ما هي استطلاعات جس النبض؟ وكيف يستفيد منها أرباب العمل والموظفون؟

تستعمل مؤسسات عدة أحد مُصطلَحي "استطلاعات جس النبض" (Pulse surveys) و"الاستطلاعات الدائمة" (Always-on survey) - أو التي قد تُسمَّى أيضاً "التغذية الراجعة المستمرة" أو "التغذية الراجعة المباشرة" - في مكان الآخر.



ما هو استطلاع جس النبض؟

تُعرَف هذه الأنواع من الاستطلاعات بهذا الاسم لأنَّها "تجسُّ نبض" شركة أو مجموعة، وهي وسائل مفيدة في قياس التقدم والتحذير من المخاطر المحتملة وفهم التوجهات في تجربة الموظف وتعزيز العمل.

توفر استطلاعات جسِّ النبض القدرة على قياس التغذية الراجعة بسرعة واستمرار ضمن مجموعات معينة ومجموعات متفرعة منها؛ إذ إنَّها تسمح للشركات بالاطلاع على بيانات تفاعل الموظفين مباشرةً، التي يمكن التصرف بناءً عليها بسرعة.

تشترك استطلاعات جس النبض في أوجه تشابه عدة مع الاستطلاعات العشوائية السريعة (spot surveys)، ولكنَّها تختلف عنها اختلافيَن رئيسين:

  1. تحدث على فترات منتظمة أو مخططة أو مع مجموعات مُنظَّمة، وعادة ما تتضمن مجموعات كبيرة من موظفي الشركة، إن لم يكن جميع الموظفين.
  2. غالباً ما تَتبَع استطلاعات جس النبض الاستطلاعات الأخرى تتبُّعاً مدروساً وتُكمِّلها.

تُجرى استطلاعات جس النبض في بعض الأحيان في أعقاب "استطلاع تفاعل الموظفين" (Employee engagement surveys) الذي يُجرى كل عام؛ إذ إنَّها تعمل عملاً رائعاً للبحث عن معلومات مُحددة جداً أو متابعة المجالات التي تحتاج إلى معالجة.

على سبيل المثال:

وفي حين أنَّ هذا الأمر يبدو منطقياً ظاهرياً، إلا أنَّ استطلاعات جس النبض تشبه من الناحية التقنية استطلاعات مشاركة الموظف السنوية أكثر من الاستطلاعات الدائمة. يُعَدُّ اختيار أفضل طريقة لقياس مشاركة الموظف والتغذية الراجعة التي يقدِّمها أمراً هاماً جداً؛ ففي حين أنَّ استطلاعات جس النبض توفر فوائد، يجب أن تكون الشركات واضحة بشأن الطريقة الأفضل لقياس مشاركة الموظفين قياساً فعالاً يتماشى مع أهدافهم.

إذا أُجرِي استطلاع عن مشاركة الموظف كل عام، وأظهرت النتائج بوضوح أنَّ المدراء لا يأخذون الوقت الكافي لمنح الموظفين تغذية راجعة منتظمة عن أدائهم، فقد تنفذ الشركة عمليات تشجع المدراء على تقديم تغذية راجعة مستمرة.

بدلاً من انتظار استطلاع مشاركة الموظفين السنوي أو نصف السنوي التالي لفهم ما إذا كانت هذه الإجراءات فعالة أم لا، يمكن إجراء استطلاع جس نبض الموظفين كل شهر أو كل ربع سنة بحيث يركز على مجموعة الأسئلة المحددة هذه، بالإضافة إلى العناصر الهامة الأخرى التي حُدِّدت بواسطة الاستطلاع السنوي المتعلق بمشاركة الموظفين.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل الشركات مع إرهاق الموظفين؟

كيف يجب استعمال استطلاعات جس النبض؟

لقد وجدنا أنَّ العديد من المؤسسات تستعمل استطلاع مشاركة الموظفين السنوي لتحديد 3-5 إجراءات مُحددة يجب اتخاذها لتحسين تجربة الموظفين.

