لماذا علينا امتلاك علاقات جيّدة؟
إن البشر مخلوقاتٌ اجتماعيّةٌ بطبعهم، فنحن نتوق إلى الصداقة والتفاعلات الإيجابيّة، تماماً مثل تَوقِنا للطعام والماء، لذلك فمن المنطقيّ كلّما كانت علاقاتنا أفضل في العمل، كلما كنّا أكثر سعادةً وإنتاجيّة.
توفّر لنا علاقات العمل الجيّدة العديد من المزايا الأخرى، حيث يصبح عملنا أكثر متعةً عندما تكون لدينا علاقات جيّدة مع من حولنا. وتجعل الأشخاص ينسجمون مع التغييرات التي نريد تنفيذها، ونصبح أكثر ابتكاراً وإبداعاً. والأكثر من ذلك، تمنحنا العلاقات الجيّدة الحريّة: فبدلاً من قضاء الوقت والطاقة على المشاكل المرتبطة بالعلاقات السلبيّة، يمكننا التركيز على الفُرص المتاحة.
العلاقات الجيّدة هي أيضاً ضروريّةٌ عادةً إذا كنّا نأمل في تطوير مِهَنِنا، فإذا كان رئيسك لا يثق بك، فمن غير المرجّح أن يضعك في اعتباره عندما يتوافر منصبٌ جديد، فجميعنا عموماً نريد العمل مع أشخاص نحن على توافق معهم. نحتاج أيضاً إلى علاقات عملٍ جيّدةٍ مع الآخرين في دائرتنا المهنية، فالعملاء والمورّدون وأصحاب المصلحة الرئيسيون جميعهم ضروريون لنجاحنا. لذلك من المهمّ بناء والحفاظ على علاقات جيّدة مع هؤلاء الأشخاص.
تحديد العلاقة الجيّدة:
هناك العديد من الخصائص التي تشكّل علاقات عمل جيّدة وصحيّة، من بينها:
- الثقة: وهي الأساس لكلّ علاقةٍ جيّدة، عندما تثق في فريقك وزملائك، أنت تشكّل رابطة قويّة تساعدك على العمل والتواصل بشكلٍ أكثر فعاليّة. فإذا كنت تثق في الأشخاص الذين تعمل معهم، يمكنك أن تكون صريحاً ومُنفتحاً في أفكارك وأفعالك، وليس عليك أن تهدر الوقت والطاقة في "حماية ظهرك".
- الاحترام المتبادل: وذلك عندما تحترم الأشخاص الذين تعمل معهم، وتُقدّر مُدخلاتهم وأفكارهم، وبالمقابل هم يقدّرون مُدخلاتك وأفكارك. بالعمل معاً يمكن تطوير الحلول بناءً على الرؤية الجماعيّة والحكمة والإبداع.
- اليقظة والوعي: وهذا يعني تحمّل مسؤولية كلماتك وأفعالك، مثل الأشخاص الذين يكونون على وعيٍ وحذرٍ لِما يقولون، ولا يدعون عواطفهم السلبيّة تؤثّر على الأشخاص من حولهم.
- الترحيب بالتنوّع: لا يقبل الأشخاص ذوو العلاقات الجيدة مختلف الناس والآراء فقط، لكن يرحبّون بها أيضاً. على سبيل المثال، عندما يقدّم أصدقائك وزملائك خيارات مختلفة عنك، خذ وقتاً في النظر في ما يقولوه، وقيّم رؤيتهم عند اتّخاذ قرارك.
- التواصل المنفتح: نحن نتواصل طوال اليوم، سواءً كنا نرسل رسائل البريد الإلكتروني والمراسلات الفورية، أو بالاجتماع وجهاً لوجه. كلّما تواصلت بشكلٍ أفضل وأكثر فعاليّة مع من حولك، كلّما زاد ثراء علاقاتك. فكلّ العلاقات الجيّدة تعتمد على التواصل المنفتح والصادق.
أين يجب بناء علاقات جيّدة؟
على الرغم من أنّه علينا محاولة بناء والحفاظ على علاقات عملٍ جيّدة مع الجميع، إلا أنّ هناك علاقات معيّنة تستحقُّ اهتماماً أكبر. على سبيل المثال، ستستفيد على الأرجح من تطوير علاقات جيّدة مع أصحاب المصلحة الرئيسين في مؤسستك، ومع الناس الذين لديهم مصلحة في نجاحك أو فشلك. فتشكيل رابطةٍ مع هؤلاء الناس سوف تساعدك على تثبيت مشاريعك ومهنتك على المسار الصحيح.
لمعرفة هويّة هؤلاء الأشخاص، قم بإجراء تحليلٍ لأصحاب المصلحة، وبمجرّد الانتهاء من ذلك أنشئ قائمةً من الزملاء الذين لديهم اهتمامٌ بمشروعاتك وحياتك المهنيّة، يمكنك تكريس الوقت لبناء وإدارة هذه العلاقات.
كما أنّ العملاء والزبائن هم مجموعةٌ أخرى تستحقُّ اهتماماً إضافياً، فكّر في آخر مرّةٍ اضطررت فيها للتعامل مع عميلٍ غير سعيد، ربما كان ذلك صعباً ومُستنزفاً. على الرغم من أنّك قد لا تكون قادراً على جعل الجميع سعيداً بنسبة 100% في جميع الأوقات، ولكن الحفاظ على علاقات صادقة ومليئة بالثقة مع الزبائن يمكن أن يساعدك في أن تضمن أنّ الضّرر سيكون في حدّه الأدنى إذا وقع خطأٌ ما. تؤدّي العلاقات الجيدة مع الزبائن والعملاء أيضاً إلى مبيعات إضافية، وإلى التقدّم الوظيفي، وإلى حياة مُجزيةٍ أكثر.
