سمات فريق العمل الناجح ومراحل إدارته

لطالما اعتدنا على ثقافة العمل الفردي، ولطالما ربطنا ما بين الإنجاز والفردية واستمتعنا بنشوة النجاح وحيدين، واعتدنا الوجودَ الهامشي للآخرين، فلا نفضِّل إشراكهم بعملية صناعة النجاح، إمَّا لعدم ثقتنا بهم، أو لرغبتنا في احتكار النجاح لشخصنا.



نحن لم نختبر متعة وجمال العمل ضمن فريق، ولم نسمح لأنفسنا في الاستمتاع بمشاعر المشاركة الحقيقية بيننا وبين الآخرين، ولم نحتفِ وإيَّاهم بوجود هدف مشترك يجمع الجميع، ورؤية تُوحِّدهم، وقائد منهم وفيهم، واستراتيجيات تُحفِّزهم، وسياسات تأخذ برأي الجميع وتعطي كل شخص حقه.

عندما تعمل ضمن فريق، أو عندما تكون قائداً له، فهذا يعني أنَّك أمام اختبار حقيقي للإبداع الإنساني؛ حيث تتولد الأفكار بطريقة غزيرة، وتنطلق المقترحات لتطوير العمل بمنتهى الحرية، ومن جهة أخرى، قد تكون شاهداً على بركان الصراعات الذي قد يندلع فيما بين أعضاء الفريق، وستكون عبقرياً في التعامل مع ذلك البركان بمنتهى الحكمة للوصول إلى السلام والانسجام والتقبل بين الجميع.

مهارة إدارة فريق العمل، هذا ما سنناقشه من خلال هذا المقال.

ما هو فريق العمل الناجح؟

هو مجموعة من الأفراد يجمعهم هدف مشترك، ويمتلكون مهارات مختلفة تتكامل فيما بينها من أجل بلوغ الهدف المنشود.

من هو قائد الفريق؟

هو الشخص القادر على خلق مجموعة منسجمة مع بعضها، بحيث تعمل وفق رؤية واحدة وتطمح للوصول لهدف واحد، ويملك القائد مهارة استخراج أفضل ما لدى الطرف الآخر من مميزات وإيجابيات، ويسعى إلى إدارة ما لدى الآخرين من نقاط ضعف وسلبيات.

ما هي صفات الفريق الناجح؟

صفات فريق العمل الناجح تعتبر مفتاحًا أساسيًا لتحقيق النجاح والتفوق في أي مجال عمل. يُعتبر الفريق الناجح مجموعة من الأفراد الذين يعملون بتناغم وتعاون لتحقيق أهداف مشتركة. تتميز صفات فريق العمل الناجح بعدة جوانب، فمن بينها:

1. وجود القائد الناجح:

لكي ينجح فريق العمل لا بد من وجود قائد ناجح؛ حيث تتطلب القيادة توافر العديد من المهارات والقدرات لدى الشخص، مثل مهارة التواصل الجيد مع الآخرين ومهارة التحليل والتفكير السريع، والقدرة على النقد البناء، كما يجب على قائد الفريق أن يكون صريحاً، مبادراً، وشجاعاً وطموحاً.

إقرأ أيضاً: أفضل 10 مهارات على القائد الناجح اتقانها

2. التواصل الفعال:

يدرك الفريق الناجح أنَّهم متكاملون ويجمعهم هدف واحد وهو النجاح، لذلك يتبعون طرائق فعالة للتواصل فيما بينهم، فلا يُشخصِنون الأمور، بل ينظرون إلى كل أمر بحيادية، ويناقشونه بمنتهى العقلانية؛ فهم يعلمون أنَّ مصلحة العمل فوق الجميع، وأنَّهم أنضج من تحويل مكان العمل إلى حلبة للصراعات الشخصية.

شاهد بالفديو: 12 طريقة مُجرَّبة لتحسين مهارات التواصل

3. التخطيط والتنظيم:

يحدد الفريق الناجح أهدافه ويرسم خططه للوصول إليها، فلا مكان للعشوائية فيه، ومن جهة أخرى، يسعى قائد الفريق إلى خلق التنظيم بين أعضاء الفريق، بحيث يوزِّع المهام والمسؤوليات بطريقة عقلانية تصب في مصلحة العمل.

4. التحفيز:

من أهم سمات الفريق الناجح توافر التحفيز بين أعضائه، فهم يعملون بحب ورغبة ويسعون إلى تقديم أفضل ما لديهم، ويثقون أنَّ جهدهم لن يذهب سدىً، وأنَّهم في بيئة عمل خلاقة تحترم وتُقدِّر مهارات العاملين وجهدهم.

