فن التأثير:
فن التأثير اصطلاحا، هو القدرة على تغيير وجهات النظر وإقناعهم بالأفكار التي تتبناها وذلك عبر سلطة الكاريزما التأثيرية التي يخضع لها الأفراد بشكل تلقائيى عبر مؤثرات غير ملموسة لكنها ذات أثر محسوس.
يعد فن التأثير في الآخرين أحد أهم الكفاءات للقادة والمديرون في المشهد المهني والعملي، حيث يعمدون إلى تحسينها وتطويرها بشكل دائم، للتأثير بموظفيهم وتوجيههم نحو إنجاز الأهداف والاسراتيجيات المخطط لها.
التأثير على الآخرين:
التأثير على الآخرين هو قدرة فريدة يمكن أن تمتلكها الشخصية، حيث يمكن لأفكارها وسلوكها أن تؤثر بشكل كبير على الأفراد من حولها. من جانب آخر، يمكننا القول أن قدرة التأثير على الآخرين ليست مهارة يمكن اكتسابها بسهولة، بل تتطلب فهما عميقا لنفسك أولا وللآخرين إضافة إلى امتلاك مهارات تواصل قوية.
يمكن أن يكون التأثير على الآخرين سلبي أو إيجابي، حيث يمكن للشخص التأثير بالآخرين بشكل إيجابي ويدفعهم إلى الإنجاز والنجاح، أو أن يؤثر سلبًا عليهم ويقلل من ثقتهم بأنفسهم. لذلك، يجب أن يكون للشخص وعي كامل بتأثيره على الآخرين وأن يسعى دائمًا لتحقيق تأثير إيجابي.
إذا أردت أن تكون قادرا على التأثير بالآخرين إيجابيا عليك أن تكون قدوة لهم من خلال سلوكك وأفعالك، وأن تكون دائمًا على استعداد للمساعدة والتعاون معهم. إن التأثير الإيجابي على الآخرين يمكن أن يخلق جوًا إيجابيًا يعزز التعاون والتفاعل الإيجابي بين الناس.
كيف يمكنك التأثير بالأشخاص الآخرين؟
هناك العديد من الطرق التي تجعلك تؤثر في الأشخاص الآخرين المحيطين بك سواء ضمن الإطار الذي تعمل أو خارجه، ومن هذه الطرائق نذكر لكم:
1. القدرة على حل المشكلات:
من الأمور التي تجعلك قادراً على التأثير في الأشخاص الآخرين وإقناعهم بأفكارك، هي القدرة على حل المشكلات، والخروج منها بأقل الخسائر وبأفضل الحلول والبدائل، وخاصةً في عصرنا الحالي الذي يتميز بكثرة المشكلات والقضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ فالناس بحاجة إلى وجود أشخاص يُعتَمد عليهم، وقادرين على حل المشكلات التي تواجههم، فإذا تمكنت من التمتع بهذه المهارة فعند ذلك الجميع يحترمك، وستكون قادراً على التأثير فيهم وإقناعهم بسهولة غير متوقعة.
2. الثقة بالنفس:
قبل أن تحاول التأثير في الآخرين يجب أن تكون صاحب ثقة عالية بالنفس، فذلك يُسهِّل عليك عملية الإقناع، والوصول إلى ما تسعى إليه وتريده، فمن يفتقد للثقة بالنفس لن يجد من يصغي لآرائه وأفكاره.
3. امتلاك الكاريزما:
الجاذبية أو الكاريزما من العناصر المهمة جداً والتي يجب امتلاكها لكي تستطيع التأثير بالأشخاص الآخرين، فالكاريزما هي جميع الأقوال والأفعال التي تبرز شخصيتك الحقيقية، فالإيماءات، والتعبير البدني، والطريقة التي تتعامل وتنظر بها إلى الأشخاص الآخرين تؤدي دوراً مهماً جداً في التأثير غير الواعي في الشخص المستقبل، فإن لم تكن تمتلك هذه الكاريزما؛ فيجب عليك أن تراقب لغة جسدك، وتتعلم كيف تتحدث، وكيف تنصت لما يقوله الآخرون، كما يجب أن تتمتع بالهدوء والود قدر المُستطاع.
