ما هي مهارات الذكاء العاطفي؟ وكيف نطورها؟

قد يكون انتشار مصطلح "الذكاء العاطفي" ازداد مؤخراً، ولكنَّ مفهوم مهارات الذكاء العاطفي كان قائماً منذ 25 عاماً أو أكثر، ومن الجدير بالذكر أنَّ الذكاء العاطفي يؤدي دوراً هامَّاً للغاية في حياتنا اليومية؛ وذلك لأنَّه يؤثر في حياتنا المهنية، وتواصلنا مع الآخرين، ويرتبط أيضاً بقدرتنا على تحفيز أنفسنا.



إذا كنتَ تستطيع التحكُّم بذاتك عندما يجتاحك الغضب، فأنت ملمٌّ بإحدى مهارات الذكاء العاطفي، وفي الواقع، يشبه الذكاء العاطفي الجوانب الأخرى للذات؛ فهو ليس ملموساً ولا نستطيع رؤيته، ولكن يمكننا الشعور بتأثيره بالتأكيد.

ما هي مهارات الذكاء العاطفي؟

وفقاً لمعجم الجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association)، فإنَّ الذكاء العاطفي هو: "نوع من الذكاء يتضمن القدرة على معالجة المعلومات العاطفية والاستعانة بها في التفكير والنشاطات المعرفية الأخرى".

يتضح من هذا التعريف أنَّ الذكاء العاطفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقاتنا المهنية والشخصية، فضلاً عن علاقاتنا مع أنفسنا، وسنشرح فيما يلي أهمية الذكاء العاطفي فيما يتعلَّق بمهارات التعامل مع الآخرين.

لقد صاغ عالما النفس الأمريكيين "جون ماير" (John Mayer) و"بيتر سالوفي" (Peter Salovey) هذا المصطلح في عام 1997، ويمكننا أخذ فكرة جيدة عن مهارات الذكاء العاطفي من خلال تعريفهما: "يتمتع الشخص الذكي عاطفياً بالمهارة في أربعة مجالات: تحديد العواطف، واستخدامها، وفهمها، وتنظيمها".

وبما أنَّ الذكاء العاطفي يُدرَس أكاديميَّاً، يحاول الخبيرون توسيع الفكرة باستمرار، وإجراء المزيد من الأبحاث؛ إذ يساعدنا الذكاء العاطفي على إدارة عواطفنا من خلال السماح لنا برفض العواطف غير الهامَّة أو تجاهلها أو تنظيمها في الحالات التي لا تكون فيها مفيدة، على سبيل المثال: لا فائدة من الصراخ في وجه سائق الحافلة لأنَّه يسير ببطء بسبب حركة المرور السيئة.

كما يساعدنا الذكاء العاطفي على ملاحظة وفهم ما يشعر به الآخرون؛ ممَّا يساعدنا على إنشاء علاقات فعَّالة مع الأشخاص من حولنا، ويعتقد الخبيرون أيضاً أنَّ مهارات الذكاء العاطفي تساهم مساهمةً كبيرةً في نجاحنا الشامل في الحياة؛ نظراً لتأثيرها في قدرتنا على التحفيز وإدارة الذات.

هل يُعَدُّ الذكاء العاطفي من المهارات الناعمة؟

يُنظَر عادةً إلى المهارات الشخصية والذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية على أنَّها نوع واحد من المهارات التي تؤثر تأثيراً كبيراً في حياتنا بأكملها تقريباً، وهي تُدعى المهارات الناعمة، وقد يستخدمها المعالج لمساعدة الآخرين بسهولة.

في الوقت نفسه، لا تعني تسمية "المهارة الناعمة" أنَّ المهارات الشخصية - مثل الذكاء العاطفي - غير قابلة للقياس من الناحية النفسية، أو أنَّك لا تستطيع تطويرها بنفسك بطرائق فعَّالة؛ لذا سننظر عن كثب في هذه الأمور بمزيد من التفصيل قبل أن نفكر في أدوات تقييم مهارات الذكاء العاطفي.

إقرأ أيضاً: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية

نظريات الذكاء العاطفي:

1. نموذج الفروع الأربعة للذكاء العاطفي:

يُعَدُّ نموذج الفروع الأربعة للذكاء العاطفي الذي وضعه "ماير" و"سالوفي" طريقةً مفيدةً لتصوُّر مهارات الذكاء العاطفي المختلفة التي تحدَّثنا عنها آنفاً، ويعود الفضل إليهما أيضاً في صياغة مصطلح "الذكاء العاطفي" قبل أن يوسِّع الباحثون المفهوم حتى صار شائعاً.

