إنَّ المعاناة التي نتعرض إليها في محاولة منَّا لتحقيق التوازن بين الأسرة والعمل حقيقية للغاية، وتغمرنا بشعور عارم من الأسى والذنب، وتدفعنا إلى التساؤل عمَّا إذا كنَّا نقضي ما يكفي من الوقت مع أطفالنا ليشعروا بالأمان في علاقتهم معنا، أو إذا كان ذلك الوقت يعدُّ هادفاً وممتعاً؛ ولكنَّ الخبر السار يكمن في وجود حلول تساعدك على تحقيق ذلك التوازن؛ لذا نقدم لك هذه النصائح التي من شأنها أن تعزز التواصل الأسري:
1. امنح الأولوية للمناسبات العائلية:
إن لم تكن طبيباً جراحاً مطالَباً بإجراء عملية من شأنها أن تنقذ حياة شخص ما، فمن الممكن تأجيل عملك غالباً؛ حيث لا يعمل معظمنا ضمن مجال إنقاذ الأرواح، ممَّا يمنحنا بعض المرونة في اختيار وقت الانتهاء من العمل.
على سبيل المثال: إذا كانت مباراة طفلك ستُقام في ليلة ضمن الأسبوع، فلا تعمل حتى وقت متأخر في ذلك اليوم؛ لتمنح بذلك الأولوية للمناسبات العائلية، وتتواجد في حياة طفلك، وتكون أباً جيداً؛ وإلَّا فستفوِّت هذه المناسبات التي لا تُعوَّض أبداً.
يكبر الأطفال بسرعة، ولا يعيشون طفولتهم مرتين؛ فقد تكون تلك المباراة هي الفرصة الوحيدة لوصول فريق ابنك إلى التصفيات، أو قد يكون حفل البيانو الذي سيعزف فيه هاماً لإظهار مهاراته، وليسطع نجمه، ويفتخر والداه بما حققه أيضاً.
يُظهِر تواجدك في المناسبات العائلية اهتمامك بشريكك وأطفالك، حيث تتجلى المحبة التي تكنها لهم من خلال أفعالك؛ لذا احرص على قضاء الوقت معهم في العطلات، وأعياد الميلاد، والاجتماعات العائلية، ونشاطات الأطفال، وإنجازاتهم؛ فهذه التفاصيل في غاية الأهمية؛ وحتى إن ادَّعوا أنَّها غير هامة، عليك أن تعرف أنَّها ستؤثر فيهم على الأمد البعيد؛ فعندما تكون إلى جانبهم، سيتذكرون أنَّك كنت متواجداً في جميع لحظاتهم المميزة، وأنَّك منحتهم الأولوية وفضَّلتهم على عملك.
إنَّ قضاء وقت ممتع مع عائلتك أمر رائع، ولكنَّه يحتاج الكثير من وقتك؛ لذا احرص على التواجد مع عائلتك لتتمكن من تطوير علاقات عميقة معهم تستمر مدى الحياة.
تزداد أهمية هذه العلاقات عندما يتعرض أفراد عائلتك إلى أوقات عصيبة، كموت أحد أحبائهم، أو فقدان وظيفتهم، أو انتقالهم إلى مكان آخر، أو غيرها من الأمور التي تؤثر في حياتهم تأثيراً كبيراً؛ حيث تكون عائلتك في أمسِّ الحاجة إليك، وتعتمد عليك في مثل هذه الظروف.
2. جدوِل المناسبات العائلية:
غالباً ما نُدرِج المواعيد الخاصة بالعمل في جداولنا لأنَّها هامة جداً؛ ولكن، هل تفعل الشيء ذاته عندما يتعلق الأمر بمواعيد الاجتماعات، والمناسبات العائلية، ونشاطات أطفالك؟
إذا أجبت بالنفي، فعليك أن تسأل نفسك عن السبب الذي يمنعك من ذلك؛ فإذا كنت تقدِّر عائلتك فعلاً، فينبغي أن تكون النشاطات الخاصة بأفراد الأسرة مدرجة ضمن جدولك الأسبوعي لتكون متواجداً معهم؛ وفي حال كان جدولك مزدحماً بالمواعيد المتعلقة بالعمل كل أسبوع، فعليك أن تنظمه مسبقاً من خلال اكتشاف مواعيد النشاطات الخاصة بالأطفال ومناسباتهم المميزة، ووضعها على جدولك كيلا تلتزم بأي عمل في ذلك الوقت، وتمنح الأولوية لعائلتك عبر تخصيص الوقت لهم.
