من أيّ شيءٍ يمكن أن تقوله لهم.
11- التصرف في حالات الطوارئ:
حتى يتمتع بحسّ المسؤوليّة حينما يَكْبُر يجب على كل طفلٍ أن يتعلّم كيف يتصرّف في حالات الطوارئ. أولى المهارات التي يجب على الطفل أن يتقنها في مثل هذه الحالات هي مهارة الاتصال بالإسعاف، بعد ذلك يجب عليه أن يتعلَّم تقديم الإسعافات الأولية وإجراء التنفس الصناعي. ثمَّة دورات يمكن أن يتعلّم فيها الأطفال الناضجون مهارات تقديم التنفس الصناعي والإسعافات الأولية تتيح له -حتى لو كانت مدة إحداها يوماً واحداً- الاستعداد لتحمّل مسؤوليّة التعامل مع المواقف الطارئة، فَمَنْ يعلم ما قد يواجهه مستقبلاً في حياته؛ إذ قد يعمل مستقبلاً في تقديم الرعاية للأطفال في المدرسة وقد يتعرض أحد هؤلاء الأطفال للاختناق، هل سيعرف ماذا يجب عليه أن يفعل دون أن يُصاب بالهلع؟ وهل سيكتفي بالاتصال بالإسعاف أم سيكون لديه المهارات الضرورية لإجراء "مناورة هيمليك"؟ هذه المهارات لا تُقدَّر بثمن لأنَّها يمكن أن تنقذ حياة شخصٍ ما في يومٍ من الأيام.
12- تنظيف المنزل:
يُعَدُّ تنظيف المنزل والحفاظ عليه نظيفاً ومرتَّباً من أهم المهارات التي يمكن أن تساعد الطفل في اكتساب حسّ المسؤوليّة حينما يكبر. إذا لم تكن لدى الشخص أيَّة فكرة مثلاً عن طريقة تنظيف المرحاض حينما يسكن في منزلٍ مستقلٍّ وحده قد لا يلاحظ قذارة المرحاض إلَّا حينما يلفت انتباهه ضيفٌ إلى ذلك.
حينما تُعلِّم طفلك مهارات التنظيف علِّمه أيضاً أن ينتبه إلى الأماكن التي يتجمع فيها الغبار والأوساخ في المنزل. قف إلى جانبه وقدّم له التوجيهات كلَّما أدَّى مهمةً ما أوّل مرّة، مثل مهمّة مسح أرض المطبخ على سبيل المثال. علِّمه كيف يستعمل الممسحة، ونوع المنظف الذي يجب عليه أن يستعمله، وأين يمكنه العثور على الممسحة والدلو. تفقَّد عمله حينما ينتهي وقَدّم له التوجيهات، وإذا نسي تنظيف إحدى الزوايا، يمكنك أن تُثني على مهارته في تنظيف المناطق الأساسية من أرض المطبخ وتبيِّن له كيف يوصل الممسحة إلى الزوايا.
يُعَدُّ إسناد مهام مرتبطة بتنظيف المنزل إلى الطفل كلّ أسبوع طريقةً رائعةً لتعليمه تحمُّل المسؤوليّة، وبذلك لا يتعلّم الطفل كيف يُنظّف المنزل فقط بل يتعلّم أيضاً كيف يتحلّى بروح الفريق. تُعَدُّ العائلة بمنزلة الفريق، يجب على كلّ فردٍ فيه أن يشارك في تحمّل عبء الواجبات المنزليّة والقيام بدوره بشكلٍ فعال - وهذا يتضمّن الحفاظ على نظافة المنزل.
13- طريقة ملء السيارة بالوقود:
إذا كان ابنك يحمل رخصة قيادة، يجب عليك أن تعلمه كيف يملأ سيارته بالوقود وحده، فقد أضحت الخدمات ذاتيةً في معظم محطات الوقود واختفت تقريباً المحطات التي يوجد فيها من يقدّم لك المساعدة، سيكون من الرائع أن تعثر على إحدى تلك المحطات، لكنَّها ليست منتشرةً بكثرة في هذه الأيام. بناءً على ذلك يجب أن يتعلّم ابنك كيف يملأ سياراته بالوقود إذا كان يحمل رخصة قيادة، إذ على الرغم من كون هذه المهارة مهارةً أساسيّة إلَّا أنَّها تغيب عن بال الأهل في أغلب الأحيان.
