المسؤولية الشخصية: 3 طرق لتحسين سعادتك

هل تظن أنَّ تحمُّل المسؤولية الشخصية يسبب المزيد من التوتر والقلق؟ إنَّ العكس هو الصحيح، فعندما تتقبَّل المسؤولية الشخصية، فإنَّك تحرر نفسك من التوتر والقلق، وهي أسرع طريقة لاستعادة السيطرة على حياتك؛ حيث يثبت الدكتور "فيكتور فرانكل" (Viktor Frankl) أنَّ هذا صحيح حتَّى في أكثر الظروف قسوة.



أسر النازيون "فرانكل" (Frankl) في عام 1942، ورحَّلوه للعمل في معسكرات اعتقال مختلفة، ولكن مع هذه الظروف كلها، كانت لديه الأدوات اللازمة للحفاظ على سلامة عقله وحياته.

بصفته طبيبَ أعصاب، كان يدرك أنَّ لدينا دائماً خيار تحمُّل المسؤولية الشخصية، وباتخاذ هذا الاختيار، على الرغم من الأسر، تمتعَ بحرِّية أكبر من بعض آسريه.

سوف تتعلم عن ذلك في هذا المقال، وكيف تتحمَّل مسؤولية حياتك، بصرف النظر عن وضعك الحالي.

ما هي المسؤولية الشخصية؟

تعني المسؤولية الشخصية أو المسؤولية الفردية أنَّك مسؤول عن أفعالك؛ وهذا يعني الطريقة التي تتفاعل بها، والأشياء التي تفعلها وتقولها، ويختلف هذا عن تعريف المسؤولية، الذي يشير غالباً إلى المساءلة عن شيء ما، أو أن تكون مسؤولاً عن شخصٍ ما، مثل القائد أو أحد الوالدين، ولفهم المسؤولية الشخصية فهماً أفضل، يجب أن تفهم نوعي المسؤولية الشخصية:

  1. المسؤولية الإيجابية: تعني اتباع نهج استباقي عموماً.
  2. المسؤولية التفاعلية: تحدد كيف تستجيب للمواقف، خاصة المواقف الصعبة، في الكثير من الأحيان تجاه الآخرين وتجاه نفسك.

إذا كنت تريد تولِّي المسؤولية وبناء حياة أفضل، فإنَّ كلا النوعين من المسؤولية هام.

ماذا يعني أن تكون مسؤولاً؟

ماذا يفعل معظم الناس عندما يغضبون من الأحداث أو الأشخاص الآخرين؟ معظم الناس سيلومون ويتذمَّرون على الفور، أليس كذلك؟ ولهم الحق في ذلك، ولكن لا أحد - بمَن فيهم أنت - يصبح أفضل حالاً عندما يفعل ذلك؛ بل العكس تماماً هو الصحيح، أنتَ تأخذ حريتك بعيداً عندما تفعل ذلك.

خذ قصة "فيكتور فرانكل" (Viktor Frankl) مثالاً، فمع أسره من قِبل النازيين، فإنَّه قد تحمَّل المسؤولية القصوى عن حياته، وبدلاً من أن يغضب أو ينزعج حاول مساعدة زملائه السجناء، فكان يمازحهم ويجعلهم يضحكون، حتى أنَّه أصبح صديقاً لبعض النازيين خلال تلك الفترة.

تخيَّل لثانية أنَّ النازيين أسروك، وأبعدوك عن عائلتك، وأجبروك على العمل المجهِد في ظل ظروف قاسية، ستواجه حالة من عدم اليقين المستمر بشأن ما إذا كنت ستعيش أو تموت، ولن تعرف أبداً ما إذا كنت سترى عائلتك مرة أخرى.

كم واحد من الناس سيستسلم في مثل هذه المواقف؟ الجواب: تقريباً كل شخص، وبالطبع، هذا ليس مفاجئاً في واحدة من أكثر الأماكن كآبة وتجرداً من الإنسانية، والسؤال هو: لماذا لم يؤثر ذلك في "فرانكل" (Frankl)؟

أولاً، كان يعتقد أنَّ الحياة لا يزال لها هدف وأنَّ معاناته لها معنى، وهكذا، فقد تحمَّل المسؤولية الشخصية عن موقفه وسلوكه وأفعاله؛ ونتيجة لذلك، كان رجلاً محبوباً داخل معسكر الاعتقال، وإليك أفضل جزء من قصته:

فعل بعض النازيين ما فعلوه لأنَّهم كانوا خائفين للغاية من العواقب، كانوا هم أنفسهم أسرى من الناحية النفسية، ومع أنَّه يمكنهم العودة إلى المنزل في نهاية اليوم، فإنَّ "فرانكل" (Frankl) كان أكثر حريةً مما كانوا عليه.

