في الحقيقة، تساعدنا مهارة الإقناع على أن نكون أشخاصاً مؤثرين في العديد من جوانب حياتنا اليومية، كما تعدُّ القدرة على التأثير مفيدة للغاية في التفاعل والتواصل مع الآخرين في جميع مجالات حياتنا؛ لذا دعونا نلقي نظرة على 7 تقنيات فعالة للإقناع لخلق تأثير كبير:
ما هو التأثير؟
التأثير هو القدرة على ترك أثر في شخص أو مجموعة ما؛ فعندما تؤثر في أحدهم، تغيِّره بطريقة أو بأخرى، كأن تؤثر على قراره أو فكره أو طريقة تعامله مع شيء ما.
ينطوي التأثير على حثِّ الناس على تغيير رأيهم إزاء موضوع أو فكرة ما، والتصرف بطريقة معينة؛ وذلك من خلال التعرُّف على مشاعرهم، ودفعهم إلى اتباع أسلوبك في التفكير أو رؤيتك للأشياء.
يمكن أن يعمل التأثير في الآخرين على تسهيل أي عمل أو موقف صعب يواجه أحدهم، حيث يتعلق الأمر في الحقيقة بجعل العديد من الأشخاص يتفقون بشأن موضوع معين والمضي قدماً بطريقة إيجابية ترضي الجميع.
كيف تساعدك أساليب الإقناع على التأثير في الآخرين؟
إنَّ للقدرة على جذب الآخرين لاتباع طريقة تفكيرك دون إجبار أو إكراه فوائد عظيمة؛ إذ على كل مدير أو قائد أن يُظهِر للآخرين أنَّه أهل للمَهمَّة، ويحفز فريقه على الإنتاجية في العمل.
على سبيل المثال: إذا كنت تعمل في مجال المبيعات، فعليك أن تثبت أنَّ منتجك أو خدمتك ذات قيمة عالية؛ أمَّا على صعيد العلاقات الشخصية، تُترجَم القدرة على إقناع شريكك أو أصدقائك بطريقة تفكيرك إلى القدرة على جعل جمع من الناس على وفاق، والعمل نحو تحقيق الهدف نفسه، أو اتباع نهج محدد في العمل.
يعدُّ استخدام تقنيات الإقناع كشكل من أشكال التأثير أفضل طريقة لجعل الآخرين يرون الأشياء كما تراها، ولكسب التأييد والقدرة على الاستمرار؛ كما يُترجَم جيداً في مكان العمل وفي علاقاتنا الشخصية على حد سواء.
أين تعمل تقنيات الإقناع بشكل أفضل؟
تساعدك القدرة على التأثير في الكثير من المواقف، ولعلَّ أبرزها: العمل والحياة الشخصية؛ لذا دعنا نرى كيف يمكنك جعل القدرة على التأثير تعمل لمصلحتك:
1- العمل:
لنفترض أنَّك تعمل في مجال المبيعات، وهي وظيفة تتعلق ببيع شيء تطرحه شركتك، وقد يكون هذا الشيء خدمة مثل تنظيف النوافذ أو الشحن، أو منتجاً فعلياً مثل المناديل الورقية.
أيَّاً كان الأمر، فمن المؤكد أنَّك ستواجه الكثير من المنافسة؛ لذا عليك معرفة كيف يتغلب منتجك أو خدمتك على المنافسين، والتسويق له اعتماداً على الجوانب الإيجابية للمنتج أو الخدمة المذكورة.
يجب أن تكون قادراً على التأثير في الزبائن المحتملين عند التحدث إليهم حتى يقتنعوا أنَّ منتجك أو خدمتك هي الحل المناسب لهم ولشركتهم أو لعملائهم، ومن الهام أيضاً أن تثق أنت أيضاً بمنتجاتك وخدماتك التي تقدمها.
في حال كنت أنت المدير وتريد جعل فريقك يعمل جيداً كفريق واحد على مشروع ما، فعليك أن تتمتع بمهارات قوية في التأثير، وأن تضع هذا الأمر في حيِّز التنفيذ من خلال تحديد توجه المشروع وقيادة الفريق إلى النجاح.
عندما يعتقد شخص ما بضرورة القيام بشيء بطريقة مختلفة، يمكنه رؤية أهمية الإصغاء والتعرف على الاقتراحات المختلفة حول الأمر؛ وبينما توجه فريقك في أثناء العمل على مشروع ما، عليك أن تتخذ القرارات بصفتك القائد، وأن تكون قادراً على إظهار طريق النجاح لغيرك ودلِّهم عليه، وحملهم على الاقتداء بك كي تثبت أنَّك أهل للمسؤولية.
2- الحياة الشخصية:
لنفترض حدوث اختلاف في وجهات النظر بينك وبين شريكك حول المبلغ الذي يجب ادخاره ضمن خطة التقاعد، حيث يقترح شريكك ادخار 3% من الدخل الشهري كخطة تقاعد، لكنَّك تتعمق في أبحاثك وتناقش مستشاراً مالياً حول الموضوع لتدرك أنَّه يجب ادخار 6% أو 7% على الأقل من الدخل الشهري لتحقيق تقاعد مريح؛ فكيف يمكنك إقناع شريكك وتغيير رأيه من خلال رؤية الفوائد العظيمة للخطة التي تطرحها؟
يمكنك ذلك عن طريق استخدام التأثير لرؤية الأشياء من وجهة نظر الشريك.
يجب أن تتفقا على الصيغة النهائية والرقم المطلوب؛ كما يُفترَض أيضاً إطلاع الشريك على المخططات والتوقعات المختلفة والمشورة الاختصاصية التي سعيت إلى الحصول عليها لحمله على تغيير رأيه كي يتناسب مع رؤيتك.
7 تقنيات إقناع فعالة تساعد على إضفاء مزيد من التأثير:
يمكن استخدام كل واحدة منها على حدة أو مجتمعة تبعاً للموقف الذي تواجهه، لكن استخدمها بحكمة كي تحصل على ما تريد:
1. تواصل مع الآخرين:
هذه واحدة من أسهل وأسرع التقنيات للتأثير في الآخرين؛ إذ يعني التواصل أن تكون حاضراً ومتجاوباً، وأن تقضي الوقت مع الآخرين، وأن تكون زميل عمل أو صديقاً جيداً أو أيَّاً كانت العلاقة.
عندما نشعر بالارتباط بشخص ما، غالباً ما نستمع إلى نصائحه ووجهات نظره، ونتأثر به مقارنة بالذين لا نحبهم.
2. احترم آراء الآخرين:
تعدُّ هذه التقنية أحد أقوى أساليب الإقناع؛ فعندما تحترم آراء الآخرين، فإنَّك تزيد من فرصك في التأثير فيهم، ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى حاجة البشر إلى الشعور بالتفهم.
لا تعلو حاجة على الحاجة إلى التفهُّم؛ فعندما نشعر بذلك، نتخلص من شعورنا بالوحدة لأنَّ هناك من يتفهَّم مشاعرنا وآراءنا؛ وعندما تُظهِر لأحدهم أنَّك تحترم رأيه، ستشعره بالاهتمام، وبأهمية رأيه بالنسبة إليك، وبأنَّك تقدِّر وتحترم وجهة نظره؛ ممَّا يزيد من رصيدك لديه.
3. أشعِرِ الآخرين بأهميتهم:
احترم الآخرين، وأشعرهم بأهميتهم، وراقب النتائج؛ إذ إنَّ العامل الأهم في الرضا الوظيفي هو الشعور بالقيمة والتقدير في مكان العمل، وقد أُثبِت مراراً أنَّ الأشخاص الذين يشعرون بالتقدير والأهمية في مكان العمل هم الأكثر رضاً عن وظائفهم ورئيسهم وشركتهم.
إن كانت لديك القدرة على إشعار الآخرين بأهميتهم، فستتمكن من التأثير فيهم متى أردت؛ فعلى سبيل المثال: عندما يخبرك مديرك أنَّك قمت بعمل رائع في مهمة ما، وأنَّ مهاراتك في كذا وكذا مفيدة للغاية للشركة؛ سيعطيك ذلك دفعاً معنوياً كبيراً، وتوافق بكل سرور على كل ما يطلبه منك أيَّاً كان.
شاهد بالفديو: كيف تمتلك مهارة الإقناع والتأثير في الآخرين
4. ابنِ مصداقيتك:
ستكتشف في أثناء بناء مصداقيتك في مجال خبرتك أنَّ مزيداً من الأشخاص يطلبونك للعمل معهم بناء على النتائج والإنجازات التي حققتها، ممَّا يزيد من رصيدك؛ فعندما تزداد مصداقيتك، تزداد المواقف التي يطلب منك الآخرين المشورة فيها، بحيث تؤثر فيهم بمعرفتك وخبرتك في بعض المجالات.
على سبيل المثال: عندما تمتلك خبرة كبيرة في توظيف مندوبي المبيعات، سيُطلَب منك تقديم المشورة في العديد من الأمور المتعلقة بمجال خبرتك؛ كما قد تُدعَى إلى المشاركة في الكثير من المبادرات التي تتعلق بالمبيعات.