قد يكون تحديد المواعيد أكبر عائق أمام قضاء الوقت مع أسرتك؛ لذلك سيساعدك التخطيط لها مسبقاً كثيراً.
3. ضع حدوداً واضحة لعملك:
لا يكفي أن يكون لك دور فعال ضمن فريق عملك؛ بل عليك أن تؤدي الدور ذاته مع عائلتك أيضاً؛ لذا، لا تسمح لعملك بأن يسلب منك الوقت الذي تقضيه مع أسرتك.
على سبيل المثال: عندما يطلب منك مديرك القيام ببعض المهمات الإضافية في فترات المساء، وتوجد مناسبة عائلية على جدولك في الوقت نفسه، فلا تتردد بإخباره أنَّك غير قادر على العمل في هذا الوقت لأنَّك مرتبط ببعض الالتزامات العائلية؛ إذ عليك أن ترسم حدوداً بينك وبين مديرك لتحرص على المحافظة على عملك من جهة، وتقدِّر عائلتك ومواعيد نشاطاتهم من جهة أخرى.
لذا، فإنَّ إدراج المواعيد الضرورية على جدولك أمر في غاية الأهمية لتتمكن من معرفة النشاطات الهامة بنظرة واحدة، بدلاً من نسيانها والارتباك عندما يحين موعدها؛ إذ عليك ألَّا تسمح لعملك بأن يحرم عائلتك من تواجدك في حياتهم عندما لا تكون مضطراً إلى ذلك.
4. خصِّص يوماً في الأسبوع تبتعد فيه كلياً عن هاتفك:
ماذا لو استطعت تخصيص 24 ساعة كل أسبوع تغلق فيها جميع أجهزتك الذكية، وتبتعد عنها للتواصل مع أسرتك؟
يوجد 52 أسبوعاً في السنة، ممَّا يمنح عائلتك 52 يوماً من الاهتمام الكامل؛ لكن لا يعني هذا ألَّا تكون متواجداً معهم خلال بقية الأيام، ولكنَّك ستكرس كامل وقتك وتركيزك على زوجتك وأطفالك مهما كنت مشغولاً من خلال الابتعاد عن هاتفك كلياً ليوم كامل.
لذلك، أغلق هاتفك وضعه جانباً، ولا تجِب على أي مكالمات هاتفية أو رسائل نصية أو إلكترونية إلَّا إذا كانت طارئة، ولا تُعِد تشغيله حتى تمضي تلك الـ 24 ساعة وينام أطفالك.
يمكننا أن نعمل جاهدين لإعالة أسرتنا؛ ولكنَّنا إن لم نتواصل ونقوي علاقاتنا وروابطنا معهم، فما الجدوى من كل ذلك العمل؟ لذا، فليكن اهتمامك بعائلتك يضاهي سعيك إلى تأمين حياة كريمة لهم.
5. اجعل الوقت الذي تقضيه مع عائلتك هادفاً:
اجعل الوقت الذي تقضيه مع عائلتك هادفاً؛ فإذا كان جميع أفراد الأسرة متواجدين في المنزل، ولكنَّهم يقومون بنشاطات مختلفة في غرفهم، فلا يعدُّ هذا وقتاً عائلياً.
لذا، ينبغي أن تجد العائلة نشاطاً يتشارك فيه أفرادها جميعاً، ويتناقشون مع بعضهم بعضاً لتعزيز روابط المحبة فيما بينهم، و توطيد علاقاتهم؛ فالهدف الأساسي هو قضاء الوقت معاً؛ فمثلاً: بإمكانكم الذهاب كعائلة إلى مكان ما كمتحف أو معرض فني، لكن احرصوا على البقاء سوياً لتعيشوا تلك اللحظات كعائلة واحدة.