الهدف من القصة، أنَّه لديك قدر لا يُصدَّق من القوة الشخصية إذا كنت تتحمَّل المسؤولية عنها فقط، ويمكنك أن تقرأ قصة لا تُصدَّق لـ "فيكتور فرانكل" (Viktor Frankl) في كتابه "الإنسان يبحث عن المعنى".

إقرأ أيضاً: قرارات هامة لتغيير حياتك نحو الأفضل

فوائد أن تكون مسؤولاً:

تُظهر قصة "فيكتور فرانكل" (Viktor Frankl) القوة المذهلة للمسؤولية الشخصية، إنَّها تُحدث فارقاً في حياتك إذا كنت تريد أن تبقى متحكِّماً وتبني مستقبلاً أفضل، ومع أنَّ المسؤولية قد تبدو مخيفة، فإنَّ فوائدها ستُحدث تغيراً في حياتك.

1. تركيز وإبداع أفضل:

الشخص غير المسؤول يبحث عن شخص يلومه أو يشتكي من المشكلات، على عكس الشخص المسؤول الذي يعترف بهذه الأشياء ويسعى إلى حلِّها، وعندما تركز على إيجاد حل بدلاً من لوم نفسك، فكر ماذا سيحدث؟ ستصبح أكثر إبداعاً، وتركيزاً، وإيجابية، علاوة على ذلك، سيحب الناس صحبتك.

2. ضبط النفس ضبطاً أفضل:

المسؤولية الشخصية أشبه بتحول في العقلية أكثر من أي شيء آخر، وعندما تقوم بهذا التحول، ستجد أنَّه من السهل بكثير التحكُّم بنفسك في المواقف الصعبة، كما يساعدك تحمُّل المسؤولية على مواجهة المواقف الصعبة؛ وذلك لأنَّه عندما يظهر التحدي، فإنَّك تعود إلى العادات التي بنيتَها مع مرور الوقت، ومع عادة تحمُّل المسؤولية، سوف تتصرف تصرُّفاً أفضل وتبحث عن الحلول.

3. تحقيق المزيد من الأهداف:

بصرف النظر عن مقدار استعدادك، ستبتليك الحياة بمصيبة من حين لآخر، السؤال إذاً ليس كيف تتجنب ذلك؛ بل ما مدى سرعة التكيف مع الواقع الجديد؟ وبعبارة أخرى، عندما تتعرض للسقوط، ما مدى السرعة التي يمكنك بها الوقوف على قدميك مرة أخرى؟

عندما تتوقف عن البحث عن كبش فداء وتتقبَّل المسؤولية، فإنَّك تركز على الأشياء التي يمكنك التحكُّم بها، فأنت تركز على إيجاد الحلول والتقدم، وهذه هي الطريقة التي ستنجح بها أكثر وتختبر السعادة أيضاً.

4. الحرية:

إلقاء اللوم على شخص ما أو شيء ما طريقة رائعة لأخذ حريتك بعيداً؛ وذلك لأنَّك عندما تلوم أو تتذمر، فأنت من حيث الجوهر تخبر نفسك بأنَّك لست مسيطراً، ولا يمكنك تغيير الوضع والتقدُّم إلا إذا تغيرت الظروف الخارجية.

إنَّها أسهل طريقة لتعيش حياتك، ومع ذلك، فإنَّ انتظار تغير الظروف الخارجية أمر محبط للغاية، خاصة إذا كان رزقك يعتمد على ذلك.

5. الفرح والسعادة:

تخيَّل أنَّك تعرَّضتَ لحادث سيارة، ولم يكن هذا خطأك، لديك الآن خياران بسيطان؛ خيارك الأول هو إلقاء اللوم على الشخص الآخر، ومع أنَّ لديك كل الأسباب للقيام بذلك، تخيَّل كيف تشعر؛ فلن تشعر أبداً بتحسن كبير بعد الانزعاج من شخص ما، أليس كذلك؟ كما أنَّه لا يحل المشكلة.

لا يوجد رابح في تلك المواقف، فبدلاً من ذلك، إنَّ تحمُّل المسؤولية يقلل من التوتر ويزيد من السعادة.

