كيف أحقق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة؟
هل تبحث عن راحة البال والرضا عن الذات؟ وهل تبحث عن التوازن النفسيّ والعاطفيّ والجسدي؟ تُلخّص هذه الأمور رغبات جميع البشر، ولكنَّ الفرق أنَّ هناك من يسعى إلى الوصول لذلك، وهناك من يندب حظّه ويشتكي. إن كنت تسعى فستصل إلى ما تبحث عنه، وستجده في الأسطر القليلة القادمة.
يجلُب التوازن في الحياة السّعادة التي يبحث عنها كلّ البشر، فهناك جوانب في حياة كلّ شخصٍ يجب أن تُعْطَى حَقَّها من الجهد والوقت. ولتحقيق التوازن في العمل، يجب أولاً تحقيقه على صعيد الحياة الشخصية، كي يُصبح تحقيقه سهلاً في العمل.
قبل أن نبدأ نقدّم إليك استبيان التقييم التالي:
اطرح على نفسك هذه الأسئلة، وضع علامة واحدة لكل سؤال (لا: صفر، أحياناً: 1، نعم: 2):
1. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد الروحاني:
- أُحافظ على الصلاة في وقتها.
- لا أستعجل في أداء صلاتي.
- أقوم من حينٍ إلى آخر بخلوةٍ مع الله عزّ وجل.
- أقرأ الكتب الدينية (مثل كُتُبِ التفسير والأحاديث وغيرها).
- أُحافظ على وِردِيَ اليومي من القرآن.
- لديَّ حدٌّ أدنى من النوافل أُؤديها يومياً.
- لديّ أذكارٌ وأدعيةٌ أحافظ عليها.
- لا يمرُّ شهرٌ لا أدفع فيه صدقةً أو أصوم فيه يوماً.
- لا أغتاب أحد، وأَغضُّ بصري وسمعي.
- إذا فعلتُ معصيةً استغفرُتُ ربِّي وأُتبعتُها بحسنة.
2. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد الصحي:
- أعرف حاجاتي الغذائية وأُلبّيها.
- أتمرَّن 20 دقيقة يومياً (على أقلّ تقدير).
- أحصُلُ على قسطٍ كافٍ من النوم يومياً.
- أُقلِّلُ كميّة الوجبات السريعة.
- أُكثِرُ من تناول الخضروات والفاكهة.
- أُقلِّل من المشروبات الغازية.
- إذا مرضت أذهبُ إلى الطبيب في أقرب وقتٍ ممكن.
- أُتابع المعلومات التي تتعلق بالغذاء والصحة.
- أَتجنَّبُ العادات التي تضُرُّ بصحتي (مثل التدخين وشرب الكحول).
- أُمارس رياضاتٍ متنوعة.
3. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد الشخصي:
- أستطيع التحدّث ببراعة وسلاسة.
- أتفنَّنُ في الحوار وأمتلكُ ذوقاً فيه.
- أستطيع التعامل مع الناس حادة الطباع.
- أتمتَّع بمرونةٍ كافيةٍ خلال الأزمات.
- دائماً ما أنظرُ إلى الأمور من منظورٍ إيجابيّ.
- أَعي مشاكل الآخرين من دون الانخراط فيها.
- أتمتَّعُ بأخلاق عالية ولسان عفيف.
- ثقتي وانسجامي مع نفسي عالية.
- يُحبُّ أصدقائي صُحبتي.
- أحترم نفسي والآخرين ولا أقبل الإهانة لا من طرفي ولا من طرفهم.
4. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد العائلي:
- أقضي وقتي مع عائلتي بدون مقاطعات.
- أبِرُّ والِدَيّ.
- أقرأ باستمرار في مجال تحسين العلاقات.
- أعوّض أهلي وأُسرتي حين انشغالي عنهم.
- أَصِلُ رحمي باستمرار سواء أَكانَ بزيارتهم أم عبر مهاتفتهم.
- أحضُرُ دورات في مجال تنمية العلاقات.
- أُساعدُ المحتاجين من عائلتي.
- أقومُ بلقاءاتٍ عائلية منتظمة.
- أنقل وأتشارك ما تعلمته من مهارات مع عائلتي.
- أُهدِي عائلتي في المناسبات الاجتماعية.
5. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد الاجتماعي:
- لديّ مشاركاتٌ فعالةٌ في الحيّ الذي أسكنهُ.
- أسالُ وأتفقَّد جيراني بين الحين والآخر.
- لدي في هاتفي أرقام كثيرة لأشخاص أعرفهم ويعرفونني.
- أقرأ أو أحضر دورات في بناء العلاقات.
- أُحافظ على حقوق الجيرة.
