الصيام والصحة النفسية

إنَّ الصوم ركنٌ أساسيٌّ من أركان الإسلام الخمسة، فقد فرضه الله تعالى علينا في شهر رمضان؛ وهو الامتناع عن تناول الطعام والشراب، من طلوع الشمس حتَّى مغيبها.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وهو فرضٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، وله فوائد نفسيةٌ؛ لأنَّ الشخص الصائم يحاول الابتعاد عن كلَّ ما يعكِّر صفوه من المحرَّمات، ويسعى إلى المحافظة على ضوابط السلوك، الذي ينعكس إيجاباً على المجتمع. قال صلى الله عليه وسلم: (الصيام جُنَّة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل؛ وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه، فليقل: إنِّي صائم، إنِّي صائم).



أنواع الصوم:

  • الصيام المحرَّم: يُحرَّم على المسلم صوم أيام عيد الأضحى والفطر، وحسب ما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه، عن النبي محمد - صلّى الله عليه وسلّم: (أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفطر).
  • الصيام المكروه: كصوم يوم الجمعة، قال النبي - صلوات الله عليه: (لا تصوموا يومَ الجمعةِ، فإنَّه يومُ عيدٍ، إلَّا أنْ تصِلوه بأيَّامٍ)؛ وصيام الدهر، حيث يقوم الشخص بصيام الدهر كلِّه، يقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا صام من صام الأبد).
  • الصوم المفروض: هو الصوم الواجب، كصيام شهر رمضان من كلِّ عام، وصيام النذر، وصيام الكفَّارات.
إقرأ أيضاً: درجات الصوم وأنواعه

فوائد الصيام للجسم:

الصيام عادةٌ صحيةٌ فعَّالةٌ في حال طُبِّقَت بالشكل الأمثل، حيث أكدَّت الدراسات أنَّ جعل الصوم نمطاً للحياة له تأثيراتٌ إيجابيةٌ على صحة الإنسان؛ لأنَّه يُساهِم في خفض مستويات الكوليسترول الضار، والوقاية من أمراض السرطان.

ومن أهمِّ فوائده لجسم الإنسان:

  • يخلِّص الجسم من السموم المتراكمة.
  • يستقر الإنسان نفسياً؛ لأنَّ الصوم يساعد في إراحة الدماغ وخلايا المخ، وتحسين وظائفها، عن طريق إفراز مواد كيميائيةٍ في أثناء الصوم، مهمَّتها الحفاظ على الخلايا العصبية.
  • التخلُّص من الوزن الزائد؛ لأنَّ الصيام يمنع تخزين الدهون في الجسم.
  • تخفيف الأضرار الصحية الناجمة عن التدخين.
  • تنقية الدم من الفضلات السامة.
  • تخفيض مستويات السكر الموجودة في الدم؛ لأنَّه يزيد من حساسية الجسم للأنسولين؛ لأنَّه - وحسب الدراسات - فإنَّ الأنسولين يصبح أكثر فاعلية.
  • يساعد في شفاء بعض أمراض الالتهابات (كالتهاب المفاصل).
  • تعزيز الجهاز المناعي للجسم، من خلال اتباع نظامٍ غذائيٍّ متوازن.
  • تخليص الجسم من الخلايا الضعيفة والمريضة.
  • يعمل على تحسين وظائف الأمعاء، من خلال تسريع عملية الأيض وحرق السعرات الحرارية.
  • يساعد الصوم في الحفاظ على نظافة الجلد، وبالتالي التقليل من ظهور حبِّ الشباب.
  • يُعزِّز من قدرات الجسم على مقاومة الجهد التأكسدي، الذي يؤدّي إلى الكثير من الأمراض المزمنة.
إقرأ أيضاً: 8 فوائد صحيّة يمنحها الصيام لجسم الإنسان

تأثير الصوم على الصحة النفسية:

إنَّ الصوم عمليةٌ تربويةٌ، فمن خلاله تُهذَّب النفس وتُربَّى، وذلك بالارتقاء بها عن إشباع الرغبات والغرائز؛ وهو أفضل وسيلةٍ لكي نتخلَّص من العادات السيئة المتعلِّقة بجميع جوانب الحياة، فهو يعمل على تعزيز قدرة الشخص على مقاومة الطعام، وتخفيف حدة المعاناة والآلام في كثيرٍ من الحالات النفسية، سنذكر منها:

