وبالرغم مما قد تعتقده، فإنَّ تحسين قدرتك على تذكر المعلومات أمر ممكن بالتأكيد ولكنَّك تحتاج فقط إلى معرفة الطرائق الصحيحة للقيام بذلك.
لنبدأ مباشرةً في أولى هذه النصائح لتحسين الذاكرة بكفاءة وتقليل مخاطر فقدان الذاكرة.
1. تأمَّل:
نعيش اليوم في عالمٍ يزخر بمعلومات لا تنتهي، والتي تنهال علينا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ولا ينفك هذا الشلال من المعلومات ينقل الأخبار والبيانات والحقائق والأرقام إلى أذهاننا الواعية دون توقف.
ولكن لسوء الحظ، أدمغتنا ليست مصممة لاستيعاب هذا الكم الهائل من المعلومات، فلا عجب أن يعاني معظم الناس في تذكر المعلومات والأمور دون جدوى.
حتى إذا كنت تعتقد أنَّك تمتلك ذاكرة حادة أو أنَّك تُجيد تعدد المهام، عليك أن تدرك أيضاً أنَّ دماغك غير قادر على معالجة كم هائل من المعلومات في آنٍ واحد، حيث تشير الدراسات إلى أنَّه كلما ازدادت المعلومات والمشتتات التي تتعرض إليها، ازدادت صعوبة نقل المعلومات إلى ذاكرتك طويلة الأمد.
ولكن لحسن الحظ، قد يساعد التأمل في حل هذه المشكلة؛ فحتى لو كنت تتأمل لمدة 10 دقائق فقط يومياً، سوف تعزز قدرتك على التركيز، وهذا بدوره سيسهل عليك تذكر الحقائق المهمة.
في حين أنَّ أي قدر من التأمل سيحسن ذاكرتك بطريقة ما، فقد خلُصت إحدى الدراسات إلى أنَّ ممارسة التأمل اليومي القصير لمدة 8 أسابيع يُحسِّن الحالة المزاجية ويعزز الانتباه والذاكرة العاملة وذاكرة التعرف ويقلل مستويات القلق أيضاً؛ لذا إن كنت تبحث عن أكبر قدر من الفوائد، فحاول الالتزام بممارسة التأمل يومياً لمدة 8 أسابيع على الأقل.
لا يعني التأمل فقط أن تغلق عينيك وتجلس القرفصاء، حيث يُفضِّل بعض الناس القيام بنزهة قصيرة في الطبيعة لأنَّ هذا يُصفِّي ذهنهم ويُهدِّئه ، ويعزز تركيزهم.
شاهد بالفديو: 6 طرق لتصفية ذهنك
2. احصل على قسطٍ وافٍ من النوم:
عندما لا تحصل على كفايتك من النوم، أو لا تنام نوماً جيداً، فمن المحتمل أن تتأثر ذاكرتك سلباً، فالنوم والذاكرة مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. جميعنا نعيش حياة حافلة بالعمل، مما يجعلنا نهمل أنفسنا فلا نحصل على قسط وافٍ من النوم، وهذا بدوره يؤثر في قدراتنا المعرفية بمجملها، بما في ذلك الذاكرة.
إذا كنت تريد أن تُحسِّن ذاكرتك، فعليكَ أن تنام ما لا يقل عن سبع إلى تسع ساعات من النوم كل ليلة، وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية الأميركية (National Sleep Foundation) فإن حصلت على هذا القدر من النوم بانتظام، ستلاحظ في أثناء أيام قليلة تحسناً ملموساً في قدرتك على تذكر واسترجاع المعلومات.
شاهد بالفديو: 12 حقيقة عن قلة النوم.. هكذا يقودك السهر إلى الهلاك!
إنَّ الحفاظ على دورة نومٍ مناسبة ليس بالأمر السهل دائماً، خاصةً بوجود الكثير من الأعمال والمُلهيات التي تسرق منا ساعات نومنا وتشدنا للسهر طوال الليل، وليست الأفلام والمسلسلات على نيتفليكس (Netflix) سوى مثالاً على ذلك، ولكن إن كنت راغباً بتحسين ذاكرتك طويلة وقصيرة الأمد، فمن الضروري جداً أن تحاول الحصول على الكمية الموصى بها من النوم كل ليلة.
لذا جرِّب هذه الأمور الثلاثة لتحسين دورة نومك بشكل طبيعي:
- حدِّد وقتاً ثابتاً للنوم (يفضل قبل الساعة 10 مساءً).
- لا تأكل في وقتٍ متأخر.
- احرص أن تكون غرفة نومك مظلمة قدر الإمكان.
إنذَ النوم نشاط هام لأنَّه يجدد حيويتك ويصفّي ذهنك ويساعدك في تخزين واسترجاع المعلومات.
