ما هو مرض الزهايمر Alzheimer's Disease؟
سمي بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الألماني الذي كان أول من استطاع توصيفه في عام 1906م، والذي يدعى: "ألوسي الزهايمر"؛ كما يسمى أيضا بـ "العَتَه" أو "الخرف الكهلي"، وهو عبارة عن مرض دماغي متقدم يحدث فيه تلف وضمور تدريجي لخلايا المخ السليمة؛ وأكثر أجزاء المخ إصابة هي: أجزاء التفكير والذاكرة والكلام، الأمر الذي ينتج عنه تراجع مستمر في القدرات العقلية والذهنية.
يعد مرض الزهايمر السبب السادس للوفاة عالميا، ومن أكثر أنواع الخرف شيوعا، ويزداد احتمال الإصابة به مع تقدم الإنسان بالعمر، ولكنه لا يعد مرحلة طبيعية من مراحل الشيخوخة، وتكون فيه نسبة إصابة الرجال أقل من نسبة إصابة النساء.
يحدث هذا المرض مشكلات في التفكير والسلوك والذاكرة، وبالتالي لا يستطيع المريض ممارسة أمور حياته اليومية بشكل طبيعي، ويزداد الأمر سوءا مع مرور الوقت، وتكون سرعة تقدمه وتطوره متفاوتة من شخص إلى آخر؛ كما لا تظهر أعراضه دفعة واحدة، وإنما تكون على مراحل متعددة، ولا يوجد علاج نهائي له، ولكن هناك بعض العلاجات التي تحسن من حياة الأشخاص الذين يعانون منه.
أعراض الزهايمر:
مرض الزهايمر، وهو شكل من أشكال الخرف الذي يتسبب في تدهور التفكير، الذاكرة، والقدرات السلوكية، حيث يظهر من خلال مجموعة من الأعراض التي تتطور بمرور الوقت. الجدير بالذكر أن المرض يمر بمراحل متعددة، وكل مرحلة لها أعراضها التي تميزها، من المهم التعرف على هذه الأعراض مبكرا والتشاور مع متخصص في الرعاية الصحية لتحديد السبب وبدء العلاج المناسب عند الضرورة. هذه الأعراض تشمل، ما يلي:
1. المرحلة المبكرة لمرض الزهايمر:
لا يمكن للمريض في هذه المرحلة أن يعرف نفسه مريضا إلا بإجراء فحوصات دقيقة جدا، والتي تظهر بعض التغيرات في السائل النخاعي الشوكي والمخ والدم؛ أما بالنسبة إلى الأعراض الظاهرية فتكون غير واضحة تماما، ولكن من الممكن عند بعض المرضى ملاحظة ما يلي:
- يجد المريض صعوبة في انتقاء الكلمة المناسبة في أثناء حديثه، ويصعب عليه أيضا تذكر الأسماء.
- يجد المريض جهدا وصعوبة في أثناء قيامه بشؤون عمله، وشؤونه الاجتماعية.
- ينسى المريض ما قرأه قبل مدة قصيرة من الزمن.
- لا يضع الأشخاص المصابون بهذا المرض في مرحلته المبكرة أشياءهم الثمينة في أماكن مناسبة، ولا يتذكرون أين وضعوها.
- يعانون من صعوبة في التخطيط لأعمالهم وتنظيمها.
2. المرحلة المتوسطة لمرض الزهايمر:
تبدأ العلامات البيولوجية التي تدل على الإصابة بالظهور في هذه المرحلة، حيث ترتفع مستويات بروتين "بيتا أميلويد"؛ أما بالنسبة إلى الأعراض الظاهرية في هذه المرحلة، فتبدأ بالوضوح بشكل أكبر، ومنها:
- يميل الشخص المصاب في هذه المرحلة إلى العزلة، والانطواء الاجتماعي، وتقلبات المزاج.
- لا يستطيع المريض تذكر تاريخه الشخصي، والأحداث الهامة في حياته، وحياة الأشخاص من حوله، حيث لا يستطيع تذكر عنوان منزله، أو رقم هاتفه الشخصي، أو تذكر أيام الأسبوع.
- لا يستطيع اختيار ما يناسبه من الثياب المُلائمة له.
- يتغير نظام النوم لديه.
- يمكن في هذه المرحلة أن يضيع المريض في الطريق، وألا يستطيع تذكر عنوانه.
- يواجه تغيرات في تصرفاته وشخصيته، مثل: تمزيق المناديل، وهز اليدين، والشك المرضي، وانعدام الثقة بالآخرين، والعناد المتزايد.
3. المرحلة المتأخرة لمرض الزهايمر:
- يحتاج المصابون في هذه المرحلة إلى مراقبة وعناية دائمة ومستمرة.
