أوّلاً: قوّة الثقة بالنفس
إنَّ كل إنسان لديه الثقة بنفسه بطريقةٍ معيَّنة، فهناك شخص لديه الثقة بنفسه وهو يتكلم مع الناس أو مع زوجته أو مع أولاده. لذلك فكل أحد مِنَّا لديه الثقة بشيء معين. والشخص الذي يقول أنّه ليس لديه ثقة تماماً فكلامه غير صحيح، فما حدث أنّه ركّز على شيء تنقصه الثقة به، ثم بدأ في تعميم الأمر ليقول: "ليس لديّ الثقة بنفسي".
فالإنسان لو فقد الثقة بنفسه لعاش في خوفٍ شديد وسيشعر أنَّ كل الناس أفضل وأهم منه، وسيعيش في ظِلال الآخرين، وسيُعاني من الإحباط والأوجاع النفسيّة. أي أنَّ التقدير الذاتي وهو ما يأتي قبل الثقة بالنفس سيكون فيه اضطراب.
أمَّا الإنسان الذي يتمتّع بقدرٍ من الثقة فنجده لا يعاني من الخوف، ونظرة عينه بها ثقة، وتشعر من خلال عينيه أنّه يقول لك: "أنا واثق من نفسي لن تستطيع إطلاقاً أن تؤثِّر علي". فهو لا يتأثر بالمؤثّرات الخارجيّة ولا بالآخرين، لأنّه يعلم جيّداً إلى أين هو ذاهب، ويعلم أنّ هذه الثقة يستطيع أن يتجاوز معها تحدّياته، فبالثقة تستطيع أن تتجاوز المستحيل.
"أنت من تجعل الاستحالة موجودة وتجعلها تُحيط بك، فإذا قرّرت وفكّرت وخطّطت وقمت بالفعل فلن يكون هناك مستحيل".
ثانياً: الثقة تتحدى الصدمات
في البداية سنسأل من أين تأتي الثقة بالنفس؟ وإلى أين سيصل صاحب الثقة بالنفس؟
إنَّ الإنسان الواثق بنفسه نجده يتحرّك بطريقةٍ معيّنة، ويفكِّر بطريقةٍ معيّنة، ويتنفّس بطريقةٍ معيّنة. فمهما حدث فهو الذي سيفوز في النهاية.
فالإنسان الذي يفكر بطريقةٍ سليمة يعلم حتماً إلى أين هو ذاهب، فيعلم ما هي أهدافه وإلى أيّ شيءٍ ستوصله هذه الأهداف، وسيقول لنفسه: "مهما وَقَعْتُ سأقِفُ مرَّةً أخرى"، وعندما يصل إلى ما يريد سيرى من هناك ما هو أبعد.
وإنَّ لقوة الثقة بالنفس معنى ضخم. فبمجرد قولك كلمة ثقة بالنفس، يأتي الكلام عن المفهوم الذاتي. ثمَّ الصورة الذاتيّة التي ستوصلنا للتقدير الذاتي.
فيعتبر مثلاً التحدُّث أمام جمهور أحد المخاوف البشريّة كالخوف من الفشل والمجهول والاعتراض والتحدُّث والاستهزاء، ويمكنك التغلُّب عليه عن طريق العودة إلى الماضي، ثمَّ تغيير إدراك الواقع في الماضي، ثمَّ عِشْ التجربة الجديدة، ثمَّ أعطها القوّة، ثمَّ قُمْ بعمليّة التخيُّل الابتكاري.
"تخيَّل نفسك في المستقبل في موقف عسير، وأنت غير مُتَّزن تماماً، كرّر ذلك أكثر من مرّة، ستجد أنَّ الجسم والعقل بدءا يتّبعان البرمجة الجديدة.
لذلك عندما يمر بك موقف تخاف منه إيّاك أن تقول "لا أستطيع" قل لا أريد، لأنّك لو أردت فعلاً أن تفعل أمراً لفعلته، وستستطيع، فقط ثق بنفسك.
سألتُ مرّةً شخصاً: ماذا تفعل لو كان عندك مشكلة كبيرة؟ قال لي: هناك شخص صيني سألوه نفس السؤال فقال: "لا يهم، ماذا يحدث لي مالم يقتلني فإنّه سيزيدني قوّة".
