ما هو الخجل أو الرُّهاب الاجتماعي؟
الخجل أو ما يُعرف بـ "الرهاب الاجتماعي": هو حالة نفسية من القلق والرهبة والارتباك، تُصيب الشخص عند مخالطته الناس، أو حضور المناسبات الاجتماعية، أو مقابلة أناس جدد، أو التحدث أمام جمهور؛ وذلك لشعوره بأنَّه مُراقب من قبل الآخرين، فيخشى أن يتعرض للانتقاد أو الإحراج؛ الأمر الذي يتسبب له بالعديد من المشكلات والآثار النفسية السلبية، كالبقاء في عزلة، وعدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية، والعجز عن مواجهة المواقف الطارئة بمفرده، والخوف من المواجهة والدفاع عن نفسه والمطالبة بحقوقه.
وغالباً ما يكون الخجل - بحسب علماء النفس والاجتماع - وليد مرحلة الطفولة، ويُرافق الشخص طيلة حياته ما لم يُعالج.
أسباب الخجل:
يحدث الخجل لأسباب عدة، مثل:
- عوامل بيولوجية: تلعب الجينات دوراً كبيراً في انتقال الخجل إلى الأبناء؛ أي أن يكون أحد الأبوين شخصاً خجولاً، وبحسب الدكتورة "ثاليا إيلي" - أستاذة علم الوراثة في جامعة كينغز كوليدج في لندن - فإنَّ 30% من سبب الخجل يعود للجينات الوراثية.
- مرحلة الطفولة: تُعدُّ مرحلة الطفولة أخطر مرحلة في بناء شخصية الطفل المستقبلية، فأسلوب تربية الأبوين للطفل، سبب رئيس لإصابة الطفل بالخجل وضعف الشخصية، ومن الأمثلة على مسببات الخجل في هذه المرحلة:
- التدليل الزائد للطفل، والخوف عليه خوفاً مبالغاً فيه، وإخفاؤه عن الآخرين، وفعل كل شيء نيابةً عنه؛ كل تلك الأمور تجعله شخصاً انطوائياً خجولاً، واعتمادياً غير مبادر، لا يعرف كيف يتصرف أو يتعامل مع الآخرين.
- تهديد وترهيب الطفل، وتوبيخه لأتفه الأسباب، ومنعه من التعبير عن رأيه؛ حيث تخلق التربية القائمة على الأسباب آنفة الذكر، طفلاً خجولاً غير قادر على مواجهة الناس.
- فقدان الأمان العاطفي والحرمان من الحنان، نتيجة انشغال الأبوين عنه، أو بسبب الخلافات الزوجية أو الطلاق؛ إذ يُعدُّ الأمان العاطفي من أهم الحاجات النفسية للطفل، وانعدامه يؤدي إلى انعدام ثقته بنفسه.
- تعرُّض الطفل للتنمر من قبل العائلة، أو من قبل أقرانه في المدرسة، ممَّا يخلق طفلاً خجولاً يخشى المجتمع والناس.
- تعرُّض الطفل للعنف الجنسي كالتحرش أو الاغتصاب، وهو من أخطر مسببات الخجل والخوف الاجتماعي.
- تجارب سلبية: قد يؤدي مرور الشخص بتجارب سلبية كالفشل في العمل، أو الرسوب في الدراسة، إلى ضعف ثقته بنفسه وإصابته بالخجل، والخوف من مواجهة الناس.
- العيوب الشكلية: قد يكون من أسباب الخجل عدم رضا الشخص عن شكله، نتيجة عيوب أو تشوهات شكلية، كالسمنة المفرطة مثلاً.
الأعراض الجسدية والنفسية للخجل:
تظهر على الشخص الخجول، عندما يُواجه موقفاً يُسبب له الخجل، الأعراض الجسدية الآتية:
- احمرار في الوجه والأذنين.
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- الشعور بالدوار.
- تسارع ضربات القلب.
- رعشة في اليدين.
- التعرق المفرط.
- الشعور بجفاف في الحلق.
وهناك أعراض نفسية للخجل تتمثل بـ:
- التقدير المتدني للذات، والحديث السلبي معها.
- الميل إلى العزلة، وتجنب الاختلاط مع الناس.
- الافتقار إلى المهارات الاجتماعية، ومواجهة صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية.
- صعوبة في إظهار المشاعر لأي شخص.
