تشمل الحالات الشائعة المرتبطة غالباً بمشكلات النوم حرقة المعدة، والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات العضلية الهيكلية وأمراض الكلى، ومشكلات الصحة النفسية والاضطرابات العصبية، ومشكلات الجهاز التنفسي وأمراض الغدة الدرقية، إضافةً إلى ذلك، قد تؤثر بعض الأدوية المستخدمة لعلاج هذه المشكلات الصحية وغيرها في جودة النوم ومدته.
بعض الأسباب الطبية لمشكلات النوم:
أولاً: الحالات الجسدية المزمنة
1. حرقة المعدة:
غالباً ما يؤدي الاستلقاء على السرير إلى تفاقم حرقة المعدة، والتي تنتج عن ارتجاع حمض المعدة إلى المريء، وبوسعك اتِّقاء هذه المشكلة بالامتناع عن تناول الأطعمة الدسمة أو الدهنية، وكذلك الامتناع عن احتساء القهوة في المساء، وبإمكانك أيضاً الاستفادة من الجاذبية برفع الجزء العلوي من جسمك بوضع شيء تحت المرتبة أو تحت أعمدة السرير، وثمة أدوية أيضاً تثبط إفراز حمض المعدة.
2. السكري:
مرض السكري هو اضطراب مزمن شائع يتميَّز بارتفاع مستويات الجلوكوز أو السكر في الدم، ويحدث ذلك عندما لا تتجاوب الخلايا بصورة مناسبة مع الأنسولين (هرمون يفرزه البنكرياس)، وعندما لا يتمكن البنكرياس من إنتاج مزيد من الأنسولين بسبب ذلك، فقد يعاني مرضى السكري الذين لديهم خلل في مستويات السكر في الدم من مشكلات في النوم بسبب:
- التعرق الليلي.
- الحاجة المتكررة إلى التبول.
- أعراض انخفاض نسبة السكر في الدم.
إذا أدَّى مرض السكري إلى تلف الأعصاب في الساقين، فقد تؤدي الحركات غير الإرادية في النوم أو الألم إلى اضطراب النوم.
3. قصور القلب:
هو حالة تتَّسم بالانخفاض التدريجي في قدرة القلب على ضخِّ كمية كافية من الدم إلى أعضاء الجسم، وقد تؤدي إلى تراكم السوائل في الرئتين والأنسجة، فقد يستيقظ المرضى الذين يعانون قصور القلب في الليل وهم يشعرون بضيق في التنفس، بسبب تراكم سوائل الجسم الزائدة حول الرئتين عند الاستلقاء، وقد يفيد هؤلاء استعمال الوسائد لرفع الجزء العلوي من الجسم.
يستيقظ هؤلاء أيضاً في اللحظة التي يغفون فيها، بسبب نمط تنفس مميز يسمى تنفس تشاين-ستوكس (Cheyne-Stokes Respiration)، وهو عبارة عن سلسلة من الأنفاس العميقة يتبعها توقف قصير في التنفس، وتساعد أدوية النوم (بنزوديازيبين) بعض الأشخاص على البقاء نائمين على الرغم من اضطراب التنفس هذا، لكن قد يحتاج آخرون إلى استخدام أوكسجين إضافي أو جهاز يزيد الضغط في مجرى الهواء العلوي وتجويف الصدر لمساعدتهم على التنفس والنوم الطبيعي.
يعاني الرجال المصابون بقصور القلب في كثير من الأحيان من انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم، وهو اضطراب في التنفس يسبب الاستيقاظ المتكرر في الليل، ما يؤدي إلى إعاقة النوم، والنعاس في النهار، وتفاقم قصور القلب لدى الأشخاص المصابين بمرض الشريان التاجي، فقد تؤدي التقلبات الطبيعية في إيقاعات الساعة البيولوجية إلى ذبحة صدرية (ألم في الصدر)، أو عدم انتظام ضربات القلب، أو حتى نوبة قلبية في أثناء النوم.
4. الاضطرابات العضلية الهيكلية:
يُصعِّب التهاب المفاصل على الأشخاص النوم والعودة إلى النوم عند تغيير وضعية نومهم، إضافةً إلى ذلك، يسبِّب العلاج بالستيرويدات الأرق في كثير من الأحيان، وقد تجد أنَّه من المفيد تناول الأسبرين أو دواء مضاد للالتهابات غير الستيرويدية (NSAID) قبل وقت النوم مباشرة لتخفيف الألم والتورم في المفاصل في الليل.