4. أن تكون مخلصاً:
يجب أن تكون مخلصاً لكي تكون قادراً على كسب احترام الأشخاص الآخرين من حولك، وكسب حبهم؛ ونتيجة لذلك تزداد قدرتك على التأثير فيهم وإقناعهم بما تريد بسهولة ودون أي عناء؛ فالاحترام يُكتسب من خلال المعاملة الحسنة وليس من الأوامر.
5. امتلاك مهارة التحفيز وإتقانها:
لا يمكننا الفصل بين مهارة القدرة على التحفيز وبين التأثير في الأشخاص الآخرين، فلا يمكنك إقناع الأشخاص دون معرفة الدافع لذلك، فتشجيعهم وتحفيزهم لإنجاز المهام المطلوبة منهم ليس أمراً هيناً، فالحوافز تختلف من شخصٍ لآخر؛ لذلك يجب عليك أن تعرف ما هي الأشياء التي تجعل كل شخص متحفزاً لأداء مهمته على الوجه الأكمل، وبالتالي الحصول على إنتاجية عالية في العمل.
6. القدرة على التفكير الاستراتيجي:
بامتلاكك مهارة التفكير الاستراتيجي يمكن التأثير على الأشخاص الآخرين وإقناعهم بتبني أفكارك وآرائك، فأصحاب المشاريع الكبيرة حول العالم والمخترعين، تمكنوا من إحداث تأثير عظيم وهائل في العالم بامتلاكهم مهارة التفكير الاستراتيجي.
7. القدرة على الإصغاء:
من الأمور التي تجعل الأشخاص الآخرين يحبونك ويحبون التعامل معك ويفضلونه هو الاستماع إليهم وإلى مشاكلهم والاهتمام بكل مناقشةٍ وشكوى لهم؛ فالطبيعة البشرية تجعل الأشخاص يمتنون لمن يهتم لديهم من مشكلات ولو بالاستماع والإنصات فقط، والمستمع الجيد هو أكثر من يستطيع التأثير بمن حوله؛ ذلك لأنَّه حينها يكون من السهل عليه اكتساب ثقتهم، وبالتالي إقناعهم بأفكاره.
شاهد بالفيديو: 7 أسرار للإصغاء الفعال
8. تكوين العلاقات الجيدة مع الآخرين:
من الأمور التي تعطيك فرصة مميزة لتبادل الآراء والأفكار مع الأشخاص المحيطين، هي إنشاء علاقات جيدة معهم؛ لذا تُعد مهارة تكوين صداقات مع الأفراد أو المجموعات من الأمور الهامة لتكوين الثقة المتبادلة معهم.
9. القدرة على رواية القصص:
من الأمور التي تجعل الأشخاص الآخرين يفهمونك بشكلٍ أفضل هي إظهار استراتيجيتك أو فكرتك أو رأيك لهم من خلال القصص؛ إذ إنَّ القصص لها قدرة كبيرة على التأثير في الأشخاص وإقناعهم، فهم غالباً لا يكترثون لسماع الأرقام والحقائق، ولكنَّهم ينجذبون ويهتمون عند سماعهم القصص.
10. مهارة التخطيط:
إنَّ أفضل بداية لإتقان فن التأثير في الأشخاص الآخرين هي دراسة شخصياتهم، فلا شيء يتحقق بدون تخطيط؛ ذلك لأنَّ مهارتك في إقناعهم في كل مرة تعتمد بالدرجة الأولى على الدراسة والتحضير؛ لذا يجب أن تمتلك معلومات كافية عن الأشخاص المحيطين بك سواء على صعيد العمل أو خارجه.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإخفاق في التأثير على الآخرين؟
هناك بعض الأشخاص يتبعون أساليب خاطئة في التأثير على الآخرين وإقناعهم ولهذا السبب يُخفقون في ذلك، ومن هذه الأساليب والطرائق الخاطئة نذكر لكم:
1. الإلحاح بالطلب:
من الأساليب الخاطئة لإقناع الآخرين الإلحاح، والاعتقاد بأنَّ تذكيرهم باستمرار حول ضرورة القيام بمهمةٍ معينة سيدفعم بالنهاية إلى فعلها وتنفيذها، ومع أنَّ البعض يمكن أن يفعل ما طلبته منه بالإلحاح والطلب المتكرر ليتخلص منك ومن إلحاحك، ولكن يمكن لكثيرٍ من الأشخاص صدك ومجابهتك بقوة.