ثالثاً: بواعث الثقة
1. المفهوم الذاتي:
المفهوم الذاتي كلمة تشمل إدراكك وقيمك وعاداتك ومعنى الأشياء بالنسبة لك والتي ينشأ 90% منها قبل سن السابعة، فالطفل عندما يولد لا يكون لديه اللغة التي يقابل بها العالم، اللغة التي يفهمها، فيتعلّم منها أوّلاً كلمة بابا وماما ثمَّ يبدأ بتعلُّم أسماء الأشياء وهنا يبدأ في جمع اللغة حتّى يذهب للعالم ويقابلهم بهذه اللغة.
وعندما يكتشف أنَّ الناس يتكلّمون لغةً مختلفة تماماً عنه، ولا أقصد بالاختلاف هنا في نوع اللغة عربية أو إنكليزية أو غيرها وإنّما الاختلاف في العادات والقِيَم. ومن هنا يظهر الاحتكاك في فن الاتصال لأنَّ كل شخص يُدافع عن قِيَمِه، ويُدافع عن رأيه. كل إنسان لديه الأشياء ذات معنى مختلف عن غيره.
فقد يكون بمفهومي أنَّ التفاهم مهم والعصبيّة مرفوضة، وبمفهوم الآخر تكون العصبيّة والمُشاجرة أمراً طبيعياً.
1. 1. سِمات المفهوم الذاتي:
إنَّ المفهوم الذاتي ذو ثلاث صفات أساسيّة:
- أنَّه مُكتسب: لأنّه يأتي من البرمجة، فنحن نكسبه من الأب والأم ثمَّ من المدرسة ثمَّ من الأصدقاء ثمَّ من وسائل الإعلام ثمَّ من أنفسنا ثمَّ من محيطنا الاجتماعي والمحيط العائلي. إذاً هنالك برمجة حدثت لك. لذلك وبما أنَّ المفهوم الذاتي مُكتسَب إذن نحن نستطيع أن نغيّره لأنّه عبارة عن برمجة.
- أنّه مُنتظم: فهو يريد أن يظل في نفس المكان ولا يريد أن يتحرّك نحو مكانٍ آخر فهو يُدافِع عن نفسه "إذن فهو مُنتظم ويدافع عن نفسه"، فبمجرد حصولك على المفهوم الذاتي وحصولك على لغة ومعنى وإدراك فإنّك تدخل في منطقة تُسمّى "منطقة الراحة" أو "منطقة الأمان" بمعنى أنَّ كل شيء لا بد أن يكون في هذه المنطقة، ولو خرجت عنها أو حدث أي تغيير في حياتك ستُقاوِم وبشدَّة لأنَّ هذا يختلف عن منطقة الراحة الموجودة بداخلك. ففي هذه المنطقة يشعر الإنسان بالأمان، وذلك لأنَّ لديه الدخل الذي يجعله يعيش بشكلٍ جيّد، ولديه المنزل الذي يؤويه، والعمل الذي كان يسعى له، وحقّق ما كان يطمح له... ومنطقة الأمان هذه أسمّيها "منطقة الخطورة" لأنَّ الإنسان إذا اطمأن بدرجة عالية فلن يستغل قدراته، لأنّه لا يعرف لِمَ يستغلّها.. فهو سعيد.. لماذا يُتعِب نفسه إذن؟ وبالتالي سيدخل الروتين على حياته وتبدأ الاحباطات والأوجاع النفسيّة، ونجد أشخاصاً كثيرين لديهم كافة الوسائل التي تجعلهم سُعداء في حياتهم لكنّهم يكونون في الحقيقة تُعساء ومرضى نفسيين، يقولون لأنفسهم: "لماذا أتغيّر؟.. أنا سعيدٌ هكذا" لكنَّه داخليّاً يشعر بالضيق، لأنَّ الجميع حوله في حركة وتغيُّر، إلا أنّه توقّف عند نقطةٍ معيَّنة.
