مفهوم الرضا الوظيفي:
هو الشعور الإيجابي للموظف، والناتج عن قبوله جميع العوامل الوظيفية المحيطة به، ثم إنَّ الرضا الوظيفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفجوة التي قد تحصل بين ما يتوقعه الموظف من عمله، وما يحصل عليه حقاً منه. ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّ هذه التوقعات تختلف من موظفٍ لآخر؛ لذا يمكن القول بأنَّها ذات طابع شخصي. ويؤثِّر الرضا الوظيفي في إنتاجية الموظف وقدرته على تحقيق المهام المطلوبة منه؛ الأمر الذي ينعكس على نجاح الشركة التي يعمل بها.
ما العوامل المؤثرة في الرضا الوظيفي؟
توجد عدة عوامل تؤثر في الرضا الوظيفي، هذه العوامل هي:
1. عوامل خاصة بمحتوى الوظيفة:
إنَّ نوع الوظيفة، ومهامها، والنظام الذي تسير فيه، كل هذه الأمور تُعد من العوامل التي تلعب دوراً مهماً في الرضا الوظيفي؛ حيثُ إنَّ بعض الأعمال يكون مستوى الرضا الوظيفي فيها منخفض؛ مثل: الأعمال التي تحتاج إلى سرعة التنفيذ والقدرة العالية في الأداء. وبالمقابل، هناك بعض الأعمال التي يكون مستوى الرضا الوظيفي فيها عالٍ؛ مثل: الأعمال التي يوجد فيها إثراء وظيفي، والأعمال التي تتيح للموظف القيام بمهامٍ متعددة، وإبراز قدراته، ومهاراته، وإبداعاته، وإمكانياته.
2. عوامل خاصة بالموظف نفسه:
ومن العوامل التي تؤثِّر في الرضا الوظيفي والتي تتعلق بالموظف نفسه، نذكر لكم الآتي:
- التوافق بين قيم الموظف والعمل؛ إذ إنَّه كلما حقق العمل القيم التي يؤمن بها الموظف، ارتفعت نسبة الرضا الوظيفي. ومن هذه القيم نذكر: (إتقان العمل، القيادة، الإبداع).
- توفير حاجات الموظف؛ فكلما كان العمل يوفر جميع احتياجات الموظف، كان الرضا الوظيفي أعلى.
- إشباع الشعور باحترام الذات من خلال الوظيفة التي يشغلها، وطبيعة الوظيفة ومكانتها.
- خصائص شخصية الفرد وظروفه، كونها تلعب دوراً مهماً في إنجاز الموظف للمهام المطلوبة منه؛ الأمر الذي ينعكس إيجابياً على الرضا الوظيفي. وهذه الخصائص تتمثل في: (قدرة الموظف، وذكائه، وإدراكه الشخصي، وطموحاته، وأهدافه، وشخصيته، وتجاربه، ودخله الشهري، ولائه وانتمائه إلى الشركة التي يعمل بها، وغير ذلك).
- مجموعة عوامل تتمثل بالآتي:
- ظروف العمل.
- الاستقرار في العمل.
- المزايا الإضافية المقدمة إليه.
- تقدير الأعمال المنجزة والأهداف المحققة.
3. عوامل خاصة بأداء الموظف:
يتأثر الرضا الوظيفي بإدراك الموظف للعوامل التالية بالنسبة إلى الأداء:
- العدالة في توزيع المكافآت والحوافز ونسبة العوائد، بما يتناسب مع ما يقدمه الموظف من إنجازات في العمل، وتحقيقه المهام المطلوبة منه بالنسبة إلى بقية الموظفين.
- ارتباط الأداء بالحوافز والمكافآت، وشعور الموظف بأنَّ إمكانياته وطاقاته وقدراته تساعد على تنفيذ كل المهام بما يتوافق مع الأهداف المحددة للشركة.
4. العوامل التنظيمية في مكان العمل:
تلعب العوامل التنظيمية دوراً مهماً جداً في مستوى الرضا الوظيفي، وتشتمل هذه العوامل على ما الآتي:
- الدخل المادي المناسب للموظف يحقق مستوى عالياً من الرضا الوظيفي.
- العلاقة بين ظروف وبيئة ونوع العمل، والإجراءات والأنظمة، ونوع القيادة، والإشراف والرقابة، وأساليب اتخاذ القرارات، والعلاقات بين الموظفين، والحوافز المادية والمعنوية، والأجور والرواتب.
- مركز الموظف في الهيكل التنظيمي للشركة أو المؤسسة، وما إذا كان هذا المركز يسمح للموظف بالتطور والنمو.