  • الصيام مدرسةٌ لتعليمنا الصبر، والنظام في الحياة، وتقوية الإرادة، وزيادة الاستقرار النفسي والعاطفي.
  • تعزيز الشعور بالرضى والراحة النفسية؛ لأنَّ الفرد يتقرَّب من خالقه من خلال ممارسة فرائض الإسلام.
  • تنمية القدرة على مواجهة الحالات النفسية المؤلمة.
  • تدريب الإنسان على الصبر والإرادة وقوة التحمل.
  • تنمية الضمير، فهو يساعد الإنسان في اتخاذ القرار السليم، والابتعاد عن السلوك المخالف للقواعد الصالحة والضوابط الاجتماعية السليمة.
  • ضبط الشهوات ومجاهدة النفس في كافة الاتجاهات.
  • تعزيز الشعور بالمسؤولية، ومعرفة قيمة الآخرين.
  • ضبط النفس عن إيذاء الآخرين في مختلف الجوانب المادية والمعنوية.
  • تهدئة الإنسان، وتجاوزه الحالات التي تؤثّر فيه من خلال علاجها (كالتوتر النفسي، حالات الأرق، واضطرابات النوم، والقلق والاكتئاب).
  • تهذيب النفس وتربيتها على الإخلاص.
  • تدريب الإنسان وتأهيله؛ لأنَّ الصيام هو الامتناع عن إشباع رغبات النفس، فهو دورةٌ تدريبيةٌ فعَّالةٌ وحيويةٌ تتكرَّر كلَّ سنة، يتعلَّم فيها الصبر أيضاً، والذي يدفعه إلى النضج ويُكمِّل شخصيَّته.
  • تنمية الثبات النفسي للصائم؛ لأنَّ الصوم يدرِّب الصائم على الصبر، باعتباره قوةً معنوية.

كما تشمل فوائد الصيام: تطوير القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية، حيث يسعى المؤمنون إلى تحقيق الخصال الفاضلة، وتطبيقها على مواقفهم اليومية. فهو رسالةٌ للمساواة بين أفراد المجتمع، وإعطاء الفقراء الاهتمام، والاستفادة من الأعمال الخيرية، ويحاول كلُّ شخصٍ في أثنائه إظهار التعاطف والكرم والرحمة للآخرين. ومن فوائده أنَّه يُعزِّز من قدرة الصائم على ضبط النفس والسيطرة على غضبه، لذلك فإنَّ الصيام يقوِّي السيطرة على النفس ويساعد في تطوير السلوك الجيد.

إقرأ أيضاً: ثمرات صيام شهر رمضان المبارك على المسلم

نصائح للصوم بصحة:

  • بدء الإفطار بتناول التمر؛ لاحتوائه على سكرياتٍ بسيطةٍ سهلة الامتصاص، وشرب كأسٍ من الماء، ممَّا يُعِدُّ المعدة لتلقي وجبة الإفطار.
  • تناول كمياتٍ مناسبةً من السوائل ما بين وجبتي الفطور والسحور، التي لا تحتوي على السكريات بكثرة.
  • الإكثار من تناول الخضروات الطازجة، والتي تعدُّ مصدراً رئيساً للأملاح المعدنية، والفيتامينات.
  • الحرص على تناول الفاكهة يومياً، بدلاً من الحلويات؛ لأنَّها تمدُّ الجسم بالمعادن والألياف الضرورية.
  • يُعدُّ فرصةً مناسبةً لتغيير العادات الغذائية الخاطئة.
  • الاعتدال في تناول الطعام، حتَّى لا يصاب الصائم بالتخمة؛ لأنَّ الإفراط في تناول الطعام يسبِّب مشاكل صحيةً، مثل: عسر الهضم، وزيادة الوزن. لذا من المفضَّل تناول طعام الإفطار ببطء.
  • ممارسة بعض التمرينات الرياضية الخفيفة.
  • يعدُّ شهر رمضان فرصةً للإقلاع عن التدخين.
  • عدم الإفراط في تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من السكريات والدهون.
  • الابتعاد عن تناول الموالح والأطعمة الدهنية.
  • تناول وجبة السحور يومياً؛ لأنَّها تدعم أعضاء الجسم للقيام بعملها، وتُجنِّبنا الشعور بالصداع وعدم القدرة على التركيز؛ لأنَّ تخطي وجبة السحور يسبِّب التعب خلال اليوم، عدا عن الإفراط في تناول وجبة الإفطار.
  • كما يجب الانتباه إلى عدم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافئين، مثل: القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية؛ لأنَّها تعمل كمدرٍ للبول، وتعزِّز من فقدان السوائل.
إقرأ أيضاً: فلسفة الصوم من منظور علمي

إنَّ الفكرة من وراء الصوم ليست في الامتناع عن تناول الطعام والشراب والشهوات الجنسيَّة فحسب، ولكن هي فترة تدريبٍ للنفس لكي نتمكَّن من التحكُّم بالرغبات مهما كانت، سواءً كانت طعاماً أم أفكاراً أم رغبات، ولا يجب أن ننسى الآثار الإيجابية للصيام على الحالة النفسية، باعتباره تجربةً روحانيةً، وليس مجرد امتناعٍ عن الطعام والشراب، ليكون الصيام بذلك دافعاً لهم على مقاومة رغبات النفس، لذلك يعتبر الصوم علاجاً للصحة النفسية.




مقالات مرتبطة