ماذا يعني مصطلح الموارد البشرية (HR)؟
يعرَّف مصطلح الـ (HR) بأنَّه اختصار لـ "Human Resources" وتعني الموارد البشرية.
تعكس المصطلحات الحديثة؛ مثل "الموارد البشرية" و "رأس المال البشري" و "رأس المال الاجتماعي" الاعتراف المُتزايد بالأهميَّة الاستراتيجية للموظفين في أي مُنظَّمة، فلم يعد يُنظر إلى الموظفين على أنَّهم ضرورة مُكلفة، بل كمورد استراتيجي يخلق مزايا تنافسية للمُنَّظمة.
أشار وليم جيمس وهو أحد علماء الاجتماع الأمريكيين في القرن التاسع عشر، إلى أنَّ: "مُعظم الناس لا يستخدمون سوى 15% من ذكائهم ومهاراتهم وقدراتهم في عملهم" وسواء كان هذا الاعتقاد صحيحاً أم خاطئاً، فإنَّه من الواضح أنَّ التحدي الأكبر هو جعل الموظفين يُقدِّمون مزيداً من قدراتهم في مكان العمل.
كيف ظهر مفهوم إدارة الموارد البشرية؟
بدأ الأمر بما تُسمَّى "إدارة شؤون العاملين" التي ترتكز مهامها على إدارة شؤون الموظفين من تنظيم وتوظيف وتدريب، وتعويضات مالية، والتعامل مع المشكلات اليومية التي تواجههم، وتعديل سلوك المُنظَّمة ليصبح أكثر جاذبية تجاههم.
لكن بعد الثورة الصناعية في أوروبا في القرن التاسع عشر، بدأت الشركات تتنبه إلى أهميَّة المورد البشري ودوره في نجاح المُنظَّمة من فشلها، ووضعها في موقع تنافسي قوي مع أقرانها.
فبدأ الاهتمام بالموارد البشرية، واتَّسع مفهوم إدارة شؤون العاملين السابق ليشمل مفاهيم مثل تطوير وتنمية الموظفين، والرضا الوظيفي، والعدالة الاجتماعية في مكان العمل، وتطوير السياسات المتعلقة بالموارد البشرية، وأصبحت تُسمَّى إدارة الموارد البشرية أو الـ HR لتكون صلة الوصل بين الموظفين والإدارة العُليا، وتكون مسؤولة عن كل ما يتعلق بهم من لحظة دخولهم المُنظَّمة إلى لحظة خروجهم منها، وغايتها الأساسية استثمار الموارد البشرية بالشكل الصحيح للاستفادة منها الاستفادة القصوى.
مهام الموارد البشرية(HR):
1. تحليل الوظائف:
أي تحديد واجبات كل وظيفة ومسؤولياتها وظروف العمل فيها، وعلاقاتها مع غيرها من الوظائف، ومواصفات من سوف يشغُلها (قائمة بالمتطلبات الأساسية لشُغل الوظيفة؛ مثل درجة التعليم، الخبرات العملية، الصفات الشخصية والسلوكية).
2. تخطيط الموارد البشرية:
هي إحدى الممارسات الأساسية التي تُؤديها إدارة الموارد البشرية، فمن خلالها يتم تقدير احتياجات المُنظَّمة المستقبيلية من العمالة، من حيث أعدادها ومستوى كفاءتها بما يخدم تحقيق أهداف المُنظَّمة، انطلاقاً من دراسة حجم العمل المستقبلي المطلوب إنجازه، ومقارنته مع واقع الموارد البشرية الحالي، لتحديد فيما إذا كانت المُنظَّمة بحاجة إلى موارد بشرية إضافية، أم أنَّ لديها فائض عن حاجتها، أم أنَّ هناك توازن بحيث تكفي الموارد البشرية لإنجاز ما هو مُخطَّط له.
3. الاستقطاب:
هو عملية البحث عن الأفراد المناسبين لجذبهم وتشجيعهم على طلب التوظيف في المُنظَّمة، وذلك من خلال إيصال معلومات وافية وجذابة عن المُنظَّمة والوظائف الشاغرة لديها، وبالتالي زيادة عدد المتقدمين لشُغلها، فكلَّما ازداد عدد المتقدمين توافرت فرص أكبر أمام المُنظَّمة لاختيار موظف أكثر كفاءة.
قد تكون مصادر الاستقطاب داخلية؛ من داخل المُنظَّمة مثل (الترقية، النقل)، أو خارجية مثل (الإعلان، مكاتب التوظيف، وسائل التواصل الاجتماعي).