تُوضَع الخطط وتُرسل استطلاعات موجزة؛ أي أقل من 10 أسئلة عموماً، كل ثلاثة أشهر أو شهر لقياس التقدم المُحرز؛ إذ إنَّ السبيل لفهم فائدة هذه الاستطلاعات هو استيعاب أنَّها تستهدف الفئات الفرعية، ومن ذلك فريق فرعي أو مجموعة فرعية من الناس أو مجموعة فرعية من الأشخاص الذين أجروا الاستطلاع السنوي لمشاركة الموظفين، وما إلى ذلك.

إنَّ استطلاع جس النبض قادر على أخذ القيمة التي حصل عليها الاستطلاع السنوي للموظفين وتقسيمها إلى أجزاء صغرى وقابلة للتنفيذ بحيث يمكن اتخاذ الإجراءات؛ ومع ذلك، نظراً لعدد الأسئلة المحددة في الاستطلاع، قد لا توفر استطلاعات النبض المعلومات التي تحتاج إليها الشركات إذا استُعمِلت بوصفها استطلاعات قائمة بحد ذاتها.

على هذا المنوال، تجد بعض الشركات أنَّ مستويات مشاركة الموظفين لديها ثابتة عاماً بعد عام، وأنَّ خطط عملها اللاحقة تركز تركيزاً جيداً على "مواصلة ما نقوم به". بدلاً من إجراء استطلاع سنوي لمشاركة الموظفين، فإنَّ هدفهم يتمثل في مراقبة علامات الخطر قبل أن تتحول إلى مشاكل، فضلاً عن البحث عن حالاتٍ قد تثير القلق في المستقبل، مثل المشاكل مع الإدارة أو المدير أو مخاوف داخل شريحة من الموظفين أو التراجع المحتمل في أعداد الموظفين.

وقد وجدوا قيمة في القدرة على إجراء استطلاعات أقل شمولية غير مرة لمجموعات فرعية أو عينات من إجمالي الموظفين؛ في هذه الحالة، يعمل استطلاع جس النبض بوصفه مقياساً للتحذير، يشبه إلى حد كبير ضوء التحذير الموجود على لوحة عدادات قيادة السيارة.

على مدار العام، ستُستَطلَع آراء الموظفين معظمهم أو جميعهم؛ فمع أنَّ بحثنا وجد أنَّ الشركات معظمها 87% التي تُجري استطلاعات جس النبض، ما تزال تعتمد على إجراء استطلاع سنوي لمشاركة الموظفين لإجراء تحليل أكثر شمولاً، وجد آخرون 13% أنَّ استطلاعات جس النبض وحدها كافية.

ومن الاستعمالات الشائعة الأخرى لاستطلاعات جس النبض هو جمع معلومات مُحدَّدة عن الخبرات عبر دورة حياة الموظف (ELC)؛ وهذا يشمل فهم أحداث دورة حياة الموظف مثل تعيين الموظف أو تأهيله أو الانتقال من موظف عادي إلى مشرف أو الخروج من المنظمة. يصل هذا النهج المستهدف إلى الموظفين معظمهم في الأجزاء الهامة من سجل دورة حياة الموظف، بدلاً من إجراء استطلاع أوسع لجميع الموظفين في الوقت نفسه.

إقرأ أيضاً: 3 خطوات للتغلب على مخاوف الموظفين

فوائد استطلاعات جس النبض:

تُعَدُّ استطلاعات جس النبض آليات فعالة لتحديد التقدم المحرز في مبادرات محددة تُنفَّذ نتيجة لاستطلاع أو تجارب كبرى عبر دورة حياة الموظف؛ وبهذا المعنى، فإنَّها توفر ميزة الاستطلاعات المستمرة؛ أي الاستجابة المتكررة، دون التضحية بجودة المعلومات الواردة. من خلال مقارنة نتائج استطلاع بنتائج استطلاعات أخرى، يمكن للشركة أن تقيس بفاعلية ما إذا كان التغيير قد حدث وما إذا كانت الإجراءات المتخذة قد آتت أُكُلها.