أيضاً، عندما تمتلك صديقاً مهووساً باللياقة البدنية والصحة لسنوات عديدة، فمن المرجح أن تطلب نصيحته بشأن خطة نظام غذائي جديد أو نظام تمرينات تفكر في تجربته، حيث يعود ذلك إلى مصداقيته التي اكتسبها من خبرته في هذا المجال.
يمتلك جميعنا بعض الخبرات على اختلافها، وبمقدورنا الاستفادة منها لخلق تأثير دائم.
5. تبادَل المنفعة:
يمكننا تعريف تبادل المنفعة بتقديم خدمة مقابل خدمة ما؛ فمثلاً: عندما يقدم لك شخص ما خدمة أو شيئاً لطيفاً، سيخلق هذا لديك بالتأكيد شعوراً غامراً بالالتزام، وبأنَّ عليك رد الجميل؛ فمن منظور تسويقي: قد يكون ذلك مماثلاً لشركة تقدم عرضاً "مجانياً" أو "إضافياً" عند شرائك منتجاً ما، حيث تظن أنَّهم يردون لك معروفاً بتضمين هذا العنصر "المجاني"، فتتشجع لشراء منتجهم.
أمَّا من ناحية العلاقات: فعليك اتباع هذه التقنية لما فيها من قوة؛ فعندما تقدم خدمة أو تساعد أحداً بطريقة ما، سيشعر أنَّه ملزم بمساعدتك في المقابل.
6. لا تجعل نفسك متاحاً دائماً:
الندرة تقنية مؤثرة نراها كثيراً في التسويق؛ أي عندما نرى عروضاً مثل "عرض لفترة محدودة" أو "تخفيضات الأعياد"، يخلق لدينا ذلك إحساساً بالإلحاح، ونشعر أنَّه يتعين علينا الإسراع وإلَّا سنفوِّت هذا العرض الرائع الذي يقدمونه في مدة محدودة للغاية، فنحن لا نريد تفويت أي شيء علينا؛ لذا نجد الشركات تعزف على وتر الندرة لدينا.
يمكن اتباع هذه التقنية في الفرق، كأن نقول:" علينا أن نطرح منتجنا في السوق سريعاً، وإلَّا سيحظى منافسونا بفرصة لاستغلال تأخيرنا وحصد النتائج التي تخصنا"؛ حيث سيخلق هذا التعبير شعوراً بالرغبة في طرح المنتج بأسرع ما يمكن، إذ لا أحد يريد التخلي عن الريادة لمجرد تأخير يمكن تفاديه.
يمكن اتباع هذه الاستراتيجية أيضاً على أساس فردي؛ كأن يقترح مديرنا أن ندرس ونحصل على شهادة إضافية من شأنها أن تساعدنا على التطور في بعض نواحي عملنا؛ وأنَّنا إن لم نسرع وننفذ ذلك، فقد تفوتنا الترقية التالية.
7. توافَق مع ما يريده الآخرون:
يمكنك تحقيق ذلك بجعل الآخرين يدركون أنَّ أي قضية تحاول التأثير فيها ستعود عليهم بالمنفعة؛ فعلى سبيل المثال: لنفترض أنَّ لدى شركتك فرصة التعامل مع عميل جديد هام وأنت متحمس بشأنه، وتعلم أيضاً أنَّ الأمر سيتطلب منك قدراً كبيراً من الجهد ليقع الاختيار على اقتراحك للحصول على العميل.
هناك طريقة تساعدك في التأثير على فريقك للعمل معاً والاجتهاد على هذا الاقتراح، وهي أن تخبرهم كيف يمكن أن يؤثر التعامل مع هذا العميل الجديد تأثيراً إيجابياً في مكافآتهم السنوية أو تقدُّمهم الوظيفي؛ أي أنَّ الفريق الذي يحصل على أكبر صفقة جديدة لهذا العام لا بد أن ينال الثناء، وربَّما التعويضات، وكذلك المساعدة في تطوير حياته المهنية؛ وستكون بهذه الطريقة قد وضحت لهم كيف أنَّ العمل على تحقيق هذا الهدف سيعود بالمنفعة عليهم أيضاً.
الخلاصة:
لقد تعلمنا كيف يمكن أن تساعدك تقنيات الإقناع القوية في زيادة قدرتك على التأثير في الآخرين؛ وعندما تطبق هذه التقنيات، ستصبح أنت الشخص المؤثر.
يتعلق التأثير في الآخرين بجعلهم يعملون معاً لتحقيق هدف مشترك، كما علينا ألَّا نستهين بالعمل الجماعي وقدرته على دفعنا إلى تحقيق المزيد.
أضف تعليقاً