كيف تتغيّر العادات المرتبطة بتناول الطعام عند الإحساس بالضغط؟
ربما تتناول قطعةً من المُثلّجات بعد يومٍ عصيبٍ عشتَه في المكتب، أو ربما تهرع إلى دكان البقالة لتشتري بعض قطع الحلوى بعد أن سار الموعد الأول بشكلٍ سيء، أو قد تكونين أمَّاً تتناولين الكعك المحلى في السيارة بعد أن شعرتي بالإجهاد حينما أوصلتي أطفالكٍ إلى المدرسة صباحاً، أو فتاةً تخبئ الشيبس تحت سريرها لتتناوله بعد أن يخرج الجميع من المنزل.
ربَّما لا تنام بشكلٍ جيد لأنَّك تفكر في رصيد حسابك المصرفي أو في إيصال الأطفال إلى المدرسة، وربما يعاني شخصٌ عزيزٌ على قلبك أزمةً صحية ويجب عليك أن تقدم له الدعم ولم يَعُد لديك أي وقت لتناول وجبة طعام صحية خلال اليوم مما جعلك تشعر بالضغط.
يعرف الجميع الأثر الذي يمكن أن يتركه الإحساس بالضغط على الحياة، أو التغذية، أو القدرة على أخذ قسط كافي من الراحة والأخطار التي يمكن أن ترافق هذا الإحساس حينما يبلغ ذروته. إنَّ الإحساس بالضغط يمكن أن يكون شعوراً يُعْميك عن كل شعورٍ آخر، وقد يكون شعوراً مخادعاً يلازمك بشكلٍ مستمر ويصبح جزءاً اعتيادياً من حياتك.
وبينما يُعَدُّ من المستحيل أن يحيا الإنسان حياةً خاليةً من الإحساس بالضغط، ثمَّة بعض النصائح والحيل التي يستطيع اتباعها يومياً حتى لا يؤدي الشعور بالضغط إلى زيادة الوزن.
2. تعرَّف إلى الهرمونات التي يفرزها الجسم عند الشعور بالضغط:
يمكن تعريف الشعور بالضغط بأنَّه حالةٌ تصيب التوازن الذي يُحِسُّ به الكائن الحي في البيئة التي يعيش فيها بالخلل، وحينما يمرُّ موقفٌ عصيبٌ (سواءً كان وهمياً أم حقيقياً) في حياتك يشهد الجسم مجموعةً من ردود الفعل على المستوى الهرمونات، حيث تؤثر العديد من ردود الفعل هذه في العادات المرتبطة بتناول الطعام، والوزن، والنوم. لذلك ثمَّة بعض الهرمونات الفعالة التي يجب علينا أن نتعرف عليها:
2. 1. الكورتيزول:
حينما يُذكَر الشعور بالضغط تتجه جميع الأنظار إلى الكورتيزول حيث يُفرَز هذا الهرمون في الأوقات التي يُحِسُّ فيها الإنسان بتوترٍ قصير الأمد فيُمِدُّه حينئذٍ بالطاقة اللازمة للتصدي للمصادر التي تثير الشعور بالضغط. أمَّا المواقف التي تسير فيها الأمور بشكلٍ سيءٍ بالنسبة إلى العديد من الناس (والكلام عن الصحة المثالية) هي تلك التي يُحِسُّون فيها بشعورٍ مزمنٍ بالضغط يتحول لاحقاً إلى ارتفاعٍ مزمنٍ بمستويات الكورتيزول يمكن أن يعرض الجسم للخطر. حيث تقاوم الكميات الصحية التي يفرزها الجسم من الكورتيزول على سبيل المثال الالتهابات، لكن حينما ترتفع المستويات ارتفاعاً مزمناً يصبح الكورتيزول سبباً في الإصابة بالالتهابات ويميل الجسم حينئذٍ أيضاً إلى كَسْب المزيد من الوزن.
2. 2. الأدرينالين:
يُعَدُّ الأدرينالين من الهرمونات الأخرى المهمة (ويُعرَف أيضاً باسم النورادرينالين). يُفرَز الأدرينالين عند الشعور الشديد بالضغط ويدفع الجسم إلى التجاوب مع هذا الشعور تجاوباً يعكس خطورة الحالة كاتساع بؤبؤي العينين والقصبات الهوائية، وزيادة معدل ضربات القلب، وتضيُّق الأوعية الدموية، وبطء عملية الهضم بحيث يكون الإنسان بحالة تركيز دقيق وقادراً على التعامل مع الشعور بالضغط.