إليك بعض النشاطات التي يمكنك ممارستها برفقة عائلتك؛ إذ يمكنك أن تختار مجموعة متنوعة من الأشياء الجديدة والممتعة للجميع، وتدرجها ضمن جدول مواعيدك كيلا يحرمك العمل من قضاء الوقت مع أسرتك:
- الاستمتاع بالألعاب اللوحية.
- الخروج في نزهات.
- ممارسة اليوغا.
- ممارسة رياضة تسلق الصخور.
- مشاهدة فيلم معاً.
- زيارة الحدائق العامة.
- زيارة المتاحف.
- حضور الحفلات.
- حضور المسرحيات.
- حضور دروس في الفنون.
- الذهاب إلى معرض لصناعة الحرف اليدوية.
- الحصول على جلسة للعناية بأظافر اليدين والقدمين.
- المشاركة في المناسبات المحلية التي تُقام في مجتمعك.
- الذهاب إلى الصيد.
- ممارسة كرة القدم.
- حضور المناسبات الدينية.
- ممارسة السباحة.
- استئجار قارب.
- التخييم، حتى ولو كان ذلك في باحة منزلك.
- ركوب الدراجات.
- الذهاب إلى شاطئ البحر.
- الخروج في جولة لمشاهدة المناظر الطبيعية.
- الاستمتاع بلعبة الكريكيت أو كرة الريشة في الحديقة.
- زيارة معرض فني.
- التخطيط لإعداد الطعام معاً.
- الاحتفال بالعطلات وأعياد الميلاد.
- قراءة الكتب بصوت عالٍ، خاصة إذا كان لديك أطفال صغار.
- صناعة الحِرَف والمشاريع الفنية.
- زيارة المعارض أو المتنزهات.
- حضور معرض للأدوات الحرفية.
6. لا تهتم بصغائر الأمور:
غالباً ما نترك أنفسنا تنغمس في القلق حيال أمور لو تمعَّنا فيها لوجدنا أنَّها لن تكون هامة بعد سنة أو حتى أسبوع من الآن؛ فإن لم يكن لهذه التفاصيل الصغيرة أي تأثير على الأمد البعيد، فلا تشغل بالك بها.
لا تستحق بعض الأمور استياءنا واستياء أفراد أسرتنا؛ لذا لا تدع تلك الأشياء تعكر صفو عائلتك، وتخرب الوقت الذي تقضيه معهم؛ فإذا مررت بيوم عصيب في عملك، اترك الأمر في العمل، ولا تزعج العائلة به؛ أو إذا تشاجرت مع أحد أصدقائك، فانسَ الأمر مؤقتاً، وتكلم معه بعد قضاء الوقت مع أسرتك؛ أمَّا إذا كان أولادك يهملون واجباتهم، فأخبرهم أنَّ عليهم إنجازها بعد انتهاء الوقت العائلي، ولكن لا تؤنبهم على ذلك وتشحن الجو بطاقة سلبية.
شاهد بالفديو: 6 طرائق فعالة لتحمي نفسك من الطاقة السلبية
لا تسمح لأي شيء بأن يقاطع الوقت الذي تقضيه مع أسرتك إلَّا إذا كان أمراً طارئاً، ويتحتم التعامل معه على الفور؛ إذ لن تبرح المشكلات مكانها، فلا تقلق حيالها أبداً، وامنح وقتك وتركيزك الكامل لعائلتك بدلاً من الأمور العَرَضية التي يمكن التعامل معها فيما بعد.
7. اجعل اللطف والتسامح مبادئ أساسية لدى أفراد عائلتك:
يصعب قضاء وقت ممتع مع العائلة إذا كان الجو مشحوناً بالانفعالات السلبية التي تدور رحاها بين أفراد الأسرة؛ فإذا كانت عائلتك تعاني من مشكلات كبيرة تقف عائقاً أمام قضاء الأوقات العائلية بسلام، فيجب الحصول على استشارة أسرية من اختصاصي علاقات خبير؛ ولكن إذا كانت مجرد مشاحنات أو حالة من غياب التسامح أو اللطف، فعليك أن تضع سياسة أسرية تحقق الانسجام بين الجميع.