2. المبالغة في إظهار الحماس:
إنَّ الحماس له دور كبير في تحقيق النجاح، والتأثير في الآخرين وإقناعهم، ولكن من الخطأ الاعتقاد بأنَّ إظهار الحماس والشغف هو الطريق الوحيد للتأثير في الأشخاص الآخرين؛ بالإضافة إلى أنَّ الإفراط والمبالغة فيهما ستؤدي إلى نتائج سلبية قطعاً، كما أنَّ الثقافات والمجتمعات المختلفة تؤدي دوراً في ذلك، فكلٌ منها له معاييره الخاصة، والأسلوب والطريقة والحماس الذي يُشجع عليه في شركة معينة قد لا يكون مرحباً به في شركةٍ أخرى في مجتمعٍ أخر.
3. إساءة فهم الأشخاص الآخرين:
تجعلك إساءة فهم الشخص الذي تحاول التأثير فيه وإقناعه توجه له معلومات أو ملاحظات مغلوطة، الأمر الذي يتسبب بنتائج عكسية هائلة عليك، وذلك لأنَّ الشخص الآخر يمكن ألا يقتنع نهائياً بما قلته؛ لأنَّ معلوماتك التي قدمتها نتيجة فهمك الخاطىء لا تهمه ولا ترضي احتياجاته، أو يمكن أن يتأثر ويقتنع ببداية الأمر بما قلت ثم سيكتشف بعد ذلك أنَّ ما قدمته من معلوماتٍ كان خاطئاً ولم يكن بالدقة المطلوبة؛ مما يدفعه إلى تغيير رأيه وعدم الإقتناع بما تقول.
4. الابتزاز والترهيب:
بينت الكثير من الأبحاث العالمية والدراسات أنَّ الإنتاجية تكون عاليةً بشكلٍ دائم عندما يضطلع العمال بمهامهم برغبتهم الذاتية وبإرادتهم؛ ولكنَّ أساليب الترهيب، أو الابتزاز، أو التخويف، كلها أساليب أثبتت إخفاقها في عملية التأثير في الأشخاص الآخرين وإقناعهم، وأكبر مثال على ذلك: يمكن أن يفعل العمال ما طلبته منهم عند استخدامك القوة؛ ولكن ذلك لن يحدث إلا لفترة وجودك معهم، وعندما تذهب ستنخفض الإنتاجية وتقل، وذلك بسبب غياب الحافز الشخصي.
5. تقييم القدرة على الإقناع بشكلٍ مبالغٍ فيه:
عندما يكون الشخص متأكداً وواثقاً بشكلٍ مبالغٍ فيه بقدرته على التأثير في الأشخاص الآخرين وإقناعهم، عندها سيتوقف عن تطوير نفسه وتنمية مهاراته في الإقناع والتأثير في الآخرين؛ لذا ومع جميع التغيرات والتطورات التي تحدث في عالمنا في السنوات الأخيرة يُنصح بأن يعيد كل شخص تقييم مهاراته الذاتية من وقتٍ لآخر، وتحديد فيما إذا كان بحاجة إلى تعزيز وتحسين هذه القدرات.
6. التحدث باستمرار وعدم الإنصات والاستماع للطرف الآخر:
من الأمور التي تنعكس سلباً في عملية التأثير بالأشخاص الآخرين وإقناعهم، الاستمرار في التحدث لفترةٍ طويلة دون أي يحسبوا أدنى حساب للطرف المستمع، وفيما لو كان يريد قول شيءٍ أم لا؛ وهذا يُعدُّ خطأ الكثير من موظفي التسويق والمبيعات، الأمر الذي تنعكس نتائجه بشكلٍ سلبي عليهم، فيعرض عنهم الزبائن والعملاء بدلاً من الإقبال على شراء الخدمات التي يعرضونها.
