تحدِّد عاداتُك اليومية مستوى طاقتك؛ فإن كنتَ تتَّبع عادات صحية وبنَّاءة، ستشعر بالنشاط والحيوية، وتصبح أكثر قدرةً على تحمُّل الإرهاق الجسدي والذهني والنفسي، أمَّا إن كانت عاداتُك خاطئةً وغير متناسقة، ستدخل في دوَّامة من الإرهاق والشعور بالسوء إلى أن تصلَ لمرحلة الكفاح من أجل إكمال يومِك فقط دون القيام بأي إنجازٍ خلالَه.
سنعرض فيما يأتي تسعَ عاداتٍ يمكنك العمل على تغييرِها لزيادة شعورك بالطاقة:
1. النوم باكراً:
النوم هو الركيزة الأساسية للطاقة؛ ومن ثمَّ عند عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، ستبدأ بالتقصير في أداء مهامك، وفي حين يدَّعي بعض الأشخاص أنَّهم يقدِّمون أفضل ما لديهم في العمل بعد النوم لست ساعات أو أقل، تقول الأبحاث إنَّهم يُخادعون أنفسَهم؛ فمن اللازم تقريباً الحصول على سبع أو ثماني ساعات من النوم كي تبقى صافي الذهن والتركيز حتى نهاية اليوم.
قد يسبب الحرمان من النوم لدى بعض الأشخاص نوعاً من الجمود الذهني؛ بمعنى أنَّهم يشعرون بقليل من التعب فقط على مدار اليوم دون أن يُدرِكوا مدى سوء حالتهم، وقد أظهرَت إحدى التجارب أنَّ الحرمان من النوم قد سبَّب تدهوراً مستمرَّاً في النشاط الذهني والأداء الفكري لدى الأفراد المُشاركين فيها مع إحساسهم بالاستقرار والثبات.
إذاً، لزيادة مستوى طاقتك؛ جرِّب الخلود إلى النوم في الساعة 10 مساءً كلَّ يوم، حتى في العطلات، لمدة الثلاثين يوماً القادمة وستلاحظ الفرق.
2. ممارسة التمرينات الرياضية يومياً:
تُعَدُّ التمرينات الرياضية استثماراً ناجحاً لزيادة طاقتك ونشاطك على الأمد الطويل؛ ولن تلاحظَ أي فرق عند التوقُّف عن ممارستها لمدة قصيرة، إلَّا أنَّ لياقتك البدنيَّة بصورة عامة ستنخفض مع مرور الوقت، مما يصعِّب عليك التفكير بطريقة صحيحة والمحافظة على اليقظة والانتباه على مدار اليوم.
إن كنتَ تعاني من صعوبة في إيجاد الوقت لممارسة التمرينات الرياضية، فليس الذهابُ إلى النادي الرياضي شرطاً أساسياً لذلك؛ بل يمكنك تعويد نفسِك على ممارسة بعض تمرينات الضغط، أو تمرينات البيربي - وهي تمرينات لكمال الأجسام وتتجلى بأربع خطوات: الوقوف، والقرفصاء، ومد الساقين بحركة واحدة سريعة، ومن ثمَّ القرفصاء، وبعدَها الوقوف من جديد - يومياً؛ إذ تساعد هذه التمرينات على تسريع نبضات القلب، وتنشيط الدورة الدموية في الجسم، وهي لا تتطلَّب تخصيص ساعتين من وقتك خلال يومك الحافل بالمشاغل.
يمكنك التسجيل في النادي الرياضي، أو دروس اللياقة البدنية، بالإضافة إلى الالتزام بهذه العادة الأساسية، والتي ستمكِّنك من الحفاظ على ذكائك ونشاطك الفكري حين لا تتمكَّن من الالتزام بالذهاب إلى النادي.
3. أخذ قيلولة لمدة 20 دقيقة:
قد تبعثُ القيلولة على الشعور بالكسل، لكن تُظهِر الأبحاث امتلاكَها للفوائد الفكرية والمعرفية إلى حدٍّ ما؛ وخصوصاً للطلاب الذين يدرسون ويتعلَّمون؛ إذ تساعد الفترات القصيرة من النوم على تقوية الذاكرة.
لقد اعتادَ الناس على الشعور بالذنب عند أخذ قيلولة؛ إذ عدُّوها علامةً تدلُّ على الضعف، ولكنَّها الآن مصدرٌ للقوة بكل تأكيد؛ إذ تمكِّنك قيلولةٌ قصيرة من العودة إلى عملك بنشاط في فترة ما بعد الظهر والتي من المُفتَرَض أن تشعر بالإرهاق خلالَها، وفي حال عملِك في مكتبٍ لا يُتيح وقتاً لأخذ غفوة ظهراً، تستطيع استغلالَ استراحة الغداء للاستمتاع بقيلولة قصيرة.