يشير نموذج الفروع الأربعة ببساطة إلى أنَّ مهارات الذكاء العاطفي تندرج تحت أربع فئات هي: إدراك العواطف، واستخدام العواطف لتسهيل التفكير، وفهم العواطف، وإدارة العواطف:

  • يعني إدراك العواطف: استيعاب عواطف الآخرين والإحساس بها؛ بعبارة أخرى، إدراك العواطف هو القدرة على تحديد عواطفك وعواطف الآخرين بدقة من خلال اكتشاف الإشارات العاطفية وتحليلها، سواء كانت هذه الإشارات في وجوه الناس أم في نبرة أصواتهم أم حتى في الصور.
  • أمَّا عن استخدام العواطف لتسهيل التفكير: فهو يحدث بمجرد اكتشاف العواطف وتحديدها؛ وذلك لأنَّه يتعلق بتحليل وتسجيل هذه "المعلومات العاطفية"، ثمَّ دمجها في الوظائف المعرفية العليا لتحسين عمليات اتِّخاذ القرار، والتفكُّر، وحلِّ المشكلات، والتفكير في وجهات نظر الآخرين.
  • ويعني فهم العواطف: القدرة على فهم كيفية ارتباط العواطف المختلفة ببعضها بعضاً، وكيف قد تتغير بناءً على المواقف التي نواجهها أو بمرور الوقت، وتعني القدرة على التنبؤ بكيفية تغيُّر مشاعر شخص ما من خلال تعابير وجهه ونبرة صوته وما إلى ذلك أنَّك تتمتع بمهارة إدارة العواطف بفاعليَّة، وهذا أمر عظيم؛ إذ ترتبط القدرة على فهم العواطف ارتباطاً كبيراً بالتواصل الناجح.
  • وأخيراً، تتعلَّق إدارة العواطف: بالتعامل مع عواطفك وعواطف الآخرين بفاعلية، وتُعَدُّ هذه المهارة ومهارة فهم العواطف مهارتَين رفيعتَي المستوى في الحالة الطبيعية؛ وذلك لأنَّهما تعتمدان على أول مهارتين - إدراك المشاعر واستخدام العواطف لتسهيل التفكير - لكي تعملا بفاعليَّة، وقد يكون من السهل رؤية مدى التأثير الإيجابي لإدارة عواطفك وعواطف الآخرين في حياتك المهنية، حتى أنَّها قد تجعل التعامل مع المواعيد النهائية أسهل.

2. نموذج "جولمان" للذكاء العاطفي:

يُعَدُّ اسم "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) أحد أشهر الأسماء المرتبطة بمصطلح الذكاء العاطفي؛ إذ يرتبط عمله في مهارات الذكاء العاطفي عادةً بالقدرات القيادية والإدارية، ويُعَدُّ نموذجه في الذكاء العاطفي امتداداً لعمل "ماير" و"سالوفي" السابق الذي حدَّد أربع مهارات للذكاء العاطفي، ويعتمد نموذج "جولمان" (1995) على خمسة عناصر أساسية تحدِّد الذكاء العاطفي للفرد:

  • الوعي الذاتي العاطفي: يشبه هذا العنصر إلى حدٍّ كبير مهارة إدراك العواطف التي تحدَّث عنها "ماير" و"سالوفي"، ويعني إدراك المرء لمشاعره ومعرفة مدى تأثيرها في الآخرين.
  • التنظيم الذاتي: يعني التنظيم الذاتي إدارة المرء لعواطفه والتنبؤ بآثارها، على غرار مهارة استخدام العواطف لتسهيل التفكير وإدارة العواطف.
  • الدافع: يشمل هذا العنصر الاستمرار في العمل عند مواجهة العقبات.
  • التعاطف: يعني التعاطف اكتشاف مشاعر الآخرين والشعور بما يحسُّون به.
  • المهارات الاجتماعية: تساعدنا مهارات الذكاء العاطفي الاجتماعية على إدارة علاقاتنا مع الآخرين، واستحضار ردود فعل معيَّنة عليها.