- التواضع المبالغ فيه، ومجاملة الناس وتنفيذ طلباتهم على حساب راحته.
- التهرُّب من حضور الاجتماعات والمناسبات.
- القلق والخوف الشديدان عند إجراء مقابلات العمل، أو تقديم عرض ما أمام جمهور.
- التأخر في الإنجاز الدراسي أو الوظيفي.
- تجنب الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الآخرون.
- قد تصل مضاعفات الخجل إلى الإدمان على الكحول والمخدرات، والتفكير في الانتحار.
شاهد بالفديو: 7 طرُق للتخلُّص من الخجل بشكل نهائي
كيف أتغلب على خجلي؟
يُقدِّم خبيرو علم النفس والتنمية البشرية، مجموعة من النصائح للتغلب على الخجل، وهي:
1. اعترف بالمشكلة:
أولى خطوات حل أي مشكلة، هي الاعتراف بها؛ إذ إنَّ الإنكار وعدم الاعتراف بالمشكلة، يجعلها مشكلة مستعصية، ويمنعك من المضي في البحث عن حلول لها.
2. تصرَّف بثقة:
تُكتسب الثقة بالممارسة؛ لذا إن كنت تشعر بالخجل أو الخوف في موقف ما، قاوم هذا الشعور وتصرَّف وتكلَّم بثقة، وهكذا شيئاً فشيئاً، تتحول الثقة بعد تكرار الممارسة، إلى سلوك أصلي لديك لست بحاجة إلى أن تتصنَّعه.
3. تكلَّم مع الغرباء:
إن كنت تركب القطار، أو تجلس إلى جانب أحدهم في المقهى، لا تتردد في فتح الحديث مع شخص غريب؛ إذ إنَّ للتكلم مع الغرباء أثر كبير في كسر حاجز الخجل والخوف من الآخرين.
4. جرِّب أشياء جديدة:
ابحث عن أشياء جديدة لم تكن تخطر في بالك حتى، كالانضمام إلى فرقة أو نادٍ رياضي، أو كالسفر إلى مكان لا تعرف فيه أحداً، وعندها ستجد نفسك مُضطراً إلى مواجهة خجلك والتعامل مع أناس لا تعرفهم.
5. عبِّر عن نفسك:
درِّب نفسك على التعبير عن نفسك، عن رأيك، عن أفكارك، عن موقفك، سواء كنت في العمل أم مع العائلة أم مع الأصدقاء.
6. اعلم أنَّ أحداً لا يراقبك:
أكثر ما يُقيِّد الإنسان الخجول، اعتقاده بأنَّ الناس يُراقبونه، وهو اعتقاد خاطئ؛ حيث أُجريت بعض الأبحاث على مجموعة كبيرة من الأشخاص، وتم التوصل إلى أنَّه إذا ما تصرَّف أحد هؤلاء الأشخاص تصرُّفاً غريباً، فإنَّ نسبة كبيرة من الجالسين لن يُلاحظوا ذلك، وفي حال أنَّهم لاحظوا تصرَّف ذاك الشخص، فإنَّهم لن يُعيروا الأمر أهمية؛ لذا يجب أن نستنتج من مثل هذه الدراسات، أنَّ الآخرين ليسوا مُتفرغين لمراقبتنا كما نعتقد.
7. استثمر لغة الجسد:
للتغلب على الخجل، عليك أن تتدرب على لغة جسد توحي بالثقة؛ اجلس بثقة، امشِ وأنت منتصب القامة، انظر في عيني من تتحدث إليه، تحدث بصوت عالٍ وواضح، قابل الآخرين بابتسامة.
8. اعرف نقاط قوَّتك:
لكل إنسان مِنَّا نقاط قوة ونقاط ضعف؛ لذا يجب أن تكتشف نقاط قوَّتك وتشعر بتميُّزك فيها، وتثق وتفخر بنفسك، وتعمل على تمكينها وتطويرها.
9. توقَّف عن المقارنة:
تُعدُّ المقارنة من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الشخص الخجول؛ إذ تجعله يشعر أنَّه أقل من غيره؛ لذا حتى تتغلب على خجلك، توقَّف عن مقارنة نفسك بالآخرين، فقد يكون غيرك مميزاً في شيء، وأنت مميز في شيء آخر.