فلو أنَّ أحداً غيَّر منزله مثلاً سيحس بعدم الضمان والأمان في الفترة الأولى، أيضاً تغيير العمل لعملٍ جديد مع أنَّ العمل الجديد ربّما يكون أفضل من العمل الأوّل إلّا أنّ الشخص في البداية سيشعر بعدم الضمان والأمان، لأنَّه وجد نفسه قد خرج من منطقة الراحة.
وعندما تطلب من شخص أن يتّخذ قراراً فإنّك بطلبك هذا أخرجته عن منطقة راحته، وعندما يخرج منها لا بدَّ أن يخرج بأسلوبه هو وبطريقته هو لا بأسلوبك أنت ولا بطريقتك أنت، فلا أحد يستطيع أن يُغِّير أحداً.
لذلك يجب عليك أن تجمع المعلومات وتوسِّع الآفاق لتُعطي معنى جديداً للأشياء وتجعل الناس يفكّرون ويقرّرون ويتحرّكون، وعندما تفعل ذلك ستجد الناس يتعلّمون ذلك.
ومن أبرز المشاكل بين الآباء والأبناء أنَّهم يريدون منهم أن يفعلوا شيئاً معيَّناً. وفي الحقيقة طالما أنَّ الإنسان يُحِبّ ويرغب في فعل شيء معيَّن سينجح في عمل هذا الشيء وذلك لأنَّ كل شخص لديه مفهومه الذاتي الذي يمتلكه، وهذا المفهوم يكون في مُنتهى القوّة ويحتوي هذا المفهوم على برمجة هذا الشخص.
أمَّا إذا كان الإنسان يفعل شيئاً وهو مُجبرٌ عليه فيكون هذا الشيء خارج مُعتقداته وخارج أهدافه. إذاً لا بدَّ أن أتغيَّر على أساس مفهومي أنا لا على أساس مفهوم شخص آخر. - أنّه ديناميكي: يعني أنّه باستمرار يسعى للتحسُّن والوصول للأفضل ولكن بشرط أن يكون هذا التحسُّن بمفهومه الشخصي هو لا بمفهوم أحد آخر. وذلك لأنَّ الإنسان يكبر بإنجازاته، وهذا هو المطلب الأساسي لديه. فالإنجازات تُشعِر الإنسان أنّه يتقدَّم وأنّه يُكبِّر نفسه ويُنمِّيها، فالإنجازات تُشعره أنَّ لديه هدف في هذه الحياة، فمعنى ديناميكي أي أنّه باستمرار يتحرّك لكن بشرط أن يكون هذا التحرُّك في مفهومه الذاتي، أمَّا لو كان وِفقَ مفهوم شخص آخر فلن تنجح في الاستمرار.
لذلك لا بدَّ للإنسان أن يكون في تحرُّك وتطوُّر مستمرين، وأن يُساعد نفسه على اتخاذ القرارات، ولا يقول لم يعد هناك وقت.. لقد كبرت على أن أُحدِث تغييراً بحياتي. كيف يمكن أن نُحدِث تغييراً في المفهوم الذاتي؟
لقد قلنا أنّ المفهوم الذاتي مُكتسَب، والسؤال الآن هل الشيء المُكتسَب يمكن أن يتغيَّر؟ والجواب هو بالطبع نعم لأنّه في الأصل موضوع من قِبَل شخص معيَّن مثل الأب والأم مثلاً ويمكن أن يتغيَّر ويمكن أن أُغيّره بأسلوب يتوافق معي. أوَّلاً عليك أن تعلم أنّ رأي الآخرين فيك لا ولم ولن يدل عليك، وذلك لأنّ هذا الرأي يكون مبنيّاً على قِيَم ونظام وتفكير هؤلاء الآخرين، لا قِيَمِك أنت.. ولا تفكيرك أنت.. ولا مفهومك أنت. فأنا وأنت والجميع مُعجزة من الله فكيف لشخص أن يَحكُم على شخص آخر؟
لذلك يجب أن تتقبَّل قدراتك كما هي وتتقبَّل نفسك كما هي، ومن هنا تبدأ مرحلة أخرى وهي ألا تنقد أحداً، فبمجرد نقد إنسان آخر فهذا معناه أنّك تقول لنفسك "أنا لا أحتاج لقدراتي.. أنا فقط أنقدك.. أنا لا أحتاج أن أفعل.. أنا ألوم فقط.. أنا لا أحتاج أن أُكبِّر نفسي.. أنا لا أحتاج أن أفعل شيئاً إطلاقاً، إنما ألوم فقط". وفي هذه الحالة أنا أقول لعقلي اللاواعي أنا لا أحتاج إليك.. أنا ألوم وسأصبح بطل العالم في اللوم.