علامات تشير إلى أنَّك ربما تتجنَّب المسؤولية:

‎الضحية هي عكس الشخصية المسؤولة، وعقلية الضحية هي واحدة من أكثر العقليات إضعافاً للقدرة، التي يجب عليك الابتعاد عنها، و‎الناس الذين يشعرون بأنَّهم ضحايا يعتقدون أنَّ العالم كله ضدهم، ويواجهون صعوبة في الثقة بالناس والتسامح معهم.

والأسوأ من ذلك، أنَّهم يبحثون عن أدلة ثابتة لعدم قدرتهم على التقدُّم في الحياة، وعن شخص أو شيء يلقون باللوم عليه، وفي هذه الحالة، الأدلة التي تجعلهم يتمسكون بمعتقدات تُضعفهم وتُثبت أنَّهم كانوا ضحية، مع نتائج كارثية.

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

كيف تعرف أنَّك تتهرب من المسؤولية وتؤدي حالياً دور الضحية؟

1. التذمر:

إذا كنت تتذمر كثيراً، فقد يشير هذا إلى أنَّك لا تتحمل المسؤولية، بالتأكيد، لديك أسباب معقولة للتذمر، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه يجب عليك التذمر طوال الوقت، فلن يفيدك التذمر في شيء؛ بل ستنشر الطاقة السلبية بينك وبين الأشخاص من حولك.

قد تقول: ألا نشكو جميعاً في بعض الأحيان؟ بالطبع، نفعل ذلك، فنحن بشر، ولكن ينبغي ألا تجهد نفسك عندما تفعل ذلك؛ حيث يكمن الاختلاف في عدد المرات التي تتذمر فيها؛ وذلك لأنَّه عندما يصبح التذمر عادة، فهذه هي المصيبة.

2. إلقاء اللوم على الآخرين:

عندما تلوم الآخرين، فأنت لا تتحمَّل أيَّة مسؤولية، وقد يكون الآخرون على خطأ بالفعل، وقد يكون لديك أسباب مقنعة لإلقاء اللوم، لكن ما هي الفائدة التي ستجنيها؟ والأهم ما هو الثمن الذي ستدفعه؟

مع أنَّ الآخرين قد يكونون على خطأ، فإنَّك لا تزال مسؤولاً عن طريقة رد فعلك وتصرفك، ومعالجة النار بالنار ليست الطريقة الأكثر فاعلية للتقدُّم، على الأقل ليس إذا كنت ترغب في اختيار السعادة وتحقيق المزيد من النجاح.

3. اختلاق الأعذار:

اختلاق الأعذار هو الدليل الأخير على أنَّك قد تتجنب المسؤولية؛ وهذا الأمر أكثر خداعاً؛ وذلك لأنَّ الأعذار غالباً ما تكون ملاحظات عقلية غير واعية تقوم بها، وبالطبع، بعض الأعذار صحيحة أيضاً.

ربما تفتقر إلى الخبرة للقيام بعمل معين، على سبيل المثال: بدلاً من تجنُّب المَهمة تماماً، ابحث عن شخص يساعدك، أو عن طريقة للحصول على الخبرة التي تحتاجها، فهذه هي المسؤولية التي ستتقدم من خلالها في الحياة.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لتبدأ نهارك وأنت في قمة السعادة

3 خطوات سهلة لقبول المسؤولية الشخصية:

أنت تعرف الآن ما الذي تعنيه المسؤولية الشخصية، وربما تكون على دراية باللحظات التي تتجنب فيها ذلك، فالخطوة التالية هي تطوير هذه العادة، وكيف يمكنك البدء بتحمُّل المزيد من المسؤولية؟

مع وجود العديد من الطرائق، دعونا نركز على أساس المسؤولية الشخصية، وبذلك تكون قد أعددت نفسك بالفعل لتحقيق النجاح الهائل والسعادة.

الخطوة الأولى، ممارسة الوعي الذاتي:

الخطوة الأولى هي الوعي دائماً، ولحسن الحظ، من السهل جداً اكتشاف علامات تجنُّب المسؤولية، لكنَّ المشكلة تكمن في أنَّ معظم الناس يلاحظون ذلك عندما يتذمرون أو يلومون، ومع ذلك، بدلاً من أن يكونوا مسؤولين، فإنَّهم يسعون دون وعي إلى التحقق من صحة تذمُّرهم، وقد يحدث هذا للجميع.