تُعَدُّ استطلاعات جس النبض فعالة أيضاً بوصفها مؤشراً للتواصل أو مؤشرات التحذير أو كما يوحي الاسم، لتبقى على اطلاع بالتغييرات والتحسينات التي تجري داخل الشركة.

عادة ما تكون استطلاعات جس النبض أقل تكلفة لكل إدارة. نظراً لأنَّها تستند عموماً إلى النظام التكنولوجي نفسه الذي يدعم استطلاعات مشاركة الموظفين التقليدية في المؤسسة، يمكن أن تكون إدارتها سهلة إلى حد ما؛ إذ يمكن أن تستهدف هذه الاستطلاعات بدقة العناصر التي حُدِّدت من خلال استطلاع مشاركة الموظف السنوي؛ وذلك لأنَّها تستطلِع الجمهور العام نفسه، ويمكنها تحديد التغيُّرات أو الاتجاهات في مجموعات أو فرق أو وظائف أو أقسام إدارية معينة.

شاهد بالفيديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

هل يمكن أن تكون استطلاعات جس النبض ضارة؟

غالباً ما تُستعمل استطلاعات جس النبض لمتابعة العناصر الهامة، مثل الأحداث على مستوى دورة حياة الموظف، أو المشاكل التي حُدِّدت من خلال استطلاع مشاركة الموظف السنوي.

في أثناء إجراء استطلاع جس النبض، تخبر إحدى الشركات موظفيها

  • "لقد سمعنا ما قلته ونحن مهتمون بأن نعرف مستوى أدائنا"

ولكنَّ، الرسالة التي تصل إلى الموظف هي:

  • "تعتزم الشركة التصرف بناءً على التغذية الراجعة التي نقدمها؛ لذلك يمكننا أن نتوقع رؤية بعض التغييرات".

في حين أنَّ هذا الأمر برُمته يُعَدُّ إيجابياً جداً بالنسبة إلى الشركة التي تميل إلى أخذ التغذية الراجعة في الحسبان، إلا أنَّ الشركة التي تواصل إجراء استطلاع عن المشكلات التي حُدِّدت مسبقاً، ولكنَّها لا تفعل الكثير لإحداث التغيير، يمكن أن تفوق أضرار ما تفعله فوائده.

هناك خطر آخر في استطلاعات جس النبض - وهو أقل وضوحاً هنا من الاستطلاعات الدائمة أو الفورية - وهو احتمال الإرهاق الناجم عن الاستطلاعات؛ إذ إنَّ إجراء استطلاعات دائمة، لا سيما مع اتخاذ قليلٍ من الإجراءات أو عدم اتخاذ أي إجراء بينهما على الإطلاق، يكون أكثر ضرراً من عدم القيام باستطلاع على الإطلاق؛ فالتوازن هو الشيء الأساسي.

في حين أنَّ استطلاعات جس النبض فعالة في تقييم شرائح من الموظفين عبر فترات زمنية، إلا أنَّها لا توفر كثيراً من البيانات القابلة للتنفيذ التي يوفرها استطلاع مشاركة الموظف السنوي؛ ويرجع كثيرٌ من هذا إلى فكرة أنَّ استطلاعات جس النبض أقصر بكثير، وأنَّ آراء الموظفين لا تُستطلَع جميعها عادة في الوقت نفسه.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات لإحداث التغيير الإيجابي وزيادة سعادتك في وظيفتك

استطلاعات النبض هي مقاييس للتقدم:

تُعَدُّ استطلاعات جس النبض مقاييس ممتازة ومنهجية للتقدم. عند مقارنتها مع غيرها من منهجيات استطلاع الموظفين الأخرى، يمكن استعمال استطلاعات جس النبض استعمالاً فعالاً لقياس التقدُّم والمجالات الرئيسة لتجربة الموظف.