من المرجَّح أن يستيقظ الأشخاص المصابون بالفيبروميالجيا، وهي حالة تتميَّز بألم في الأربطة والأوتار في الصباح وهم يشعرون بالتعب والتصلب والألم مثل الشخص المصاب بالتهاب المفاصل، ووجدَ الباحثون الذين حلَّلوا نوم مرضى الفيبروميالجيا، أنَّ ما لا يقل عن نصفهم يعانون من نوم عميق غير طبيعي، فتختلط موجات الدماغ البطيئة مع موجات ترتبط عادة باليقظة المريحة، وهو نمط يسمى نوم ألفا دلتا (Alpha-Delta).
5. أمراض الكلى:
يعاني الأشخاص المصابون بأمراض الكلى من تلف الكلى إلى الحدِّ الذي يجعلها غير قادرة على تصفية السوائل وإزالة الفضلات والحفاظ على توازن الشوارد بكفاءة كما ينبغي، وقد يؤدي مرض الكلى إلى تراكم الفضلات في الدم والأرق أو أعراض متلازمة تململ الساقين، وعلى الرغم من أنَّ الباحثين لا يعرفون السبب، فإنَّ غسيل الكلى أو زرعها لا يعيد النوم إلى طبيعته دائماً.
شاهد بالفيديو: 6 أسباب وراء الحرمان من النوم العميق
6. التبول في الليل:
التبول الليلي هو الحاجة إلى الاستيقاظ على نحو متكرر للتبول في الليل، وهو سبب شائع لقلة النوم، خاصة بين كبار السن، وتؤدي الحالة الخفيفة إلى استيقاظ الشخص مرتين على الأقل في الليل، وفي الحالات الشديدة، قد يستيقظ الشخص ما يصل إلى خمس أو ست مرات، وقد يكون التبول الليلي نتيجة التقدم في السِّنِّ، ولكن تشمل الأسباب الأخرى بعض الحالات الطبية (قصور القلب، والسكري، والتهاب المسالك البولية، وتضخم البروستاتا، وفشل الكبد، والتصلب المتعدد، وانقطاع التنفس في أثناء النوم)، والأدوية (خاصة مدرات البول)، والإفراط في تناول السوائل بعد تناول العشاء.
تنقسم علاجات التبول الليلي إلى ثلاث فئات:
- علاجات لحل المشكلة الطبية.
- التدخلات السلوكية.
- الأدوية.
الخطوة الأولى هي محاولة تحديد المشكلة وعلاجها، فإذا لم ينجح هذا، فحاوِلْ اتباع النهج السلوكي، مثل تقليل كمية المشروبات التي تشربها قبل النوم بساعتين، وخاصة التي تحوي الكافيين، فإذا استمرت المشكلة، فقد يصف لك طبيبك أحد الأدوية المعتمدة لعلاج فرط نشاط المثانة.
7. مرض الغدة الدرقية:
قد يسبِّب فرط نشاط الغدة الدرقية مشكلات في النوم، ويؤدي هذا الاضطراب إلى الإفراط في تحفيز الجهاز العصبي، وهذا يجعل من الصعب النوم، وقد يسبِّب التعرق الليلي، والذي يؤدي بدوره إلى الاستيقاظ في الليل، ويعدُّ الشعور بالبرد والنعاس من العلامات المميزة لقصور الغدة الدرقية.
نظراً لأنَّ وظيفة الغدة الدرقية تؤثر في كل عضو وجهاز في الجسم؛ فقد تكون الأعراض واسعة النطاق ويصعب أحياناً معرفة سببها، ويتطلَّب فحص وظيفة الغدة الدرقية إجراء فحص دم بسيط فقط، لذلك إذا لاحظت مجموعة متنوعة من الأعراض غير المبررة، فاطلب من طبيبك إجراء اختبار الغدة الدرقية.