- يعانون من مشاكل في القدرات الجسدية، مثل: الجلوس، والمشي، وصعوبة البلع.
- يواجهون صعوبة في التواصل مع الأشخاص الآخرين.
- لا يستطيعون إدراك جميع الأمور التي تحدث حولهم.
- تكون أجسامهم أكثر ميلا لاستقبال الأمراض المعدية، مثل: التهاب الرئة (النيمونيا).
أسباب مرض ألزهايمر:
يحدث مرض الزهايمر نتيجة ضمور وتلف أجزاء معينة في الدماغ، ولكن لم يعرف السبب في حدوث هذا الضمور حتى الآن، وقد وجد الأطباء أنه يوجد في دماغ المصاب بهذا المرض ترسبات غير طبيعية من بروتين "رقع الأميلوئيد" (Amyloid Plaques).
تشكل هذه الترسبات ما يسمى باللويحات، والتي لها تأثير في الروابط العصبية بين الخلايا، وقد تحفز أيضا الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا العصبية؛ كما يحتوي أيضا تشابكات ليفية عصبية (Neurofibrillary Tangles)، تنتج من التفاف والتواء "بروتين التاو" (Tau Protein)، وتسد طريق الغذاء، وتمنعه من الوصول إلى الخلايا الدماغية، فتموت.
لاحظ الأطباء في أثناء فحصهم أدمغة المصابين بالزهايمر عدم توازن في الناقل العصبي "أستيل كولين" (Acetylcholine)، ولاحظوا وجود تلف في الأوعية الدموية للدماغ (Brain Vascular Damage)؛ مما يؤدي إلى انخفاض مستوى فعالية الخلايا العصبية (Neurons) وإتلافها تدريجيا، ليمتد التلف إلى خلايا وأجزاء أخرى من الدماغ.
عوامل الخطر للإصابة بالزهايمر:
الزهايمر هو مرض تنكسي يصيب الدماغ ويعتبر السبب الأكثر شيوعًا للخرف. من المهم الإشارة إلى أن وجود واحد أو أكثر من هذه العوامل لا يعني بالضرورة أن الشخص سيصاب بالزهايمر، ولكنها تزيد من خطر الإصابة. الفهم الجيد لهذه العوامل قد يساعد في تطوير استراتيجيات للوقاية وإدارة المخاطر. من أهم هذه العوامل:
1. العوامل الوراثية:
يمكن أن تزيد بعض الجينات الوراثية من احتمالية الإصابة بالمرض؛ ولكن نسبة خطر الإصابة بمرض الزهايمر تعد كبيرة في حال وجود تاريخ عائلي للمرض، أو إصابة أقرباء من الدرجة الأولى بهذا المرض.
2. متلازمة داون:
يؤدي الخلل الجيني المسبب لمتلازمة داون إلى تجمع رقع الأميلوئيد في الدماغ كلما تقدم مريض متلازمة داون بالعمر؛ لذلك يعد مرضى متلازمة داون الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر.
3. التقدم في العمر:
تتضاعف نسبة احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر كل خمس سنوات بعد تجاوز سن الخامسة والستين؛ ولكن ذلك لا ينفي احتمالية إصابة الأشخاص الأصغر عمراً، فقد يصيب مرض الزهايمر المُبكِّر واحداً من كل عشرين شخصا ممن تقارب أعمارهم الأربعين عاماً.
4. أمراض القلب والشرايين:
تثبت الدراسات أن اتباع عادات غير صحية في حياتنا، والتي تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين؛ يُمكن أيضاً أن تزيد من احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر، مثل: ارتفاع الكوليسترول، والسمنة، والتدخين، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم.
5. إصابة الرأس:
لقد بينت الدراسات أن الأشخاص الذين تعرضوا إلى إصابة قوية بالرأس نتيجة حادث أو أي سبب آخر، كانوا أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بمرض الزهايمر.
اليوم العالمي لمرض الزهايمر:
قدمت مجموعة من الخبراء بمرض الزهايمر في واشنطن في عام 1984م، رؤية هدفها: "حياة أفضل للأشخاص الذين يعانون من الخرف وذويهم"، وقرروا أن يكون يوم 21 سبتمبر من كل عام اليوم العالمي لمرض الزهايمر.
كان عدد أعضاء جمعية مرض الزهايمر في عام 1984م أربعة أعضاء؛ ولكن بلغ عدد جمعيات مرض ألزهايمر 75 جمعية منتشرة في مختلف بلدان العالم في يومنا الحالي، حيث تنظم هذه الجمعيات أنشطتها في هذا اليوم العالمي بهدف لفت الانتباه إلى هذا المرض المتزايد الانتشار، وإلى مرضاه الذين يشكلون عبئا على ذويهم. وعلى منظمات الصحة في مختلف أنحاء العالم.