5. المشاركة:

يشعر الفريق الناجح بالانتماء للمنظمة التي يعمل لديها، فهو يدرك أنَّ رأيه مسموع، وأنَّ أفكاره موضع اهتمام وتقدير، لذلك يسعى إلى مشاركة مكنوناته وأفكاره مع الجميع للوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة.

6. الحرية:

لا يخاف فريق العمل من طرح تعليقاته أو أفكاره فيما يخص العمل؛ وذلك لأنَّه يعلم أنَّ الصراحة والوضوح قيمة عليا من قيم المؤسسة التي يعمل معها.

ما هي سمات قائد فريق العمل الناجح؟

1. الإصغاء الفعال:

يدرك القائد الناجح أنَّ الاستماع الجيد أهم بكثير من الكلام، فيميل إلى الإصغاء إلى مقترحات وأفكار الفريق ومن ثم يُفاضِل بين هذه الأفكار ويختار الفكرة الأكثر ملاءمة لمصلحة العمل.

شاهد بالفديو: 7 أسرار للإصغاء الفعال

2. التواصل الجيد:

يدرك القائد النَّاجح فن إدارة الاجتماعات، ويعطي الأهمية للأمور الأساسية في حين يؤجل التعاطي في الأمور التي لا صلة لها بهدف الفريق، ويضع حداً في حال تطاول عضو من أعضاء الفريق على الآخر، كأن يقوم شخص ما باستفزاز صديقه والنيل من كرامته، فيقوم هنا قائد الفريق بتغيير وجهة الحديث ونقله إلى المسار السليم بحيث يكون الهدف النهائي للمنظمة هو القاسم المشترك للجميع، وبالتالي يرتقي الجميع عن القيام بالخلافات الشخصية غير الناضجة.

3. المبادرة:

يمتلك قائد الفريق إحساساً عالياً بالمبادرة؛ حيث يندفع إلى الإصلاح والتطوير، ولا يرضى بأنصاف الحلول، بل يعمل جاهداً للوصول إلى أفضلها.

4. القدرة على التحليل:

يتمتع القائد الناجح بالقدرة العالية على الربط بين المعلومات واستنتاج معلومات جديدة ومبتكرة من شأنها تقديم قيمة مضافة إلى الفريق.

5. النقد:

يتقبَّل القائد الناجح النقد، فهو لا يمانع المقترحات المقدمة من قبل الفريق فيما يخص طريقة تعامله وإدارته، أو فيما يخص سياسة واستراتيجية العمل. وبالمقابل، يستخدم القائد الناجح الأسلوب الفعال في حال انتقاده سلوكاتِ فريقه؛ كأن يقول لأحد عناصر الفريق: "أنا أقدِّرك، وأنت عنصر فعال، ولكن سلوكك لم يكن مدروساً فيما يخص تلك النقطة، وأنا واثق من أنَّك ستتعاطَى بشكل أفضل في المرات القادمة".

إقرأ أيضاً: كيفية التعامل مع النّقد، قبول الملاحظات بصدر رحب

6. الإلهام:

يُلهِم القائد النَّاجح فريقه، ويحفزهم لتقديم أفضل ما لديهم، فهو يمدحهم بما لديهم، ويقدر جهودهم، ويهتم بتلبية احتياجاتهم، ويقوِّم سلوكاتهم بطرائق إيجابية، ويذكرهم دوماً بأهميتهم وقدراتهم الكامنة وتميزهم.

7. الطموح العالي:

لا يوجد ما يحد طموح القائد الناجح، فهو ينظر إلى الصعوبات التي تعترض طريقهم على أنَّها تحديات تحفزه لإظهار أفضل ما لديه من قدرات وطاقات.

8. التفويض والمتابعة:

لا يحتكر القائد الناجح كل العمليات والمسؤوليات لنفسه؛ بل يميل إلى مشاركة الآخرين بعملية صناعة النجاح، وبالتالي قد يفوِّض الآخرين بالقيام بأعمال قد تكون إضافية على مهامهم الأساسية، وذلك إيماناً بقدراتهم وتفرُّدهم، ويبقى القائد في حالة من المتابعة لكل سلوك يقوم به عناصر الفريق.

إقرأ أيضاً: ما هو التفويض؟ وكيف يعزز إدارة الفرق؟

9. الشجاعة:

يمتلك القائد الناجح ثقة عالية في النفس، وشجاعة كبيرة، بحيث يكون قادراً على الدفاع عن حقوق عناصره، وقادراً على الوصول إلى ما يريد ووفقاً لما يريد.