8. مشكلات في التنفس:
قد تؤدي التغيرات المرتبطة بالساعة البيولوجية في توتر العضلات المحيطة بالممرات الهوائية إلى انقباض المسالك الهوائية في الليل، ما يزيد من احتمال حدوث نوبات الربو الليلية التي توقظ النائم فجأة، فقد تؤدي صعوبات التنفس أو الخوف من التعرض لنوبات إلى زيادة صعوبة النوم، كما هو الحال مع استخدام الستيرويدات أو أدوية التنفس الأخرى التي لها أيضاً تأثير منشط مشابه لتأثير الكافيين، فقد يواجه الأشخاص المصابون بانتفاخ الرئة أو التهاب الشعب الهوائية أيضاً صعوبة في النوم وفي البقاء نائمين، بسبب زيادة إنتاج البلغم وضيق التنفس والسعال.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً
ثانياً: اضطرابات الصحة النفسية
يواجه معظم الأشخاص الذين يعانون القلق أو الاكتئاب صعوبة في النوم والاستمرار في النوم، وفي المقابل، قد يؤدي عدم القدرة على النوم إلى خوف وتوتر مستمر لدى بعض المرضى، وهذا يسبِّب مزيداً من الحرمان من النوم.
1. القلق العام:
يتميَّز القلق الشديد، المعروف أيضاً باسم اضطراب القلق العام، بمشاعر القلق المستمرة والمزعجة، أو التوجس، أو عدم الارتياح، وتكون هذه المشاعر إمَّا شديدة أو غير متناسبة مع المشكلات والمخاطر الحقيقية في حياة الشخص اليومية، وعادة ما يعاني الأشخاص المصابون بالقلق العام من قلق شديد ومستمر على أساس يومي أو شبه يومي مدة ستة أشهر أو أكثر، وتشمل الأعراض الشائعة صعوبة في النوم، وفي البقاء نائماً، وعدم الشعور بالراحة بعد النوم.
2. الرهاب ونوبات الهلع:
الرهاب هو مخاوف شديدة تتعلَّق بشيء أو موقف معيَّن، ونادراً ما يسبِّب مشكلات في النوم، إلَّا إذا كان الرهاب في حدِّ ذاته مرتبطاً بالنوم (مثل الخوف من الكوابيس أو غرفة النوم)، ومن جهة أُخرى، فإنَّ نوبات الهلع غالباً ما تحدث في الليل، ساعد ـ في الواقع ـ توقيت النوبات الليلية على إقناع الأطباء النفسيين بأنَّ هذه النوبات لها أساس بيولوجي، ولا تحدث نوبات الهلع المرتبطة بالنوم في أثناء الحلم، بل تحدث في مرحلة النوم الخفيف، ومرحلة النوم العميق، وهما خاليتان من المحفزات النفسية في عدد من حالات الرهاب واضطرابات الهلع، وقد يؤدي تحديد المشكلة الأساسية وعلاجها غالباً باستخدام دواء مضاد للقلق إلى حل اضطراب النوم.
3. الاكتئاب:
نظراً لأنَّ نحو 90% من الأشخاص المصابين بالاكتئاب الشديد يعانون الأرق؛ فإنَّ الطبيب الذي يعاين شخصاً يعاني الأرق سيأخذ في الحسبان الاكتئاب بوصفه سبباً محتملاً، ويعدُّ الاستيقاظ مبكراً جداً في الصباح علامة مميزة للاكتئاب، ويجد بعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب صعوبة في النوم أو ينامون نوماً متقطعاً في الليل، وفي حالات الاكتئاب المزمن الخفيف، قد يكون الأرق أو النعاس من أبرز الأعراض، فأظهرت الدراسات المخبرية أنَّ الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب يقضون وقتاً أقل في نوم المرحلة البطيئة وقد يدخلون في مرحلة نوم حركة العين السريعة بسرعة أكبر في بداية الليل.
4. اضطراب ثنائي القطب:
يعد النوم المضطرب سمة بارزة لاضطراب ثنائي القطب (المعروف أيضاً باسم مرض الهوس الاكتئابي)، وقد يؤدي الحرمان من النوم إلى تفاقم أعراض الهوس أو تحفيزها أو تخفيف الاكتئاب مؤقتاً، وفي أثناء نوبة الهوس، قد لا ينام الشخص على الإطلاق عدة أيام، وغالباً ما يتبع مثل هذه الأحداث انهيار يقضي فيه الشخص معظم الأيام القليلة التالية في السرير.
5. الفصام:
ينام بعض الأشخاص المصابين بالفصام قليلاً جداً في المرحلة المبكِّرة والأشد من النوبة بين النوبات، من المرجح أن تتحسَّن أنماط نومهم، على الرغم من أنَّ معظم مرضى الفصام نادراً ما يحصلون على قدر كاف من النوم العميق.