لا يجب التساهل مع اللؤم وغياب اللطف في العائلة؛ إذ عليك أن تكون القدوة التي يحتذي بها أطفالك، وتعلِّمهم حسن الخلق والتحلي باللطف من خلال إظهار ذلك في أقوالك وأفعالك.
إذا شعرت أنَّ جو العائلة بدأ يخرج عن السيطرة، فجرِّب أن تحدد كلمة يستخدمها أفراد الأسرة ليتذكروا أنَّ عليهم معاملة بعضهم بعضاً بلطف بدلاً من المشاحنات والجدال والتجريح؛ حيث يمكنك أن تستخدم كلمة مضحكة كمحاولة لتلطيف الجو عندما يظهر أي سلوك غير مرغوب.
8. احرص على ألَّا تعمل بعد انتهاء أوقات العمل:
هل تأخذ عملك المتبقي إلى منزلك كل ليلة؟ هل تحاول متابعة ما فاتك بعد ساعات من انتهاء عملك؟ وهل تجيب على المكالمات والرسائل الإلكترونية الخاصة بالعمل بعد انتهاء الدوام؟ وهل يمكنك أن تمتنع عن إحضار العمل إلى المنزل، وإنجازه بعد انتهاء الدوام؟
إذا كان هذا روتينك اليومي، فعليك أن تتدخل وتُجري بعض التعديلات؛ وإذا لم تستطع تغيير هذا الروتين دفعة واحدة، فيمكنك أن تبدأ إلغاء العمل خارج أوقات الدوام من خلال العثور على طرائق لتخفيف هذه العادات تدريجياً كي تتمكن من منح الوقت والأولوية لعائلتك؛ لكنَّك إذا كنت تعمل بلا كلل ولا تستطيع إنجاز كل شيء خلال أوقات العمل الرسمية، فربَّما حان الوقت لتتحدث مع مديرك عن هذا الأمر من خلال شرح وضعك بطريقة مقنعة ليتمكن من رؤية الأمور من وجهة نظرك، ويضع نفسه مكانك.
شاهد بالفديو: 9 خطوات للتخلّص من روتين الحياة اليومية
9. استغل اجتماعات الأسرة لإجراء مناقشات عميقة:
عندما يتعلق الأمر بتجمع العائلة كلها سوياً لإجراء المناقشات وإعداد الخطط وجدولة النشاطات، لا يوجد مكان أفضل من طاولة الطعام بعيداً عن كل المشتتات الإلكترونية؛ وذلك ليتمكن الجميع من فهم بعضهم بعضاً، وما يخططون له.
ينبغي أن يعرف جميع أفراد الأسرة أنَّ عليهم الالتفاف حول مائدة الطعام لمناقشة موضوع هام عندما تقول لهم: "حان وقت اجتماع العائلة"؛ أما إذا كنت ستفعل هذا للمرة الأولى، فيمكنك أن تبدأ أول اجتماع عائلي للتخطيط، واقتراح الأفكار لقضاء الوقت معاً؛ وإذا كان لديك أطفال صغار، فدعهم يشاركون في الاجتماعات العائلية أيضاً؛ فهي هامة ليعرف كل فرد من أفراد الأسرة قيمته، وأهمية رأيه في المناقشات بغض النظر عن عمره.
10. اجعل الوقت الذي تقضونه معاً ممتعاً، وليس عقاباً:
إياك أن تستخدم الوقت المخصص للعائلة كنوع من التهديد، إذ لا يجب أن تعدُّه العائلة عقاباً، بل وقتاً مميزاً للاستمتاع؛ وفي حال كان الوضع كذلك، فيعني هذا أنَّ هناك مشكلة في الطريقة التي تتبعها، أو في النشاطات التي تمارسونها.
ابحث عن النشاطات التي يستمتع الجميع بممارستها إلى حد ما؛ إذ لن تتمكن أبداً من العثور على نشاط يحبه الجميع، ولكنَّك تستطيع إيجاد نشاطات تجلب المتعة إليهم؛ فالهدف من ذلك هو قضاء وقت ممتع معاً، وتقوية العلاقات فيما بينكم من خلال التفاعل في هذه النشاطات؛ وكلما كانت هذه التفاعلات وجهاً لوجه، كان ذلك أفضل.
