يؤدي رفضك الدائم لأفكارك السلبية وسعيك إلى مقاومتها إلى ترسيخها في لاوعيك وواقعك، ويكمن الحل لذلك في التقبل والرضا والسعي إلى التطور والارتقاء الإنساني؛ فلا تستهزئ بقوة الفكرة، ولا تصغِ إلى أولئك الذين يحدُّون من طاقاتك وإمكاناتك، ولا تقع في فخ السلبية ووهم الواقعية، بل اكسر الموروثات التي تكبِّلك وتمنعك من إظهار أفضل ما لديك، واسعَ إلى بناء صورتك الخاصة وقصتك التي تشبهك؛ فأنت تستحق التميُّز والسلام وراحة البال، بعيداً عن المشاعر السلبية وتأنيب الضمير وجلد الذات والحقد والغضب والتوتر.
ما هي الطاقة السلبية؟ وما مدى تأثيرها في حياتك؟
نمتلك بالتوازي مع أجسادنا المادية أجساداً طاقية غير مرئية، حيث يمتلك الإنسان بعداً مادياً وآخر نفسياً (طاقياً).
إنَّ الطاقة في الحقيقة شيء غير مرئي، ولكنَّه يُحدِث أثراً واضحاً؛ فعلى سبيل المثال: أنتَ تشعر بالخمول وانعدام الدافع والحافز لدى سماعك خبراً حزيناً، في حين ترتعد أوصالك وتشعر بالراحة والرضا والسعادة والحافز للقيام بالكثير من الأشياء لدى سماعك لخبر مفرح. أنت الشخص ذاته في كلتا الحالتين، ولكن يوجد اختلاف في الطاقة ناتج عن الأثر الواضح لسماع الخبر.
يمتلك الجسد الطاقي القدرة على التأثير في حياتنا وتشكيل واقعنا بنسبة 90%، حيث تُحدِث كل فكرة يفكر فيها الشخص تأثيراً في المجال الطاقي للجسم، ويظهر تأثيرها على شكل مشاعر إيجابية أو سلبية، والتي تُترَجم بدورها إلى سلوكات ولغة جسد، حيث تتحول الطاقة الكيميائية (الهرمونات الناتجة عن المشاعر) إلى طاقة ميكانيكية في العضلات.
يُحدِّد جسدنا الطاقي شكل واقعنا بامتياز؛ فكلما حافظت على جسد طاقي إيجابي (أفكار إيجابية)، انعكس هذا الأمر على واقعك؛ أمَّا في حال تبنِّيك أفكاراً سلبية ورضوخك لها، يتعرض جسدك الطاقي (الهالة) إلى الضرر، وتصبح عرضة إلى الأمراض والمشكلات والاضطرابات.
إذا كنت من عشَّاق الأغاني الحزينة ومدمني الاستماع إليها ودائم الاختبار للمشاعر السلبية من غضب وتوتر وقلق وحقد وتأنيب ضمير وقلة ثقة، فأنت تملك طاقة سلبية تؤثِّر في كل مفاصل حياتك؛ فعندما تسيطر عليك الأفكار السلبية، تصبح رافضاً تماماً لكل ما هو إيجابي، وتنخرط بما هو سلبي، وتشعر بفقدان السيطرة على حياتك وضياع أهدافك وقلة حيلتك، وتسلِّم دفة القيادة إلى الظروف والأحداث الخارجية، فتصبح تابعاً لها ومتجاهلاً إمكاناتك وقدراتك.
مصادر الطاقة السلبية:
1. الموروثات:
يعيش الكثير من الناس متأثرين بعادات وتقاليد الأجيال السابقة دون إعمال العقل لاكتشاف مدى صحة هذه الموروثات وفائدتها ومواكبتها للعصر الحالي وتقدم العلم؛ حيث تعدُّ فكرة مثل "لا يجوز للرجل أن يبكي" من الأفكار السلبية جداً، والمسبب الأساسي لتراكم الطاقة السلبية واعتلال الكثير من الرجال؛ ذلك لأنَّ البكاء من أفضل الطرائق للتنفيس عن المشاعر السلبية.
