هل سيغير انضمامك لنادي الخامسة صباحاً حياتك؟

يُريدني "روبين شارما" (Robin Sharma) أن أستيقظ في الخامسة صباحاً، ويؤكِّد أنَّني سأشعر بمزيد من النشاط والإنتاجية؛ كما قال أنَّ "موتزارت" (Mozart) و"فرانك لويد رايت" (Frank Lloyd Wright) و"إرنست همنغواي" (Ernest Hemingway) كانوا يستيقظون مبكراً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "سكوت بيدجود" (Scott Bedgood)، والذي يُحدِّثنا عن تجربته في الاستيقاظ الساعة 5 صباحاً بناءً على تعليمات الكاتب "روبين شارما" (Robin Sharma) مؤلف كتاب "نادي الخامسة صباحاً" (The 5 AM Club).

وأكَّد أنَّني إذا استيقظت في الخامسة كل صباح، واتَّبعت قاعدة (20-20-20) التي أسماها "ساعة النصر"، سوف تتغير حياتي ويتعزَّز إبداعي وتتحسن لياقتي، وسأشعر بأنَّني أفضل عموماً.

بالرغم من أنَّ الشيء الوحيد الذي أشعر به الآن، في الساعة 4:58 صباحاً من يوم الخميس هو التعب؛ إلا أنَّ أحد العوامل المحفِّزة التي تجبرني على النهوض من فراشي الدافئ، هي إثبات خطأ هذا الرجل.

"روبين شارما" (Robin Sharma) هو معلم النجاح الشخصي الكندي الشهير، ومؤلف العديد من الكتب التي لاقت رواجاً كبيراً، بما فيهم كتاب "الراهب الذي باع سيارته الفيراري" (The Monk Who Sold His Ferrari).

ربما لا يهتم "شارما" كثيراً بمحاولتي لإثبات خطأه، ولكنَّني أهتم بذلك؛ لذا قرأت كتابه الجديد "نادي الخامسة صباحاً" (The 5 AM Club) قبل أن أتحدَّث معه بعدَّة أيام.

تدور قصة الكتاب حول أربع شخصيات مركزية هي: "سبيلبيندر" (Spellbinder)، والرجل المشرَّد الذي كان مليارديراً، والفنَّان المكتئب، ورجل الأعمال. حيث تتغير حياة كل من الفنان ورجل الأعمال جذراً بفضل تعليمات "سبيلبيندر" والملياردير.

طبعاً، كانت النقطة الأساسية للدروس التي تلقَّياها هي الاستيقاظ في الساعة الخامسة صباحاً، وأن يرتبوا أيامهم وفقاً لقواعد "شارما".

أنا لا أقول أنَّني أتهكَّم على الفوائد، ولكن بدا كل ذلك مبالغاً فيه بعض الشيء؛ لذا كان عليَّ اختبار الأمر بنفسي؛ فعندما حلَّت الساعة الخامسة صباحاً نهضت من الفراش -على مضض- لأبدأ يومي بقاعدة 20-20-20، والتي يُفترض بها أن تغيِّر حياتي.

بدأ الأمر كله من هنا:

إنَّ "روبين شارما" (Robin Sharma) هو ابنٌ لمهاجرين من الهند وكينيا جاؤوا إلى كندا، ويقول عن نفسه أنَّه ينحدر من بدايات متواضعة، وأنَّ عقلية المهاجرين التي تشجع الكثير من المتفوقين تجذَّرت فيه منذ نعومة أظافره؛ فقد تخرَّج من كلية الحقوق وأصبح محامياً ناجحاً في شركة كبيرة بمدينة تورنتو (Toronto).

يقول "شارما": "عندما كنت أستيقظ صباحاً وألقي نظرة في المرآة، لم يعجبني الشخص المنعكِس أمامي. لقد كنت خاوياً جداً، ومنزعجاً للغاية".

فاتَّجه إلى التعليم ودراسة حياة أعظم رجال ونساء العالم، متطلعاً إلى فهم نهجهم وأساليبهم لتطبيقها في حياته، ونتيجة لهذا التحول أصدر كتابه الأول "حياة هائلة" (Megaliving) عام 1994.

ورغم الصعوبات التي واجهها "شارما" كمؤلف جديد، فقد تمكن من بيع عدد كاف من النسخ، ليبدأ مسيرته المهنية كمتحدث ومؤلف ومعلم نجاح شخصي؛ ومن هذا النجاح المتواضع، بدأ في السعي إلى حلم أكبر، ولاقى كتابه الثاني "الراهب الذي باع سيارته الفيراري" (The Monk Who Sold His Ferrari) نجاحاً استثنائياً، واشتهر "شارما" على الصعيد العالمي.

وفجأة، أصبح "شارما" -الرجل الثلاثيني- يتحدث إلى آلاف الجماهير في جميع أنحاء العالم. لقد كان روتينه الصباحي وحياته المنضبطة، والتي تشكَّلت في العشرينات من عمره، أمراً حاسماً ساعده على تجنُّب المآزق التي يواجهها الكثير من الناس عندما يصلون إلى الشهرة والنجاح.

شاهد بالفديو: 10 نصائح من خبير التنمية البشرية روبن شارما لتكون شخصاً ناجحاً

التمرين والتفكير والنمو:

هل تستيقظ في الساعة الخامسة صباحاً، وتبدأ عملك قبل أي من زملائك في العمل أو منافسيك؟ هل هذه هي الطريقة التي تتقدَّم وتتطوَّر بها؟

ليس تماماً.

لقد وضع "شارما" روتيناً مُفصَّلاً ضمن كتابه، وهو يدَّعي أنَّ روتينه ساعد المليارديرات والرياضيين اللامعين وغيرهم ممَّن عمل معهم على مر السنين.

إليك كيفية تطبيق معادلة 20-20-20: تُخصِّص أول 20 دقيقة من يومك لممارسة التمرينات البدنية؛ حيث يستند "شارما" في كتابه إلى العلم ليُبيِّن سبب كون التعرُّق وزيادة معدل ضربات قلبك في الصباح الباكر يُعدُّ أمراً جيداً بالنسبة لك.

باختصار؛ ستزيد ممارسة التمرينات الرياضية إلى حد التعرُّق من مستويات الدوبامين والسيروتونين التي تشعرك بالسعادة، وتخفِّض مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر).

يجب أن تكون الدقائق العشرون التالية أكثر هدوءاً، وأن تُخصَّص لتدوين اليوميات، أو التأمُّل، أو التخطيط للمستقبل، أو الصلاة؛ إذ يضع هذا عقلك وقلبك وروحك في الوضع المناسب لبدء يوم خال من الصعوبات والتوتر، ويعزِّز من امتنانك وسعادتك عموماً.

ورغم أنَّ وقت التمرين هام للغاية، ويُعد وقتاً "غير قابل للتفاوض" وفقاً لمصطلحات "شارما"، إلا إنَّ الوقت الذي تقضيه في هدوء، يتيح لك المزيد من الإبداع للقيام بما يريحك.

كما يُصرُّ شارما على أهمية التدوين في الدقائق العشرين الثانية؛ إذ إنَّ تدوين أهدافك وخططك والتزاماتك والأشياء التي تشعر بالامتنان تجاهها يُشكِّل يومك بصورة أكثر إيجابية.

أمَّا آخر 20 دقيقة من المعادلة فهي مخصصة للنمو، وتعلُّم أي شيء جديد ترغب في تعلُّمه. لذا إذا كنت ترغب في الاستماع إلى مدوَّنة صوتية حول رواد الأعمال الناجحين، أو قراءة كتاب رائع، أو العمل على لغة تريد أن تتعلمها، يمكنك فعل كل هذا في هذه الدقائق العشرين، والهدف من ذلك هو تحفيز عقلك وتحسين قدراتك الفكرية.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتنمية عقلية النمو لتطوير الذات

الكثير من القهوة والتثاؤب والإنتاجية:

قد يبدو كل هذا جيداً؛ لكنَّك ربما تكون مثلي، حيث تتعزَّز إنتاجيتك وتركيزك مساءً.

وكلَّما ضرب الكتاب المثل بـ"همنغواي" على النهوض المبكر؛ تذكرت "ونستون تشرشل"(Winston Churchill)، أحد أكثر البشر إنتاجية على الإطلاق، والذي كان يكتب حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً، ويظلُّ قابعاً في الفراش حتى وقت متأخر من اليوم.

بالتأكيد هناك من يناسبهم الاستيقاظ في الخامسة صباحاً، ولكن هناك من يناسبهم النشاط الليلي أكثر.

ولكن لأكون صادقاً؛ لم تعد إنتاجيتي تزداد في وقت متأخر من الليل كما اعتدت في سنوات دراستي الجامعية وأوائل العشرينات من العمر - عندما كان الإلهام يأتي في ساعة متأخرة من الليل - إلى أن توظفت وأدركت أنَّه يتعيَّن عليَّ التغيير.

لذا حاولت الانضمام وزوجتي إلى نادي الخامسة صباحاً؛ فأصبحت أضع المنبه في غرفة أخرى حسب تعليمات "شارما"، وأستيقظ أنا وزوجتي لنبدأ ممارسة التمرينات الصباحية. والواقع أنَّني وجدت الأمر أسهل ممَّا توقَّعت، فبمجرَّد أن أرتدي حذائي وأبدأ بتمارين الإحماء، أشعر بالاستيقاظ كأي وقت آخر.

