تعريف الاكتئاب:
الاكتئاب النفسي هو اعتلال عقلي يتمثّل في سيطرة المشاعر السلبية لفترات طويلة على الشخص، وفقدان الحماس، وعدم الاكتراث، والحزن، والقلق، والشعور بالذنب، والتوتر، وقلة الحيلة، مع انعدام وجود هدف للحياة.
أنواع الاكتئاب:
في كثير من الأحيان نشعر بالحزن واليأس لكن استمرار هذه الحالة قد تنذر بأنك تعاني بأحد أنواع الاكتئاب، ويصنّف أطباء علم النفس الاكتئاب إلى 8 أنواع مستندين في ذلك على طول فترة الحزن والأثر الذي يتركه على حياة الفرد الاجتماعية والمهنية، وإذا ما كان الحزن مصحوبًا بنوبات من الابتهاج إضافة إلى نوبات الكآبة.
1- الاكتئاب الشديد:
هو من أكثر أنواع الاكتئاب خطورة وتشمل أعراضه الشعور بالتعب والإرهاق الدائم، الدخول بحالة حزن شديدة بشكل مفاجئ، اضطرابات النوم والأرق، عدم القدرة على التركيز والانتباه، انعدام الثقة بالنفس، سرعة الانفعال والعصبية الزائدة، جلد الذات وتحميلها سبب الأخطاء، فقدان الرغبة الجنسية، التفكير الدائم بالانتحار.
2- الاكتئاب المستمر:
يُطلق عليه أيضًا اسم الاكتئاب الجزئي، ويتميّز هذا النوع أنّه يستمر لفترة طويلة الأجل قد تستمر لسنوات طويلة يفقد على أثرها الشخص الاهتمام بالأنشطة اليومية العادية وينعدم إحساسه بالأمل والتفاؤل وتنخفض مستوى إنتاجيته وتقلّ كفاءته، ويزداد شعوره بالتعب والإرهاق إلى جانب تعرضه لاضطرابات النوم والأرق، كما ويفقد ثقته بنفسه، وينعزل بعيدًا عن محيطه الاجتماعي.
3- اضطراب ثنائي القطب:
يطلق عليه اسم الاضطراب ذو الاتجاهين، ويختلف هذا الاكتئاب عن باقي الأنواع، ففي هذا النوع تتناوب نوبة الاكتئاب الكبرى مع نوبة من الابتهاج تعتبر أقل حدّة من الابتهاج غير الطبيعي، ومن أعراضه: أثناء نوبة الاكتئاب يشعر المصاب بالحزن الشديد برغبة بالبكاء، إضافة إلى فقدان الشهية، واضطرابات النوم، والانعزال عن الناس، وخلال نوبة الابتهاج يشعر بطاقة كبيرة وبمشاعر فرح وسعادة مبالغ بها.
4- الاكتئاب الموسمي:
يسمّى بالاضطرابات العاطفية الموسمية، ويحدث هذا الاكتئاب خلال تتابع فصول السنة ومن أكثر أنواعه شيوعًا اكتئاب الشتاء التي تبدأ في أواخر فصل الخريف، وأوائل فصل الشتاء، وتختفي تمامًا بحلول الصيف، أعراض هذه الكآبة زيادة الوزن، قوة الشهية، العزلة، الشعور الدائم بالتعب والإعياء، أما النوع الثاني هو الأقل شيوعًا يعرف بالكآبة الصيفية والتي تبدأ في أواخر فصل الربيع أو أوائل الصيف، وتختفي تمامًا بحلول الشتاء أعراضها ضعف الشهية، ونقص الوزن، والأرق.
5- الاكتئاب الذهاني:
الاكتئاب الذهاني يشمل أعراض الاكتئاب السريري حيث تظهر على المصاب أعراض مثل الحزن اليأس، وعدم المبالاة إلى جانب ذلك تظهر أعراض ذهانية تظهر على شكل نوبات كالخرس (فقدان القدرة على الكلام)، والاهمال الذاتي إضافة إلى حدوث هلوسات وأوهام تقلّل من ثقة الشخص بنفسه، وفي بعض الأحيان تظهر أعراض ذهانية تتناقض مع الأعراض الاكتئابية كأن يشعر المصاب بالاكتئاب ويكون لديه في نفس الوقت شعور بالعظمة والقوة.
6- اكتئاب ما بعد الولادة:
اكتئاب ما بعد الولادة حالة نفسية شائعة الانتشار، فما إن تضع المرأة طفلها حتى تصاب بحالة من الشعور بالإرهاق والتعب، وتقل رغبتها على العناية بطفلها، وينتابها نوبات بكاء شديدة، وفي بعض الأحيان تعجز عن البكاء لتفريغ ما تشعر به، إضافة إلى اضطرابات النوم، وتذبذب المزاج، والشعور بتأنيب الضمير، وفقدان الثقة في النفس، والشعور بالبؤس، والحزن الشديد.