2. المثل الأعلى الذاتي:
إنّ كل شخص لديه مثل أعلى داخلي عن نفسه، فكل شخص يعرف نفسه جيّداً. والمثل الأعلى يحتوي على خمسة أركان وأجزاء وهي:
- الجزء الروحاني: أن يكون لديك مثل أعلى داخلي فأنت تعلم جيّداً ماذا تريد.
- الجزء الصحّي: تعرف ماذا تريد، وماهي مشاكلك، وتعرف طبيعة صحّتك.
- الجزء الشخصي: أنت تعلم تقديرك النفسي وتعلم كيف يتحقق ذلك التقدير.
- الجزء المهني: أنت تعلم في أي المجالات ستُحقِّق النجاح.
- الجزء المادي: وتعلم إلى أين تُريد أن تصل بنفسك.
فمثلاً بالنسبة للجزء الروحاني تقريباً كل إنسان يعرف ما الذي يريده، وكذلك الجزء الصحي. وهناك بعض الأشخاص الذين يعلمون جيّداً ماذا يريدون، لكنّهم لا يعلمون كيف يصلون لما يريدون، ولأنَّ هؤلاء لا يستطيعون الوصول إلى هدفهم أو لا يحاولون الوصول فيبدءون بالمقارنة بينهم وبين الآخرين وهذه المقارنة سينتج عنها اللوم، سيلومون حظّهم ويلومون الناس.
فعندما لا يصل الشخص إلى ما يريد سيصل إلى مراحل الإحباط والقلق والتوتُّر والاكتئاب، وسيرى الناس من حوله يستطيعون الوصول لهذا الشيء فيبدأ بالمقارنة ثمَّ يلوم نفسه، وبالنهاية سينتقد، وحاذر أن تقع في هذه الأشياء لأنّك إذا بدأت بهم تكون قد وصلت لمشكلة كبيرة.
والمشكلة الكبيرة: تبدأ بثلاثة أشياء أساسيّة:
- المُقارنة: المُقارنة بينك وبين الناس، واعلم أنّك ستكون الخاسر لأنّك تقارن نفسك بشيء أنت ضعيف فيه.
- النقد: بعدما تنتهي من المُقارنة ستبدأ بالنقد وتنقد كلَّ شيء وتنقد الآخرين.
- اللوم: ثمَّ ينتهي بك الأمر إلى لوم الآخرين.
وهذه الأشياء الثلاث في مُنتهى الخطورة فإذا وصلت لتلك المرحلة فاعلم أنَّ مثلك الأعلى الذاتي فيه اضطراب وتوتُّر ويجب أن تُصحِّح ما بداخلك.
3. الصورة الذاتيّة:
إنَّ كل إنسان لديه داخليّاً صورة لكل شيء فنحن لدينا عينان لنرى بهما العالم الخارجي، فإذا نظرت في المرآة سترى الأشياء الخارجيّة فقط ولن تستطيع أن ترى الأشياء الداخليّة في جسمك رغم أنَّ هذه الأشياء الداخلية هي العالم الحقيقي الذي يُمثِّل أكثر من 90% من قدراتك.
فأنت لا تستطيع أن ترى طاقتك.. لن تستطيع أن ترى كبدك أو قلبك.. لن تستطيع أن ترى قدراتك الذهنيّة مثل ذكائك أو صبرك أو حُبّك الداخلي.. لكنّك سترى شكلك الخارجي، فكيف إذن تحكُم على شخص أنّه فاشل أو أنّه ضعيف أو أنّه قوي من خلال الشكل الخارجي؟
والذي يحدث في الصورة الذاتيّة أنّه بين عينيك هناك عين ثالثة تذهب بداخلك لترى صورتك الداخليّة التي رسمتها أنت عن نفسك منذ فترة، وهذه الصورة الداخليّة لا تكون موجودة إلّا في المخ فقط، فالشخص يرى من الخارج فقط، مثلاً الشخص السمين يرى نفسه من الخارج سميناً فيحاول أن يُنقص وزنه فيقوم بعمل الريجيم ليحاول أن يُغيِّر شكله الخارجي، فيُقلِّل الطعام أو يمتنع عنه تماماً حتّى يكون مثل الأشخاص الذين يتمتَّعون بجسد متناسق، لكن عينه الثالثة ترى الصورة الداخليّة أنّه مازال سميناً، فيظل كما هو الشخص السمين ولا يحدث له أيَّ تغيير.