اجعل الوقت الذي تقضيه مع عائلتك مسلياً وممتعاً ليتطلع الجميع إلى المشاركة فيه، واسأل أطفالك عن رأيهم بشأن النشاطات التي عليكم ممارستها، كي تأخذ فكرة عمَّا يحبه الجميع.
ستحتفظ بكثير من الذكريات الجميلة لأنَّ الوقت الذي كنت تقضيه مع عائلتك كان مفعماً بالإيجابية والفرح، كما يؤدي ذلك إلى إقامة روابط تضمن وحدة العائلة.
11. احرص دائماً على المشاركة في المناسبات العائلية:
ليس من الضروري أن يكون الوقت الذي تقضيه الأسرة معاً مقتصراً على الاحتفال بأعياد الميلاد أو العطلات، بل يجب أن يكون وقتاً يلتزم جميع أفراد الأسرة بحضوره؛ فإذا أردت تقوية الروابط والعلاقات العائلية، عليك أن تقضي الكثير مع الوقت مع عائلتك، وليس مجرد قضاء وقت ممتع في المناسبات النادرة.
لا يكفي التواجد في مناسبات معينة لتعزيز الترابط بين أفراد العائلة، بل تصبح العلاقات باردة وسطحية إذا كان التفاعل يفتقر إلى أي عمق؛ وكي يتحقق العكس، احرص على استثمار الوقت، والالتزام بجميع النشاطات المخصصة للأسرة، كتناول الطعام معاً عدة مرات خلال الأسبوع، والذي سيؤثر إيجاباً في العلاقات الأسرية على الأمد البعيد؛ وفي حال لم يتمكن جميع أفراد الأسرة من الاجتماع على العشاء، فكر في خيارات أخرى لا تستغرق الكثير من الوقت، كالتنزه مع العائلة لنصف ساعة عدة مرات في الأسبوع.
لا يهم الالتزام بالمواعيد كثيراً بقدر أهمية الاستمرار في ذلك؛ فهو يمنحك الفرصة لتتحدث مع أطفالك عمَّا يفعلونه في يومهم خلال الأسبوع، بدلاً من انتظار العطلة لتسألهم عن أحوالهم التي من المحتمل أنَّهم قد نسوها.
شاهد بالفديو: 9 طرق لتحسين مهارات التواصل
12. تناوَل الطعام مع العائلة:
إذا كان هناك نشاط عليك منحه الأولوية عندما يتعلق الأمر بقضاء الوقت مع العائلة، فهو تناول الطعام معاً عدة مرات في الأسبوع.
لقد أجرت جامعة ولاية ميشيغان (Michigan State University) بحثاً عن تناول العشاء مع الأسرة، وكشفت أنَّ الأطفال الذين يتناولون الطعام مع عائلاتهم ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل، حصلوا على درجات أفضل في امتحانتهم، وكانوا أقل عرضة إلى اضطراب الأكل، وتمتعوا بمهارات لغوية أكبر؛ كما أنَّها أفادت بما يأتي: "ترتبط الوجبات العائلية المتكررة بتراجع انتشار التدخين، وشرب الكحول، وتعاطي المخدرات؛ بالإضافة إلى تقليل نسبة ظهور أعراض الاكتئاب، والميول الانتحارية، والحصول على درجات أفضل بين أفراد الأسرة الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عاماً".
لا تقتصر أهمية تناول الطعام برفقة العائلة على تقوية العلاقات وتبادل أطراف الحديث فحسب، بل تؤثر في تنمية الأطفال والمراهقين أيضاً؛ كما أنَّه لا يكلف الأسرة أي مصاريف إضافية؛ ذلك لأنَّكم تتناولون الطعام بكل الأحوال.
احرص على ألَّا تكون هناك أي مشتتات إلكترونية على طاولة الطعام عندما تجتمع العائلة على العشاء لينصبَّ اهتمامهم على التحدث والتفاعل معاً.
