توجد العديد من الفوائد للامتنان، ومن أهمها أنَّه يذكرنا بأن نكون شاكرين في حياتنا؛ ولكن قبل أن نتعمق أكثر في فوائد الامتنان وكيف يمكننا ممارسته، لنُعرِّفه أولاً:
ما هو الامتنان؟
هو عاطفة قوية مصحوبة بالتقدير تجعل الشخص ممتناً لشيء ما، كما ويشير أيضاً إلى الفعل الواعي المتمثل في الامتنان لما لديك بالفعل في حياتك؛ وتتضمن الأمور التي قد تعرب عن امتنانك لها: صحتك أو عائلتك أو أصدقائك أو علاقاتك أو حياتك العملية أو العائلية؛ فعندما تبدأ إدراك الكم الهائل من الأمور التي يتعين عليك أن تكون ممتناً لها في وضعك الحالي، قد تتغير نظرتك إلى الحياة تغيراً إيجابياً.
كيف تمارس الامتنان؟
توجد العديد من الطرائق السريعة والبسيطة لممارسة الامتنان يومياً، ومن الأمثلة على ذلك:
- بمجرد استيقاظك، كن ممتناً لأنَّك تعيش يوماً آخر، وفكر لبضع دقائق في الأمور الأخرى التي قد تكون ممتناً لها في حياتك.
- مارس التأمل الذي يركز على الامتنان.
- قد تغير مذكرة الامتنان يومك إلى حدٍ كبير، فاستخدمها لتوثيق التجارب التي مررت بها في ذلك اليوم والتي قد تكون ممتناً لها.
- مارس اليقظة طوال اليوم، وانتبه إلى ما تمر به فوراً، وكن ممتناً له.
عندما تذهب إلى النوم في نهاية كل يوم؛ فكِّر في إنجازاتك ونجاحاتك وما يجب أن تكون ممتناً له في ذلك اليوم.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك
ما هي فوائد ممارسة الامتنان؟
نظراً إلى عدد الطرائق التي يمكننا من خلالها التعبير عن الامتنان وممارسته في حياتنا، فليس من المستغرب أن يكون لذلك تأثير إيجابي فينا؛ فإليك 7 فوائد للامتنان ستجعلك تُقدّر نِعم الحياة:
1. السعادة:
السعادة شعور هام يسعى الإنسان إلى تحقيقه، وتوجد أدلة تشير إلى أنَّ ممارسة الامتنان قد تساعدك على القيام بذلك؛ فإن ركزت على ما أنت ممتن له في الحياة، فأنت في الواقع تركز على ما يجعلك سعيداً.
توجد دراسات حول مساهمة الامتنان في الحصول على حياة أكثر سعادة، حيث وجدت أنَّ الامتنان يُمكِّن العقل من تعويض ميل الدماغ الفطري إلى التركيز على الجوانب السلبية للحياة مثل القلق، ثم يستبدل ذلك بمشاعر إيجابية مثل الحب والفرح، والتي تعزز بدورها السعادة.
يقودنا الامتنان إلى السعادة، لأنَّه طبيعتنا الحقيقية، وكذلك السعادة؛ فالامتنان والسعادة ليسا في الواقع أمرين مختلفين، بل يمكن اعتبارهما أمراً واحداً؛ فعندما تكون ممتناً، ستكون سعيداً؛ وعندما تكون سعيداً، ستكون ممتناً بطبيعة الحال؛ ففي نهاية المطاف، يتمنى جميعنا الشعور بالسعادة، وأسهل وأسرع طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال الامتنان؛ فكن ممتناً، وستعيش حياتك كلها في سعادة.
يساعدنا مفهوم قانون الجذب (يجذب ما تحبه أمراً آخر تحبه) على فهم كيف يمكن للامتنان أن يعزز السعادة؛ فإذا كنت ممتناً لما يجعلك سعيداً في حياتك، فستجذب مزيداً من السعادة؛ وإذا كنت تمارس الامتنان، فأنت تفتح بذلك عقلك للإيجابية؛ وبناءً على قانون الجذب، ستجلب مزيداً من الإيجابية إلى حياتك.