إذاً فالصورة الذاتيّة في منتهى القوة والخطورة. لذلك يجب على الشخص أن يرى نفسه داخلياً، فإذا استطاع أن يرى نفسه داخلياً بالشكل الجديد فعندها سيستطيع أن يُغيِّر الصورة الداخلية لنفسه، وطالما أنَّ الذي في الداخل تغيَّر إذن الذي في الخارج سيتغيَّر.
4. التقدير الذاتي:
التقدير الذاتي معناه الطريقة التي ترى بها نفسك بمعنى مشاعرك وأحاسيسك عن نفسك. فالتقدير الذاتي هو تقديرك أنت لنفسك وإحساسك أنّك راضٍ عن نفسك، وهل أنت تُحِب نفسك، وفيها نقول أنّه يجب على الإنسان أن يُحب ذاته ويُحب نفسه، فحُب الذات ليس أنانيّة وهو مفهوم خاطئ. حُب الذات معناه أن تقبل نفسك كما هي، وأن تقول لله سبحانه وتعالى أنا مُتقبِّل الهدية التي أعطيتها لي كما هي.
وعدم تَقبُّل الذات يوصل الشخص لأمرين أساسيين في منتهى الخطورة:
- الأمر الأول: السلوكيات السلبيّة: مثلما يحدُث مع الشخص الذي يشعر أنّ ليس لديه تقدير ذاتي، وشعوره أنّه لا يُقدِّر نفسه لأنّه لم يُقدِّره أحد من قبل. فمثلاً الطفل الصغير الذي يريد أن يتكلَّم فيقال له اسكت لا تتكلَّم، هذا الطفل يشعر أنَّه أقل من العالم ويكبر على هذا الإحساس ولأنّه يشعر بذلك فهو يريد أن يُكبِّر من نفسه فيعوِّض حُبَّه للعالم بسلوكيات أخرى حين يكبر من ضمنها التدخين، ومن ضمنها المخدرات ومن ضمنها أشياء كثيرة لا يحتاجها.. وهذا كلّه لأنّه يريد أن يُعوِّض تقديره الذاتي.. يعوِّض حُبَّه لنفسه.. يريد أن يملأ الفجوة التي في داخله.. يملؤها داخلياً.. أنا أحب نفسي لذلك انا أشتري لنفسي أشياء.
- الأمر الثاني: ضُعف الشخصية والخوف الاجتماعي: عندما يضعف التقدير الذاتي ينتج عن ذلك ضعف الشخصيّة وينتج الخوف الاجتماعي، وهو إحساس الشخص أنّه قليل الشأن فيشعر أنّه أقل من الموجودين فيفضِّل السكوت، فلا يستطيع أن يتحدَّث أمام الناس، ولا يرفع يده مثلاً ليتكلَّم في المحاضرات، فهو يتمنى أن يتكلَّم لكنَّه سيشعر أنّه إذا تكلَّم سيكون هناك من يقول له اسكت.
لذلك يجب أن تقبل نفسك وتستغل قدراتك حتّى آخر لحظة في حياتك يجب أن تعمل وتستغل وقتك جيّداً، نم بقدرٍ معقول. فلا تهدر وقتك في النوم الكثير فسوف تنام كثيراً عندما تفقد الحياة ولن يكون لديك إلّا النوم. فيجب أن تستغل كل لحظة وكأنّها آخر لحظة في حياتك.