3. تحدى عقلك:
متى كانت آخر مرة تحديت فيها عقلك؟
ليس المقصود هنا الإفراط في تناول الطعام أو قلة النوم، بل توسيع قدراتك العقلية من خلال ألعاب الذاكرة والألغاز والكلمات المتقاطعة وغيرها؛ فأنت تحتاج إلى تحدي عقلك باستمرار لزيادة قدرة ذاكرتك على تخزين المعلومات وجعل عملية استرجاعها أكثر سهولة.
ولمساعدتك في ذلك، يمكنك استخدام تطبيقات تدريب الدماغ التي من شأنها -إن استخدمتها بانتظام- أن تعزز تركيزك ومدى انتباهك وذاكرتك وقدرتك على حل المشكلات، ومن هذه التطبيقات: "بيك" (Peak)، "لوموسيتي" (Lumosity)، "إيليفيت" (Elevate).
حيث تُعد هذه التطبيقات أفضل من ألعاب الفيديو، فهي تتحدى عقلك مما يقوي مساراتك العصبية ويعزز قدراتك الذهنية، وستجد فوائدها جلية في غضون أيام قليلة.
4. احصل على المزيد من فترات الاستراحة:
إذا كنت تريد طريقة سحرية وممتعلة لتحسين الذاكرة، فما عليك سوى تخصيص فترات استراحة منتظمة، فهي تمنحك فرصة رائعة للحفاظ على إنتاجيتك وتعزيز إبداعك وإدراكك، كما أنَّها أفضل طريقة لتعلم معلومات جديدة أيضاً.
عادةً، عند دراسة الكثير من المعلومات الجديدة، يقضي معظم الناس ساعات في قراءتها لاستيعابها وتذكرها بأسرع ما يمكن، ولكن لسوء الحظ يغفلون عن شيءٍ ما؛ فقد خلصت دراسة أُجريت في عام 2011 إلى أنَّ "الدماغ مصمم للشعور بالتغيير والاستجابة له، وأنَّ التركيز المطوَّل على مهمة واحدة يعيق الأداء".
وهذا يستند إلى ما يسمى "تناقص اليقظة"، حيث يمكن تطبيق هذا المفهوم على أمورٍ كثيرة، فعلى سبيل المثال، لا نشعر غالباً بالملابس تلمس أجسادنا لأنَّ دماغنا أصبح معتاداً على هذا الإحساس، ولكن إذا قمت بتغيير ملابسك، فمن المحتمل أن تلاحظ الاختلاف في الملمس ودرجة الحرارة لبضع دقائق.
فعندما تأخذ استراحة من حفظ المعلومات، فإنَّها تعيد تركيز انتباهك وطاقتك، مما يؤدي إلى زيادة تركيزك بشكل عام.
وهذا يشبه التمارين البدنية، فأنت بالتأكيد لن تحاول التدريب بصرامة لمدة أربع ساعات متتالية، بل ستأخذ فترات استراحة منتظمة لمنح رئتيك وقلبك وعضلاتك الوقت الكافي لاستعادة نشاطهم، وسيؤدي عدم القيام بذلك إلى تعب العضلات والإجهاد المفرط.
أهم ما في الأمر هنا هو أن تتأكد من حصولك على فترات استراحة منتظمة عند تعلم معلومات جديدة، حيث يمكنك الاستراحة لمدة 10 دقائق على الأقل كل ساعة، ومن الجيد أيضاً أن تلقي نظرة على تقنية بومودورو (Pomodoro Method).
شاهد بالفديو: 7 نصائح تساعدك على قضاء استراحة الغداء بشكل أفضل
5. تعلم مهارة جديدة:
يقول ليوناردو دافنشي (Leonardo da Vinci): "التعلم لا يُرهِق العقل أبداً"؛ وهذا صحيح، ذلك لأنَّ المشاركة في أنشطة هادفة وذات مغزى تُحفز العقل وتقلل من التوتر وتعزز الصحة والعافية عموماً.
فعلى سبيل المثال:
تخيل أنَّك تعمل في أحد مراكز الاتصال في مؤسسة مالية عالمية، حيث تتلقى أكثر من 100 مكالمة في اليوم، معظمها عبارة عن شكاوى، وعندما بدأت العمل قبل بضعة أشهر، كنت متحمساً للعمل بدوام كامل لدى مؤسسة ذائعة الصيت. ولكن لسوء الحظ، سرعان ما تحول حماسك الأولي إلى إحباط؛ حيث بدأت مكالمات الشكاوى التي لا تتوقف تلقي بظلالها عليك، وقد أزعجك المشرفون أيضاً لأنَّهم كانوا يتدخلون بكل صغيرة وكبيرة في عملك بدلاً من السماح لك بالعمل على طريقتك الخاصة.