ثالثاً: الاضطرابات العصبية
قد تسهم بعض اضطرابات الدماغ والأعصاب في الأرق، ومن ذلك:
1. الخَرَف:
قد يؤدي مرض ألزهايمر وأشكال الخرف الأخرى إلى تعطيل تنظيم النوم ووظائف الدماغ الأخرى، فقد يتطلَّب شرود الذهن والارتباك والانفعال في المساء والليل، وهي ظاهرة تُعرف باسم متلازمة الغروب، إشرافاً مستمراً على المريض، ويضع هذا حملاً ثقيلاً على مقدمي الرعاية الصحية، ففي مثل هذه الحالات، تكون الجرعات الصغيرة من الأدوية المضادة للذهان أكثر فائدة من أدوية البنزوديازيبين.
2. الصرع:
الأشخاص المصابون بالصرع، وهي حالة يكون فيها الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأرق بمقدار الضعف مقارنة بالآخرين، وقد تؤدي اضطرابات موجة الدماغ التي تسبِّب النوبات إلى نقص في نوم المرحلة البطيئة أو نوم حركة العين السريعة، وقد تسبِّب الأدوية المضادة للنوبات تغيرات مماثلة في البداية، ولكنَّها تميل إلى تصحيح اضطرابات النوم عند استخدامها مدة طويلة.
يعاني واحد من كل أربعة أشخاص مصابين بالصرع من نوبات تحدث غالباً في الليل، وهذا يسبِّب اضطراب النوم والنعاس في النهار، قد يؤدي الحرمان من النوم أيضاً إلى حدوث نوبة صرع، وهي ظاهرة تُلاحظ في مستوصفات الكليات في فترات الامتحانات، فيعاني بعض الطلاب من أولى نوبات الصرع بسبب السهر حتى وقت متأخر للدراسة.
3. الصداع والسكتات الدماغية والأورام:
يجب على الأشخاص المعرضين للصداع الحرص على تجنُّب الحرمان من النوم، لأنَّ قلة النوم تسبِّب الصداع، فقد يرتبط كل من الصداع العنقودي والصداع النصفي بالتغيرات في حجم الأوعية الدموية المؤدية إلى قشرة الدماغ، ويحدث الألم عندما تتوسع جدران الأوعية الدموية، ويرى الباحثون أنَّه عندما يعوِّض الجسم ما فاته من النوم، فإنَّه يقضي وقتاً أطول في نوم الدلتا (Delta)، عندما تكون الأوعية الدموية أضيق، وهذا يجعل الانتقال إلى نوم حركة العين السريعة أكثر تأثيراً، ومن المرجح أن يسبِّب الصداع، وغالباً ما يكون الصداع الذي يوقظ المرضى صداعاً نصفياً، ولكن يمكن تخفيف بعض أنواع الصداع النصفي عن طريق النوم، فقد يشير النعاس المقترن بالدوخة أو الضعف أو الصداع أو مشكلات في الرؤية إلى وجود مشكلة خطيرة مثل ورم في المخ أو سكتة دماغية، وهذا يتطلَّب عناية طبية فورية.
4. مرض باركنسون (Parkinson’s Disease):
يعاني معظم الأشخاص المصابين بمرض باركنسون من الأرق، وقد يكون مجرد الاستلقاء على السرير والنهوض منه أمراً صعباً، وغالباً ما يعوق المرض النوم، وسبب بعض حالات الاستيقاظ هو الارتعاشات والحركات الناجمة عن الاضطراب، ويبدو أنَّ بعضها الآخر ناتج عن الاضطراب نفسه، وهذا يؤدي إلى النعاس في النهار.
قد يكون العلاج بالحبوب المنوِّمة صعباً، لأنَّ بعض الأدوية تؤدي إلى تفاقم أعراض مرض باركنسون، وقد يعاني بعض المرضى الذين يتناولون الأدوية المستخدمة في علاج مرض باركنسون من كوابيس شديدة، ويعاني بعضهم الآخر من اضطراب نوم حركة العين السريعة، ومع ذلك، لا بدَّ من تناول هذه الأدوية ليلاً للحفاظ على القدرة على التحرك لتغيير وضعية النوم في السرير، وقد يسهِّل وجود قضبان على جانب السرير أو في الجزء العلوي منه الأشخاص المصابين بمرض باركنسون على الحركة، وهذا يؤدي إلى نوم أفضل.
أضف تعليقاً