فالنوم له أثر كبير على صحّتنا الجسديّة والنفسيّة والعقليّة، كما تَبيَّن أنّ له أثر هائل على القدرة الإنتاجيّة لنا كأشخاص عاملين. لذلك إذا أردت أن تُغيِّر طريقة تفكيرك تجاه أهميّة النوم لوقتٍ كافٍ تابع معنا المقال التالي.
أولاً: ما هي عدد الساعات التي يحتاجها جسمنا من النوم؟
جميعنا نحتاج لساعات كافية من النوم، وغالباً ما يحول دون ذلك تناولنا للمنبهات بكثرة أو استخدام أجهزة الموبايل أو حتّى النوم في مكان غير مريح. وكقاعدة عامة، إذا استيقظت متعباً وأمضيت يومك راغباً في الحصول على فرصة لأخذ قيلولة، فقد يكون السبب أنّك لا تحصل على نومٍ كافٍ. فيحتاج البالغ تقريباً 8 ساعات للنوم وبشكل عام عدد الساعات التي يحتاجها الشخص يختلف من فئة عمرية لأخرى وهي كالتالي:
وهذه الساعات هي نتيجة بحث جديد قامت به مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية National Sleep Foundation، حيث قامت بتحديث ساعات النوم المُتعارف عليها والتي يٌنصح بها للأشخاص كُلّاً وفق فئته العمرية، وذلك بعد دراسة دامت أكثر من سنتين، من قبل 18 عالم وباحث.
ثانياً: أضرار قلّة النوم على الصحّة
- الحرمان من النوم يؤثِّر على الجهاز العصبي، فأثناء نوم الإنسان يتم تشكيل مسارات الخلايا العصبية في الدماغ التي تساعده على تَذَكُّر المعلومات الجديدة التي تعلَّمها، والتي تؤدِّي قلّة النوم لتعطليها عن أداء مهامها، كما أنّ الإشارات بين الخلايا قد تتأخَّر، مِمَّا يؤثِّر على تصرُّفات الإنسان واستجابته لكل المواقف التي يتعرَّض لها.
- كما تؤثِّر قلّة النوم على الحالة المزاجيّة والعاطفيّة للإنسان، فقد يُعاني من التوتُّر ومن تقلُّبات مزاجيّة حادّة كالعصبيّة والشعور بالخمول والإحباط إضافة للحدّ من القُدرة على التركيز والتفكير.
- قلّة النوم قد تؤثِّر على جهاز المناعة. حيث يساعد جهاز المناعة على حمايتك من البكتيريا والفيروسات والوقاية من الأمراض، وقد تتأثَّر قدرة جهازك المناعي بسبب قلّة النوم، وبالتالي تكون أكثر تعرُّضاً للإصابة بالأمراض.
- أثبتت دراسة حديثة أنَّ قلّة النوم تُضاعِف من خطر الموت المُبكِّر بمعدَّل ثلاث مرّات، كما أنّها تؤدّي في حالاتها المزمنة إلى تغيير كبير في الشخصيّة وإلى الإصابة بأمراض كالاكتئاب والسُمنة وأمراض القلب وغيرها.
- قلّة النوم ترتبط بمرض السكّري، حيث توصّلت دراسة حديثة اكتشف فيها العلماء ارتفاع نسبة السكّر لدى من يعانون من اضطرابات النوم المزمنة. وبحسب نتائج الدراسات، ظهر أنّ فاعلية الأنسولين تتراجع، أي أنّ نسب السكّر في الدم ترتفع.
- قلّة النوم تؤدّي إلى اضطراب الهرمونات في الجسم، فإنتاج هرمون التستوستيرون يحتاج لنوم 3 ساعات متواصلة، كما أنّه يؤثّر أيضاً على إنتاج هرمون النمو، خاصةً بالنسبة للأطفال والمراهقين، وهذه الهرمونات هامّة جداً لبناء العضلات، وإصلاح خلايا الجسم.
- قلّة النوم تؤثّر بشكل مُضِر على الدماغ. حيث توصّلت الدراسات والبحوث إلى أنّ نقص النوم المُتراكم له آثار حقيقيّة وخطيرة على الدماغ، حيث أنّ النوم القليل ارتبط بالهبوط الإدراكي لدى الأشخاص وفقدان الذاكرة، وربّما حتّى بالإصابة بمرض الزهايمر.
