إنَّ لغة الجسد هي مفهوم مثير للاهتمام. إذ يقوم جسم الإنسان بالكثير من الحركات اللاشعورية تبعاً للموقف، وتكون مؤشرات لغة الجسد في بعض الأحيان واضحة وصريحة. فإذا رأيت أحداً يبكي، فمن المحتمل أن يكون منزعجاً من أمرٍ ما. بينما في أحيان أخرى، تكون مؤشرات لغة الجسد غير واضحة. إذ قد لا تنتبه للشَّخص وهو يدير عينيه كنوعٍ من السُّخرية تجاهك، إن لم يكن ينظر إليك مباشرةً.
هناك الكثير من الطرق لتفسير لغة الجسد، كما يوجد الكثير والكثير من مؤشرات لغة الجسد أيضاً. لذا سنعرض لك أدناه، 20 من أكثر تلك المؤشرات شيوعاً. يمكن أن يكون ذلك أمراً بالغ الأهمية ضمن أيِّ نوعٍ من التَّواصل تقريباً، سواءً أكان ذلك نشاطاً تجارياً أم علاقات شخصية، أو حتى مقابلة شخص جديد كليَّاً.
1. مدى قرب ذلك الشخص منك:
يعتبر القرب الجسدي أحد مؤشرات لغة الجسد الذي يستخدم كثيراً ولا ينتبه إليه كثيرٌ من النَّاس. فإن شعر أحد الأشخاص بالارتياح نحوك، فلن يمانع في الجلوس أو الوقوف قريباً منك. لذا فإنَّ أحد أكثر الطرق إثارةً لمعرفة ما إذا كان أحدهم يرتاح إليك، هي أن تلتصق به. فإن ابتعد عنك، تكون قد حصلت على إجابتك!
2. العيون المُسبلة:
سنذكر في هذه المقالة الكثير من مؤشرات لغة الجسد التي تتعلق بالرأس والعينين؛ لأنَّهما الأكثر شيوعاً وقابليَّةً للتمييز. أحد هذه المؤشرات ذات الصلة هو الأكثر شيوعاً بين الشَّباب خاصةً، ألا وهو العيون المُسبلة. وجميعنا لاحظ ذلك. فعندما يكون أحدهم غير سعيد ويحاول إخفاء شعوره عبر الابتسام مثلاً، فقد يشي بحيلته تلك عبرَ النَّظر إلى أسفل. وقد يدل ذلك أيضاً على عدم الارتياح أو الشعور بالخجل.
3. يدان لا تهدآن:
هل سبق لك أن رأيت أحداً ينقر بأصابعه على مكتبه أو كرسيه؟ إذاً ماذا عن الأشخاص الذين ينقرون بأرجلهم؟ قد يشير ذلك إلى عدم ارتياحهم ونفاد صبرهم وغضبهم أحياناً. وإن كنت تعظُ أطفالك بينما هم ينقرون بأصابعهم على الطاولة، فعلى الأغلب أنَّك لن تؤثر عليهم. فعندما تتحدث مع أحدهم ويقوم بالتصرف بتلك الطريقة، فهذا يدل أنَّ الوقت قد حان لكي تقوم بتغيير استراتيجيتك.
4. ساقان لا تهدآن:
هذا الوضع مطابق تماماً للأيدي التي لا تهدأ، سوى أنَّهما ساقان لا يدان. إذ يمكن أن يقوم المرء بمصالبة ومن ثمَّ عدم مصالبة ساقيه مراراً وتكراراً، أو النَّقر بقدميه أو بكعبيه حتَّى. وقد يقوم الناس بذلك أحياناً بسبب متلازمة تململ الساقين، لا بسبب شعورهم بحالة شعورية معينة.
5. وضع اليدين على الخصر:
أصغوا إلي يا شباب، لأنَّ هذا الكلام موجَّهٌ لكم في الغالب. إذا قام أحدهم بوضع يديه على خصره؛ فهذا يدل على أنَّه قد فقد كل صبره، وقد يكون يستشيط غضباً. وإن أنتم ذهبتم إلى مديركم في العمل أو شريكة حياتكم ورأيتموهم واقفين وهم يضعون أيديهم أيديهم على خصرهم؛ فذلك يدل على أنَّكم في مأزقٍ كبير جداً.