يعاني 35 مليون شخصٍ في العالم من مرض الزهايمر؛ وبحسب تقديرات الجمعية الألمانية للزهايمر، يمكن أن يرتفع العدد ليصل إلى 115 مليون مريضٍ في عام 2050م، ويبلغ عدد الألمان المصابين بهذا المرض نحو 1.2 مليون شخص.
هل هناك أطعمة لعلاج مرض الزهايمر؟
لا يوجد علاج تام لمرضى الزهايمر بالأطعمة أو العقاقير؛ لكن هناك أطعمة بإمكانها أن تخفف من أعراض المرض، وتجعل المريض بحالة مستقرة إلى حد ما، نذكر منها:
1. الأطعمة التي تحتوي على الأحماض الدهنية أوميغا 3:
لا يصنع الجسم الأحماض الدهنية أوميغا 3، وإنما يستمدها من الأغذية، وتعد مصدرا غذائيا هاما للدماغ؛ ومن هذه الأطعمة: السلمون الذي يعد من أكثر الأطعمة الغنية بالأوميغا 3؛ وفي حال عدم توفره بشكل دائم، يمكن الاستعاضة عنه بكبسولات زيت السمك.
2. الأطعمة التي تحتوي على مُضادات الأكسدة:
تساهم مضادات الأكسدة بشكل كبير في التقليل من تأثير وتراكم الجذور الحرة، التي تسبب الضرر لمختلف أعضاء الجسم، بما فيها الدماغ؛ ومن الأطعمة الغنية جدا بمضادات الأكسدة: التوت بأنواعه كافة، مثل: توت العليق، والعنب البري؛ بالإضافة إلى الشاي الأخضر الذي يعد من مضادات الأكسدة أيضا، والكركم الذي يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة والالتهابات.
3. زيت الزيتون البكر:
لزيت الزيتون البكر تأثير جيد جدا في صحة القلب والأوعية الدموية، وبالتالي تعزيز صحة الدماغ ووظائفه، وقد أثبتت الدراسات أن زيت الزيتون البكر يحسن قدرة الدماغ على التعلم، ويقوي الذاكرة.
4. الجوز:
بالإضافة إلى أن شكل الجوز يشبه شكل الدماغ، أثبتت الدراسات أن تناول الجوز يعزز من قدرة الدماغ على التعلم، ويقوي الذاكرة، حيث يعد مصدرا غنيا جدا بالزنك، وهو معدن مفيد جدا في منع تكدس الجذور الحرة في خلايا الدماغ؛ كما أنه غني بمضادات الأكسدة التي تعمل على منع تكدس البروتينات في الدماغ وتحميه، ومن الممكن أن تبطئ تقدم المرض.
5. الخضروات الورقية والبقوليات والكرنب المجعد:
تعد البقوليات والكرنب المجعد والخضراوات الورقية، غنية جدا بفيتامين ب 12، حيث يساهم هذا الفيتامين بشكل كبير في إبطاء وتيرة تقلص منطقة الدماغ المرتبطة بمرض الزهايمر، وبالتالي تساهم هذه الأطعمة في الحفاظ على القدرات العقلية متنبهة، وتمنع الانخفاض الإدراكي والمعرفي، وبالتالي تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر.
6. القرفة:
تساهم القرفة في مساعدة الدم على التدفق إلى الدماغ بشكلٍ أفضل، كما إنها تساعد في تفتيت اللويحات في الدماغ، وتقلل من الالتهابات فيه؛ كما يمنع مستخلص القرفة ويبطئ تراكم "بروتين التاو" وبروتينا آخر، حيث يؤدي تراكمهما إلى الإصابة بالزهايمر.
خاتمة:
مرض الزهايمر يبقى أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه مجتمعاتنا اليوم، مؤثرا ليس فقط على المصابين به، بل على عائلاتهم ومقدمي الرعاية لهم أيضا. اليوم العالمي للزهايمر يمثل فرصة ثمينة لتسليط الضوء على هذا المرض، زيادة الوعي بأعراضه وتحدياته، وتحفيز الجهود العالمية نحو البحث عن علاجات أفضل وفي نهاية المطاف، الوقاية منه أو شفائه.
من خلال التعليم والدعم، يمكننا جميعًا أن نلعب دورا في تحسين نوعية الحياة للمصابين بالزهايمر وأحبائهم، مؤكدين على أهمية الكرامة الإنسانية والرعاية الشاملة في مواجهة هذا التحدي الصحي.
أضف تعليقاً