في الوقت الذي يحمي فيه كلٌّ من الكورتيزول والأدرينالين الجسم من خلال استثارة غريزة البقاء فيه، يتجاوب الأدرينالين مع المواقف بشكلٍ أسرع من الكورتيزول، وقد أظهرَتْ الدراسات أنَّ الأدرينالين قد يقلل الشهية خلال الإحساس بالضغط، في حين قد يعزز الكورتيزول الإحساس بالشهية أثناء التعافي من الشعور بالضغط. ولاحقاً يميل أولئك الذين يُحِسُّون بشعورٍ مزمنٍ بالضغط إلى تناول كميات أكبر من الطعام وتزداد شهيتهم في نفس الوقت لتناول الأطعمة اللذيذة الغنية بالسعرات الحرارية كالسكر والدهون.
2. 3. الأوكسيتوسين:
ربما تعلم أنَّ الأوكسيتوسين هو الهرمون المضاد للشعور بالضغط، وأنَّه يعزز التواصل، وبناء العلاقات، والتقارب بين الناس، ويحافظ على الهدوء (على عكس الكورتيزول الذي يجعلك تحس دائماً بالضغط). ربما سيكون من الأفضل أن تكون مستويات الأوكسيتوسين لديك أعلى من مستويات الكورتيزول من أجل تجنُّب حالات الإحساس المزمن بالضغط وارتفاع مستويات الشعور بالاكتئاب و/أو القلق.
الجيد في الأمر أنَّ إفراز كميات أكبر من الأوكسيتوسين يُعَدُّ أمراً في متناول يديك إذ إنَّ الضحك، والجلوس في أحضان الطبيعة، وممارسة الجنس، وتناول الشوكولا الداكنة، وممارسة الإبداع، والاستماع إلى الموسيقى، وتربية الحيوانات الأليفة، وبناء العلاقات الاجتماعية، وبناء الصداقات، والبوح بالمشاعر، وإظهار الشعور بالامتنان تُعَدُّ جميعاً طرائق بسيطةً لزيادة إفراز الأوكسيتوسين، وازدياد مستويات الأوكسيتوسين يمكن أن يعيد التوازن إلى الهرمونات التي يفرزها الجسم عند الشعور بالضغط ويجعلك تُحِس بشعورٍ أفضل وتستمتع أكثر بالحياة.
3. الإحساس بالضغط وتناول الطعام:
ماذا تفعل حينما تشعر بالضغط، أتتناول الحلوى؟ بعض الناس يفعلون ذلك بينما يفضِّل آخرون تناول طعامٍ مالحٍ ومقرمش كالشيبس أو الأطعمة المقلية، وثمَّة أشخاصٌ آخرون يشعرون بالغثيان إذا ذُكِرَ أمامهم أي صنفٍ من أصناف الطعام.
يحس الأشخاص الذين يشعرون بالضغط بكل أشكال الشهية لتناول الطعام (بما في ذلك انعدام الشهية) لكنَّك قد تلاحظ أنَّ علاقتك مع الطعام والشهية يمكن أن تتغير اعتماداً على السبب الذي أدَّى إلى الشعور بالضغط ومدى خطورة الموقف.
ثمَّة ثلاث حالات أساسية يمكن أن تؤثر في زيادة الوزن عند الشعور بالضغط وتناول الطعام:
3. 1. تناول الطعام الناجم عن الإحساس بالانفعال العاطفي:
يرتبط الشعور المزمن بالضغط غالباً مع القلق، والاكتئاب، وحتى الغضب، وعلى الرغم من أنَّ تناول الطعام لا يُعَدُّ طريقةً لحل مشكلة الشعور بالضغط إلَّا أنَّ تناول الطعام الناجم عن الإحساس بالانفعال العاطفي و/أو الإفراط في تناول الوجبات الخفيفة يُعَدَّان طريقة سهلةً وفعالة للحصول على إحساسٍ مؤقَّتٍ بالارتياح.