والآن، في القصة أعلاه، أنت أمام خيارين: فإما أن تتحملَ وظيفة لا تعجبك وتعيش حياة عمل مملة ومُحبِطة لسنوات عديدة، أو أن تسخِّر عدم رضاك في تعلم مهارة جديدة (مثل تصميم برامج الكمبيوتر).
ربما تقضي عاماً أو عامين لتواكب التطورات، ولكن قد يسمح لك هذا بالترقية بنجاح في حياتك المهنية، ويجعل التعلم المستمر وظيفتك في مركز الاتصال أكثر قبولاً.
من الواضح أنَّ تعلُّم مهارات جديدة يمنحك الزخم والتركيز ويساعدك على تحديد الهدف الذي ترنو إليه، وبما أنَّ عقلك يحب التعلم، فعليك الاستفادة من ذلك بالبحث دائماً عن معلومات جديدة، وعندما يصبح التعلم عادةً تلازمك، ستجد أنَّ قدرتك على تذكر الأمور واسترجاعها دون عناء ستصبح عادة أيضاً.
6. ابدأ ممارسة الرياضة:
إذا كنت لا تمارس الرياضة بانتظام، فإليك سبب آخر للقيام بذلك: إنَّ التمرن لمدة 20-30 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع سيحسن ذاكرتك طويلة الأمد؛ حيث تزيد الأنشطة البدنية المنتظمة من تدفق الدم في الجسم وتزود الدماغ بالمزيد من الأكسجين والمغذيات الإضافية؛ فالدماغ الذي يتغذى جيداً يعمل جيداً!
وحتى لو لم يكن لديك متسع من الوقت، فقد أظهرت الدراسات أنَّ ممارسة التمرينات المكثَّفة لمدة 60 ثانية يومياً تمنحك العديد من الفوائد.
فهل أنت مهتم في البدء؟ إذاً، إليك خمس نصائح ستساعدك على ممارسة الرياضة:
- انضم إلى نادٍ رياضي.
- انضم إلى فريق رياضي.
- اشترِ دراجة.
- ابدأ ممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة.
- ارقص على أنغام الموسيقى المفضلة لديك.
7. تناول طعاماً صحياً:
من المؤكد أنَّك سمعت بهذا التعبير: "تعتمد صحتك على نوعية طعامك". ينطبق هذا على عقلك أيضاً؛ حيث يساعد الطعام الذي تتناوله على تحديد قدرة عقلك على تخزين المعلومات واسترجاعها، فالنظام الغذائي السيئ (مثل الوجبات السريعة والصودا!) لا يضر بصحتك الجسدية فحسب، بل بصحتك العقلية أيضاً.
ولحسن الحظ، هناك العديد من الأطعمة المفيدة بشكل خاص لعقلك وذاكرتك، ومن هذه الأطعمة: العنب البري والكرفس والشوكولاتة الداكنة، كما أنَّ أي نوع من الفواكه أو الخضروات أو الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة يحمل تأثيراً إيجابياً على عقلك وذاكرتك.
وعلى العكس من ذلك، فإنَّ الأطعمة المعالجة التي تحتوي على الكثير من السكر سيكون لها تأثيرٌ سلبيٌ على ذاكرتك؛ ويعود ذلك إلى كونها لا توفر عناصر غذائية كافية لدماغك، مما يؤدي إلى الإجهاد الذهني.
فإن كنت ترغب في تحسين صحتك العقلية، فتناول واشرب الكثير من هذه الأطعمة والمشروبات من أجل صحة دماغك:
- الكركم (Turmeric): يساعد على تجدد خلايا الدماغ.
- البروكلي (Broccoli): يحمي الدماغ من التلف.
- المكسرات (Nuts): تحسن الذاكرة.
- الشاي الأخضر (Green tea): يحسن أداء الدماغ والذاكرة والتركيز.
- زيت السمك (Fish oil) و مكملات زيت السمك (Fish oil supplements): يمكن أن تزيد من قدراتك الذهنية.
ولكن تذكر أيضاً أنَّ دماغك يتكون تقريباً من الماء بنسبة 75%، لذلك قد يكون للجفاف تأثيرٌ كبيرٌ على طريقة عمل دماغك؛ فاشرب ما يكفي من الماء للحفاظ على إماهة جسدك إن كنت تريد حقاً تحسين ذاكرتك!
شاهد بالفديو: 9 أنواع من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة
الخلاصة:
نأمل أن يكون هذا المقال مفيداً لك، وهنا لا بد لنا من التذكير أنَّك لا تحتاج إلى تنفيذ كل هذه الأمور مجتمعةً، ولكن يمكنك تجربة النصائح التي تروق لك.
فإذا كنت جاداً بشأن تحسين ذاكرتك وتجنب التدهور المعرفي، فابدأ الآن اتباع نصيحة أو اثنتين من هذه النصائح، وستلاحظ فارقاً واضحاً بكل تأكيد.
أضف تعليقاً