لا تعمل كلّ آلات التزوّد بالوقود بالطريقة نفسها ويحتاج استخدام بعضها أيضاً إلى توجيهاتٍ مُسبقة، فخصّص بعض الوقت لتُعَلِّم ابنك كيف يملأ سيارته بالوقود بعد أن يحصل على رخصة القيادة.
تحمُّل الابن للمسؤولية يعني أيضاً أن يملأ خزان سيارة العائلة بالوقود بعد أن يكون قد استخدمها أسبوعاً كاملاً للقيام بأنشطة شخصيّة. يمكنكما الاتفاق مسبقاً على مسألة مَن يجب عليه أن يدفع ثمن الوقود، لكنَّ الشيء الأهم هنا هو أن يعرف الابن كيف يستعمل جهاز ملء الوقود وحده، إذ لن تُسَرَّ بكلّ تأكيدٍ إذا نفد الوقود منه وهو يقود السيارة على الطريق السريع لأنَّه لم يفكر في التحقق من مستوى الوقود في السيارة واتصل بك لأنَّه لا يعلم كيف يعيد ملء خزان السيارة بالوقود. علِّم ابنك كيف يتحمّل مسؤوليّة استخدام السيارة وكيف يعيد ملء خزان الوقود فيها.
14- استخدام وسائل المواصلات العامة:
يُعَدُّ استعمال وسائل المواصل العامة -من سيارات أجرة وحافلاتٍ عامّة- من أهمّ المهارات التي يجب على الابن أن يتمتع بها. ماذا لو اضطر ابنك البالغ من العمر 18 عاماً على سبيل المثال إلى العودة من الجامعة في وقتٍ متأخر في يومٍ من الأيام ولم يكن يعرف كيف يطلب سيارة أجرة! وماذا لو لم يتمكن من الاتصال بأحدٍ وكانت جميع المحلات مُغلقة؟ ما الذي سيفعله؟ علِّم ابنك كيف يستخدم وسائل المواصلات العامة قبل أن يقع في مثل هذه المواقف العصيبة، إذ إنَّ هذا يعني في النهاية أن تعلِّمه تحمُّل المسؤوليّة.
إذا كنت ذاهباً إلى مدينةٍ أخرى باستخدام الطريق السريع دع ابنك يساعدك في تحديد طريقة الوصول إلى وجهتك والعودة منها، وعلّمه -إذا كان أصغر سِنَّاً- حينما تكونان معاً كيف يستقلُّ سيارة أجرة، وبهذه الطريقة يستطيع أن يفعل ذلك وحده إذا احتاج إلى ذلك في يومٍ من الأيام.
15- الدفاع عن النفس:
يجب على الطفل أن يتعلّم كيف يُدافع عن نفسه لأنَّ تَعلُّم الدفاع عن النفس يعني تحمّل المسؤوليّة، إذ لا بُدَّ من أن يأتيَ اليوم الذي لا يكون فيه والداه إلى جانبه للدفاع عنه. يجب عليه أن يتعلّم منذ الصغر كيف يدافع عن نفسه حتى يكون مستعدَّاً للقيام بذلك حينما يكبر.
إذا كان لديك ابنٌ يشعر مثلاً أنَّه يتلقى معاملةً غير عادلةٍ من معلمه يجب على الابن أن يتحدّث هو أوّلاً مع المعلّم، ويمكنك أن تتدخل أنت -بصفتك أباً- لاحقاً إذا رأيت أنَّ المشكلة لم تُحَلّ. لكن يجب أن يكون الابن أوّلَ من يتواصل مع المعلّم لمناقشة المشكلة وليس الوالد. يمكنك أن تناقش مع طفلك بعض الأفكار التي تجعله مستعدَّاً للدفاع عن نفسه أمام المعلّم وبعض النقاط الأساسيّة التي يجب عليه أن يطرحها، لكن بعد أن تناقش معه هذه الأفكار وتلك النقاط يستطيع أن يتحدث وحده مع المعلّم.