- درجة الرقابة والإشراف المفروضة على الموظفين.
5. عوامل متصلة بالعمل مباشرةً:
- رضا الموظف عن طبيعة العمل: إنَّ الموظف الذي يحب عمله غالباً ما يشعر بالرضا الوظيفي، ويسعى دائماً لإتقان ما يقوم به من مهام.
- خبرة وكفاءة الإشراف المباشر: تلعب كفاءة وخبرة الإشراف دوراً مهماً جداً في الرضا الوظيفي؛ ذلك لأنَّه يمثل نقطة الاتصال بين الموظفين ومرؤوسيهم، إضافة إلى تأثيره الكبير في الأنشطة والمهام اليومية التي يقوم بها الموظفون.
- العلاقة بين الموظفين: الإنسان اجتماعي بطبعه؛ لذا كلما كانت هناك فرصٌ للاندماج بين الموظفين في العمل، زادت نسبة الرضا الوظيفي.
6. العوامل المتعلقة بجوانب أخرى:
- الحالة الصحية العقلية والجسدية للموظف: إنَّ أداء الموظف وقدرته على تحقيق العمل المطلوب منه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة الصحية له.
- المكافآت المالية العادلة بين الموظفين: يزداد شعور الموظف بالرضا الوظيفي، عندما يكون توزيع المكافآت المالية بينه وبين زملائه في العمل مُنصفاً وعادلاً، سواءً داخل المؤسسة أم بالمقارنة مع المؤسسات والشركات الأخرى.
أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى الموظفين:
تتجلى أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى الموظفين بالآتي:
1. الابتكار والإبداع:
إنَّ شعور الموظفين بالسعادة والراحة تجاه عملهم، يسهل لهم الطريق نحو الإبداع، ويهيئ لهم مساحات واسعة من الابتكار.
2. تحقيق الاستقرار النفسي:
عندما يشعر الموظفون بالراحة في موقع عملهم، وبأنَّ حياتهم أصبحت مستقرة وهادئة، فإنَّ كل ذلك سينعكس إيجابياً عليهم وعلى أدائهم؛ حيثُ إنَّ قضاء معظم اليوم في العمل لن يكون مصدر إزعاجٍ لهم، أو عبءٍ عليهم.
3. القيمة والأثر:
إنَّ جودة العمل والقيمة والأثر الذي يضيفه الموظفون إلى مكان عملهم، يشعرهم بأنَّ وجودهم جيدٌ ونافعٌ في المجتمع، وبأنَّ كل فردٍ منهم له دورٌ يمثله؛ الأمر الذي ينعكس إيجابياً على ثقتهم بأنفسهم، وإيمانهم بها، ورضاهم عن حياتهم بشكلٍ عام.
4. الأمان الوظيفي:
إنَّ كل موظف راضٍ عن وظيفته ويقوم بمهامه على أكمل وجه، سيشعر حتماً بالأمان الوظيفي؛ ذلك لأنَّ مؤسسته أو شركته التي يعمل فيها لن تتخلى عنه مطلقاً مهما عصفت الأزمات الاقتصادية في سوق العمل، بسبب أهمية وجوده فيها.
5. تحقيق طموحات الموظفين:
كلما حقق الموظفون أهدافهم ومهامهم في العمل، سعوا لأهدافٍ جديدةٍ أخرى لتحقيقها؛ حيثُ إنَّ الرضا الوظيفي الذي يشعرون به يشكل لديهم حافزاً ودافعاً إلى الإنتاجية والتقدم المستمر.
6. الصحة الجسدية والنفسية:
إنَّ الصحة الجسدية والنفسية التي يجنيها الموظفون، والناتجة عن الرضا الوظيفي، هي من أهم المكتسبات التي يحصلون عليها.
أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى الشركة أو المؤسسة:
تتجلى أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى الشركة أو المؤسسة بالآتي:
1. خفض التكاليف:
عندما يشعر الموظفون بالرضا الوظيفي، سوف ينعكس ذلك إيجابياً على أداء مهامهم المطلوبة على أكمل وجه، ثم إنَّ نسبة الغياب بين الموظفين سوف تنخفض بشكلٍ ملحوظ، بالإضافة إلى أنَّهم سوف يستخدمون الأجهزة والأدوات الخاصة بالعمل بعنايةٍ وحرص للحفاظ عليها؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض معدل الهدر والفقد لها. كل ذلك يعمل على خفض التكاليف بنسبةٍ جيدةٍ جداً.