3. 2. ازدياد الرغبة في تناول أطعمة معيَّنة:
أتشتهي أنواعاً معينةً من الطعام حينما تشعر بالضغط؟ إذا كان الجواب نعم قد تفسِّر نوعاً ما المعلومات التي سنذكرها سبب رغبتك في تناول الطعام الذي ترغب في تناوله. إذ حينما يفرز الجسم الكورتيزول نتيجة الإحساس الطويل بالضغط يمكن أن تنشأ ظاهرة تدعى الاستجابة الفاتحة للشهية. تؤدي هذه الظاهرة، التي تُعَدُّ استجابةً لإفراز الجسم للكورتيزول، إلى زيادة الشهية للطعام (من الناحية الهرمونية). وقد تتجلى هذه الاستجابة الفاتحة للشهية غالباً بشكل رغبة في تناول أطعمة لذيذة لا سيما الحلويات وهذا يمكن أن يؤدي في معظم الأحيان إلى زيادة الوزن وإلى زيادةٍ عامةٍ في مؤشر كتلة الجسم (BMI).
3. 3. فقدان الشهية:
يقضي الشعور بالضغط، لا سيما النوع الغريزي القصير الأمد منه، على الشهية في أغلب الأحيان، وحينما تُحِس بخوفٍ مؤقَّت تتوقف رغبة جسمك في تناول الطعام حتى تتمكن من التصدي للحالة الطارئة بشكلٍ فعال. وعلى الرغم من أنَّ الضغط الذي تُحس به قد لا يكون خطيراً (موازنةً بالإحساس الذي تشعر به حينما يلاحقك دبٌّ مفترس) إلَّا أنَّ هذا الإحساس يمكن أن يكون ملحَّاً ويسبب الشعور بالإنهاك وبالتالي قد تجد أنَّ ثمَّة خطراً محدقاً بك.
هذه الحالات تفسِّر سبب امتناع بعض الناس عن تناول الطعام وتوجِّه البعض الآخر إلى تناول الطعام عند الإحساس بالضغط.
4. طرائق التعامل مع الشعور بالضغط:
4. 1. التنفس:
يقلل التنفس ببطءٍ وعمق مستويات الإحساس بالضغط وينشِّط الجهاز العصبي نظير الودي (الذي يمنح الإنسان إحساساً بالهدوء)، ويتيح لك التنفس في أثناء تناول الطعام الإحساس بالهدوء، والإنصات إلى الجسم، والشعور بإشارات الجوع والشبع بوضوحٍ أكبر، وضبط تجربة تناول الطعام لتجنُّب خروجها عن السيطرة وتحولها إلى طريقةٍ للتنفيس عن الشعور بالضغط.
4. 2. مراقبة الأحاسيس:
تساعدك مراقبة الأحاسيس التي تشعر بها في أثناء تناول الطعام في الحفاظ على الحضور الذهني في كل لحظةٍ، ويعزز فهم الأحاسيس المتعة التي تشعر بها في أثناء تناول الطعام، والشعور بالمتعة يعزز إفراز الأوكسيتوسين ويساعد في إعادة التوازن إلى الرغبة في تناول الطعام.
شاهد بالفيديو: 10 قواعد للتغلب على الشعور بالضغط
5. الشعور بالضغط والنوم:
يُعَدُّ كلٌّ من الانشغال الذهني، والأرق، والقلق، وتشتنج العضلات، والكوابيس، وتسارع دقات القلب أعراضاً يُحِسُّ بها معظم الناس حينما يحاولون الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلاً أثناء الأوقات العصيبة التي تمر بهم. ويتفق العديد من الناس على أنَّ هذه التجربة ليست تجربةً بسيطة إذ قد تُحِس أنَّ الليل طويل ومع ظهور أول خيوط أشعة الشمس قد تشعر أنَّك نجوت من ليلةٍ عصيبة.
5. 1. نصائح لتخفيف الشعور بالضغط قبل التوجه إلى السرير:
على الرغم من أنَّك قد تشعر بأنَّ الإحساس بالضغط يُعَدُّ مشكلةً مستحيلة الحل، لا سيما حينما يتعلق الأمر بالحرمان من النوم، إلَّا أنَّ ثمَّة بعض النصائح السهلة التي تستطيع اتباعها للتخفيف من حدة هذا الشعور حتى تتمكن من وضع رأسك على الوسادة بسلام:
- التأمُّل قبل النوم: لقد تبيَّن أنَّ التأمُّل يعيد الهدوء إلى الجهاز العصبي ويخفف أعراض الشعور بالضغط.