شاهد بالفيديو: 4 أخطاء في لغة الجسد ابتعد عنها
6. إمالة الشخص لرأسه لها أكثر من معنى:
بشكلٍ عام، عندما يقوم أحدهم بإمالة رأسه، تفسر الناس لغة الجسد تلك على أنَّها تدل على الحيرة والارتباك. لكن ليس هذا هو واقع الحال دوماً. ففي الأماكن التي يسودها العنف؛ مثل السجن أو مباريات القتال المختلط، ينظر الناس إلى وجوه بعضهم البعض ويميلون رؤوسهم كنوعٍ من التَّحدي.
7. وضع اليدين خلف الظهر:
من بين جميع مؤشرات لغة الجسد في هذه القائمة، فإنَّ هذا المؤشر هو أكثرها غموضاً. إذ يضع الناس أيديهم خلف ظهورهم لعدة أسباب. شاهد أي فيلم يتحدث عن المافيا وسترى كيف يعقد "الدُّونْ" يديه خلف ظهره كعلامة على سطوته. دُرِّب الناس في الجيش على أن يقوموا بذلك كدلالةٍ على الاحترام. أو قد يقوم الناس بذلك ليكونوا لطفاء.
عندما ترى لغة الجسد تلك، عليك أن تقرنها مع مؤشرات أخرى لكي تحدد الحالة العاطفية التي تظهر أمامك.
8. تكوير اليدين على شكل قبضتين:
وهذا مؤشر شائع آخر. وعلى عكس المؤشر السَّابق، لهذا المؤشر معنى واحد إلى حد كبير. إذ يفعل الناس ذلك عندما يشعرون بالإحباط والغضب. وهذا ما يكون عادةً مقدمة للعنف، حيث أنَّ القبضات المكورة غالباً ما تؤدي إلى تعرُّض شيء أو أحد ما للضرب. فإذا كنت تتحدث مع شخص ما، وكوَّر يديه على شكل قبضة، فقد تسوء الأمور بسرعة كبيرة.
9. اللمس:
للغة الجسد هذه معنىً عام، ولكن يمكن لهذا المعنى أن يكون متبايناً بشدة. فعندما يلمسك شخص ما بطريقة غير عنيفة، من الواضح تقريباً أنَّه يشعر بالرَّاحة تجاهك. إلا أنَّ ذلك يمكن أن يتجلَّى بعدة طرق مختلفة؛ فقد يربِّتُ ربُّ عملك أو صديقك على كتفك، أو قد تقوم زوجتك بوضع رأسها على كتفك. فإن لَمَسَكَ أحدهم، فهذا يدل على أنَّه يرتاح لوجودك.
10. ذراعان متصالبتان:
غالباً ما يسيء النَّاس تفسير معنى الأيدي المتصالبة؛ فقد يظنون أنَّ ذلك يعني أنَّ الشخص غاضب بشدَّة. في الواقع يتم استخدام ذلك كموقفٍ دفاعي. فالذين يُصالبون أيديهم يدافعون عن أنفسهم من دون وعي منهم. قد لا يرغبون بالتحدث بعد الآن أو ربما يخفون أمراً لا يريدون الحديث عنه. إلا أنَّ مصالبة الذراعين تعني أنَّ الشخص يحاول أن يريح نفسه، وهذا يعني أنَّه لا يشعر بالراحة.
11. النظر للأعلى كنوع من الاحتفال:
عندما يفوز رياضي بمباراة أو يسجل هدفاً، فما هو أول شيء يقوم به؟ يرفع يديه وينظر للأعلى مباشرةً. هذه علامة على الفرح والسَّعادة والراحة. صحيح أنَّ الناس يمكن أن ينظروا للأعلى عندما يشعرون بالإحباط، ولكن غالباً ما يكون هناك مؤشرات أخرى تحدث قبل ذلك، وتُظهِرُ أنَّهم محبطون. ومن هنا ظهرت مقولة "أبقِ رأسك مرفوعاً - chin up" (ابتهج!).
12. الشعور بالدهشة:
هذا مؤشرٌ غاية في الوضوح ولا يحتاج لشرح؛ إلا أنَّنا في هذه المقالة نتحدث عن مؤشرات لغة الجسد الشائعة؛ فلا ضير من ذكره. عندما تزداد عيني أحدهم اتساعاً أو يرتفع حاجباه، فغالباً ما يدل ذلك على أنَّه قد تفاجئ أو صُدِمَ بأمرٍ ما. ولا يوجد أمرٌ آخر يُفسر سبب قيامه بذلك. وهو ما يجعل منه غايةً في الوضوح.