10. الإنسانية:

تُعرَّف القيادة بأنَّها القدرة على تحريك الناس للوصول إلى الأهداف المنشودة، لذلك على القائد أن يتمتع بجانب إنساني عالٍ جداً، بحيث يكون قادراً على التأثير الإيجابي في الناس، وفهم السمات الشخصية لكل شخص من فريقه، للوصول إلى التكامل والانسجام بين جميع عناصر الفريق. 

ما هي مراحل إدارة فريق العمل الناجح؟

1. مرحلة التكوين:

يختار في هذه المرحلة القائد عناصر فريقه، وهنا عليه اعتماد آلية المقابلات الشخصية بحيث يطرح على المرشحين الكثير من الأسئلة التي تكشف قيمهم في الحياة، وتوجهاتهم، ومنهجية تفكيرهم، ومن ثمَّ يستطيع اتخاذ القرار المناسب بتعيينهم أو عدمه.

يشرح القائد لعناصر الفريق قواعد العمل، وأساسياته، ويعقد اجتماعاً معهم من أجل توزيع الأدوار والمسؤوليات عليهم؛ ومن جهة أخرى، يُكثِر القائد التواصل مع الفريق في هذه المرحلة، ويعمل جاهداً على الإجابة عن كل تساؤلاتهم المنطقية والمُحقة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة تساعدك على بناء فريق عمل ناجح

2. مرحلة الصراع:

تنشأ مرحلة الصراع نتيجة لتقارب أعضاء الفريق من بعضهم بعضاً واختلاف القيم والاحتياجات فيما بينهم، وغياب الغاية الواحدة بينهم، والرغبة الشديدة في الظهور والمنافسة؛ وهي مرحلة طبيعية، حيث يجب على القائد تقبُّلها والوعي لها، ومن ثمَّ جعلها تمضي في سلام، بحيث لا يقيدها أو يمنعها؛ أي أن يأخذ دور المراقب أولاً، مانحاً الفريق كامل الحرية للتعبير عن مكنوناته.

ومن ثمَّ يأتي دور الموجه، حيث يُعيد توجيه الأمور إلى مسارها الصحيح، وتذكير فريقه بالهدف الأشمل، والرؤية الأكبر، بحيث لا ينشغلون في صغائر الأمور.

كما يعمل القائد جاهداً لكسب ثقة عناصر الفريق، بحيث يصارحونه في أي أمر سلبي يشعرون به، ومن ثمَّ يسعى القائد إلى حله؛ فعندما يلبِّي القائد احتياجات الفريق بالطريقة التي تناسب كل شخص، تنتهي عندها مرحلة الصراع بأقصى سرعة.

3. مرحلة التعاون:

يصل الفريق في هذه المرحلة إلى الانسجام والتوافق فيما بينه، ويظهر دور قائد الفريق في قدرته على امتصاص الخلافات وإدارتها إدارة صحيحة؛ بحيث لا يترك ملفاً مفتوحاً.

من جهة أخرى، يتَّبع قائد الفريق قانون التركيز، بحيث يعي أنَّ كل ما هو على أرض الواقع ما هو إلَّا انعكاس لما نركز عليه، ويتحمل الجميع في هذه المرحلة مسؤولية الارتقاء بالعمل، وحل المشكلات وتقديم المقترحات والرؤى لتطوير بيئة العمل.

4. مرحلة الإنجاز:

وهي المرحلة التي يصل بها الفريق إلى الأهداف الموضوعة، وهو بكامل الحيوية والطاقة، ومع حفاظه على العلاقات الإنسانية فيما بينه.

على القائد في هذه المرحلة المحافظة على روح الفريق المعنوية العالية، والسعي إلى خلق بيئة عمل إيجابية وتحفيزية، بالإضافة إلى الاحتفال بالإنجازات المقدَّمة؛ كتقديم المكافآت والتخطيط لأنشطة جماعية مشتركة.

إقرأ أيضاً: كيف تقوي الذكاء العاطفي في فريقك؟

الخلاصة:

لكي تدير فريق عمل ناجح؛ عليك البدء بتغذية ذاتك، وتطوير قدراتك ومهاراتك، فتكون بالتالي مؤهلاً لقيادة فريق عمل؛ اعلم أنَّ القيادة لا علاقة لها بالسن ولا بالشهادات العلمية العالية ولا بالجنس ولا بسنوات الأقدمية، وإنَّما بالشخص ذاته وما يملكه من مهارات شخصية، بحيث يُتقِن الجمع ما بين الحزم واللين، والبساطة والعمق، والطيبة والصرامة؛ إنَّه فن التأثير في الناس.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة