أولًا: تعريف صلاة النوافل وأصل التسمية
صلاة النفل هي كل أنواع الصلوات غير المفروضة، والنفل من الصلاة هو: ما ثبت في الشرع الإسلامي طلب فعله بدليل، على اختلاف درجاته، وأفضل أنواع صلاة النفل المسنون المؤكد، لكونه مما ثبت في الشرع دليل الحثّ، أو المواظبة على فعله، أو مشروعيته في جماعة، أو وقع الخلاف في وجوبه عينًا أو كفاية، أو غير ذلك، وتتفاضل درجات النفل بحسب التأكيد، أو باعتبار التقييد والإطلاق، فهو إمّا مقيّد بوقت أو سبب، وإمّا مطلق.
فالمُقيّد بوقت هو: الذي يُشرّع فعله مخصوصًا بوقت معلوم، مثل: السنن الرواتب وصلاة الوتر والضحى.
وإما المقيد بسبب مثل: صلاة الاستسقاء وتحية المسجد.
وإما نفل مطلق وهو: التطوع الذي لم يُقيّد بوقت ولا سبب.
أصل التسمية:
صلاة النفل مؤلفة من لفظين هما: صلاة ونفل فالصلاة بالمعنى الشرعي هي: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، وكلمة: نفل في اللغة بمعنى: الزيادة. وبالمعنى الشرعي هو: الزائد عن الفرض مطلقًا وصلاة النفل هي: الصلاة الزائدة على صلاة الفرض. وتسمى: نفلًا ونافلة وتطوعًا والنفل والتطوع والمسنون والمستحب والمندوب كلها بمعنى واحد عند جمهور الفقهاء خلافًا لمذهب أبي حنيفة حيث يُفرق بين الفرض والواجب. والنفل يشمل: ما وقع الخلاف في وجوبه مثل: صلاة الوتر، و راتبة صلاة الفجر، وصلاة العيدين أمّا التطوع فلا يشمل هذا عند القائلين بالوجوب.
ثانيًا: أحاديث نبوية شريفة عن صلاة النوافل
- سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم َيقول: ما من عبدٍ مسلمٍ يصلِّي لله كل يومٍ ثِنتي عشرةَ ركعةً تطوعًا، غير فريضةٍ، إلّا بني اللهُ له بيتًا في الجنةِ، أو إلّا بُنِيَ له بيتٌ في الجنةِ، قالت أُمُّ حبيبةَ: فما برِحتُ أُصلِّيهنَّ بعد. وقال عَمرو: ما برِحتُ أُصلِّيهنَّ بعد. وقال النعمانُ، مثلَ ذلك. وفي روايةٍ : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما من عبدٍ مسلمٍ توضأ فأسبغَ الوضوءَ ثم صلَّى لله كلَّ يومٍ فذكر بمثله.
- عن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: (كان النبي ﷺ يصلي قبل الظهر أربعًا، كان لا يدع أربعًا قبل الظهر).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في اليوم و الليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعًا، بنى الله له بيت في الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، و ركعتين بعد المغرب، و ركعتين بعد العشاء، و ركعتين قبل صلاة الغداة).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أوّاب، و هي صلاة الأوابين).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدًا على ركعتي الفجر).
- عن ابن عمر رضي الله عنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل، فإنّه دأب الصالحين قبلكم، و قربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، و تكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد).
اقرأ أيضاً: أهميّة الصلاة في حياة الإنسان المُسلم
ثالثًا: أقسام صلاة النوافل وأنواعها
إنّ صلاة النوافل تنقسم إلى قسمين، وهي نوافل مُتعلقة بسبب ما، ونوافل متعلقة بوقت معين، وسنتحدّث بشكلٍ مفصّل عنها فيما يلي:
النوافل المُتعلقة بسبب، وهي:
1- صلاة الكسوف والخسوف:
صلاة الكسوف وهي الصلاة التي تقام عند ذهاب ضوء القمر، أمّا الخسوف فهي الصلاة التي تقام عند ذهاب ضوء الشمس أو بعضًا من ضوء النهار، وهذهِ الصلاة هي عبارة عن ركعتين من وقت بداية الكسوف أو الخسوف إلى أن ينتهيا.
عن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: (خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثمّ فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا. ثم قال: يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا).
2- صلاة الاستقساء:
وهي الصلاة التي تؤدى من قبل الإنسان المسلم طلبًا للسُقيا من الله سبحانه وتعالى، وتقام هذه الصلاة في أي وقت، إلّا في الأوقات التاليّة وهي بعد صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتّى تغرب الشمس.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين) لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبد الله ورسوله.
3- صلاة الاستخارة:
وهذه الصلاة هي عبارة عن ركعتين تؤديان طلبًا للخيرة من الله سبحانهُ وتعالى في أي أمرٍ من الأمور التي تهم الإنسان، وصلاة الاستخارة تُقام في أي وقت باستثناء أوقات النهي.
عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن. إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين، ثم يقول : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: في عاجل أمري وآجله فاقدره لي، وإن كنت تعلم أنّ هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال : في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، ويسمي حاجته.
اقرأ أيضاً: الدعاء والاستخارة طريق الإيمان الكامل
4- صلاة الحاجة:
وهي الصلاة التي تؤدى عندما يرغب الإنسان بطلب أو حاجة من رب العالمين، وليس لها وقت مُحدد، إلّا الأوقات المنهي عنها.
5- صلاة تحيّة المسجد:
وهي الصلاة التي تؤدى عند دخول المسجد، وقبل الجلوس.
النوافل المتعلقة بوقت، وهي:
- صلاة التراويح: وهي الصلاة التي تؤدى في شهر رمضان المبارك فقط، من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
- صلاة الضُحى: وهي الصلاة التي تؤدى كل يوم بعد ارتفاع الشمس بقدر رمح قبيل الزوال، ومن الأفضل أن يؤديها المسلم عند اشتداد حر الشمس.
- صلاة قيام الليل: وهي الصلاة التي تصلى من بعد صلاة العشاء، إلى طلوع الفجر الثاني، ومقدار صلاة الليل إحدى عشرة ركعة، وتسمى هذهِ الصلاة أيضًا بصلاة التجهّد.
رابعًا: النوافل التي تؤدى بعد كل صلاة
وهي من أهم النوافل وأكثرها فائدة للإنسان، وذلك لأنّ هذهِ الصلاة تساعد على سد الخلل الحاصل في صلاة الفرض التي يقوم بها الإنسان، وهذه السنن الرواتب المؤكدة هي:
- ركعتان قبل صلاة الفجر، وهي الصلاة التي حافظ الرسول الكريم محمد صلى الله عليهِ وسلم على تأديتها، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، على شيءٍ من النوافِلِ، أشدَّ منه تعاهُدًا على ركعتَيِ).
- أربع ركعات قبل صلاة الظهر.
- ركعتان بعد صلاة الظهر.
- ركعتان بعد صلاة المغرب.
- ركعتان بعد صلاة العشاء.
أمّا السنن والرواتب الغير مؤكدة فهي:
- ركعتان قبل صلاة العصر.
- ركعتان قبل صلاة المغرب.
- ركعتان قبل صلاة العشاء.
خامسًا: الأوقات التي تمنع فيها صلاة النوافل
- في الوقت الواقع بين صلاة الفجر حتّى طلوع الشمس بقدر رمح في السماء.
- عند انتصاف الشمس في وسط السماء، وهذا عندما يقوم قائم الظهيرة.
- في الفترة ما بين صلاة العصر، وحتّى غروب الشمس.
سادسًا: فضل وثواب صلاة النوافل
- فوز الإنسان المسلم بمحبة الله عزّ وجل، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ قال: من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه، كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه).
- التقرّب من الله سبحانه وتعالى.
- ردء الخلل الذي يطرأ على الصلوات المفروضة التي يقوم بها المسلم.
- كسب الإنسان المسلم للمزيد من الحسنات، ومحو كل السيئات.
- مغفرة الله سبحانه وتعالى لذنوب المسلم.
- علو منزلة المسلم في الدنيا والآخرة.
- صفاء نفس المؤمن من الشرور وطهارتها.
- جلب البركة إلى بيت المسلم، حيثُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا في بيوتِكم من صلاتِكم، ولا تتَّخِذوها قبورًا).
- صلاة النوافل من أعظم الأسباب التي تساعد المسلم على دخول الجنة، (عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: (كنت أبيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه، فقال لي: سلْ، فقلت: أسألُك مرافقتَك في الجنةِ، قال: أو غيرَ ذلك، قلت: هو ذاك، قال: فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ).
المصادر:
أضف تعليقاً