4. اختيار الموارد البشرية:
تهتم المُنظَّمات الحديثة بعملية الاختيار، بحيث تتم بموضوعية دون تحيُّز وعلى أُسس مدروسة لا اعتباطية، وذلك لانتقاء الأفراد المناسبين للعمل في المُنظَّمة، واستبعاد غير المناسبين منهم.
فقد ثبت بأنَّ اختيار الفرد المناسب للعمل المناسب يؤدي إلى رفع معنويات الشخص، وزيادة إنتاجيته وحماسه للعمل، ممَّا ينعكس إيجاباً على المُنظَّمة وبالتالي الوصول لأهدافها بأسرع وقت وأقل تكلفة.
من أشهر وسائل الاختيار التي يقوم بها الـ HR هي: المقابلات التي تجمع بين المتقدم للوظيفة ومدير الموارد البشرية، فيطرح عليه الأخير مجموعة اسئلة، يكتشف من خلالها مدى ثقافته ومعلوماته، وجوانب شخصيته كالثقة بالنفس والقدرة على الاتصال والتعبير عن الذَّات وغيرها، ومدى ملاءمته للوظيفة.
5. التدريب والتطوير:
بما أنَّ المورد البشري من أهم الموارد على الإطلاق؛ لذا فإنَّ على هذا المورد ومن يُديره أن يكونوا على درجة من الكفاءة والقدرة على أداء العمل بأفضل جودة وأقل وقت. تتولَّى إدارة الموارد البشرية مَهمَّة تدريب وتطوير العاملين لتحسين أدائهم وإكسابهم مهارات يحتاجها العمل، من خلال قياس أدائهم لاكتشاف مواطن الضعف وتدريبهم لترميمها، عن طريق إعداد البرامج التدريبية وإخضاع الموظفين لها.
6. وضع نظام للحوافز والمكافآت:
أحد أهم وظائف الـ HR تحفيز الموظفين، سواء بحوافز مادية كانت أم معنوية (ترقية)؛ لرفع الروح المعنوية لهم وزيادة حماسهم ودافعيَّتهم للعمل، وولائهم للمُنظَّمة.
7. تقييم الموارد البشرية:
يقوم الـ HR بعملية تقييم الموارد البشرية، عن طريق قياس أدائها من خلال مؤشرات الأداء، ومقارنة أدائها الفعلي مع الأداء المطلوب، للوقوف على نقاط قوة وضعف هذه الموارد، فيتم ترقية أصحاب الأداء الجيد، في حين يُخضَع أصحاب الأداء الضعيف لبرامج تدريبية من أجل تحسين أدائهم. يجب أن تتم عملية التقييم بكل موضوعية ودون تحيُّز.
من خلال هذه المَهمَّة يقوم فريق الـ HR برفع تقرير كامل لمسؤولي المُنظَّمة لتحديد التعويضات والحوافز الخاصة بالموظفين.
8. التأهيل:
تأهيل الموظفين الجدد بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها للعمل في المُنظَّمة.
9. متابعة شؤون الموظفين:
من حضور وغياب، وإجازات، والتأمين الصحيِّ، وحل مشكلاتهم في العمل.
10. نشر الثقافة التنظيمية للمُنظَّمة:
الثقافة التنظيمية هي القيم والمبادئ والأفكار التي تؤمن بها المُنظَّمة؛ تعمل إدارة الموارد البشرية على نشرها بين الموظفين للالتزام بها.
11. تحقيق الرِّضا الوظيفي:
تحرص إدارة الموارد البشرية الناجحة على تحقيق الرِّضا الوظيفي بأن يكون الموظف راضٍ عن عمله وأجره، كما تحرص على التعامل معه باحترام وتقدير، وإشعاره بأنَّه عنصر مهم في المُنظَّمة وأنَّ رضاه وسعادته من أولوياتها.
أقسام الموارد البشرية (HR):
تختلف أقسام الموارد البشرية (HR) من شركة لأخرى، لكن عموماً تتألف من الأقسام الرئيسة التالية:
- قسم شؤون الموظفين.
- قسم التوظيف.
- قسم التدريب والتطوير.
- قسم الرواتب والتعويضات.
- قسم إدارة الأداء.
- قسم تخطيط الموارد البشرية.
الصفات التي يجب توافرها في إدارة الموارد البشرية:
1. التخصص في مجال إدارة الموارد البشرية:
حاصل على شهادات أو كورسات في مجال إدارة الموارد البشرية.
2. القدرة على التواصل:
التواصل مع الموظفين، وإيصال المعلومة بالطريقة المناسبة والوقت المناسب.