كذلك، تعدُّ فكرة أنَّ "الطبع غلب التطبع" من أكثر الأفكار السلبية التي أضعفت عزيمة الإنسان على التطور والارتقاء؛ فالحقيقة أنَّ الإنسان قادر على تغيير أي سمة شخصية لديه بمجرد أن يعقد النية على ذلك.
كما تعدُّ فكرة أنَّ "الفقير هو المؤمن، والغني هو الاستغلالي" من الأفكار السلبية التي أدَّت إلى منع الكثيرين من السعي والمحاولة، في حين أنَّ السعي هو غاية الحياة وجوهرها.
2. الإعلام:
يشكِّل الإعلام وما يبثه من سلوكات سلبية مصدراً من مصادر الطاقة السلبية، حيث يركز على المشكلات والأمور السلبية، ويضخم القضايا الصغيرة، ويتبع أساليب معينة كالانتقاد ولوم الآخرين والحكم السلبي عليهم، عوضاً عن التركيز على الحلول والفرص والأمور الإيجابية؛ لذلك على الإعلام الانتباه إلى قاعدة هامة جداً في علم الطاقة، وهي: "ما تركز عليه يزداد ويكثر".
شاهد بالفديو: 6 طرائق فعالة لتحمي نفسك من الطاقة السلبية
3. الشكوى:
تعدُّ الشكوى مصدراً من مصادر انتشار الطاقة السلبية، حيث تتضاعف ذبذبات الفكرة السلبية عندما يشتكي شخص ما لعدة أشخاص، ممَّا يؤثر سلباً في حياة مَن حوله نتيجة انتقال الطاقة السلبية إليهم؛ فعوضاً عن الكلام، يستطيع الشخص كتابة مشاعره السلبية على ورقة ومن ثم حرقها، أو التحدث إلى شخص واحد مختص قادر على فصل طاقته عن طاقة الشاكي.
4. عدم الوعي والتفسير الخاطئ للأمور:
يُسبِّب التفسير الخاطئ والقاصر للأمور انتشار الطاقة السلبية، فما نطلقه على الأشياء من أسماء هو مَا يخلق مشاعرنا؛ فعلى سبيل المثال: تعرَّض أخوان إلى تربية قاسية من قِبل أب مدمن على الكحوليات ومجرم وعنيف، إلَّا أنَّ تفسيرهما لتجربتهما الأليمة كان مختلفاً جداً؛ فبينما نجح الولد الأول في تعليمه وتبوأ أفضل المناصب في شركة تجارية كبيرة، وتزوج وأنشأ عائلة مثالية؛ قضى الولد الآخر أغلب سنواته في السجن وبين إبر المخدرات؛ وعندما سُئِل الأخوان عن سبب وصولهما إلى ما هما عليه الآن، كان جوابها واحداً: "أبي".
5. التربية الخاطئة:
عندما يُربَّى الأولاد على أنَّ المادة والمال أساس الحياة، وألَّا فائدة تذكر من القيم والشغف في إحداث فرق في العالم؛ يتحولون إلى عبيد للمال والماديات، وينسون الغاية الأساسية من وجودهم، ويعلِّقون سعادتهم وقيمتهم ووجودهم على الماديات؛ لذلك قلب علماء الطاقة المعادلة، فبدلاً من الجري اللاهث وراء الماديات وتأجيل السعادة والتوازن النفسي إلى حين الحصول عليها، ركَّزوا على خلق الحالة الطاقية من المشاعر الإيجابية أولاً؛ حيث يساعد استحضار هذه المشاعر مصحوبة بحالة من السعي المتواصل في خلق التجليات المادية في الواقع المادي، وهو ما أُطلِق عليه قانون الجذب.
6. مقاومة التغيير:
تسيطر على حياتنا مشاعر الملل وانعدام الدافعية وحالات المزاجية السلبية، ويعود السبب في ذلك إلى إدماننا التواجد ضمن دائرة ارتياحنا وأماننا.
لقد هيمن الروتين على حياتنا حتى أصبح من المستهجن كسر عاداتنا اليومية وتغييرها حتى إن كانت عادات سيئة، الأمر الذي أضفى على حياتنا طابع الملل والسلبية، وحولنا إلى أشخاص مقاومين للتغيير دون أن نعي حجم النعم والفوائد التي أعقنا تجليها في حياتنا؛ إذ تقوم الحياة على التغيير، حيث يعدُّ التجدد والتطور وكسر الروتين وخلق عادات جديدة ومفيدة؛ قانوناً من قوانين الحياة، ولا تتحقق السعادة دونه.