13. ابتعد عن المشتتات:
يُعَدُّ الهاتف المحمول أكبر مشتت يصرف أفراد العائلة عن قضاء الوقت معاً، خاصة المراهقين الذين يقضون جل وقتهم على هواتفهم الذكية؛ ممَّا يهدد العلاقات الأسرية لكونهم لا يتشاركون في ممارسة النشاطات الممتعة التي تضمن ترابط الأفراد بروابط قوية.
لذا، احرص على وضع قواعد يلتزم بها جميع أفراد العائلة عندما يتعلق الأمر بالأجهزة الإلكترونية ليكون الوقت المخصص للعائلة خالياً من المشتتات، حيث يمكنهم تفقد رسائلهم بعد انتهاء اجتماعهم؛ وإذا حدث أي أمر طارئ، فستعرف بذلك لأنَّك ستتلقى مكالمات عديدة.
يمكن تأجيل أي أمر حتى ينتهي الوقت الذي تقضيه العائلة معاً، حيث لن تتأثر حياتك وعملك إذا توقف هاتفك عن العمل لبضع ساعات؛ كما يمكنك أن تخصص سلة في المنزل ليضع جميع أفراد العائلة هواتفهم فيها، لتتمكنوا من التخلص من جميع المشتتات، والتركيز قلباً وقالباً على تقوية أواصر العائلة.
14. احرص على أن يكون وقت العائلة خالياً من أي أحكام:
إنَّ حياتنا صعبة بما يكفي، إذ نتعرض إلى انتقادات الناس طوال اليوم؛ لذا ينبغي أن تكون عائلتنا ملاذاً آمناً يخلو من أي أحكام.
ضع قاعدة تمنع إطلاق الأحكام على أي فرد من أفراد العائلة في أثناء قضاء الوقت معاً؛ وإذا كان هناك أمر جدي يتوجب حلُّه، فاعقد اجتماعاً عائلياً لمناقشته، وإلَّا فانسَ الأمر؛ ودع أفراد عائلتك يتصرفون على سجيتهم مهما كانت صفاتهم، وأخبرهم أنَّك تحبهم وتتقبلهم كما هم؛ فهكذا يجب أن تكون العائلة الحقيقية.
في الختام:
يأتي الأصدقاء إلى حياتنا ويرحلون، ولكنَّ الأناس الذين لا يفارقونك أبداً طوال عمرك هم عائلتك؛ فصحيحٌ أنَّه لا يتسنى لنا اختيارهم، ولكنَّنا نستطيع تقوية علاقاتنا معهم، والتقرب منهم من خلال اتباع هذه النصائح التي قدمناها بخصوص قضاء وقت إيجابي مع كل أفراد الأسرة.
يمكن أن تستمر الروابط التي تقيمها عندما يكون أطفالك صغاراً طول الحياة؛ حيث يكمن السر في خلق روابط عميقة، وعلاقات قائمة على الحب من خلال التجارب الإيجابية والوقت الممتع الذي تقضونه معاً.
لا جدوى من قضاء الوقت في المنزل نفسه دون التحدث أو التفاعل معاً؛ فلن يكون ثمة فارق بينكم وبين أي أشخاص عاديين يقاسمونكم السكن؛ ذلك لأنَّ ما يعزز التواصل الأسري ويحافظ على قوة الروابط مدى الحياة هو ممارسة النشاطات معاً، وتبادل أطراف الحديث، وقضاء وقت ممتع كل أسبوع.
يكبر الأطفال، ويصبحون شباباً بلمح البصر؛ فإذا كنت غارقاً في العمل، ستفوِّت جميع لحظاتهم المميزة؛ لذا، امنح الأولوية لعائلتك من خلال تخصيص أوقات لتقضيها برفقتهم، وإدراجها على جداول الجميع.
وأخيراً، فإنَّ عقد اجتماعات عائلية هو أفضل طريقة لتتولى زمام الأمور، ولا تنسَ أن تسأل أطفالك عن رأيهم فيما يحبون فعله خلال الوقت الذي يقضيه أفراد العائلة معاً لتبدأ على نحو صحيح.
أضف تعليقاً