- البابونج: اشرب البابونج الدافئ حتى تعيد الهدوء إلى الجهاز العصبي إذ إنَّ الأعشاب، كالبابونج، لها آثار مهدِّئة وقد تساعدك في الحصول على نومٍ أكثر راحة خلال الليل.
- الاستحمام بالماء الدافئ: عند الاستحمام بالماء الدافئ يصبح استرخاء الجسم أسهل مما يؤدي إلى الشعور بارتياحٍ أكبر في أثناء النوم.
- استخدام المكملات النباتية والعلاجات الطبيعية: المكملات النباتية والعلاجات الطبيعية يمكن أن تساعدك في النوم بعمق والاستغراق في النوم.
- تعطير الغرفة برائحة زيوت الأساس كاللافندر: فالعلاج بالروائح يمكن أن يفسح المجال أمام الشعور بمزيدٍ من الاسترخاء والراحة.
- الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية: تجنَّب استعمال الأجهزة الإلكترونية والجلوس خلف الشاشات قبل 30 دقيقة من التوجه إلى النوم، إذ تبيَّن أنّ قضاء مزيدٍ من الوقت بعيداً عن شاشات الأجهزة الإلكترونية يؤدي إلى النوم بشكلٍ أفضل أثناء الليل.
6. التخلّص من مشاعر الضغط السلبية:
إذا كنت تعاني من زيادة الوزن بسبب الشعور بالضغط فإنَّ أفضل شيءٍ يمكن أن تفعله هو أن تحاول التعامل مع تلك الأوقات العصيبة بأكبر قدرٍ ممكنٍ من الحكمة، والوعي، واللطف، والصبر. ثمَّة بعض الاستراتيجيات الفعالة للتحكم بمشاعر الضغط، وتجنُّب زيادة الوزن المحتملة، وعيش حياة أفضل:
- البحث عن طريقةٍ صحيةٍ للتنفيس عن مشاعر الضغط: إنَّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وقضاء الوقت في أحضان الطبيعة، والتواصل الاجتماعي، والصلاة يمكنها جميعاً أن تساعدك في الأوقات العصيبة.
- التفكير عند تناول الطعام: حينما تُحِسُّ بالضغط انتبه إلى الطعام الذي تتناوله، وتناول طعامك ببطءٍ وعناية.
- دع حياتك تزداد إثارةً: زِد شعورك بالمتعة ودع جسمك يفرز مزيداً من الأوكسيتوسين من خلال المواظبة على ممارسة أنشطة بدنية ترفع معنوياتك.
- طلب الدعم: تحدث مع صديقٍ، أو أستاذٍ، أو فردٍ من العائلة.
- كتابة المذكرات: عبِّر عن بعض مشاعرك من خلال التأمل وكتابة المذكرات إذ إنَّ التصدي لمصادر الشعور بالضغط بشكلٍ مباشر من خلال كتابة المذكرات يمكن أن يساعدك في إزالة عبئها عن كاهليك.
ليس من الضروري أن يؤدي كل موقفٍ يسبب الشعور بالضغط إلى زيادة الوزن، إذ قد لا تسير هرمونات الجسد أبداً في ذلك الاتجاه (اعتماداً على العلاقة بين الأدرينالين، والكورتيزول، والأوكسيتوسين)، لكن بغض النظر عن أي شيء، فقد يساعدك التعامل مع أي موقفٍ مثير للشعور بالضغط (من خلال المعلومات والنصائح التي ذكرناها في الأعلى) في السيطرة على ردود الفعل غير المدروسة التي قد تؤدي إلى زيادة الوزن. في النهاية لا يمكن السيطرة على كل مشاعر الضغط التي قد تُحِسُّ بها خلال حياتك لكن قد تمنحك الطريقة التي تتعامل بها مع الضغط مصدر قوةٍ يمكن أن يُستغَلَّ ويوجَّه مع مرور الوقت للحصول على جسمٍ صحيٍّ وحياةٍ صحية.
أضف تعليقاً