- إنّ قلّة النوم لفترات طويلة ومتتابعة يؤدّي إلى شحوب لون الجلد وبهتانه وانتفاخ العينين، وظهور التجاعيد مُبكِّراً، والهالات السوداء التي تُشوِّه جمال البشرة، وذلك لأنّ قلّة النوم تؤدّي إلى زيادة إنتاج هرمون التوتُّر والإجهاد، بسبب تقليل الكولاجين المسؤول عن الحفاظ على نضارة البشرة وحيويتها.
ثالثاً: أثر النوم على الإنتاجية
هناك الكثير من الدراسات والأبحاث الحديثة التي تقول أنّ جداول مواعيد العمل التي نلتزم بها صباحاً لا تتوافق مع إيقاع الساعات الطبيعية لأجسامنا، ويطالب الخبراء أرباب العمل بضرورة الانتباه لهذه النقطة.
فوفقاً لتقرير أُعدَّ من قِبَل أستاذ في مجال الإدارة في "كليّة فوستر لإدارة الأعمال" بجامعة واشنطن بالولايات المتحدة. أشار إلى أنّه عندما تتوافق مواعيد جداول أعمالنا مع الأنماط الطبيعيّة لنومنا فإنّنا نُقدِّم العمل بجودةٍ أفضل وأكثر ابتكاراً، لأنّ النوم الجيِّد يجعلنا أكثر تركيزاً على المهمّات المتعلِّقة بالعمل، كما أنّنا نكون أقل شعوراً بالتوتُّر ونتمتّع بصحةٍ أفضل بشكلٍ عام.
وعلى العكس، فحينما يتم حرمان العاملين من النوم فإنّهم يكونون أكثر عرضة لارتكاب أخطاء جسيمة ويتعرّضون أكثر لإصابات العمل. وفي الحقيقة أنّ وقت العمل في العديد من الشركات يبدأ ما بين الساعة الثامنة أو التاسعة صباحاً، ممّا يجعل أوقات وجداول مواعيد العمل تتعارض مع الساعات البيولوجية للعاملين لديها.
ويدفع هذا التعارض، بالإضافة إلى ضغط العمل لزيادة الانتاجية والتواجد طوال ساعات الليل، الكثير من الاشخاص إلى أن يعانوا "الاضطراب الاجتماعي". أي أنّ أجسامهم تكون دائماً وأغلب الوقت في التوقيت الزمني الخاطئ. وحسب تقديراته، فإنّ أكثر من 70% من الناس يستيقظون في أوقاتٍ أبكر ممّا ينبغي إذا كان الهدف المرجو هو أن يرتاحوا بشكلٍ جيّد ويقدّموا أفضل أداء في مهماتهم.
ويُظهر تقرير بحثي يعود لمؤسّسة راند أنّ الناس الذين ينامون أقل من ست ساعات في الليل يُعتبرون أقلّ إنتاجيّة بنسبة 2.4%، وذلك مقارنةً مع إنتاجيّة الذين ينامون بين سبع وتسع ساعات. كما أنّ النوم غير الكافي يزيد خطر الأمراض المُعْدِيَة، مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا، ويؤدّي أيضاً إلى صعوبة التركيز لدى العاملين، وترتبط قلّة النوم أيضاً بارتفاع معدَّل الوفيّات.
رابعاً: فوائد النوم لوقتٍ كاف
إنّ النوم لوقتٍ كافٍ له العديد من الفوائد التي ستنعكس على صحّتك بشكلٍ عام نذكر منها:
- الراحة والاسترخاء: وذلك بإعطاء فرصة للمخ والعضلات للراحة والتعافي من عناء يومٍ طويل وشاق والذي يُعتبر من أهم وظائف النوم.
- النوم يُساعد على إفراز هرمون النمو: والذى يعمل على تجديد الأنسجة وتعويض التالف منها وتقوية جهاز المناعة.
- النوم يؤّثر على الذاكرة والتعلُّم: حيث أجرى العلماء كثير من التجارب المثيرة والتي أثبتوا من خلالها أنّ النوم يُحافظ على الذاكرة ويقوّيها، حيث يقوم المخ خلال المرحلة الثانية من النوم REM بمراجعة وتصنيف المعلومات التي حصل عليها أثناء النشاط اليومي. وقد أثبتت التجارب الدور الذي يقوم به النوم في عمليّة التذكُّر والتّعليم، حيث استنتج العلماء أنّ النوم ليلاً بعد التدريب مباشرةً له أكبر الأثر في اكتساب الخبرات والمعارف وتثبيتها.
- النوم يزيد الإثارة الجنسيّة: حيث أظهر الباحثون أنّ الرجال والنساء الذين لا يحصلون على نومٍ جيد وكافي لديهم شبق مُنخفض واستمتاع أقل في الجنس.
- يزيد النوم الخصوبة: حيث يمكن أن تؤدّي قلّة النوم إلى صعوبة الحمل بطفل وهي أحد آثار الحرمان من النوم عند كلّ من الرجال والنساء. ويبدو أنّه يمكن لاضطرابات النوم الاعتياديّة أن تُسبِّب مشاكلاً في الحمل عن طريق تقليل إفراز الهرمونات التناسليّة.
خامساً: نصائح لنوم أفضل
عموماً هناك عدد من النقاط الرئيسيّة التي يجب مراعاتها للحصول على نوم بشكل أفضل ويمكن تعدادها كالتالي:
- تجنّب تناول المشروبات الكحوليّة، فعلى الرغم من أنّها قد تجلب النوم في البداية إلّا أنّه بمجرد أن يقل تأثيرها يصبح النوم قلقاً مُتقطّعاً.
- الابتعاد عن تناول الكافيين caffeine قبل النوم بحوالي 4-6 ساعات، لأنّ حوالى 50% من الكافيين الذي استهلكته في السابعة مساءً يظل بجسمك حتّى الحادية عشرة، وتذكّر أنّ الكافيين يوجد في كثير من المشروبات (القهوة، الشاي، المشروبات الغازية، الشوكولا داكنة اللون نصف المحلاة).
- ويمكنك استبدال هذه المشروبات ليلاً بمشروبات تساعدك على الاسترخاء وتهدّئ أعصابك كشاي البابونج، الذي أثبت فعاليته في تحسين النوم والاسترخاء.
- امتنع عن التدخين قبل النوم حتّى تتلافى التأثير المُنبِّه للنيكوتين.
- تجنَّب الوجبات الثقيلة والتوابل قبل النوم، لأنّ هذه الوجبات يمكن أن تُسبِّب حرقة في المعدة وبالتالي الأرق.
- إذا كنت ممّن يشعر بالجوع قبل النوم ولا تستطيع النوم بسبب ذلك فحاول قبل أن تنام تناول بعض الأغذية الخفيفة مثل الزبادي أو الحبوب مع اللبن.
- لا تتناول كثير من السوائل قبل النوم على الأقل بساعة ونصف حتّى لا تقلق في منتصف الليل بسبب حاجتك للتبول.
- تأكّد من أنّ الإضاءة جيّدة ومناسبة للنوم بشكل مريح وأنّ ودرجة الحرارة مناسبة، وحاول أن تنام على وسادة وفراش مريحان.
- مارس الرياضة بانتظام، حيث أنّ ممارسة التمرينات الرياضيّة المنتظمة تساعدك على التمتّع بنوم جيد، خاصة إذا كانت قبل النوم بحوالي 3-6 ساعات. حاول أن تتجنَّب ممارسة التمارين الرياضيّة قبل النوم مباشرةً لأنّها ستؤدّي إلى نتيجة معاكسة، وأنت لا تريد ذلك حتماً.
- حاول أن تتجنّب مشاهدة أيّ أفلام مثيرة أو مرعبة وينطبق ذلك أيضاً على القراءة، وذلك لتتمتّع بنوم هادئ خالٍ من الكوابيس والأحلام المزعجة.
- حاول أن تأخذ نفساً عميقاً وهادئاً عند النوم لخمس مرات، فذلك من شأنه أن يريح جهازك العصبي.
- آخر وأهم نصيحة أغلق جميع الأجهزة التي من شأنها أن تًقلِق راحتك ونومك بشكلٍ هادئ ومسترخ ومنها التلفاز وأجهزة الموبايل.
المصادر:
أضف تعليقاً