- أنا مُشتركٌ في إحدى النوادي الاجتماعية.
- أستطيع تكوين العلاقات والصداقات بسهولة.
- أستطيع أن أقود حملةً انتخابيّة.
- أطمحُ إلى أن أصبح محافظاً أو وزيراً أو دبلوماسيّ.
- لديّ علاقاتٌ بشخصياتٍ اعتباريّةٍ في المجتمع.
6. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد المهني:
- أحضر مؤتمراً علمياً في مجال تخصّصي كلّ ثلاث سنوات.
- أتعلّم ذاتياً في المجال الذي أحبه.
- أحضر دوراتٍ في مجال تخصّصي وأتقدّمُ فيه بإستمرار.
- أطمحُ إلى أن أُؤَسِّسَ لنفسي عملاً خاصاً.
- أحبُّ الكتب التي تتحدث عن تأسيس الأعمال.
- أستطيع التطور في مجال عملي.
- أستطيع قيادة فريق عمل.
- أستطيع تحمل الضغوطات وقت الأزمات.
- أُتابع الجديد في مجال عملي واستمتع بوقتي فيه.
- أُراقب نفسي عند أداء عملي.
7. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد المالي:
- يتحسّن دخلي كلّ سنة.
- أدَّخر ما لا يقل عن %10 من دخلي.
- أقرأ وأحضر دوراتٍ في فنّ إدارة الميزانية.
- لديّ خُطّة عملٍ لمضاعفة ممتلكاتي كلّ 5 سنوات.
- أتحكَّم في نفقاتي وأُمَيّز بين الحاجة والرغبة.
- لا أشتري إلا ما أملك ثمنه.
- أستطيع أن أكسب المال من خلال الإنترنت.
- لديّ حسابُ توفير.
- لديّ طرائق لاستثمار المال الذي أدخره.
- لم يسبق أن اقترضت مالاً من قبل.
8. قَيِّمْ نفسك على الصَّعيد الترفيهي:
- لديّ أماكن أختلي بها مع نفسي.
- ألعب مع الأطفال وأستمتع بذلك.
- ألعب مع الأطفال إلى أن يخرِجَ "الطفل بداخلي".
- أمارس هوايتي المفضلة.
- أمارس تمارين الاسترخاء.
- أَستمتعُ بالسفر إلى مدن جديدة.
- أقرأ روايات وقصصاً ممتعة.
- أمارس التأمل كل يوم.
- لديّ استراتيجيّتي الخاصة في التفكير.
- أَستمتِعُ بوقتي باستمرار.
التَّقْيِيم النهائي لكلّ جانب:
- إذا كانت النتيجة 10 أو أقلّ يجب عليك البدء بهذا المجال وتقويته وتطويره.
- إذا كانت النتيجة 11 إلى 15 يجب أن تهتمّ بهذا المجال أكثر ويمكن أن تكون أفضل فيه.
- إذا كانت النتيجة من 16 إلى 20 إذاً أنت متميّزٌ في هذا المجال، ويتعيَّنُ عليك المحافظة على تطوّرك فيه فحسب.
سنتعرف الآن على طريقة تطوير تلك الجوانب -أو الأصعدة- الثمانية لتحقيق التوازن:
أولاً: الجانب المالي
أحببت أن أبدأ بهذا الجانب، إذ يعتقد أغلب الناس أنَّ المال هو مصدر السعادة الأوّل والوحيد. بيد أنَّ الأمر الأمر قد لا يكون ذلك حقيقة؛ فإن خُيِرتَ بين المال والأُسرة مثلاً، لاخترتَ الأُسرة. لذا نحن لا نقلّل من أهميّة المال بكلامنا هذا، وإنَّما نقصد أنَّ هناك أولوّيات يجب أن نلتفت إليها، حتى نستطيع الوصول إلى الثراء.
سأثبت لك أنَّ المال لا يساوي السعادة، هل تذكر ذلك اليوم الذي اشتريت فيه سيارة أحلامك أو منزل أحلامك، أو أيّ شيءٍ كنت تحلم به؟ ما هي المشاعر التي انتابتك في حينها؟ غالبُ الظَّنِّ أنَّك كنت في قمّة سعادتك؛ لكن كم دامت تلك المشاعر؟ هل مازلت تشعر بها الآن؟ وهل ستشعر بهذه المشاعر بعد عشر سنين قادمة؟ إذاً المال لا يساوي السعادة.
فلنجعل المال وسيلةً لتحقيق السعادة، وليس غاية.