13. الالتفات يمنةً ويسرى لإيجاد شيءٍ أفضل للقيام به:
يمكن أن يُعبِّرَ الناس عن مللهم بشتَّى الطرق. وغالباً لا يتعمدون القيام بذلك، لكنَّهم يقعون بهذه الهفوة بطرقٍ عدَّة. إحدى هذه الطرق هي الالتفات يمنةً ويسرى عندما يشعرون بالملل. فإن كنت تتحدث إلى أحدهم وقام بذلك مراراً وتكراراً، فإنَّ ذلك يدل على أنَّ ذلك الشَّخص يبحث عن شيءٍ آخر ليقوم به بخلاف الحديث إليك.
تعتبر هذه علامة سيئة في معظم الحالات، سيما إن كنت تترأس اجتماع مجلس إدارة ويقوم موظفوك بذلك. لاحظ كيف يقوم الناس الآن بالتقاط هواتفهم وتفقد حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أو التحقق من بريدهم الإلكتروني أثناء حديثهم مع الآخرين، وذلك بعد أن شاع استخدام تلك الهواتف بين الناس. وهذا يحمل ذات التفسير في الغالب الأعم.
14. ضرب الأرض بالقدمين:
وحدهم الأطفال في الغالب من يقومون بهذا الأمر؛ ولكنَّ البالغين هم أيضاً ميالون لأن يتصرفوا بتلك الطريقة أحياناً. عادةً ما يحدث ذلك كتعبير عن الغضب، وهكذا يفسره غالبية الناس. إلا أنَّه يوجد سبب آخر للقيام بذلك؛ ألا وهو التَّرهيب. إذ يمكن أن يقوم الناس بضرب الأرض بقدمهم لكي يرهبوا أحد الأشخاص أو حيوانهم الأليف حتى. فكم من مرة قام الناس بذلك لتخويف كلابهم؟
15. النحنحة (تجرُّع الحلق):
يقوم الناس بذلك لأسباب عدة. فقد يكون أحدهم مريضاً ولديه بعض الأشياء عالقة في حلقه. إلا أنَّهم في الأحوال العادية، يقومون بذلك عندما ينفعلون أو يقلقون من أمرٍ ما. إن كنت تشاهد عرضاً هزلياً ولم يضحك أحد على النكات التي تم قولها، فغالباً ما ترى من ألقى تلك النكات يسعل أو يتنحنح في الميكروفون. إلا أنَّ لذلك استخدامٌ آخر؛ حيث يستخدمه الناس لإظهار انزعاجهم. فتراهم يستخدمونه أغلب الأحيان لإظهار أنَّهم غير مرتاحين بطريقةٍ أو بأخرى.
16. بروز الصدر له ما يفسره أيضاً:
هذا تصرف مأخوذ عن الحيوانات التي نجدها في الطبيعة (كالغوريلا مثلاً). إذ إنَّ قيام الشخص بإبراز صدره هو علامة على الهيمنة والجاذبية. وقد يقوم الرجال بذلك إن هم أرادوا أن يظهروا بمظهر الشخص القوي الذي يُرهب الآخرين. وهم يُظهرون ذلك في الغالب كلغة جسد عندما يلتقون بامرأة يحبونها.
ولا يقتصر الأمر على الرجال، فالنِّساء تقوم بذلك أيضاً ولكن لأسباب مختلفة؛ إذ يقمن بذلك لإظهار كم هُنّ جميلات. أما من حيث وتيرة القيام بذلك، فالأمر يتأرجح. إذ يُكثِرُ الرجال من القيام بذلك في حالة التَّرهيب، ويقومون به بوتيرةٍ أقل لإظهار جاذبيتهم. بينما تستخدمه النساء أكثر لإظهار جاذبيتهنَّ، وأقل إن هنَّ أردن ترهيب أحدٍ ما. لكنَّ استخدام مؤشر لغة الجسد هذا هو أمرٌ مشتركٌ بين كلا الجنسين، وفي كلا الحالتين.