5. الإنجازات الذاتيّة:
بعد المفهوم الذاتي ثمَّ المثل الأعلى الذاتي ثمَّ الصورة الذاتية ثمَّ التقدير الذاتي يأتي الإنجاز الذاتي، فكل إنسان يريد أن يكون لديه إنجاز وأيَّ شخص يعاني من الاكتئاب يشعر أنّه ليس لديه إنجازات.
إنّ سؤالك لنفسك: ماذا أريد؟ ينتقل بك إلى المستقبل، ولماذا أريده؟ يعطيك الأسباب التي تدفعك إلى تحقيق الهدف، ومتى تريده، وتضع عامل الزمن في الاعتبار، وكيف تحصل عليه؟ وتعطيك الإمكانيات والوسائل، وعندما تقول: "أنا أستطيع تحقيق الهدف" تقوِّي ثقتك بنفسك.
فتركيزك على أهدافك يمنحك إنجازاً وطاقةً ذهنيّة، وكلّما كنت مرناً تجنّبت الأحاسيس السلبيّة. فالفراغ مثلاً يُنشِّط الأحاسيس السلبيّة.
"إنَّ التفكير والتركيز على شيء واحد فقط يجعل المخ يصل لمرحلة التعميم السلبي، فالمخ ركَّز على شيء معين ثمَّ يُعمِّم الأمر، مثلاً الشخص المُتضايق من شيء يقول أنّ البلد كلّها سيّئة فإذا عمَّم الإنسان سيشعر أنّه لم يحقِّق أيَّاً من إنجازاته. فالشخص الذي يقول أنّه مضطرب نفسيّاً عمَّم الأمر وضخّمه فتكون أحاسيسه مضخّمة أيضاً، لذا على الشخص أن يعرف ما الذي يؤرقه فعلاً ويبدأ بمعالجته فيخرج بذلك من التعميم إلى التخصيص".
رابعاً: من نماذج الإنجاز
جاءت لي سيدة وقالت لي: أنا ليس لديّ أيّ إنجاز في حياتي، وهذه السيدة كانت تبلغ من العمر حوالي 60 سنة والناس في الخارج يحبُّون الحيوانات جدّاً جدّاً، فقلت لها هل تحبّين الحيوانات؟ فقالت لي نعم، جدّاً، قلت لها ما رأيك لو أعلنا إعلان صغير لن يكلِّفك أكثر من عشرة دولارات في كل جرائد البلد نقول في الإعلان: "من لديه حيوان يريد أن يتخلَّص منه يتّصل بهذا الرقم" ومن ثمّ ننشر إعلاناً آخر فيه "من يرغب في شراء حيوان يتّصل بهذا الرقم".
وعليكِ أن توفِّقي في توزيع الحيوانات، فمن لديه حيوان ولا يريده تأخذينه منه وتعطيه لمن يرغب في شراء الحيوان.
وفعلاً فعلت ذلك وكانت تأخذ من هذا 20 دولاراً ومن هذا 20 دولاراً أخرى، وهذه السيدة تربح اليوم ما يزيد عن 200000 دولار في السنة لأنّها مشغولة بالحيوانات وسعيدة بها لأنّها اكتشفت شيئاً داخلياً.. إنّه إنجاز داخلي.
فكل شخص لديه إنجاز داخلي.. كل شخص أعطاه الله تعالى شيئاً بداخله لو حبس هذا الشيء بداخله سيكون تعيساً وسيشعر بالاكتئاب والتوتُّر، وسيشعر بالروعة عندما يستغله، وسيستغله عندما يُفتِّش عليه ويبحث عنه.
"واعلم أنّه لو أنّ شخصاً قبلك استطاع أن يفعل شيئاً إذن فأنت قادر على عمل هذا الشيء لأنّ الشخص الذي قبلك ليس أفضل منك، وستكون وقتها أفضل، أمّا إذا كان هذا الأمر لم يفعله أحد قبلك فستكون أنت الأوّل".
خامساً: فسيولوجية الثقة:
هناك شيء في الجسم يسمى فسيولوجية الثقة فنجد الشخص الواثق من نفسه له ضحكة تختلف عن الآخرين حتّى طريقة تنفّسه وحركاته لهما شكل يختلف عن الآخرين.. تفكيره الداخلي يختلف عن تفكير الآخرين.