فكيف تحقق التوازن في هذا الصَّدد؟ أو بمعنى آخر: كيف يمكنك السعي لتنمية هذا الجانب في حياتك؟
- عليك التخلص من الديون؛ توقّف عن اقتراض المال، أيَّاً تكُ حاجتك إلى ذلك. وتخيَّل أنَّ المال الذي تملكه هو آخر مالٍ موجودٌ على الأرض، وتعامل معه على هذا الأساس. وحاول أن تحدّد نفقاتك باعتدال، وتوقّف عن شراء ما لا تحتاجه من مُقتنيات.
- بعد سداد ما عليك من ديون، وفِّر ما لا يقلُّ عن 2% من دخلك الشهري. ثم زد نسبة التوفير تلك إلى 5%، وداوم على أن تزيد عليها إلى أن تصل إلى أقصى نسبةٍ تقدرُ على الوصولِ إليها.
- فكر بعد ذلك بطريقةٍ تُمكِّنُكَ من زيادة دخلك الشهري، وحدد الخدمة التي ستقدمها إلى الآخرين كي تحصل على المال مقابل ذلك.
ثانياً: الجانب الروحاني
كيف هي علاقتك بخالقك؟ ما الذي فعلته مؤخراً للتقرب من خالقك؟ هل أنت راضٍ عن نفسك؟ إن كانت الإجابة بنعم فذلك رائع، وإن كانت بلا، فإليك التمرين التالي الذي سيساعدك على التقرب من خالقك.
أحضر ورقةً وقلماً وتخيّل السيناريو الآتي: فلنفترض أنَّك استيقظت صباحاً وأنت تعاني ألماً في صدرك، فتوجهت مباشرةً إلى الطبيب. وعند الفحص، وجد الطبيب ورماً خبيثاً لن يُمهلك في هذه الحياة سوى خمسة أيامٍ فقط (عش هذا وكأنَّه يحدث الآن).
والآن، دوِّن في الورقة كيف ستقضي يومك، من الصباح الباكر إلى نهاية هذا اليوم. اكتب ما الذي ستقوم بعمله في كلّ ساعة. ستلاحظ أنَّك تكتب كلّ الأشياء التي لم تقم بها سابقاً، والتي ستجعلك تندم على عدم قيامك بها.
إذاً ما الذي يمنعك من أن تقرر الآن، وتبدأ بالتقرّب من خالقك. توقّف عن إيجاد الأعذار، وابدأ الآن.
ثالثاً: الجانب الجسدي
هل أنت راضٍ عن مستوى لياقتك البدنية وشكل جسدك؟ هل تعتقد أنَّ الطعام الذي تتناوله يومياً، يُلبي احتياجات جسدك؟
إن كانت الإجابة "نعم"، فذلك رائع. وإن كانت "لا"، فما الذي ستفعله لتحسين صحتك ولياقتك؟
إذاً، إليك ببعض النصائح:
- توقّف عما تقوم به الآن من عاداتٍ سيّئة. وامتنع عن تناول الأطعمة غير الصحية، واستبدلها بأخرى صحية. وتوقّف عن تناول كمياتٍ كبيرةٍ من الطعام، وتناول ما يسد حاجتك فقط. واستبدل الحلويات بالفاكهة.
- حدّد وقتاً تمارس فيه الرياضة يومياً، حتى وإن كنت غير راغبٍ في ذلك.
رابعاً: الجانب الشخصيّ
ما الذي فعلته مؤخراً حتى تُحسِّن مهاراتك الشخصية؟ وهل تعلّمت مهاراتٍ جديدةٍ تفيدك في عملك وحياتك؟ ما هو آخر كتابٍ قرأته؟
إن كنت تقرأ الكتب فذلك رائع، وإن كنت لا تملك الوقت لذلك، فإليك نصيحتي:
- حاول أن تُحِبَّ القراءة: أجب عن سؤال "لماذا أقرأ"، فأغلب الناس تقرأ إمّا لأجل المتعة -مثل قراءة الروايات والقصص- أو لأجل الفائدة. اسأل نفسك "ماذا سأستفيد من قراءة هذا الكتاب؟" وابحث عما تريد قراءته، وخصص وقتاً خلال يومك لقراءة ما تُريد.
- تعلَّم مهارةً جديدة -مثل التحدُّثِ بِلُغَةٍ جديدة، أو التّصوير أو التّسويق وما شابه ذلك من أُمور- وحدّد وقتاً خلال الأسبوع تصقل فيه هذه المهارة.
خامساً: الجانب المهنيّ
ما الذي فعلته حتى تحصل على ترقية؟ وما الذي قمت به لكي تكون أفضل في عملك؟ وهل أخذتَ بالأسباب التي تُمكِّنُك من أن تزيد دخلك؟ وما هي الدورات التي حضرتها حتى تطوّر مهاراتك؟
يجب عليك أن تطوّر المهارات التي تحتاجها في عملك؛ فبتطويرها تحصل على دخلٍ أعلى. أمَّا إن كنت تعمل في مؤسسةٍ لا تُقَدِّر تطوّرك المهني، فابحث عن عملٍ آخر.