7- اكتئاب ما قبل الطمث:
يطلق عليه متلازمة ما قبل الحيض حيث يظهر على المرأة مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية والعاطفية مثل تقلب المزاج، وسرعة الغضب والانفعال، والقلق، وكثرة النسيان، وتشوش الذهن، وفقدان القدرة على التركيز، والأرق، والصداع، والدوخة، إضافة إلى الرغبة بالبكاء، والرغبة الملحة في تناول الحلويات، كما وتظهر بعض الأعراض الجسدية كزيادة الوزن، تورم الثديين.
8- اكتئاب المواقف:
في كثير من الأحيان يتعرّض الشخص للاكتئاب نتيجة تعرضه لمواقف مؤلمة مثل الطلاق، أو ترك العمل، أو وفاة شخص عزيز، أو التعرض للخيانة، أو لحادث مؤلم كاد أن يودي بحياته وغيرها، وبذلك يحدث الاكتئاب كرد فعل عن الحالة التي يمر بها الشخص ويستمر لوقت قصير لا تصل إلى حالة نوبة الاكتئاب الكبرى، من أعراض هذا الاكتئاب اضطرابات في النوم، فقدان الشهية ونزول الوزن، الشعور بالذنب.
العوامل التي تقف وراء الإصابة بالاكتئاب:
- الوراثة: أثبتت الأبحاث العلمية أنّ العامل الوراثي له دور كبير في الإصابة بمرض الاكتئاب، فإذا كان أحد الأبوين أو أقرباء الدرجة الأولى يعاني من الاكتئاب فعلى الأرجح انتقاله بالجينات الوراثية إلى الأبناء، والأحفاد.
- الأمور الحياتية: المواقف المحزنة والصدمات العاطفية التي يمرّ بها الشخص كفقدان شخص عزيزي، أو الطلاق، أو الخيانة، أو التعرض لحوادث مميتة تجعل الشخص حزين مخبط، ما يزيد من احتمال إصابته بالاكتئاب.
- الصعوبات المعيشية: الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها الشخص، وقلة الموارد المالية، وانتشار الفقر، والمجاعات، والبطالة، كان له أثر سلبي على نفسية الشخص ما جعله أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- البيئة الخارجية: إنّ العيش وسط أسرة مفككة، ومشاكل الأبوين المتكررة، والهجرة لبلد آخر، والتعرّض للنبذ والعنصرية، وعدم القدرة على الاندماج مع المحيط الجديد، يعتبر من العوامل الأساسية للتعرض لحالة الاكتئاب.
- الأمراض: تحدث الكآبة أحيانًا نتيجة الإصابة بمرض ما مثل التصلب المتعدد، اضطرابات النوم، السرطان، الإيدز، الفشل الكلوي، مرض لايم، مرض أديسون، توقف التنفس أثناء النوم، نقص الأندروجينية (عندالرجال).
- العقاقير الطبية: هناك أنواع معينة من الأدوية تؤثر على مزاج الإنسان وتجعله معرّضًا للاكتئاب مثل العقار المعالج لالتهاب الكبد C، وبعض العقاقير المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم مثل حاصرات بيتا، أو ريزربين.
إحصاءات وأرقام حول انتشار الاكتئاب في العالم:
بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2018 يعتبر الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة في العالم، حيث يعاني منه أكثر من 300 مليون شخص من مختلف الأعمار والأجناس لكن النساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجال، ويعتبر الاكتئاب من الأسباب الرئيسية التي تقف وراء انتشار ظاهرة الانتحار فهو يدفع ما يقارب 800000 ألف شخص على الانتحار، وبذلك يكون ثاني سبب رئيسي للوفيات بين الفئة العمرية 15-29 عامًا.
شخصيات عالمية مشهورة انتحرت بسبب الإصابة بالاكتئاب:
النجم الأميركي روبن ويليامز، المغنية الفرنسية داليدا، الممثلة المصرية سعاد حسني، الممثلة الأمريكية مارلين مونرو، الشاعر اللبناني خليل حاوي، الروائية الأمريكية فرجينيا وولف، الروائي الأميركي إرنست همينغوي، الممثلة البريطانية لوسي جوردون، الممثل الأميركي أندرو كونيج، الممثل الأميركي شارليز روكيت.
أهم العلاجات المستخدمة لحالة الاكتئاب النفسي:
يتّبع المريض برنامج علاجي تحت إشراف الطبيب النفسي ويتم إعطاء المريض المصاب بالاكتئاب مجموعة من الأدوية مثل اميتريبتايلين، نورتبتايلين، تراي ميبرامين، ايزو كاربوكسازيد، فينيليزين، ترانيل سايبرومين، وإلى جانب الأدوية يتم إخضاع المريض للعلاج النفساني والعلاج الذاتي الذي يتمثل بالجلوس مع أشخاص عانوا مسبقًا من الاكتئاب ونجحوا في تجازوه، وفي بعض الحالات يتم اللجوء إلى العلاج بالصدمات الكهربائية.