2. زيادة الأرباح:
عندما يشعر الموظفون بالرضا الوظيفي، فإنَّ ذلك ينعكس إيجابياً على معدل الإنتاجية؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المبيعات، وبالتالي تحقيق نسبة أعلى من الأرباح.
3. زيادة النمو:
إنَّ العلاقة بين معدل إرضاء العملاء، ومعدل الرضا الوظيفي لدى الموظفين، هي علاقة طردية دائماً. بالإضافة إلى أنَّ الرضا الوظيفي يُمكِّن أصحاب الشركات والمؤسسات من استثمار الطاقات والمواهب والقدرات لدى الموظفين بشكلٍ فعَّال؛ الأمر الذي يؤثِّر بشكلٍ جيد في زيادة النمو.
6. الولاء والانتماء إلى الشركة:
الموظفون الذين يشعرون بالرضا الوظيفي، لن يتركوا الشركة حتى في أشد الأزمات التي يمكن أن تعصف بها، وأكثرها ضيقاً؛ ذلك لأنَّ ما قدمته هذه الشركة من بيئة عمل جيدة ومريحة، زرع الولاء والانتماء في نفوس هؤلاء الموظفين، من خلال مشاركتهم الحقيقية في تشييدها وبنائها، فأصبحت جزءاً لا يتجزأ منهم.
ما أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى المجتمع؟
تتجلى أهمية الرضا الوظيفي بالنسبة إلى المجتمع بالآتي:
1. النمو الاقتصادي المتزايد:
إنَّ الرضا الوظيفي للموظفين يؤدي إلى زيادة معدل الأداء، وبالتالي زيادة معدل الإنتاج العام؛ الأمر الذي ينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني بسبب زيادة حجم الصادرات، وتقليل حجم الواردات.
2. زيادة معدلات الإنتاج:
إنَّ الرضا الوظيفي يزيد معدلات الإنتاج بنسبةٍ كبيرة؛ الأمر الذي يزيد من وفرة الموارد البشرية، وارتفاع النشاط الاقتصادي، وتسهيل سبل العيش، والسعي لتحقيق رفاهية مجتمعية.
3. ارتقاء وازدهار المجتمع:
إنَّ ارتقاء وازدهار المجتمع يتحقق من خلال:
- إتاحة سبل ووسائل الإبداع والابتكار على جميع المستويات وفي كل المجالات.
- تفعيل دور مؤسسات الثقافة بهدف بث ونشر القيم الصالحة والنافعة لمجتمعٍ متقدم.
أثر الرضا الوظيفي على الاستقرار بالعمل:
يؤثر الرضا الوظيفي تأثيراً عميقاً على أداء الموظفين والاستقرار بالعمل، حيث أنه يؤثر على جوانب مختلفة من حياتهم المهنية.
فيما يلي بعض الطرق التي يؤثر بها الرضا الوظيفي على أداء الموظف والاستقرار بالعمل:
1. دوران منخفض:
تقل احتمالية ترك الموظفين الراضين لوظائفهم، مما يقلل من معدلات الدوران التنظيمي. وهذا يفيد أصحاب العمل، مما يوفر الوقت والجهد وتكاليف تعيين الموظفين الجدد وتوظيفهم وتدريبهم.
حيث إن خلق بيئة عمل تعطي الأولوية للرضا الوظيفي يمكن أن يساهم في زيادة معدل الاحتفاظ بالموظفين.
2. زيادة الإنتاجية:
يميل الموظفون الراضون عن وظائفهم إلى أن يكونوا أكثر تحفيزاً وتفاعلاً، ولديهم شعور بالولاء والتفاني تجاه المنظمة، والذي غالباً ما يترجم إلى زيادة الإنتاجية.
حيث الموظفون الذين يشعرون بالرضى على استعداد لبذل جهد إضافي للمساهمة في نجاح الشركة، مما يؤدي إلى أداء عام أعلى.
3. سفراء العلامة التجارية:
يصبح الموظفون الراضون مدافعين عن الشركة وعلامتها التجارية، حيث أن الموظفون الذين لديهم تجارب إيجابية ويشعرون بالرضا عن وظائفهم هم أكثر عرضة لمشاركة مشاعرهم الإيجابية مع الآخرين.
يساهم هذا الترويج الشفهي في تعزيز سمعة الشركة والولاء لعلامتها التجارية.
في الختام:
وبذلك أعزاءنا القرَّاء، نكون قد قدمنا إليكم شرحاً عن مفهوم الرضا الوظيفي، وأهميته بالنسبة إلى كلٍّ من الموظفين والمؤسسات والمجتمع على حدٍّ سواء.
أضف تعليقاً