من وجهة نظر الموظف، عندما يُتَّخذ إجراء، يمكن للفريق أن يرى أنَّ الشركة أخذت التغذية الراجعة على محمل الجد، وتعمل بنشاط لخلق تجربة موظف إيجابية جداً؛ إذ تكتسب الشركة صورة واضحة عن النقاط الهامة - الإيجابية والسلبية - ويمكنها تعديل الإجراءات تعديلاً جيداً بناءً على تلك التغذية الراجعة؛ ومع ذلك، فإنَّ تكرار استطلاعات جس النبض يمكن أن يكون أيضاً أمراً غير صائب، إذا لم يُستعمَل استعمالاً فعَّالاً.

لا تُجرِ الكثير من الاستطلاعات:

مع أنَّها لا تقتصر على استطلاعات جس النبض، إلا أنَّ الاستطلاعات التي تُجرى في غضون فترات زمنية قصيرة؛ أي ثلاثة أشهر أو أقل، قد لا تتيح الوقت الكافي لتُبيِّن للموظفين أنَّ تغذيتهم الراجعة تُؤخذ على محمل الجد، وأنَّها تُستعمَل لإحداث التغيير، وقد يؤدي هذا إلى عدم الثقة بالتزام المنظمة بالتغيير.

علاوة على ذلك، قد تكون التغييرات في البيانات الإحصائية من فترة زمنية إلى أخرى - ربع إلى ربع أو شهر إلى شهر - صغرى، ومن الصعب تحديد ما إذا كانت هذه التغييرات ناتجة عن إجراءٍ مقصود أو بسبب تباين طفيف في البيانات؛ وهذا يشبه إلى حد ما الوقوف على الميزان كل يوم وتوقُّع حدوث تغييرات كبرى - وعندما ترى تغييراً ما، فإنَّ هذا الأمر يذكرك بأنَّ الوزن يمكن أن يتقلب بمقدار 5 كيلوغرامات - كما يمكنك أن تتخيل، فإنَّ هذا العيب ينطبق أيضاً على الاستطلاعات المستمرة.

كما هو الحال مع أي استطلاع، ينبغي عدم إجراء استطلاعات جس النبض بشكل متكرر يفوق قدرتك على تنفيذ خطط العمل.

استطلاعات جس النبض ليست شاملة:

اكتسبت استطلاعات جس النبض شعبية متزايدة؛ نظراً لجدوى إجرائها مع استطلاعات أكثر شمولاً. من خلال الإعداد والإدارة السريعة، تتمتع استطلاعات جس النبض بالقدرة على توفير تحليل إضافي لمعلومات محددة.

ومع ذلك، لا ينبغي عد استطلاعات النبض شاملة، من حيث إنَّها محدودة في عدد الأسئلة / العناصر التي تُتناول، أو المجموعات التي تُستطلَع آراؤها.

عند استعمالها لجمع المعلومات من خلال دورة حياة الموظف، يجب اعتبار البيانات بمنزلة مدخلات لفهم تجربة الموظف الإجمالية؛ فعند استعمالها لقياس التقدم في المبادرات، فإنَّها تكمل استطلاع المرتكزات التقليدية لمشاركة الموظف.

نوصي باستعمال التقنية نفسها التي تُستعمَل لإدارة استطلاعات الموظفين السنوية في استطلاعات جس النبض. سيؤدي القيام بذلك إلى توفير الوقت في تحديد الهيكل التنظيمي - الأقسام والوظائف ومَن يتبع إلى مَن، وما إلى ذلك - لاستعماله في الإبلاغ عن نتائج الاستطلاع، وسيتيح أيضاً إجراء مقارنة مباشرة بين نتائج الفترات الزمنية التي أُجريَت فيها الاستطلاعات، دون زيادة صعوبة العمل مع أنظمة متعددة.

المصدر




مقالات مرتبطة