سادساً: الجانب الترفيهيّ
يختلف مفهوم الترفيه من شخصٍ إلى آخر، وإنَّ أغلب الناس يعطون هذا الجانب أكثر مما يستحقّ؛ فتجدهم يُمضون جُلّ يومهم في ارتياد المقاهي والتسوّق ومشاهدة التلفاز، عوضاً عن الموازنة بين الجوانب الأخرى وإعطاء كلّ جانبٍ حقّهُ من الوقت. أنا هنا لا أدعو إلى إقصاء الجانب الترفيهيّ عن حياتك؛ فهوَ جانبٌ هامٌّ أيضاً، بل أدعوك إلى تحقيق التوازن على جميع الأصعدة، وإعطاء كلّ جانبٍ حقه من الوقت والاهتمام.
سابعاً: الجانب الأُسريّ
كم تقضي من ساعاتٍ مع عائلتك خلال الأسبوع؟ وما هو نوع الحديث الذي يدور خلال هذا الوقت؟ وما الذي فعلته مؤخراً لكلّ فردٍ من أفراد عائلتك؟ سواءً أَكان هذا الفرد زوجتك أم ابنك أم والداك، فكلّ فردٍ منهم يحتاج إلى وقتٍ تُخصِّصه له.
إذاً، كيف يمكن استثمار الوقت لكلّ أفراد العائلة؟
1. الأبناء:
أنا لا أتحدّث هنا عن الأوقات اليومية التي نقضيها مع أبنائنا، وإنَّما أتحدّث عن الوقت الذي يمكن أن تقضيه مع أبنائك في محاورتهم ومناقشتهم.
اجعل هذا الوقت أشبه بجلسةٍ بين أصدقاءَ مُقربين. تعلّم هذا الفنّ، تعلّم لغة الحوار، تعلّم كيف تفتح موضوعاً للنقاش مع أبنائك، بدل النّصح والإرشاد على الدَّوام الذي لا يُجني أيّة ثمار.
2. الزوج أو الزوجة:
ما الذي فعلته مؤخراً لتقوية علاقتك مع شريك الحياة؟ هل حاولت تحسين تلك العلاقة؟ هل بحثت عن طرقٍ لحلّ التحدّيات التي تواجهك؟ في هذا الصدد أنصحك بقراءة كتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) للكاتب د.جون غراي، فهو يساعد على فهم الطرف الآخر، وكيفية التعامل معه.
أو يمكنك الاستماع للكتاب على يوتيوب عبر الفيديو التالي:
3. الوالدين:
الحديث يطول في هذا الجانب، فسأختصر ذلك في جملةٍ واحدة، برهما على قدر البر الذي تريده من أبنائك.
- تعلّم فنّ الإصغاء مع أفراد العائلة، فهذا مهمٌّ حتى تكسب كلَّ فردٍ منهم.
- ابتعد عن الانتقاد، واللوم والعتاب، والمحاسبة، وتعلّم فنّ الحب والحوار والنقاش، حتى تزيد الألفة بين أفراد العائلة.
ثامناً: الجانبُ الإجتماعيّ
كيف هي علاقتك بأصدقائك؟ متى ألتقيت مؤخراً بأصدقائك؟ هل أنت راضٍ عن هذه الصداقة؟
هناك من الأشخاص من يعطي أصدقاءه كلّ الوقت المتاح، وأحياناً قد تصل إلى أن يقضيَ معهم 6 ساعات يومياً، ولكنه لايعلم أنّه بذلك لن يستطيع أن يحقّق التوازن في حياته. فلذلك يجب عليك أن تقضي على الأكثر ساعتان في الأسبوع مع الأصدقاء، لأن هناك جوانب أخرى تحتاج إلى التوازن.
لذلك أنصحك بتقليل ساعات الجلوس مع الأصدقاء تدريجياً، حتى تحقق التوازن وتصل إلى السعادة المنشودة.
إنَّ حياة كلّ شخصٍ مِنَّا تشمل على الجوانب الثمانية الأساسيّة، التي تساعدنا على تحقيق التوازن، فيجب عليك البدء بتطبيق النصائح التي ستساعدنا للوصول إلى راحة البال، والسعادة في حياتنا بجميع جوانبها. وبدون شكّ أنّ لديك بعض النصائح التي تقوم بطبيقها في حياتك، فأنت تحتاج فقط لأن تبدأ الآن، فحياتك تستحقّ بذل الجهد للوصول إلى التوازن.