طرق الوقاية من الإصابة بحالة الاكتئاب:
- لحسن الحظ إنّ مرض الاكتئاب قابل للعلاج، كما أنّ هناك بعض الطرق التي من شأنها أن تقي من الإصابة ببعض أنواعه، فيما يلي سنتعرف على هذه الطرق.
- اتّباع نمط غذاء صحي وتناول الأغذية المغذية والمتكاملة مثل الأسماك، الحبوب الكاملة، الخضروات والفاكهة الطازجة، المكسرات، مشتقات الألبان والأجبان، البقوليات وغيرها.
- ممارسة الأنشطة البدنية لمدة ساعة كاملة يوميًا كالمشي، أو ركوب الدراجة، أو تمارين الأيروبيك، أو السباحة، والمشاركة في الرياضات الجماعية مثل التنس، كرة السلة، كرة القدم، الكرة الطائرة.
- اقتطع أوقات من يومك للاسترخاء وممارسة اليوغا، حيث يُفضّل أن تجلس خلال وقت الراحة في مكان هادئة وخاصة في الطبيعة أو حديقة منزلك، فالمناظر الطبيعية الخلابة والهواء النقي يطرد الشحنات السلبية ويجعلك بحال أفضل.
- خصّص بعض الوقت لممارسة الأنشطة التي تحبها كالخروج مع الأصدقاء لمشاهدة فيلمك المفضّل، أو لحضور عرض مسرحي، كما يجب أن تخصّص وقت لممارسة هوايتك ولتعلم هوايات جديدة، سيحسن هذا حالتك النفسية.
- تجنّب مصادر التوتر قدر الإمكان مثل الاستماع لنشرات الأخبار وأخبار الكوارث والوفيات، وحاول أن تتعامل مع الأحداث التي تمر بها بإيجابية وبمرونة ولا تترّدد عن طلب المساعدة عندما يصعب عليك تجاوز معاناتك.
نصائح هامة لعيش حياة سعيدة بعيدًا عن الاكتئاب:
- تعامل مع الأحداث بإيجابية: أن تعيش بسعادة بعيدًا عن كل ما يكدر صفوة أيامك أمر غير مستحيل، لكن كل ما في الأمر أنّه يجب عليك أن تنظر إلى الجانب الإيجابي لكل أمر يعترضك سواء أكان مشكلة شخصية، أو مهنية، عندها ستتمكّن من إيجاد حل لها بسهولة دون أن تتأثر نفسيتك أو أن تشعر بالإحباط بسببها.
- اقترب من مصادر الفرح: أفضل وسيلة لعيش حياة سعيدة وهانئة أن تبتعد عن كل مصادر التوتر، وأن تبقى قريبًا من مصادر الفرح أي أن تختلط مع الناس الإيجابيين، وأن تمارس كل الأنشطة التي تحبّها، وأن توطد علاقاتك الاجتماعية، وأن تتابع الأفلام والمسلسلات الكوميدية الضاحكة، صدقني كل ما سبق سيجعلك سعيدًا.
- تذكّر ذكرياتك السعيدة: لا تسمح للحزن أن يسيطر على حياتك ويحطم مشاعرك ويضيع أيام عمرك، وحاول في المقابل أن تستجمع قواك من جديد من خلال تذكّر بعض الذكريات السعيدة مع العائلة والأصدقاء، وتذكّر المرات الكثيرة التي نجحت بها في حياتك، وتذكّر إنجازاتك ومهاراتك وقدراتك الشخصية فهي ستجعلك أكثر قوة، وأكثر سعادة.
- تخلّص من عاداتك السيئة: احرص على التخلّص من عاداتك السيئة كالتسويف، والتأجيل، والسهر، وتضييع الوقت، والتدخين، وتعاطي الكحول والمخدرات فجميعها يجعلك تعيش بتعاسة، واستبدلها بعادات جيدة كاتبّاع نمط حياة صحي، النوم والاستيقاظ المبكر، ممارسة اليوغا والرياضة فهي ستجعل حياتك متوازنة وسعيدة.
- اجعل لنفسك رسالة في الحياة: في الحقيقة إنّ الحياة بلا رسالة أو هدف نسعى لأجله تصبح بلا قيمة ولا معنى، لذا اجعل لحياتك رسالة سامية واجتهد لتحقيقها، مثلًا كأن تكون رسالتك توعية المجتمع من مخاطر الأمراض السارية، أو نشر العلم ومحاربة الأمية، أو مساعدة المسنين والعجزة، أو محاربة التشرد وتجارة الأعضاء، عندما تنجح في تحقيق رسالتك ستشعر بالفخر والسعادة.
الحياة لا تخلو من الأحزان لكن هذا لا يعني أن نستسلم لحالتنا النفسية السيئة، لذا لا تقبل عزيزي أن تكون الضحية بل قاوم وتعلّم واستفد من تجاربك، وعندما تفقد القدرة على المقاومة استشر الطبيب النفسي فهو سيقدم لك كل ما تحتاجه من علاج ورعاية صحية.
المصادر:
أضف تعليقاً