2. النوم الجيد:
قد يؤدي الشعور بالامتنان إلى تحسين نومك، وقد ذكرنا أنَّ الامتنان يعزز الإيجابية؛ فعندما تكون في السرير ومستعداً للنوم، يحين الوقت الذي يمكن فيه لعقلك العمل لوقت إضافي، حيث يبدأ التفكير بالهموم التي تراكمت طوال اليوم، وقد تطفو الأفكار السلبية على السطح.
ومع ذلك، إذا كنت قد كتبت في مذكرة الامتنان قبل الخلود إلى النوم مباشرة وقضيت بضع دقائق في التركيز على النجاحات والإنجازات التي تحققت في ذلك اليوم؛ فلن يكون هناك سبب أو مساحة للسلبية في ذهنك، وبذلك تحصل على عقل إيجابي مسالم جاهز للنوم بهناء، بدلاً من عقل يفكر في سلبيات وهموم ذلك اليوم؛ وعلاوةً على ذلك، يمكن للتأمل الذي يركز على الامتنان أنَّ يهيئ جسمك وعقلك لنوم هانئ في الليل.
3. توفير المال:
قد يقودك الشعور بالامتنان لما لديك بالفعل في الحياة ولا يمكن للمال شراؤه -كالعائلة والأصدقاء والعلاقات- إلى عيش حياة تجد فيها مزيداً من السعادة في الأشياء الأقل مادية.
ربما كنت تعتقد في السابق أنَّ قطعة جديدة من الحلي أو الملابس قد تجعلك سعيداً عند شعورك بالكآبة، ولكن بمجرد ممارسة الامتنان، قد تشعر الآن أنَّ التنزه اللطيف في الريف مع أسرتك يمكن أن يجلب لك مزيداً من السعادة والرضا، حيث يمنحك الامتنان الفرصة للتفكير فيما لديك وليس فيما تريده.
4. تحسين العلاقات مع عائلتك وأصدقائك وشريكك:
قد تشعر في مرحلةٍ ما من أي علاقة أنَّ نصيبك من الحزن أكبر من نصيبك من الفرح، فقد يزعج أحدكما الآخر بعاداته أو تصرفاته، وقد يُروِّح الطرف الآخر عن نفسه من خلال إلقاء اللائمة عليك، وقد تتجادل أكثر من المعتاد؛ ولكن قد يساعدك التعبير عن امتنانك لهذا الشخص ولعلاقتك به على بدء التركيز على الإيجابيات وما تجلبه لك هذه العلاقة، بدلاً من التركيز على السلبيات.
لا أحد يعلم، فقد تجد في الواقع أنَّ هذه العلاقة تجلب فوائد لحياتك أكثر ممَّا كنت تظن، وقد تقدِّر هذه العلاقة أكثر من أي وقت مضى.
5. تحسين الصحة العقلية:
إنَّ الامتنان هو حالة ذهنية وموقف، ويمكن لقدرة الشخص على الانتقال من حالة ذهنية سلبية حيث يكون لديه مشاعر مثل القلق والاكتئاب إلى حالة ذهنية أكثر إيجابية باستخدام الامتنان أن تمكِّنه من تحسين صحته العقلية على نحو كبير.
يتضمن الامتنان التركيز على ما أنت ممتن له في حياتك، فإن كنت مثقلاً بالهموم وتركتها تسيطر على عقلك، ستبدو همومك أكبر وأقلَّ قابلية للإدارة ممَّا هي عليه في الواقع؛ ولكن من خلال ممارسة الامتنان، يمكنك وضع همومك في منظورها الصحيح بينما تركز على ما لديك بالفعل وتشعر بالامتنان له، كما تستمر بعد ذلك في إدارة تحديات الحياة بعقلية أكثر إيجابية، وقد تجد أنَّه من السهل إدارة هذه التحديات.