حكم وأقول عن التأثير بالآخرين وإقناعهم:
- يمكن القول أنَّ الشخصية أكثر الأدوات قدرة على الإقناع. (أرسطو).
- عندما تناقش أحداً في أمرٍ يهمه أو يهمك، احرص على أن تضع أمام نفسك هدفاً واضحاً: هو الإقناع بالنسبة إليه وزيادة الاقتناع بالنسبة لك، لا الجدل لأجل الجدل أو الرغبة في التغلب على الآخر كمن يريد أن يظهر على عدوه في الحرب. (كمال جنبلاط).
- إنَّه من الحكمة وإقناع الناس أن تفعل أشياء وجعلهم يعتقدون أنَّها كانت فكرتهم الخاصة. (نيلسون مانديلا).
- ما لم يُصلح بالحوار والإقناع، لن يُحوَّل بالقسر والإجبار. (محمد سعيد رمضان البوطي).
- لا يَجر العاقل إلى جريرةٍ أبداً، فالعاقل موهوب في إقناع الناس للعودة إلى جادة الصواب. (جلال الخوالدة).
- لا يمكن إقناع شخص مؤمن بأي شيء؛ لأنَّ إيمانه ليس مبنياً على الأدلة، وإنَّما على حاجةٍ ماسة للإيمان. (كارل ساغان).
- يجب إرشاد الأطفال إلى الطريق الصحيح عن طريق الإقناع لا القسوة. (تيرنس).
كيف تؤثر في الناس بالكلام؟
يعتبر الكلام أحد أهم وسائل التواصل بين الناس، فالطريقة التي نتحدث بها ونستخدم فيها الكلمات يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الآخرين. لذا، في حال كان لدينا القدرة على التحكم في كيفية تأثيرنا بالناس من خلال الكلام، فإن ذلك يمكن أن يسهم في بناء علاقات إيجابية وتحقيق نجاحات في حياتنا الشخصية والمهنية.
يمكننا الانتباه للنقاط التالية في حال أردنا التحكم بقدرتنا على التأثير في الناس بالكلام:
1. الوعي لقوة الكلمة:
يجب علينا أن نكون واعين لقوة الكلمات وتأثيرها على الآخرين. فالكلمات التي نستخدمها يمكن أن تجعل الشخص يشعر بالسعادة والتحفيز أو بالحزن والإحباط. لذلك، يجب أن نكون حذرين في اختيار الكلمات التي نستخدمها وكيفية توجيهها بشكل صحيح.
2. الاستعانة بلغة الجسد:
من المهم أن نتعلم كيفية التواصل بفعالية من خلال الكلام. يمكننا ذلك من خلال استخدام اللغة الجسدية بشكل صحيح، والابتسامة، والنظر المباشر إلى الشخص الذي نتحدث معه، وإظهار الاهتمام بما يقوله الآخر. هذه العوامل يمكن أن تزيد من فاعلية كلامنا وتجعلنا نظهر بشكل إيجابي في نظر الآخرين.
3. صدق المشاعر:
يجب علينا أن نكون صادقين في كلامنا وأن نعبر عن مشاعرنا وأفكارنا بشكل صادق وصريح. فالصدق والشفافية يمكن أن يجعل الآخرين يثقون بنا ويقدرون تواصلنا معهم.
في الختام:
يجب أن نتذكر دائمًا أن قوة التأثير على الآخرين تأتي مع مسؤولية كبيرة، وأن يكون التأثير الذي نمارسه دائمًا إيجابيًا ومفيدًا. إن كلمة طيبة أو موقف إيجابي قد يكون له تأثير كبير على شخص ما، لذلك لا تحتقر قدرة التأثير على الآخرين واستخدمها بحكمة وذكاء.
التعليقات
نعيمي فاطيمة
قبل 2 سنةموضوع فن الالقاء
أضف تعليقاً