كيف تبني علاقات عمل جيّدة؟
ماذا يمكنك أن تفعل لبناء علاقاتٍ أفضل في العمل؟
1. تطوير المهارات الاجتماعية:
تبدأ العلاقات الجيّدة بمهاراتٍ اجتماعيةٍ جيدّة، على سبيل المثال، كم أنت جيّدٌ في التعاون والتواصل والتعامل مع الصراع. هناك العديد من الآليات التي سوف تساعدك على التعامل مع أيّ نقاط ضعفٍ لديك.
2. تحديد حاجاتك من العلاقة:
ألقِ نظرة على حاجاتك من العلاقة الخاصة بك. هل تعرف ما تحتاجه من الآخرين؟ وهل تعرف ماذا يحتاجون منك؟ يمكن أن يكون لفهم هذه الاحتياجات دورٌ أساسيٌ في بناء علاقاتٍ أفضل.
3. جدولة الوقت لبناء العلاقات:
خصص جزءاً من يومك لبناء العلاقات، حتى لو كان 20 دقيقةً فقط أو توزيع خمس دقائق لكلّ جزء. على سبيل المثال، يمكنك الدخول إلى مكتب شخصٍ ما أثناء الغداء، والرد على منشورات الأشخاص على تويتر أو "لينكد إن" أو اطلب من زميلك تناول كوب قهوة. تساعد هذه التفاعلات الصغيرة في بناء أساس علاقةٍ جيّدة، خاصّةً إذا كانت وجهاً لوجه.
4. التركيز على الذكاء العاطفي الخاص بك:
اقضِ وقتاً في تطوير ذكائك العاطفي (EI). والذكاء العاطفي هو قدرتك على التعرّف على مشاعرك، وفهمها بوضوح وما تقوله لك من بين أشياء أخرى. يساعدك الذكاء العاطفي العالي أيضاً على فهم مشاعر واحتياجات الآخرين.
5. تقدير الآخرين:
أظهر تقديرك كلما ساعدك أحد. فالجميع، بدءاً من رئيسك في العمل إلى عامل نظافة المكتب، يريدون أن يشعروا أنّ عملهم موضع تقدير. لذلك امدح الناس من حولك عندما يفعلون شيئاً جيّداً. هذا سوف يفتح الباب لعلاقات عملٍ عظيمة.
6. كُن ايجابيّاً:
ركّز على أن تكون إيجابيّاً. فالإيجابيّة جذّابة ومُعدية، وسوف تساعد في تعزيز علاقاتك مع زملائك. لا أحد يريد أن يكون بقرب شخصٍ سلبيٍّ كلّ الوقت.
7. إدارة الحدود الخاصة بك:
تأكّد من تعيين الحدود وإدارتها بشكلٍ صحيح، إذ كلّنا نريد أن يكون لدينا أصدقاء في العمل، ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تبدأ الصداقة في التأثير على وظائفنا، خاصةً عندما يبدأ صديقٌ أو زميلٌ في احتكار وقتنا. إذا حدث هذا، فمن المهم أن تكون حازماً بشأن حدودك وأن تعرف كم من الوقت يمكنك تكريسه خلال يوم العمل في التفاعلات الاجتماعية.
8. تجنّب الثرثرة:
لا تثرثر، فسياسة المكتب و"الثرثرة" هما القتلة الرئيسيين في العمل. إذا كنت تواجه نزاعاً مع شخصٍ ما في مجموعتك، تحدّث معه مباشرةً حول المشكلة. النميمة حول الوضع مع الزملاء الآخرين سوف يُفاقم الوضع فقط، وسوف يسبب عدم الثقة والعداء بينكما.
9. تدرّب على الاستماع الفعّال:
وذلك عندما تتحدّث إلى عملائك وزملائك. فالأشخاص يستجيبون لأولئك الذين يستمعون حقًاً إلى ما يقولونه لهم. ركّز على أن تكون مُستمعاً أكثر من أن تكون متحدّثاً، وسوف تصبح مع الوقت معروفاً كشخصٍ يمكن الوثوق به.
العلاقات الصعبة:
في بعض الأحيان، سيكون عليك العمل مع شخصٍ لا تحبّه أو مع شخصٍ أنت ببساطةٍ لا يمكن أن تتّفق معه. ولكن من أجل مصلحة عملك، من الضروري أن تحافظ على علاقةٍ مِهنيّةٍ معه. عندما يصادفك ذلك، ابذل جهداً للتعرّف على الشخص. فمِن المُحتمل أنّه يعلم تمام المعرفة أنّ كِلاكُما لستما على توافق، لذلك قم بالخطوة الأولى لتحسين العلاقة من خلال إشراكه في محادثةٍ صادقة، أو عن طريق دعوته لتناول الغداء. بينما يتحدّث، حاول ألّا تكون شديد الحذر. اسأله عن خلفيته، واهتماماته والنجاحات السابقة له. وبدلاً من التركيز على الاختلافات بينكما، ركّز في العثور على الأشياء المشتركة بينكما.
فقط تذكّر، ليس كلّ العلاقات ستكون جيّدة ولكن يمكنك الضمان على الأقل، أن تكون عمليّة!
المصدر موقع "مايند تولز".
أضف تعليقاً