فأوّل أمر عليك فعله هو أن تُغيِّر من فسيولوجية جسمك لأنّ الجسم سيتغيَّر إذا تغيَّر، وبالتالي فإنّ التفكير سيتغيَّر، وحين يتغيَّر التفكير فإنَّ الجسم سيتغيَّر، فإذا تغيَّر شيء من الاثنين تغيَّر الثاني تلقائيّاً لأنّ الاثنين مرتبطان ببعضهما.. ثمَ عليك أن تصل لمرحلة الثقة الداخلية واستعمل توارد الخواطر بالطاقة البشريّة واستعد ثقتك في نفسك.
سادساً: اترك الموزة وانطلق
يوجد في افريقيا قفص يُعرَف باسم (البابو) فعندما يريد الصائدون أن يمسكوا بالقرود الصغيرة يأتون بقفص(البابو) ويضعون بداخله موزة فيدخل القرد القفص بنفسه ويمسك الموزة وبمجرد دخوله القفص وإمساكه الموزة يُغلَق باب القفص، لكنَّ القرد لا ينتبه لذلك فيظل ماسكاً الموزة حتّى يغلق باب القفص عليه تماماً ويظل حبيس القفص بعد ذلك إلى الأبد، فهو اختار أن يمسك بالموزة ويترك حرّيته، ولو أراد هذا القرد الخروج من البداية لم يكن عليه إلّا أن يترك الموزة ويَخرُج، لكنّه ظلّ يمسكها بل إنّه لا يريد تركها، فقد أحبَّ نفسه وهو ممسك بالموزة.
وللأسف هناك أُناس كثيرون يمسكون الموزة وينسون أنّها السبب في غلق الباب خلفهم.
إذن من الأشياء المهمّة جدّاً للشخص الذي يريد أن يكون لديه ثقة بنفسه أن يُفكِّر أوّلاً ثمّ يبدأ بعمل تغييرات بسيطة في حياته.. تغييرات تجعله يخرج عن منطقة الأمان ومنطقة الراحة فيتحرَّك من المكان الذي لا يُحبُّه وينتقل فوراً الي المكان الذي يرغب أن يكون فيه فيطير وينطلق. وأحياناً يحتاج الشخص إلى من يدفعه دفعة فيرسل الله سبحانه وتعالى في الوقت المناسب من يقول له: إنّ بداخلك مارداً يريد أن ينطلق.. لماذا أنت ساكت؟؟ الوقت حان.. انتبه لنفسك.. لطاقتك.. لقدراتك التي كما قلنا أنّها لو وصلت لبلد ستولِّد كهرباء لمدَّة أسبوع، فأنت لديك عقل فيه 150 مليار خليَّة عقليّة تحتاج 5000 سنة فقط حتى تكتبها.. لديك عضلات لو وُضِعَت جميعاً معاً لشدَّت تلك العضلات 25 طناً.
فبالصبر والتوكُّل على الله تستطيع تحقيق أهدافك. تقبَّل نفسك تماماً، مهما كانت التحدِّيات والظروف، فأنت لست سلوكك ولا تحدِّياتك ولا أحاسيسك، كل هذه نشاطات الحياة وردود الفعل اتجاهها.
ومهما كان رأي الناس والمؤثِّرات، تقبَّل نفسك.. كوِّن لنفسك صورة ذاتيّة داخليّة وأنت تُحقِّق أهدافك، وكن واثقاً بنفسك وبقدراتك اللامحدودة. تعلَّم الاستراتيجيات التي تُعينُك على استخدام قدراتك وبهذا يقوى اعتقادك في قدراتك وإمكانياتك وأفكارك وأهدافك.. وجِّه كلَّ طاقتك إلى الله سبحانه وتعالى وأحبّه وعظِّمه واستعن به وتوكَّل عليه، وأخلص عملك وأتقنه، تَسعَد في دنياك وآخرتك.
التعليقات
شهد الندى
قبل 8 شهرالنجاح المستمر مرتبط جداً بقوة الثقة بالنفس اللتي تتم بقوة الاستعانة بالله عز وجل.
سيفو سيفو
قبل 8 شهرقوة الثقة بالنفس لها علاقة قوية ووثيقة بقوة الاستعانة بالله عز وجل.
أضف تعليقاً