ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "دين بوكهاري" (Dean Bokhari)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته الشخصية في وضع الأهداف.
دعنا الآن نمضي بضعة أشهر -أو أكثر- خلال هذه السنة. كيف هو الحال مع أهدافك السنوية؟ هل قسَّمتها؟ وهل أنشأت خططاً ومشاريعَ قابلةً للتنفيذ لمساعدتك في إنجازها؟ هل ألقيت بالفعل نظرةً على أهدافك السنوية التي كتبتها منذ بداية العام؟ وهل أخذت هذه الأهداف السنوية وقسَّمتها إلى أهداف شهرية، وأسبوعية، ويومية؟ هل تنجزُ أهم ما يمكنك القيامُ به لجعل أكبر أهدافك قريباً من الاكتمال؟
إذا كانت إجابتك عن أيٍّ من الأسئلة المذكورة أعلاه بـ "لا"، فإنَّنا نقترح عليك قراءة هذا المقال واتباع النصائح القابلة للتطبيق ضمنه.
1. اتخذ مزيداً من الإجراءات:
أكبر عائقٍ يواجهه الناس عندما يحاولون معرفة طريقة إنجاز الأهداف هو غياب وجود التدابير اللازمة، مثل أن يضع الكثير من الناس أهدافاً كبيرةً ويفشلون في إنجازها.
لا تكمن المشكلة فيك، فليس الأمر أنَّك غير قادرٍ على إنجاز أهدافك؛ وإنَّما تكمن المشكلة في الطريقة التي حُدِّد بها الهدف في المقام الأول.
يعود سبب عدم إنجاز الناس لأهدافهم وفشلهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة لإنجازها إلى كونهم:
- يضعون أهدافاً مرةً واحدةً في السنة، ولا يعيدون النظر فيها بشكلٍ كافٍ.
- لا يقسِّمون الأهداف الكبيرة إلى أهدافٍ صغيرةٍ، ليتمكَّنوا من إنجازها ضمن جدولٍ زمنيٍّ محدد.
لإنجاز الأهداف، اتخذ مزيداً من الإجراءات؛ ولاتخاذ مزيدٍ من الإجراءات، قلِّص جدولك الزمني.
2. قلِّص جدولك الزمني:
أسهل طريقةٍ لإنجاز أهدافك الكبيرة، هو تقسيمها إلى عدة أهداف صغيرة، وإدراجها ضمن جدول زمني محدد، والسعي إلى إنجاز الأهداف الصغيرة التي ستقودك في النهاية لإنجاز الهدف الأكبر.
إنَّه لمن الصعب جداً أن تشغل تفكيرك بإنجاز هدفٍ سنويٍّ في غضون يومٍ واحدٍ؛ ولكن هذا ما يتصوَّره عقلك عندما يرى هدفاً كبيراً بحدّ ذاته، فهو يعتقد أنَّه سينجز هدفاً ضخماً عن العام بأكمله مرةً واحدة؛ ولكن هذا يعدُّ شبه مستحيل، لذلك يستسلم.
لكن إذا أخذت هدفك السنوي الكبير ووضعت جدولاً زمنياً للمهام بدءاً من اليوم، فسيؤدِّي ذلك تدريجياً إلى إنجازه.
إنَّ عقلك عاجزٌ عن إنجاز ما لا يراه، فالأمر أشبه بالمشي داخل غرفةٍ مظلمة، حيث تمشي في البداية داخلها دون أن تتمكَّن من رؤية أيِّ شيء؛ ولكن تصل بعد ذلك إلى زر الإنارة، فتصبح الغرفة مضاءةً بأكملها، وترى كلَّ شيءٍ بوضوح. هذا تماماً ما يحدث لعقلك عندما يرى خطة عمل واضحة مع جدول زمني محدد.
تتلخص فكرة إنجاز الأهداف الكبيرة إذاً في:
- تحديد هدف كبير: قد يكون هدفاً سنوياً حددته مسبقاً، مثل: قراءة 50 كتاباً هذا العام، أو كسب مبلغٍ معين من المال.
- تحديد جدول زمني: وذلك بالعمل عكسياً بدءاً من الهدف الكبير، وتقسيمه إلى أهداف شهرية صغيرة، تليها أهداف أسبوعية أصغر، ثمَّ أهداف يومية، وصولاً إلى هدفك الحالي.
تسمى هذه العملية بـ "تحديد الأهداف حتى اللحظة الحالية"، وهي ليست مخصصةً للنجاح المهني فحسب؛ وإنَّما تساعدك في إنجاز أهدافك في مجالات الحياة كافة، مثل: الصحة، واللياقة البدنية، وتطوير الذات، والتعليم، والعلاقات، وغيرها.
