وهنا يأتي دور الوعي الذاتي؛ حيث توضح الطبيبة النفسية مارسيل جيه كريج (Marcelle J. Craig): "يتمحور الوعي الذاتي حول النظر إلى هويتك بطريقة تعترف فيها بكيفية تأثيرك على الآخرين، وكيف يؤثرون عليك"؛ كما يتضمن أيضاً فهم عواطفك وأفكارك الداخلية، مما يتيح إليك عيش حياة مُرضية؛ فهي الخطوة الأولى إلى التغيير والتقدم".
إنَّ الوعي الذاتي ما هو إلا ممارسة، فتعلُّم أن تكون واعياً بذاتك هي رحلة تستمر مدى الحياة، ولم يفت الأوان أبداً للبدء. إليك بعض النصائح المعتمَدة من المعالج النفسي لفهم نفسك ومن أنت حقاً:
1. ابحث عن تجارب جديدة:
إحدى أفضل الطرائق لتعزيز الوعي الذاتي هي المشاركة في تجارب جديدة، حيث سوف يتيح إليك هذا الخروج من منطقة الراحة، مما يمنحك فرصة إلى معرفة كيفية التصرف والتفكير والشعور في المواقف غير المعتادة؛ علاوة على ذلك، فإنَّه يخلق فرصاً لاكتشاف المزيد من الصفات الإيجابية عنك.
إنَّ منطقة الراحة هي مساحة مألوفة، وهي الحالة النفسية التي تتصرف فيها دون التفكير فيما تفعله، ويمكنك التنبؤ بجميع أفكارك ومشاعرك، وبذلك لا يتجلى سوى جزء يسير من شخصيتك.
لحسن الحظ، لا يجب أن تكون التجربة الجديدة معقدة أو مكلفة، يمكن أن يكون الأمر بسيطاً مثل تجربة هواية جديدة أو الدردشة مع أشخاص جدد أو زيارة مدينة مجاورة؛ فمهما اخترت أن تفعل، سوف تساعدك هذه التجارب على اكتساب آفاق جديدة عن نفسك.
2. اطلب من الآخرين تغذية راجعة عن نفسك:
غالباً ما يعني التعرف على نفسك هو أن تخطو خطوة جديدة، لذلك اطلب من شخص تثق فيه - مثل أخ أو صديق مقرب - مشاركتك وجهة نظره بشأن مواقفك أو سماتك أو سلوكاتك. يمكن أن يساعدك هذا في إدراك الأشياء التي تفعلها وتقولها، وكذلك كيف يراك الآخرون، لكي تتمكن بعدها من استخدام هذه المعلومات لاستكشاف الجوانب التي ترغب في تغييرها أو تحسينها. تقول استشارية الصحة النفسية كيشيا برودن (Keischa Pruden)، "في بعض الأحيان، يكون المنظور الخارجي ضرورياً لتبديد أنماط التفكير السلبية أو تعزيز الأنماط الإيجابية".
إنَّ تقبُّل التغذية الراجعة ليس بالأمر السهل، لذلك ذكِّر نفسك أنَّ التغذية الراجعة البنَّاءة حقاً لا تمثل هجوماً على هويتك كشخص، وإنَّما هي أداة ذات قيمة توفر إرشادات للتقدم والتطوير الذاتي؛ وأثناء قيامك بذلك، ابذل قصارى جهدك للإصغاء بشكل كامل دون اتخاذ موقف دفاعي، وسوف يسهل ذلك على الشخص الآخر تقديم تغذية راجعة صادقة حقاً.
3. حدد ما يثير مشاعرك السلبية:
إنَّ فهم ما يجعلك غاضباً أو حزيناً أو متوتراً أو غيوراً يمكن أن يؤثر تأثيراً عميقاً في تعزيز الوعي الذاتي، والسبب أنَّه عندما تدرك ما يثير مشاعرك السلبية، يمكن أن تصبح أكثر انتقائية للأشخاص والأماكن والمواقف التي تختار التعامل معها، كما تقول برودن (Pruden)؛ كما أنَّه يساعدك على أن تصبح أكثر وعياً بكيفية استجابتك لبيئتك والأشياء التي لا يمكنك التحكم فيها.