ما الذي يحدد الذكاء العاطفي؟

تقدِّم الكثير من نظريات الذكاء العاطفي وجهات نظر مختلفة حول معاني الذكاء العاطفي في الواقع، ومع ذلك، ثمَّة العديد من الأمور المشترَكة بينهم، مثل فهم عواطفك وعواطف الآخرين وإدارتها بفاعلية على أنَّهما قدرتان، وليستا سمتين ثابتتين أو غير قابلتين للتغيير.

من الناحية العصبية، من الممكن ربط بعض قدرات الذكاء العاطفي هذه بأجزاء مختلفة من أدمغتنا، وقد أظهرَت دراسات بعض الباحثين من قبل ذلك، وفي الواقع، يعود هذا الارتباط لزمنٍ بعيد، بعدما اكتُشِفَت حالة "فينيس غيج" (Phineas Gage)، الذي يُعَدُّ على الأرجح أحد أشهر المرضى في علم النفس الحديث على الإطلاق، والذي تعرَّض لأضرار ثنائية في قشور فص الجبهة؛ ممَّا أدَّى إلى تأثير غير متوقَّع، ويقول طبيبه:

"لقد صار متقلباً، وعصبياً، ووقحاً، وغير صبور، ومتردداً، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، على الرغم من أنَّه تعافى جسدياً تماماً، إلَّا أنَّه تغيَّر كثيراً، وقد لاحظَ كل من كان يعرفه ذلك؛ إذ كان نشيطاً، وذكياً، ومثابراً؛ لذا أدركوا تغييراً كبيراً في شخصيته".

ولكن لحسن الحظ، على الرغم من وجود بعض الروابط بين الذكاء العاطفي والطريقة التي تعمل بها أدمغتنا على المستوى العصبي، يمكننا تعلُّم الكثير من مهارات الذكاء العاطفي من خلال تجاربنا اليومية؛ ممَّا يعني أنَّها قابلة للتطوير، ومن ثمَّ أنت من يختار التحلِّي بالذكاء العاطفي أو عدم التحلِّي به.

شاهد بالفديو: 6 عادات يومية لتنمية الذكاء العاطفي

ما هي مهارات الذكاء العاطفي؟

دعونا نلقي نظرةً على بعض الأمثلة عن كيفية ظهور مهارات الذكاء العاطفي في حياتنا اليومية، مع التركيز على العلاقة بين مهارات الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية، وسنضرب أمثلةً على مكان العمل، وننظر أيضاً في كيفية ظهور الذكاء العاطفي في العلاقات المهنية والعملية.

1. الإصغاء للآخرين:

يعمل "جان" في وكالة إعلانات، وقد يحتدم الجدال في أثناء عملية العصف الذهني؛ إذ يحاول كل شخص عرض فكرته معتقداً أنَّها الأفضل؛ ويؤدي هذا في كثير من الأحيان إلى الجدال وارتفاع الأصوات ومقاطعة المتحدثين دون التعبير عن وجهة نظرهم؛ ممَّا يظهر قلة الاحترام وقد يؤدي إلى إيذاء المشاعر.

لذا يقترح "جان" على الجميع الإصغاء إلى المتحدِّث حتى ينتهي، ثمَّ يبدأ شخص آخر بعرض وجهة نظره وهكذا، وفي هذا الموقف، يُظهر "جان" ذكاءً عاطفياً فعَّالاً للغاية، ويقدِّر عواطف الفريق بأكمله ويتعامل معها بصورة صحيحة، وعندما يبدأ الجميع بالإصغاء، وفقاً لاقتراح "جان"، يكون التوصل إلى قرار بنَّاء أسهل بكثير.

2. تسهيل التفكير:

يعمل "دانيال" مراقباً لمواقف السيارات، ومن ثمَّ قد يعود الناس إلى سياراتهم ليجدوه يضع تذكرة مخالفة، وعلى مر السنين، تعلَّم "دانيال" أنَّ العمل بصورة رسمية قد يثير ردود فعل سلبية من السائقين؛ ممَّا يؤدي إلى تقديم شكاوى حول أدائه في كثير من الأحيان؛ لذا بدأ بتغيير أسلوبه.

صار "دانيال" عندما يرى السائقون وهو يضع مخالفة، يبتسم لهم، ويسأل عن أحوالهم، وما إذا كانوا بخير، ثمَّ يبدأ الحديث عن الطقس، ومن خلال اكتشاف عواطفهم والاهتمام بها، والتواصل معهم بطريقة ذكية عاطفياً، تمكَّن من تقليل الشكاوى المقدَّمة ضده بنسبة 90%، كما نجح أيضاً في التعامل مع عواطف الآخرين على الرغم من سلوكهم غير المحتمَل.