بناءً على ذلك، قد يتحسن احترامك لذاتك أيضاً؛ فإن كنت تشعر بالرضا عن وضعك، فيمكن أن يجعلك هذا بدوره تشعر بالرضا عن نفسك.
أظهرت الأبحاث أيضاً أنَّه "من خلال ممارسة الامتنان بوعي"، يمكننا تدريب الدماغ على الاهتمام بصورة انتقائية بالمشاعر والأفكار الإيجابية، وتقليل القلق ومشاعر التخوف؛ إذ يمكن للفعل البسيط المتمثل في تذكير نفسك بالأمور الإيجابية في حياتك حتى لو كانت بسيطة -مثل المنزل الذي تمتلكه، أو الطعام الذي تتناوله- أن يثير مشاعر الشكر والتفاؤل التي تجعل إدارة التوتر أو الاكتئاب أو القلق أسهل.
6. الصحة البدنية:
يؤدي تحسين صحتك العقلية من خلال ممارسة الامتنان يومياً إلى تحسين صحتك البدنية أيضاً؛ فعندما تكون في حالة ذهنية جيدة، من المرجح أن يكون لديك الدافع للاعتناء بصحتك البدنية، كأن تمارس مزيداً من التمرينات الرياضية، أو تتناول طعاماً صحياً، أو تمارس اليوجا التي تعد طريقة رائعة لتحسين صحتك البدنية وطريقة تفكيرك.
يُحسِّن الامتنان الصحة البدنية، فقلما يعاني الأشخاص الممتنون من الأوجاع والآلام، وتجدهم دائماً يشعرون بصحة أفضل من الآخرين؛ فقد خلصت دراسة أُجرِيت عام 2012 ونُشِرت في مجلة بيرسوناليتي آند إنديفيدجوال ديفرينسس (Personality and Individual Differences) إلى أنَّ الأشخاص الممتنين يميلون إلى العناية بصحتهم أكثر من غيرهم؛ فهم يمارسون الرياضة في أغلب الأحيان، ومن المرجح أن يجروا الفحوصات الطبية المنتظمة التي قد تسهم في إطالة العمر.
7. الفوائد على الصعيد المهني:
يمكن أن تنتقل فوائد ممارسة الامتنان في حياتك الشخصية إلى حياتك العملية تلقائياً، فعلى سبيل المثال، ينعكس انخفاض التوتر والإحساس الأفضل بالسلامة في حياتك الشخصية على حياتك العملية من خلال تمكينك من التركيز بشكل أفضل في العمل وعدم الانشغال بمشاكلك الشخصية.
على أي حال، قد يجلب الامتنان فوائد محددة إلى حياتك العملية، مثل إيجاد معنى في عملك، والذي بدوره يمكِّنك من الشعور بأنَّ عملك له تأثير إيجابي في الآخرين؛ ممَّا يؤدي إلى تحسين إنتاجيتك لأنَّك تشعر بأنَّ عملك يُحدِث فارقاً ويستحق العناء.
يستحوذ العمل عموماً على جزء كبير من يومك، فقد تقضي مع زملائك في العمل وقتاً أطول من الوقت الذي تقضيه مع عائلتك، ويمكنك بممارسة الامتنان جعل هذا الجزء من اليوم أكثر إيجابية، مما يساعدك على النهوض من السرير في الصباح للذهاب إلى العمل.
الخلاصة:
إنَّ الامتنان طريقة تفكير يمكنك تبنِّيها من خلال جعلها عادة بسيطة تشكل جزءاً من روتينك اليومي، وميزة الامتنان هي أنَّه لا يستغرق الكثير من وقتك رغم فوائده الكثيرة؛ حيث يحسِّن صحتك العامة، ويحفز الشعور بالرضا، ويؤثر في العديد من مجالات حياتك.
إذا كانت هذه العادة البسيطة تحسن سعادتك ونومك وعلاقاتك ووضعك المالي وصحتك البدنية والعقلية وحياتك المهنية، فابذل جهداً واعياً لبدء ممارسة الامتنان اليوم وأخبر الآخرين عن فوائده.
أضف تعليقاً