17. انظر كيف تمشي:
لا تقتصر لغة الجسد على وضعيتي الجلوس والوقوف ساكناً؛ بل تتعدَّاها لتشملَ الطريقة التي يسير بها الناس. إذ غالباً ما تكون طريقة سير النَّاس أحد أكثر مؤشرات لغة الجسد وضوحاً، وإن كانت أقلَّ شُهْرَةً. فمن يمشون بخفة يبدونَ أكثر ثقة. أما من يركضون، فمن الواضح أنَّهم على عجلة من أمرههم للوصول إلى مكان ما (أو الابتعاد عن مكان ما).
أما وضعية الجسم السيئة أثناء المشي تظهر نوعاً من الإحباط، في حين أنَّ المبالغة في استخدام الأطراف أثناء المشي، يمكن أن تظهر أنَّهم غاضبون.
18. إغماض العينين:
بفضل العروض الهزلية في أيامنا هذه، أصبح إغماض العينين مؤشر لغة جسدٍ شائعاً للغاية. عادةً ما يستخدمه الناس لإظهار الإحباط والغضب ونفاد الصبر، فالأمر أشبه بأن يقوموا بإعادة ترتيب أفكارهم للتعامل مع المشكلة مجدداً.
لكن احذر. فبسبب الإفراط في استخدامها في السيناريوهات الكوميدية، قد يحاول الناس استخدامها كأداة للكوميديا. يمكنك أن تُفرِّقَ بين الأمرين عادةً.
19. يمكن لفركك لعينيك أن يُرسِلَ رسائل مختلطة:
إن كنت تتحدث مع شخص ما وقام بإزالة نظارته، وحكَّ أرنبة أنفه وفرك عينيه؛ فربما هو ليس براضٍ عمَّا قد قلته لتوك.
بشكل عام، تُستخدم لغة الجسد هذه للتعبير عن مشاعر التَّعب. غالباً ما تنشأ هذه العادة منذ سن مبكرة، حيث يقوم الأطفال طوال الوقت بفرك أعينهم عندما يكونون متعبين. وفي مرحلة البلوغ، غالباً ما يستخدم الأشخاص الذين لا يرضون بأمرٍ ما لغة الجسد هذه لإظهار عدم رضاهم ذاك.
20. التَّحديق:
هل تتذكر المرحلة الثانوية؟ كان معظم الناس في المدرسة إمَّا يُحَدّقون، أو يتم التحديق إليهم. لذا جميعنا على دراية بهذا النوع من التَّحديق. صدق أو لا تصدق، هناك سببان يدفعان الناس للتَّحديق. عامل الجذب هو أولهما، إذ قد يقوم الرجال أو النساء بالنظر بشكل متكرر إلى شخص ينجذبون إليه.
إلا أنَ السَّبب الثاني والأقل شيوعاً؛ هو التحديق من أجل فرضِ الهيمنة. فإذا كنت تحدق بشخص ما ويحدق بك في المقابل، فإنَّ أول من يكسر تلك النظرات يعتبر الأقل هيمنة.
في الختام....
إنَّ انتقاء 20 مؤشر فقط من مؤشرات لغة الجسد كان أمراً صعباً. إذ يوجد هناك المئات، إن لم يكن الآلاف من مؤشرات لغة الجسد. إذ إنَّ الرأس والعينين وطريقة الوقوف وحركة الجذع والذراعين والساقين واليدين والقدمين، وكذلك المشي والتحدث ويديكَ أمام فمك، وكل حركة يقوم بها جسمك تقريباً؛ قد تشير لشعورٍ أو إحساسٍ ما. لكن المشكلة الأعظم هي أنَّ غالبية الناس لا يعرفون أنَّ لغة الجسد يمكن أن تكون أمراً حساساً للغاية.
والأمر الأكثر روعة في لغة الجسد هو كيفيَّة توظيفها. إذ يمكنك الاستعانة بلغة الجسد لمعرفة ما إذا كان الشخص الذي تنجذب إليه ينجذب إليك في المقابل. وفي كثير من الحالات، خاصةً في مقابلات التوظيف؛ يمكن لأصحاب العمل المحتملين تحليل لغة جسدك لمعرفة ما إذا كنت واثقاً من نفسك.
يستخدم الجميع في كل مكان، لغة الجسد لإظهار مشاعرهم الحقيقية. وبمجرد ما إن تعلم ما تبحث عنه، يمكن للأفعال أن تكونَ حرفياً؛ أبلغ من الأقوال.
أضف تعليقاً