توصي برودن (Pruden) بفحص أي موقف أو شخص أو شيء يثير مشاعر سلبية، وذلك لمعرفة المزيد حول ما يحفزك. على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل نفسك: "ما الذي قاله الشخص الآخر وجعلني أشعر بالسعادة؟ وكيف كانت ردة فعلي؟ وهل هذا شيء أريد الشعور به باستمرار؟" يمكنك بعد ذلك استخدام إجاباتك لاتخاذ قرارات جيدة لعيش حياة أكثر سلاماً.
4. ضَع آراءك ومعتقداتك موضع الشك:
تقول برودن (Pruden): "يُعد تحدي آرائك ومعتقداتك طريقة رائعة لتتعرف على ذاتك"، فذلك يزيد من وعيك بأفكارك، إلى جانب التحيزات والسلوكات التي تنبع من تلك الأفكار، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذا لا يتعلق بمحاولة إثبات أنَّك مخطئ، إنَّما بإدراك إمكانية تغيير آرائك ومعتقداتك ومنح نفسك فرصة إلى التقدم.
تقترح برودن (Pruden) أنَّه إذا لم تكن متأكداً من أين تبدأ، اسأل نفسك أسئلة مثل: "ما الذي أثار رأيي هذا؟ وهل هذا الرأي مفيد لي أو لمن أحب؟ وهل هناك أي حقيقة في وجهة نظري؟" سوف يسمح لك طرح هذه الأسئلة بتحديد أنماط تفكيرك وتقييمها.
5. كُن واضحاً بشأن قيمك الأساسية:
قيمك الأساسية هي المبادئ التي توجه حياتك، فهي السبب وراء كل ما تقوله وتفعله، وعندما يتعلق الأمر بتعزيز الوعي الذاتي، فإنَّ تحديد تلك القيم أمر أساسي. تقول كريج (Craig): "عندما تكون واضحاً بشأن قيمك، فإنَّك ستعرف المزيد عمَّا تبحث عنه في الحياة، بالإضافة إلى ما لا تبحث عنه"؛ كما لاحظت من ناحية أخرى أنَّه إذا لم تكن واضحاً بشأن قيمك، فسوف تشارك في أشياء لا تفيدك وربما تكون غير صحية.
ولتوضيح قيمك الأساسية، تقول كريج (Craig): "فكر في الأوقات التي شعرت فيها بالسعادة والارتقاء والتمكين في حياتك"، حيث يمكن أن يساعدك هذا في التعرف على ما هو أكثر أهمية بالنسبة إليك، وفي النهاية، تقديم التوجيه إلى نفسك في المستقبل.
6. اكتب يومياتك:
تقول برودن (Pruden) "إنَّ كتابة اليوميات طريقة ممتازة لزيادة الوعي الذاتي". في الواقع، إنَّها الطريقة المثالية لاستكشاف الاستراتيجيات الأخرى في هذه القائمة، على سبيل المثال، عندما تكتب المشاعر السلبية، يمكنك إعادة فحص السيناريوهات وتحديد المحفزات الشائعة التي تثيرها. تقول كريج (Craig): "يمكن أن تساعدك كتابة اليوميات أيضاً على تحدي أفكارك"، لأنَّه من السهل أن تدرك نفسك تقول عبارات غير صحيحة على الورق (مقابل التفكير فيها دون وعي). علاوة على ذلك، تضيف كريج أنَّه أثناء إعادة قراءة يومياتك، سوف تتمكن من معرفة مدى تقدمك.
تذكَّر: لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لكتابة اليوميات، لذلك لا تتردد في تجربة أساليب يومية مختلفة لتنمية الوعي الذاتي.
أضف تعليقاً