يجب على الأبوين أن يتيحا لطفلهما فرصة الدفاع عن نفسه منذ الصغر حتى يكون مستعدَّاً للقيام بذلك حينما يكبر وتكبر مشاكله، فقد يصبح في يومٍ من الأيام موظفاً في شركة ويُضطرّ إلى الدفاع عن نفسه حتى يتلقى معاملةً منصفة، وافتقاره إلى هذه المهارة سيجعله يعاني الكثير من الصعوبات على المدى البعيد.
16- التحلي بروح الفريق ومساعدة الآخرين:
يُعَدُّ إتقان العمل بروح الفريق أحد أهمّ مهارات الحياة، إذ يحتاج أيّ فردٍ إلى التعاون مع الآخرين حتى يحقّق النّجاح. إتقان العمل بروح الفريق يجب أن يبدأ من المنزل حيث يكون الجميع جزءاً من فريق العائلة، هذا يعني أن يتعلّم الطفل مدّ يَدِ العون إلى الآخرين وأن يشارك في الاهتمام بشؤون المنزل. يمكنك أن تُسْنِدَ للطفل واجباتٍ ومهام أسبوعيةً تساعد في إدارة شؤون المنزل وتطلب منه أن ينجزها.
تساعد ممارسة الرياضات الجماعية الطفل أيضاً في تعلّم العمل بروح الفريق، إذ يُعَدُّ إتقان العمل الجماعي وتعلّم مساعدة الآخرين مهارتين مهمَّتَيْن تتيحان للطفل التحلي بروح المسؤولية حينما ينضج وأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع.
17- حُسْن التصرف:
يقترن حُسْن التصرف مع التهذيب، فالطفل الذي يتمتع بخُلُقٍ حَسَن يعرف كيف يتصرف بشكلٍ مسؤولٍ أمام الناس، إذ يُعَدُّ من حُسْن التصرّف مثلاً إحضار باقةٍ من الزهور أو قالبٍ من الحلوى حينما يكون الشخص مدعوَّاً إلى حفلة عشاء. الأطفال الذين يكبرون دون أن يتعلّموا كيف يتصرّفون في مختلف المناسبات الاجتماعية يمكن أن يتعاملوا باستهتارٍ مع الناس حينما يكبرون. إذا لم يتعلّم الطفل هذه الأمور وذهب فارغ اليدين إلى المناسبات التي يُدعى إليها ولبس ثياباً تشبه الثياب التي يرتديها على الشاطئ قد يُهِيْنُ مضيفِيه.
يُسْهِم تعليم الأطفال حُسْن التصرف إسهاماً كبيراً في تنشئة أفرادٍ يتحلّون بحسّ المسؤوليّة أمام المجتمع. يبدأ تعلُّم حُسْن التصرف من المنزل، وهو لا يقتصر على تعليم الطفل الأواني التي يجب عليه أن يستعملها في الحفلات، بل يتضمن أيضاً إظهار الاحترام للآخرين واستعمال كلماتٍ مؤدبة مثل "من فضلك" و"شكراً لك".
يُعَدُّ احترام الآخرين خصلةً مهمة تجعل الطفل إنساناً يتحلّى بالمسؤوليّة حينما ينضج، إذ إنَّ أولئك الأشخاص الذين لا يعلمون كيف يحترمون الآخرين لم يتعلّموا حينما كانوا صغاراً حُسْن التصرّف أو أهميّة معاملة الآخرين مثلما نحب أن يعاملنا الآخرون.
لا تقتصر تربية الأطفال على إطعامهم، وشراء الثياب لهم، وضمان تَلَقّيهِم تعليماً جيّداً، بل تمتدّ أيضاً إلى تعليمهم مهارات الحياة التي تهيّئُهم لدخول مرحلة النضج. من الأفضل أن نبدأ تعليم أطفالنا هذه الأمور من الصِغَر لكنَّ أيّ شخصٍ، مهما بلغ عمره، يمكنه أن يتعلّم هذه المهارات الثمينة.
أضف تعليقاً