3. فهم وجهات نظر الآخرين:

لقد ذهبَت "ليزا" إلى منزل صديقتها لإعادة فستانها الذي اقترضَته، وأحضرَت لها قطعة من الكعك؛ وذلك لأنَّها تعلم أنَّ صديقتها مرَّت بأسبوع مرهق للغاية في العمل، ولكن كانت صديقتها في حالة مزاجية سيئة؛ لذا لم تدعُ "ليزا" إلى الدخول؛ بل كان استقبالها بارداً وسرعان ما أنهت المقابلة، فسارت "ليزا" وهي مستاءة للغاية.

بعد ذلك، فكَّرَت "ليزا" في أنَّ صديقتها تعمل لساعات طويلة يومياً، وأنَّها بالتأكيد مرهقة، فهي لا تعود إلى المنزل قبل التاسعة مساءً؛ لذا تجاهلَت أفكارها الغاضبة ووضعَت نفسها مكان صديقتها لتفكِّر بموضوعية، واتَّخذَت بالفعل قراراً عقلانياً يمكِّنها من التصرف بحكمة؛ فقرَّرَت أن تجري معها مكالمةً ودِّيَّة في وقت لاحق من الأسبوع، لتطمئن عليها وتُعلِمها أنَّها تأمل أن تكون أمورها قد تحسَّنَت.

إقرأ أيضاً: 3 مهارات يتقنها الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية:

كما توضح الأمثلة المذكورة آنفاً، يرتبط الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية ومهارات التواصل ارتباطاً وثيقاً، وربما قد تكون مررتَ بتجارب مماثلة.

لقد كشفَت الأبحاث التي أُجرِيَت في العقود الأخيرة أنَّ إدراك عواطفنا وإدارتها يؤثر في نجاحنا في العديد من جوانب الحياة؛ إذ تؤدي العلاقات والذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية دوراً كبيراً في سعادتنا وعلاقاتنا الأسرية، كما تساعدنا القدرة على إدراك العواطف وإدارتها على إدارة النزاعات؛ إذ يسمح لنا هذا بتوقُّع شعور الآخرين وتعديل استجاباتنا بناءً على هذا لنتمكن من حل الأمور بطريقة تناسب الطرفين.

وممَّا يثير الاهتمام أنَّ الأكاديميين قد لاحظوا وجود علاقة إيجابية محدَّدة بين الذكاء العاطفي وزيادة الرضا عن العلاقات؛ ممَّا يمكِّننا من تطوير استراتيجيات قابلة للتنفيذ لتحسين علاقاتنا من خلال تطوير مهارات الذكاء العاطفي، وفيما يلي بعض الأمثلة عن كيفية القيام بذلك:

كيف تنمي مهارات الذكاء العاطفي؟

تؤدي الممارسة إلى الإتقان، فإذا أردتَ تطوير مهاراتك في الذكاء العاطفي، فطبِّق التمرينات الأربعة الآتية التي ستجعلك ممارستها بانتظام أكثر فاعليةً:

1. تطوير وعيك الذاتي:

يُعَدُّ الوعي مفتاح هذا التمرين، وهو سهل للغاية، فلن تحتاج سوى إلى التفكير في ردود أفعالك تجاه الأحداث اليومية؛ لذا سيساعدك تخصيص بعض الوقت في نهاية اليوم للتفكير فيما حدث لك وكيفية شعورك تجاهه على تعزيز وعيك.

كما تقترح الدكتورة "باتريشا تومبسون" (Patricia Thompson)، الحاصلة على دكتوراه في علم النفس التنظيمي، التفكير أيضاً في نقاط قوَّتك ومبادئك وقيَمك والفرص التي تساعدك على التطوُّر.

لقد تأسَّس هذا التمرين بناءً على مفهوم "إدراك العواطف" الذي صاغه "ماير" و"سالوفي".