لكنَّ الأهم من ذلك كلِّه هو تعلُّم كيفية تحديد مدة القيلولة؛ إذ يستغرق معظم الأشخاص وقتاً طويلاً في قيلولتهم فيدخلون بذلك في مرحلة النوم العميق، وهذا يُسبِّب استيقاظهم وهم يشعرون بالخمول والتعب أكثر ممَّا سبق، مع أنَّ فوائد هذه الطريقة تبدأ بالظهور غالباً بعد تلاشي الخمول والترنُّح الذي يشعرون به في بداية استيقاظهم؛ لذا عليك النُّهوض مباشرةً بمجرَّد سماع صوت المنبِّه، لأنَّ الغفوة السريعة قد تتحوَّل إلى نوم عميق وطويل حالما تبدأ بزيادة مدة القيلولة.
إذاً، جرِّب أخذَ قيلولةٍ لمدة 20 دقيقة بعد تناول الغداء لاستعادة نشاطك وطاقتك في فترة ما بعد الظهيرة.
4. إنجاز الأعمال التي تتطلَّب مجهوداً في الصباح:
تعمَّدْ القيامَ بعملك الأكثر أهمية خلال الساعات الأربعة الأولى في بداية اليوم وبأسرع ما أمكن؛ إذ تتجلَّى فوائد هذه الطريقة وتأثيراتها في مستويات طاقتك من ناحيةٍ نفسية؛ إذ يعتمد مستوى النشاط والشعور بالحيوية والطاقة على الحالة المزاجية، فإن أنجزتَ أعمالك الهامَّة أوَّلاً، ستشعر بالإيجابية لاستثمارك الوقت بالطريقة المُثلى، أمَّا إن قمتَ بإضاعة الوقت في الرد على رسائل البريد الإلكتروني، وتلقِّي المكالمات وغيرها، أو فشلْتَ بتحقيق أعمال قيِّمة صباحاً، ستصبح مُرهَقاً ومُحبَطاً خلال النصف الثاني من يومك.
السبب الآخر لاتِّباع هذه العادة هو أنَّنا غالباً لا نستطيع تحمُّل القيام بالأعمال المُجهِدة التي تتطلب منَّا تركيزاً وانتباهاً كاملاً على مدار اليوم، ولذلك من الأفضل التركيز عليها ضمن مدة زمنية مُحدَّدة بدلاً من إجرائها عشوائياً على فترات زمنية متعددة.
إذاً، حوِّل الساعات الأربع الأولى من الصباح إلى فترة عمل هادئة وبعيدة عن مصادر تشتيت الانتباه.
5. وضع مُخطَّط للأهداف في اليوم السابق:
تنبع الطاقة غالباً من الاندفاع الداخلي لدى الشخص، فإن بدأْتَ يومك بالعمل بجهدٍ أكبر ستتغلَّب على المماطلة أو التأجيل التي قد تمنعك من استثمار وقتك بنجاح خلال اليوم، وستصنع منه يوماً مُنتِجاً بامتياز، أمَّا عندما تبدأهُ بالعمل ببطءٍ، ستجد نفسَك في صراعٍ ضد رغباتك ونزواتك، وهذا يُضيِّع طاقتك ومجهودك على أمور تافهة وغير مُثمِرة.
يمكنك وضعُ مُخطَّط واضح لأهدافك، وخصوصاً ما تعتزم القيام به في بداية اليوم تحديداً وذلك في الليلة السابقة كي تتجنَّب التخبُّط والضياع بين مشاغلك خلال اليوم؛ إذ يُساعدك تخيُّل مجريات يومِك وكتابتها ضمن جدول أعمالك على تنفيذها بصورة تلقائية عند استيقاظك.
إذاً، دوِّن مُخطَّطاتك لليوم التالي قبل خلودك للنوم وتخيَّل حدوثَها.
شاهد: 7 طرق طبيعية لتعزيز الطاقة
6. تسويق أهدافك الخاصة لإقناع نفسِك بها:
يؤمن معظمنا بنوعَين متناقضَين من المُعتقَدات في نفس الوقت، أولهما أنَّ المسوِّقين الآخرين بارعون جداً في إقناعِنا بالقيام بشتَّى أنواع الأمور التي لم نكُن لنقوم بها لولاهم، وثانيهما هو عدم قدرتِنا على تغيير دوافعنا وتحفيز أنفسنا للقيام بما يجب علينا فعلُه.
الحقيقة أنَّه ينبغي لكلٍّ منَّا أن يعمل بوصفه مندوبَ مبيعاتٍ، يسوِّق أهدافَه الخاصة ليُقنعَ بها نفسَه، وليس الآخرين؛ إذ يبدأ كلُّ ذلك بالإطار الذي يغلِّف أهدافنا ومشاريعنا والذي يمكن أن يؤثر تأثيراً عظيماً في الحماسة والدافع داخلنا، وربَّما يبدو هذا أمراً واجباً لبعضٍ منا، في حين يراه آخرون كتحدٍّ مشوِّق، ومن ثمَّ يأتي دور تجديد النشاط، وتذكير أنفسنا بالأشياء التي تُلهِمنا؛ كالأسباب التي جعلتْنا نسلك هذا الطريق من البداية، والأهداف التي كنَّا نطمح لتحقيقها.
قد يعلم مندوبو المبيعات البارعون كيفية جعل الزبائن يتصوَّرون ما يرغبون فيه لزيادة أرباحهم، ومن ثمَّ يمكننا الاقتداء بهم وتركيز طاقتنا ونشاطنا لتنفيذ ما نرغب في تحقيقه فعلاً.
إذاً، خصِّص 10 دقائق من وقتك يومياً للتفكير فيما تساعدك أفعالُك اليومَ على تحقيقه للمستقبل.
7. محاولة الحصول على أصدقاء أفضل:
قد لا نتمكَّن من اختيار والدَينا وزملائنا وأرباب عملِنا، ولكنَّنا نستطيع انتقاء نوعية الأصدقاء الذين نريدهم في حياتنا؛ فقد يُشعِرك الحديث مع بعض الأصدقاء بالحماسة والنشاط، في حين يؤثر الحديث مع غيرهم تأثيراً سلبياً في حالتك المزاجية ليجعلَك أسوأ بكثير.
ليس عليك الاستغناء عن أصدقائك الذين يمرُّون بأوقات عصيبة مؤقَّتة في حياتهم، لكن عليك اختيار الأصدقاء الذين تقضي وقتك معهم بعناية؛ إذ يوجد أشخاص يعدُّون مشاعرهم ومشكلاتهم العاطفية وحدها أساساً للعلاقة القائمة بينكما غير آبهِين بأحاسيسك ومشكلاتك؛ فكلٌّ منَّا يحتاج إلى شخص يشعر معه بالأمان العاطفي ويشاركه أوجاعه، إلَّا أنَّ بعض الناس يتوقَّعون منك أن تكون ملجأهم العاطفي باستمرار دون أن تتمكَّن من مشاركة همومك معهم.
إذاً، حدِّدْ فترةً زمنية مُعيَّنة للأصدقاء الذين يستنزفون طاقتك ومشاعرك.
8. قراءة نوعية أفضل من الكتب:
إنَّ تعزيز العقلية الذي يحدث غالباً على مستوى اللاوعي يُعدُّ من أعظم فوائد قراءة الكتب، وليس فقط استخلاص الأفكار والمعلومات منها بسهولة؛ وإنَّ أفضل الكتب هي التي تغيِّر بمهارةٍ نمط تفكيرك بالكامل، وليست التي تعلِّمك الحقائق.
يمكن أن تكون الكتب الصوتية مفيدة جداً في ذلك، لأنَّه يمكنك الاستماع لها مراراً وتكراراً في أثناء التنقُّل يومياً، وأفضلُ كتابٍ لهذه الغاية هو الذي يعدِّل تفكيرَك تلقائياً نحوَ الأشياء التي ينبغي لك العمل جاهداً لأجلها عندما تستمع له، ويمكن للأغنية الجميلة أن تكون الخلفيَّة التي يحدث في إطارها عواطف معيَّنة، ويمكن كذلك للكتاب الجيد أن يشكِّل الأساس لامتلاكك طاقة تفكيرٍ معيَّنة.
إذاً، عليك دوماً امتلاك كتاب صوتي يحفِّزك ويُثير حماستك للعمل على أهدافك.
9. تنظيم حياتك:
لا تُعَدُّ العادة الأخيرة عمليةً تُجرَى على مرحلة واحدة، وإنَّما جهداً مستمراً لإخراج العناصر الحياتية المختلفة من حالة الصراع التي تعيشها، ومن ثمَّ توحيد جهودها معاً؛ إذ تضيع وتُهدَر الكثير من الطاقة بسبب صراع الأجزاء المختلفة - الداخلية والخارجية - في حياتنا والتي قد تتمثَّل في زميلك في العمل الذي لا يرغب في حصولك على ترقية، أو أصدقائك الذين يسخرون من أحلامك وأهدافك، أو مخاوفك الداخلية وافتراضاتك المُسبَقة التي تُبقِيك مُتردِّداً.
لذلك، عليك استثمار بعضٍ من وقتك لفكِّ عُقَد الصراعات المختلفة في حياتك، ومحاولة إيجاد الحلول لها، ويمكنك أحياناً القيام بذلك خلال فترة قصيرة من خلال تغيير ما، في حين يتطلَّب أحياناً وضعَ خطة طويلة الأمد للتخلُّص من البيئة السامة أو الدائرة الاجتماعية أو النظام العقائدي الذي يمنعك من التقدُّم.
إذاً، اجلس لمدة ساعةٍ تقريباً، وفكِّر في كل الأشياء التي تساعدك على إنجاز أهدافك، وكل الأشياء التي تعوق تطوُّرك وكيفيَّة التخلص منها.
أضف تعليقاً