3. القدرة على الإقناع:
من أهم صفات الـ HR الناجح، إقناع الموظف بكل ما فيه مصلحة للعمل.
4. القدرة على التفاوض:
سواء مع الموظفين أم مع أطراف خارجية تتعامل مع المُنظَّمة.
5. المرونة:
التعامل مع كل ظروف العمل، والمشاكل والصعوبات التي قد تظهر، وحلها بالطرائق المناسبة.
6. خبرة في العلوم السلوكي:
للتعامل مع مختلف أنماط الموظفين، وفهم سلوكياتهم ودوافع هذه السلوكات.
7. الخبرة المالية:
من المفيد لفريق الـ HR أن تكون لدية خبرة في الأمور المالية والمحاسبية، لارتباط عمله بتحديد الرواتب والأجور وتكاليف التدريب.
8. الفهم العميق لعمل كل أقسام المُنظَّمة وأهدافها:
وذلك ليكون كل عمله و خططه في سبيل تحقيق هذه الأهداف.
9. القدرة على قراءة سوق العمل:
تحليل سوق العمل وطالبي العمل من أصحاب الكفاءات، لجذبهم واستقطابهم بطرائق تتفوَّق على المُنظَّمات المُنافسة.
10. العدالة:
أن يُؤمن الـ HR بالعدالة ويتحلى بها في تعامله مع الموظفين وحل مشاكلهم، وعدم التمييز فيما بينهم.
شاهد بالفيديو: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة
الصعوبات والتحديات في عمل الموارد البشرية:
- الإبقاء على الموظفين وعدم فقدانهم: من مهام الـ HR الحرص على إيجاد بيئة عمل جذابة للموارد البشرية، ممَّا يُخفِّف من احتمال ترك الموظفين لوظيفتهم، والتحاقهم للعمل في مُنظَّمات مُنافسة.
- مقاومة التغيير: تُعتبر مقاومة التغيير التي يُبديها الموظفون من أكبر التحديات أمام الـ HR، وذلك عند محاولة تطويرهم، أو عند إدخال أساليب جديدة للعمل.
- عدم دعم صُنَّاع القرار: لا يزال صُنَّاع القرار في بعض المُنظَّمات يمتنعون عن تقديم الدعم اللازم للـ HR؛ بسبب قِلَّة وعيهم لدور إدارة الموارد البشرية الاستراتيجي.
- بيئة العمل المتغيرة والمتطورة باستمرار: على إدارة الموارد البشرية أن تُتابع المتغيرات والتطورات الحاصلة في مجال إدارة الموارد البشرية، والاستفادة من تجارب المُنظَّمات العالمية المتقدمة في هذا المجال، وتعمل على تطوير أدواتها.
أهداف الموارد البشرية:
- توفير احتياجات المُنظَّمة من الموارد البشرية بالأعداد والتخصصات والمهارات المناسبة لشُغل الوظائف.
- تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لدى جميع العاملين في المُنظَّمة من حيث التدريب والترقية والأجور.
- رفع كفاءة أداء العاملين في المُنظَّمة وذلك في المستويات الإدارية كافة.
- تحفيز العاملين بالمُنظَّمة بما يضمن زيادة الإنتاجية إلى المستوى المطلوب.
- تنمية رضا العاملين في المُنظَّمة، وتنمية شعور الانتماء لديهم، من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لتخصصه ورغبته، ووجود مسار مهني وفرص للترقية، وتوفير ظروف العمل المناسبة.
- العمل على توفير بيئة عمل جذابة في المُنظَّمة، من حيث الرواتب والحوافز وفرص الترقية، واحترام وتقدير الموظفين والعمل كفريق عمل.
- تطوير سياسات الموارد البشرية في المُنظَّمة باستمرار، لتُواكب آخر التطورات في سوق العمل.
الخاتمة، الموارد البشرية (HR) هي الضَّالة المنشودة للشركات:
في ظل العولمة التي نعيشها اليوم، والتنافس الكبير بين الشركات، إدارة الموارد البشرية هي الضَّالة المنشودة لهذه الشركات في تحقيق أهدافها وتميُّزها عن مُنافسيها؛ لذلك لابدَّ من الاهتمام بهذا الفريق ودعمه ليُمارس دوره بكفاءة وفعالية، وذلك انطلاقاً من أنَّ العنصر البشري هو أساس نجاح أية مُنظَّمة، بالتالي لابدَّ من أن تتولى هذه الموارد إدارة متخصصة مُؤهَّلة قادرة على استثمارها، وجعلها تُقدِّم أفضل ما لديها.
أضف تعليقاً