7. البعد عن الله وأخذ الطاقة من الآخرين:
يُصاب الإنسان بحالة من المشاعر السلبية والتذبذب والقلق الدائم في حال استمد طاقته ووجوده من الناس وآرائهم بدلاً من رب العالمين، حيث يبقى الإنسان الطامع بكسب رضا الناس في حالة من التوتر والاستنزاف الطاقي على عكس الإنسان المشبع بحب اللَّه والرضا والقبول.
8. ضبابية الطريق:
يشعر مَن لا يملك خارطة طريق واضحة وأهدافاً محددة بالضياع النفسي والمشاعر السلبية.
شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟
علاج الطاقة السلبية:
- لا تنصح شخصاً سلبياً وتخبره عن الطاقة الإيجابية وقانون الجذب وتطلب منه أن يتغير؛ ذلك لأنَّه في أغلب الأحيان لن يكون مستعداً لتلقي المعلومات، وسيعتبر ما تقوله كلاماً غير واقعي.
- اعلم أنَّ تفسيرك للأمور يحدد مشاعرك وسلوكاتك، فاحرص على أن يكون تفسير إيجابياً لكل الأمور.
- تقبَّل مشاعرك السلبية ودعها تعبر بسلام لكيلا تتحول إلى أمراض نتيحة الكبت المتواصل لها وقمعها، وذلك من خلال تحويلها إلى طاقة حركية، أو تفريغها بالبكاء أو الكتابة أو الاستحمام أو الصلاة.
- اجعل تركيزك على الأمور الإيجابية لكي تزداد في حياتك.
- ثِق أنَّ اللَّه معك، وأنَّ الكون كله خير، وأنَّ الأصل في الحياة هو السعادة؛ لذلك استحضر المشاعر الإيجابية، واستشعر النعم المحيطة بك، واسعَ بجدٍّ لبلوغ أهدافك؛ وسترى كيف سيتجلى كل الخير في حياتك.
- استخدم التأمل لإيقاف تدفق أفكارك والسماح لطاقة القلب الصافية بالظهور والتجلي، إذ من شأنه أن يمنحك الحكمة والرؤية الواضحة للمستقبل.
- تحايل على أفكارك السلبية، وحفِّز نفسك بنفسك؛ فعلى سبيل المثال: إذا راودتك أفكار سلبية فيما يخص رغبتك في كسر حميتك الغذائية، فَقُل لذاتك: "سأتبع الحمية الغذائية اليوم فقط، وسيكون بإمكاني غداً أكل الكثير من الطعام"، ثم تعيد ذات الجملة عندما يأتي الغد، وهكذا تكون قد تحايلت على أفكارك السلبية؛ فالغاية هنا هي إطفاء الشهوة بداية، لكي تتمكن فيما بعد من إدارة حياتك والتحكم بأفكارك بوعي ومنطقية.
- ابحث عن شغفك، فالمتعة قيمة عليا من قيم الحياة؛ فإذا استطعت الربط بين عملك وشغفك، تصل إلى السعادة لا محالة.
- استمتع باللحظة، واستفد من تجارب الماضي، وتفاءل بالمستقبل، وعِش الحياة ببساطة، ولا تعقِّد أي عملية تقوم بها، واعلم أنَّ هناك طريقاً سهلاً لإنجاز أي هدف في الحياة وعليك البحث عنه.
- انتبه إلى قاموس مفرداتك، وحافظ على مفردات إيجابية في حياتك، وعبِّر عن حالتك السلبية بمفردات واعية؛ فعلى سبيل المثال: إن اكتشفت أنَّ أحداً ما لم يكن صادقاً معك، فلا تقل عنه "كاذب"، بل قل عنه "غير صادق"؛ إذ من شأن تغيير المفردات هذا أن يُطفِئ نار غضبك وتوترك، ويُعِيدك إلى جادة الصواب والعقلانية.
الخلاصة:
حياتك قرارك، فاسعَ إلى تزكية نفسك وتطويرها وتجديدها لتكون أفضل نسخة من ذاتك، وتعيش حياة سعيدة.
أضف تعليقاً