3. استخدم طريقة تحديد الأهداف حتى اللحظة الحالية:
كتب المؤلفان: "غاري كيلر" (Gary Keller)، وجاي باباسان (Jay Papasan) في كتابهما "الشيء الوحيد" (The One Thing): "من خلال التفكير بتحديد الأهداف حتى اللحظة الحالية، فإنَّك تحدد هدفاً مستقبلياً، ثمَّ تنتقل انتقالاً منهجياً إلى ما يتوجَّبُ عليك القيام به الآن. يشبه ذلك إلى حدٍّ ما دمية "ماتريوشكا الروسية"، حيث أنَّ الشيء الوحيد الخاص في اللحظة الحالية متداخل مع يومك، والذي يتضمنه أسبوعك، ومن ثمَّ يتداخل ضمن شهرك".
يشبه تحديد الأهداف حتى اللحظة الحالية صفَّ أحجار الدومينو خاصتك ومن ثمَّ إسقاطها واحدةً تلو الأخرى، حتى تصل إلى الحجر الأخير.
على سبيل المثال: لنفترض أنَّ لديك هدفاً نهائياً لإنجازه، وهو قراءةُ 50 كتاباً سنوياً؛ إليك طريقة القيام بذلك، وتحديد جدول زمني لجعل هذا الهدف قابلاً للإنجاز:
الهدف ليومٍ ما:
- ما الهدف الوحيد الذي أريد القيام به يوماً ما؟
- تطوير عادة قراءة 50 كتاباً سنوياً لبقية حياتي.
الهدف لخمسة أعوام:
- استناداً إلى الهدف المحدد ليومٍ ما: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به لخمس سنواتٍ قادمةٍ؟
- لإنجاز هدف قراءة 50 كتاباً سنوياً لبقية حياتي، يتوجب عليَّ قراءة 250 كتاباً خلال السنوات الخمسة المقبلة.
الهدف السنوي:
- استناداً إلى هدف الخمسة أعوام: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به هذا العام؟
- لإنجاز هدف قراءة 250 كتاباً لخمسة أعوام، يتوجب عليَّ قراءة 50 كتاباً خلال السنة القادمة.
الهدف الشهري:
- استناداً إلى الهدف السنوي: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به هذا الشهر؟
- نظراً إلى وجود (50-53) أسبوعاً في السنة العادية، ولإنجاز هدفٍ لعامٍ واحد؛ يتوجب عليَّ قراءة أربعة أو خمسة كتبٍ شهرياً.
الهدف الأسبوعي:
- استناداً إلى الهدف الشهري: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به هذا الأسبوع؟
- لإنجاز الهدف الشهري، يتوجب عليَّ قراءة كتابٍ واحدٍ كلِّ أسبوع.
الهدف اليومي:
- استناداً إلى الهدف الأسبوعي: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به اليوم؟
- يبلغ متوسط عدد صفحات أيِّ كتابٍ نحو 250 صفحة تقريباً؛ ولإنجاز الهدف الأسبوعي، يتوجب عليَّ قراءة ما يقارب 36 صفحة يومياً؛ وللوصول إلى عدد الصفحات اليومي، سأخصص ساعةً واحدةً يومياً للقراءة عند الساعة الثامنة صباحاً من كلِّ يوم.
الآن:
- استناداً إلى الهدف اليومي: ما الهدف الوحيد الذي يمكنني القيام به الآن؟
- أمنحُ نفسي فرصةً للاستراحة، لأنَّني أكملت مَهمَّة القراءة الصباحية، وأنا على المسار الصحيح لإنجاز الهدف السنوي لقراءة 50 كتاباً سنوياً لبقية حياتي.
- الآن، كلُّ ما يتوجَّب عليك القيام به هو إسقاط أحجار الدومينو خاصتك لتصل إلى الهدف المحدد ليومٍ ما.
الخلاصة:
قد يبدو ذلك مبالغاً فيه، أو حتى بسيطاً للغاية؛ لكن يكمن العامل الرئيس لإنجاز أكبر أهدافك في أيِّ مجالٍ من مجالات الحياة، في تقسيمها وتحديد جدول زمني؛ لذا جمِّع الكثير من الأهداف الصغيرة التي تؤدي في النهاية إلى إنجاز الهدف الكبير.
ابدأ تحديد هدفٍ كبيرٍ لنفسك، أو عُدْ إلى هدفٍ حددته بالفعل ولكنَّك لم تحققه؛ ثمَّ قسِّمه إلى خطواتٍ قابلةٍ للتنفيذ؛ ثمَّ أدرج هذه الخطوات في جدولٍ زمنيٍّ محدد، مستخدماً طريقة "تحديد الهدف حتى اللحظة الحالية".
أضف تعليقاً