10. قُل "لا":
تعلَّم أن تقول كلمة "لا"؛ لا لكل ما لا يُناسبك، لا لكل ما لا يُرضيك، لا لكل ما يُسبب لك ضيقاً، وتوقَّف عن قول "نعم" لكل شيء من باب الخجل أو الخوف، قل نعم فحسب لما تريده وترغب فيه حقاً.
11. تصالح مع نفسك:
لا يوجد إنسان خالٍ من العيوب، إلا أنَّ أحد المطبات التي يقع فيها الإنسان، هي تركيزه على عيوبه، وجعلها عثرة تدفعه إلى الخجل وضعف الشخصية في حياته؛ لذا فإنَّ التصالح مع العيوب وتقبُّلها، أمر في غاية الأهمية، مع ضرورة العمل على تلافيها.
12. فكِّر تفكيراً إيجابياً:
يجب أن يتمتع الإنسان بالتفكير الإيجابي ليتخلص من الخجل؛ أي أن يُفكِّر بإيجابية، وينظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، ويبتعد عن التشاؤم والسلبية، والتذمر والشكوى، وجلد الذات عند الفشل؛ بل عليه أن يتقبَّل الفشل وينظر إليه على أنَّه أكبر مُعلم للإنسان، ولا يسمح لثقته بنفسه أن تهتز.
13. مارس تمرينات التنفس العميق:
أثبتت تمرينات التنفس العميق فعَّاليتها في الحصول على الاسترخاء، وتخفيف التوتر والقلق؛ لذا يُنصح بممارستها لمن يُعاني الخجل والقلق.
14. تكلَّم أمام المرآة:
يُعدُّ التكلم أمام المرآة، أحد الوسائل التي ينصح بها خبيرو علم النفس للتخلص من الخجل، ويكون ذلك بأن تقف أمام المرآة، وتُجري نقاشاً بصوت عالٍ بينك وبين ذاتك، مع تخيُّل أنَّك أمام جمهور أو بين مجموعة أشخاص، والتدرب على طرح أفكارك، والإجابة عن الأسئلة بثقة وقوة.
15. لا تُصادر حقَّك:
كما يُعبِّر الجميع عن رأيهم، وعمَّا يُريدونه، أنت أيضاً لك الحق في التعبير والتكلم، فلا تُصادر حقك، أو تجعل خجلك يمنعك من ممارسته؛ لذا تحدث وعبِّر دائماً عن كل ما يدور في ذهنك.
16. رافق الأقوياء:
من أهم النصائح للتغلب على الخجل، أن تُرافق الأشخاص الأقوياء الذين لا يُبدون أي خوف أو خجل، ويُشجعون مَن معهم على القوة والجرأة والثقة بالنفس.
17. اقضِ على حساسيتك:
يُعاني الشخص الخجول من حساسية مُفرطة تجاه أي كلام أو تصرُّف أو حتى نظرة تُوجَّه إليه؛ لذا من المهم جداً أن تقضي على هذه الحساسية، وتتجنب الشعور بأنَّ الأمر يمسُّك شخصياً، فلا تقبل أن تهتز ثقتك بنفسك، من جرَّاء أي كلام أو تعليق صادر من أحدهم.
18. نمِّ ذاتك:
عندما تُطوِّر نفسك وتكتسب مزيداً من المهارات، تزداد تلقائياً ثقتك بنفسك، وجرأتك في تقديمها والتكلم عنها؛ لذا من الضروري أن تعمل على تنمية ذاتك، ويكون ذلك من خلال القراءة، واتباع الكورسات، والانضمام إلى أي نشاط يُضيف لك مهارة أو معلومة ما.
19. اخرج من منطقة الراحة:
يعتاد الإنسان على نمط حياة معيَّن، فيكون بمنزلة منطقة راحة له، والإنسان الخجول اختار منطقة راحته؛ إذ إنَّه يجدها في عزلته، وابتعاده عن الناس، وتجنب مخالطتهم؛ لذا عليك أن تتخذ قراراً بالخروج من منطقة الراحة تلك، والبدء بتغيير نمط حياتك والاتجاه نحو الاختلاط مع الناس.
شاهد بالفيديو: 20 طريقة بسيطة للخروج من منطقة راحتك
20. تَحرَّر من هوس المثالية:
يُعاني الشخص الخجول من هوس المثالية والكمال، ويضع لنفسه معاييراً وقيوداً عالية، فهو يخشى أن يزلَّ لسانه، أو أن يقول كلاماً أو رأياً لا يُعجِب من يسمعه؛ لذا عليك التحرر من هوس المثالية، وتذكَّر أنَّ المثالية، ليست أمراً واقعياً ولا يصل إليها أحد.