الفارق هو أنَّه مع الوعي الذاتي، تصبح أكثر وعياً بأنَّك تفعل ذلك، وعندما يحدث ذلك، يمكنك أن تقرر إجراء تحوُّل وتحمُّل المسؤولية؛ إذاً، كيف تمارس الوعي الذاتي؟

من خلال المراجعة أو الأفضل من ذلك، تدوين يومياتك على سبيل المثال؛ لذا راجِع لحظات يومك، ما هي اللحظات التي لم تتحمَّل فيها المسؤولية؟ وهل اشتكيتَ في ذلك اليوم؟ وهل قلتَ أشياء لا يجب أن تقولها؟

مع أنَّه لم يعد في إمكانك تغيير الموقف السابق، فإنَّك تزرع بذرة من الوعي، وعندما تفعل هذا في الكثير من الأحيان بما فيه الكفاية، تبدأ برؤية أنماط جديدة، ويمكنك حينئذٍ مقاطعتها وتغييرها، ومع أنَّ تطوير الوعي الذاتي يستغرق وقتاً، فإنَّه يستحق الجهد المبذول.

الخطوة الثانية، طرح أسئلة أفضل:

ستجد دائماً إجابات عن الأسئلة التي تطرحها على نفسك، والإجابات التي تحصل عليها تحدد تركيزك، فيمكنك استخدام هذه الفكرة البسيطة لتقوية أو إضعاف نفسك.

مشكلة الأسئلة هي أنَّ الكثير من الناس يسألون أنفسهم الأسئلة الخطأ، مثل: لماذا يحدث هذا لي دائماً؟ أو لماذا لا أستطيع أن أفعل هذا؟

سيحاول عقلك الإجابة عن هذه الأسئلة، وعموماً، يقوم بعمل جيد جداً في العثور على بعض الإجابات، لسوء الحظ، ليست تلك التي تمكِّنك في هذه الحالة.

الآن تخيَّل تغيير الأسئلة التي تطرحها على نفسك، على سبيل المثال: كيف يمكنني تحقيق أقصى استفادة من هذا الموقف؟ أو ما هو الشيء الصغير الذي يمكنني فعله اليوم للاقتراب من أهدافي؟ ستجد إجابات عن هذه الأسئلة أيضاً.

هل تريد تجربة قوة الأسئلة؟ راجع كل سؤال لمدة دقيقة، ثم لاحظ الفارق بين جودة الإجابات التي تحصل عليها.

عندما تتقبَّل المسؤولية الشخصية، تبدأ بطرح أسئلة أفضل على نفسك، ولكن إلى أن تفعل ذلك، فإنَّ هذا يعمل في الاتجاه المعاكس أيضاً، وعندما تتدرب على طرح أسئلة أفضل على نفسك، ستنمي المسؤولية الشخصية.

الخطوة الثالثة، فعل الأشياء التي تقول إنَّك ستفعلها:

إليك فكرة أخيرة سهلة: عندما تقول إنَّك ستفعل شيئاً، افعله، وكذلك الوعود التي تقطعها لنفسك وللآخرين؛ فالقيام بذلك يبني الثقة، بنفسك وعلاقاتك.

بالطبع، وفي بعض الأحيان، سيكون عليك تقديم تنازلات، وربما لا يمكنك تحديد موعد نهائي، أو يحدث شيء غير متوقَّع يجعلك تفشل في الوفاء بوعدك، فعندما يؤثر هذا في أشخاص آخرين، أبلِغهم بشكل استباقي، وعندما تفعل ذلك، ابحث عن حل أيضاً.

عندما يؤثر ذلك في نفسك فقط، فكر في الحلول أيضاً، الفكرة هي عدم إيجاد عذر؛ بل تقديم وعد جديد للتعويض عنه، ثم تأكد من المتابعة، فإنَّ تحمُّل المسؤولية الشخصية من خلال متابعة وعودك يبني الثقة.

في الختام:

لقد تعلَّمتَ الآن ما هي المسؤولية الشخصية وكيف تفيدك في حياتك، وبعد أن تعرَّفتَ ثلاث خطوات سهلة، يمكنك تطوير المسؤولية الشخصية باتخاذ زمام المبادرة، فقط تذكَّر أنَّ تحمُّل المسؤولية هو عملية تستغرق وقتاً وجهداً، وافهم أيضاً أنَّه لا يزال في إمكانك ارتكاب الأخطاء، فأنت بالنهاية بشر، ولكن مع بعض الممارسة، من المؤكَّد أنَّك ستستمتع بالمزيد من السعادة والنجاح والحرية الشخصية.

المصدر




مقالات مرتبطة