2. إعادة صياغة مفاهيمك عن إدارة الذات:

يشير الكوتش التنفيذي "روجر ريس" (Roger Reece) إلى أنَّ النزاعات مع الآخرين قد تعود غالباً إلى مشكلات تتعلق بنظراتنا المسبقة، وتشبه إعادة صياغة مفاهيمنا أو منهجيتنا النظر إلى الأمور الإيجابية بدلاً من التركيز على السلبيات، ثمَّ تطبيق ذلك في تعاملنا مع الآخرين، يقول "ريس":

"تُعَدُّ إعادة صياغة النزاع مع زميل في العمل بمنزلة فرصة للعمل بشكل أفضل مع هذا الشخص؛ لذا حاول العثور على دافع لبدء محادثة بدلاً من تجنُّب الخلاف بِعَدِّه غير مجدٍ، وخلال المناقشة المعقَّدة، يمكنك إعادة صياغة الطريقة التي ترى بها الشخص الآخر، ليس كعدو، بل كحليف جديد محتمل".

يُعَدُّ مفهوم "إعادة الصياغة" مفهوماً شائعاً لدى ممارسي الذكاء العاطفي، وهو طريقة ناجحة للغاية للتعامل مع النزاعات الشخصية الحتمية، على سبيل المثال: إذا كنتَ تفكِّر في أنَّ أحدهم ينتقد فكرةً توصَّلتَ إليها، فأعِد صياغة الموقف في عقلك بطريقة تسمح لك برؤية فائدة نقده أو اقتراحاته من أجل تحسين فكرتك.

3. اكتشاف الأمور التي تثير عواطفك:

ثمَّة طريقة أخرى يقترحها "ريس" لتعلُّم كيفية إدارة عواطفنا، وهي تحديد الأمور التي تثيرها، مثل محاولة توقُّع الجوانب التي تثيرنا في تفاعلاتنا مع الآخرين والتحكُّم بها، ومن الأمثلة الشائعة على ذلك ما يسميه "ريس" "محفِّز الإهانة"، حيث يصف مَيل معظم الناس إلى الشعور بالإهانة من خلال لغة جسد الآخرين ونبرة صوتهم وما إلى ذلك في أثناء الجدال، دون النظر في رسالتهم المقصودة بالفعل، على الرغم من احتمالية محاولتهم للمساعدة.

في الواقع، يتمثَّل الدافع الأساسي لتحديد محفزاتنا في أن نكون قادرين على التحكم باستجاباتنا العاطفية غير المناسبة، فإذا علمنا أنَّ ميل شخص ما للتحدث بصراحة يثير نفورنا - على سبيل المثال - فيمكننا تعديل سلوكاتنا وفقاً لذلك عند التفاعل معه لنكون أقل دفاعيةً وعدوانية إذا كان التفاعل حتمياً؛ ممَّا يساعدنا على الوصول إلى نتيجة بنَّاءة في أثناء التفاعل.

4. تحديد مشاعرك الإيجابية والاحتفاء بها:

يُعَدُّ القيام بأشياء تجعلك تشعر بمشاعر إيجابية أمراً رائعاً وبسيطاً في الوقت نفسه؛ لذا حاول القيام بنشاطات ممتعة بالنسبةِ إليك، وتذكَّر الذكريات السعيدة، وعبِّر عن امتنانك عندما تتفاعل مع الآخرين.

تكمن الفكرة في أنَّ الشعور بعواطف أكثر إيجابيةً يجعل وضعك أفضل، ويساعدك على التحلِّي بالمرونة عند حدوث أشياء سلبية؛ لذا اتَّخِذ خطوات مدروسة للاحتفاء بالأشياء الإيجابية المثيرة في حياتك.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي وأهميته في العلاقات مع الآخرين

الذكاء العاطفي في مكان العمل:

تؤكِّد الأبحاث التي أجراها "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) على الذكاء العاطفي ومهارات التواصل على مدى تأثير الذكاء العاطفي في العديد من الوظائف، مع تسليط الضوء على أهميته بالنسبةِ إلى مجالات القيادة وريادة الأعمال والابتكار وإنشاء علاقات مع الآخرين، كما يقول "جولمان" إنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات ناعمة مثل الانضباط والقيادة والتعاطف، يتميَّزون عن الآخرين.

يعتمد "مركز القيادة الإبداعية" (The Center for Creative Leadership) أيضاً على الأبحاث التي تشير إلى أنَّ 75% من الوظائف تتأثر سلباً بموضوعات مرتبطة بالكفاءة العاطفية، بما في ذلك عدم القدرة على الاستجابة للتغيير والتكيُّف معه، وتعزيز الثقة، وقيادة الفِرَق خلال الأوقات الصعبة، والتعامل بفاعلية مع المشكلات التي قد تنشأ بين الأشخاص، ومن ثمَّ سيساعدك تطوير مهاراتك في الذكاء العاطفي في مكان العمل.

تقييم مهارات الذكاء العاطفي:

تستخدم العديد من المنظمات المختلفة والاختصاصيين الممارسين تقييمات متنوعة لمهارات الذكاء العاطفي، وأشهرها اختبار "ماير" و"سالوفي" و"كروسو" للذكاء العاطفي.

12 اقتباساً عن مهارات الذكاء العاطفي:

نحن نحتاج أحياناً أن نتذكَّر سبب قيامنا بما نقوم به؛ إذ يكون الالتزام بأي شيء على الأمد الطويل، مثل تطوير ذكائك العاطفي؛ أسهل بكثير عندما تكون قادراً على تحفيز نفسك، لا سيَّما إذا كان مصدر هذا التحفيز أشياء غير ملموسة، وفي هذه الحالة، يجب أن نعرف لماذا من الهامِّ تعزيز مهارات الذكاء العاطفي؛ لذا نقدِّم لك بعض الاقتباسات التي توضح أهمية ذلك:

  • "يُعَدُّ ضبط النفس العاطفي - مثل تأخير الإشباع والتحكُّم بالاندفاع - أساس الإنجاز" - "دانيال جولمان" (Daniel Goleman).
  • "يشبه التمسك بالغضب الإمساك بفحم ساخن بغية إلقائه على شخص آخر، ولكن أنت من يحترق" – "بوذا" (Buddha).
  • "لا أريد أن أكون تحت رحمة مشاعري، أريد استخدامها، والاستمتاع بها، والسيطرة عليها" - أوسكار وايلد (Oscar Wilde).
  • "لا يمكن تجاهل المشاعر، مهما بدت جاحدةً أو غير عادلة" - آن فرانك (Anne Frank).
  • "ثمَّة سبب دائماً وراء الغضب، ولكنَّه نادراً ما يكون سبباً وجيهاً" - بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin).
  • "لا تنزعج من سوء الفهم؛ بل انزعج من عدم الفهم" - مثل صيني.
  • "بعض السجون لا تتطلب حواجز لإبقاء الناس محبوسين بداخلها، فكل ما يتطلبه الأمر هو اعتقادهم بأنَّهم ينتمون إلى هناك" - "ليسا تيركيرست" (Lysa TerKeurst).
  • "يمكِّن الوعي الناس من مراقبة ما يحدث، وإدراك طبيعة ونوعية الأحداث عند حدوثها والمغزى منها" - أنتوني ستيفنز (Anthony Stevens).
  • "من الصعب الجري في سباق ماراثون مع حَمل حقيبة ظهر قد تعوقك عن الفوز بالسباق، فلا تدع أمتعة ماضيك المثقلة بالخوف والشعور بالذنب والغضب تبطئك" - "مادي مالهوترا" (Maddy Malhotra).
  • "يمكن لأيِّ شخصٍ أن يغضب، فهذا أمرٌ سهل، ولكن أن تغضب من الشخص المناسب، وبالدرجة المناسبة، وفي الوقت المناسب، وللغرض المناسب، وبالطريقة المناسبة، فهذا ليس بالأمر السهل" - أرسطو (Aristotle).
  • "أعظم اكتشاف اكتشفه هذا الجيل، هو أنَّه في إمكان البشر تغيير حياتهم من خلال تغيير طريقة تفكيرهم" - "وليام جيمس" (William James).

في الختام:

لقد نظرنا إلى العديد من الأساليب المختلفة لتحديد ما يشير إليه الذكاء العاطفي، وكيف يمكننا تطوير مهاراته من خلال النشاطات والتمرينات، وعرفنا كيف يرتبط بالمهارات الاجتماعية والقيادة والتواصل، ولا تنسَ أنَّ الذكاء العاطفي يساعدك على:

  • تحسين علاقتك الاجتماعية والشعور بالرضا تجاهها.
  • فهم عواطفك وإدارتها بفاعلية.
  • القدرة على التعامل مع الإحباطات اليومية.
  • التوصل إلى حلول مفيدة للطرفين في أثناء النزاع.
  • تحديد عواطفك والتحكُّم بها.

المصدر




مقالات مرتبطة