21. اسعَ إلى اكتساب مهارات التواصل الاجتماعي:
تُعدُّ مهارات التواصل الاجتماعي، أمراً في غاية الأهمية لتواصل فعَّال مع الآخرين، وبناء علاقات جيدة معهم؛ لذا عليك السعي جدياً إلى اكتسابها وتعلُّمها، سواء عن طريق الإنترنت أم الكتب أم اتباع كورسات التنمية البشرية.
22. لا تنظر إلى الآخرين على أنَّهم أفضل منك:
غالباً ما يعتقد الشخص الخجول أنَّ الآخرين أفضل وأذكى وأمهر منه، وينظر إليهم على أنَّهم أشخاص مثاليون، فتزيد هذه النظرة من خجله وارتباكه عند التعامل معهم؛ لذا سارع إلى نسف هذه الأفكار، والنظر إليهم على أنَّهم أشخاص مثلك مثلهم يُخطئون ويُصيبون.
23. اسأل نفسك:
اسأل نفسك الأسئلة الآتية: هل الأمور تستحق كل هذا الخجل والارتباك؟ هل إلقاء السلام على أحدهم، يحتاج إلى هذا الخجل والتوتر؟ هل التكلم مع مديري أو زميلي في العمل، أمر معقد إلى هذا الحد؟ لماذا أترك الفرص تضيع منِّي بسبب خجلي؟
24. لا تتهرب من المناسبات:
عادةً ما يتهرب الشخص الخجول من تلبية الدعوة إلى حضور المناسبات الاجتماعية؛ لذا فإنَّه من الضروري تغيير هذه العادة، وتدريب النفس على الذهاب والمشاركة في مثل هذه المناسبات، والتواصل مع الأشخاص فيها.
25. حافظ على ابتسامتك:
مهما كنت تشعر بالخجل والتوتر، حافظ على الابتسامة، فهي الدواء السحري الذي ينعكس على داخلك هدوءاً وثقة بالنفس، كما أنَّها بوابة عبور إلى قلوب الآخرين.
26. ثقِّف نفسك:
اعمل على تثقيف نفسك، بقراءة مزيدٍ من الكتب والمقالات؛ إذ تُساهم الثقافة العالية بكل المجالات، في منحك ثقة بالنفس، وعدم القلق من أي حوار يُعرَض عليك، واحرص على التدرب على مهارات تقديم العروض أمام الآخرين، فهي تُعلِّم الشخص إيصال فكرته إلى الناس بكل سهولة وثقة.
27. شارك في الأعمال التطوعية:
لا تتردد في المشاركة في الأعمال والنشاطات التطوعية، فهي إحدى الوسائل الفعَّالة في التغلب على الخجل والخوف من مواجهة الناس؛ وذلك لأنَّها تجعلك تنخرط مع الآخرين، وتُشاركهم في مناسباتهم، وتتعاون معهم وتقدِّم المساعدة إليهم، ممَّا يجعلك تكسر حاجز الخجل والخوف، وتشعر بمتعة التواصل والتفاعل مع الآخر.
28. اتَّبع أسلوب حياة صحي:
اجعل أسلوب حياتك صحياً، بالحرص على تناول غذاء صحي متوازن، والنوم ساعات كافية، وممارسة الرياضة بانتظام، ممَّا يُخلِّصك من المشاعر السلبية، ويُعزز من ثقتك بنفسك.
في الختام:
يجب أن تعرف أنَّ حياتك ملك لك، فأنت ربَّان السفينة، تقودها بأفكارك؛ لذا اجعل أفكارك إيجابية عن نفسك، وتَحرَّر من كل شعور سلبي، وعزز ثقتك بنفسك، وتصالح مع عيوبك، فلا يوجد إنسان بلا عيوب، وتذكَّر أنَّ كل شيء بقرار منك؛ لذا لا تتردد، وخذ قراراً بكامل التصميم والإرادة أنَّك لن تخجل بعد اليوم، وستتخلص من كل الاعتقادات والأفكار الخاطئة عن نفسك، التي تدفعك إلى الخجل غير المُبرَّر.
أضف تعليقاً