نتناول الفطور بعد الانتهاء من التمرين، ونجلس لمدَّة 20 دقيقة في هدوء، ثم نقضي الدقائق العشرين الآخرى في القراءة والتعلُّم والاستماع إلى أشياء تفيدنا.

وهكذا تكتمل ساعة النصر كاملة، وتحل الساعة السادسة صباحاً؛ ماذا إذاً؟

هذا هو الوقت الذي نجني فيه المزيد من الفوائد، فبدلاً من النوم خلال الساعة الخامسة والسادسة صباحاً؛ أصبحنا مستيقظين تماماً للاستفادة من هذا الوقت الإضافي. ولأنَّ زوجتي تمتلك مخبزاً منزلياً؛ أصبحت تجد الوقت الكافي لتزيين الحلوى التي تبيعها، وإدارة مشروعها، بعد أن كانت تسهر إلى وقت متأخر من الليل -بعد العودة من عملها- دون أن تجد الوقت الكافي لذلك.

والشيء نفسه بالنسبةِ لي، فأنا كاتب ولم أكن أمتلك وقتاً أُكرِّسه للكتابة بعد العمل؛ لكنَّ كلاً منا يمتلك الآن الوقت اللازم للقيام بمهامه دون تشتيت.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة فعَّالة لإدارة الوقت

إنَّ أهم مبدأ وجدته في استراتيجية الخامسة صباحاً هو حظر الأجهزة الإلكترونية؛ فلا هاتف أو حاسوب أو حتى منبه في غرفة نومك، ولا يعود هاتفك أول شيء تنظر إليه صباحاً؛ ولا مزيد من رسائل البريد الإلكتروني، أو التغريدات، أو إشعارات "الإنستجرام" (Instagram) وأي من وسائل التواصل الاجتماعي.

لن تضطر إلى فعل ذلك؛ لأنَّ لا أحد سيحتاجك في الخامسة صباحاً. لقد اكتشفت أنَّ عدم استخدام الأجهزة الإلكترونية منذ الساعة 5 حتى الساعة 7 أمر بسيط لكنَّه ساحر.

لكن في الواقع لم يكن هذا التحسُّن منتظماً ومريحاً وواضحاً؛ إذ لم يكُن الاستيقاظ في الخامسة صباحاً بالأمر اليسير؛ كنَّا أحياناً نتجاوز ذلك ونضغط على زر الغفوة، فنستيقظ في الساعة 7 صباحاً لنكتشف -بعد القليل من التفكير- أنَّنا فقدنا الساعات الإضافية في يومنا.

إقرأ أيضاً: كيف توقف إشعارات تطبيقات الدردشة على هاتفك لتحقق المزيد من التركيز

سألت "شارما" فيما إذا كان قد ضغط أحياناً على زر الغفوة، أو لم يستيقظ في الخامسة صباحاً، ثم عاد إلى مواصلة أهدافه مرَّة أخرى. اعتقدت -في الواقع- أنَّه بعد 22 عاماً من ممارسته لروتينه الصباحي، لن يشعر بمعاناة شخص قد بدأ للتو هذا الروتين.

فقال "شارما": "أنا أخفق كثيراً، وأعتقد أنَّ معظم الناس يفعلون ذلك. ذات مرَّة سمح لي طيار على متن طائرة صغيرة بالطيران قليلاً، وبينما كنت ممسكاً بالذراع، لاحظت أنَّ الطائرة كانت تُدفَع باستمرار عن مسارها بفعل الرياح، وكان هدفي هو التأكُّد من بقائنا في المسار الصحيح. هذا هو ما يحدث لنا كل يوم؛ إذ توجد الكثير من الإغراءات والمشتِّتات التي تجعلنا نحيد عن عاداتنا وأولوياتنا، وينطوي دورنا على محاربة هذه المشتِّتات والعودة إلى المسار الصحيح".

ولدى معرفتي أنَّ "شارما" نفسه قد يخفق ولا يستيقظ في الخامسة صباحاً أحياناً، أصبح من الأسهل بالنسبة لي العودة إلى المسار، والاستيقاظ مبكراً مرة أخرى في صباح اليوم التالي. أنا لست مليارديراً أو رياضياً متميزاً أو مثل "إرنست همنغواي" (Ernest Hemingway)؛ لكنّّني أصبحت أشعر بمزيد من الإنتاجية واليقظة الذهنية والاستعداد ليومي.

ربما يكون الأمر بسيطاً مثل عدم الضغط على زر الغفوة.

المصدر




مقالات مرتبطة