ما هو نمط الحياة الخامل؟ وهل أنت شخص كسول؟
يستخدم معظمنا هاتفه من وقت لآخر، ويقضي بعض الوقت جالساً في العمل ويشاهد التلفاز بضع ساعات أو يقرأ ليلاً، فهل يجعلنا هذا خمولين فعلاً؟ للأسف، ربما تجعلنا هذه الأمور خمولين فعلاً.
يُصنِّف التعريف الرسمي لنمط الحياة الخاملة في "مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (Centers for Disease Control and Prevention)، النشاطات التي تُمارَس في أثناء وضعية الجلوس أو الاستلقاء وتتطلب مستويات منخفضة من الطاقة وتمتد 6 ساعات على الأقل يومياً بأنَّها نشاطات خُمول، بمعنىً آخر، إذا كانت المدة التي تقضيها على الكمبيوتر أو الهاتف أو مشاهدة التلفاز أو القراءة والتنقل ذهاباً وإياباً تصل إلى 6 ساعات أو أكثر، فأنت بالفعل تعيش أسلوب حياة خَمول.
في هذه المرحلة، قد تقول إنَّك تجلس كثيراً ولكنَّك تتمرن حتى لا تكون شخصاً خَمولاً فعلاً، وإذا كنتَ تمارس التمرينات الرياضية المعتدلة مدة 150 دقيقةً أسبوعياً مثلما أوصى مركز السيطرة على الأمراض و"جمعية القلب الأمريكية" (American Heart Association)، فهذا لا يعني أنَّك لن تواجه آثاراً سلبيةً ناتجة عن الأمراض التي يسببها الجلوس كما هو معروف في الأوساط الطبية.
كيف يحدث نمط الحياة الخامل؟
يحدث ذلك بسبب التكنولوجيا، فلا يدرك معظمنا حتى عدد الساعات التي نجلس فيها فعلياً خلال النهار، ولقد أصبح مجتمعنا خَمولاً تدريجياً على مر السنين، ولا سيَّما في العمل؛ حيث ازدادت نسبة الأعمال التي لا تحتاج إلى بذل جهد بنسبة 83% منذ عام 1950، بالإضافة إلى زيادة متوسط وقت الجلوس بمقدار ساعة في السنوات العشر الماضية فقط، وإلى جانب أنَّ وظائفنا أصبحَت تعتمد أكثر على الجلوس، فنحن نعمل أيضاً لساعات أطول.
بيَّنَت الدراسات أنَّ المواطن الأمريكي العادي يجلس حوالي 12 ساعةً في اليوم، ويجلس الموظف العادي لمدة 15 ساعةً في اليوم، وهذا أكثر من ضعف الوقت الذي يحتاج إليه تصنيف الشخص أنَّه خَمول.
هل الخُمول أمر سيئ؟
نعم إنَّه كذلك، كلَّما زاد عدم نشاطك مع مرور الوقت، زادت مشاعرك السلبية، والإصابة بالمرض، والشعور بالاكتئاب أو القلق، وبأنَّك ستموت في وقت أقرب ممَّا تعتقد.
ستدفعك جميع المشاعر السلبية والأعراض تلك إلى الشعور بأنَّك شخص خَمول، ولكن بالنسبة إلى معظم الأشخاص، من الواضح أنَّ هذا الأمر لا يُجدي نفعاً؛ وذلك لأنَّ عدد الأشخاص الذين يعانون من المرض والوفاة المرتبط بالخُمول يستمر في الازدياد حرفياً يوماً بعد يوم.
لذلك سنقوم اليوم بتجربة أمر جديد، وسنتحدث عن الحقائق المرتبطة بالخُمول، وسنتحدث أيضاً عمَّا يمكنك إنجازه لكونك أكثر نشاطاً قليلاً؛ ممَّا يساعدك على بناء خطة فردية لتكون أكثر نشاطاً.
أولاً، سنذكر لك بعض الأمور المخيفة المرتبطة بالخُمول:
- الخُمول البدني هو رابع أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة في العالم، فمجرد جلوسك دون حركة سيكون سبباً في موتك.
- الخُمول هو أحد الأسباب التي تسبب وفاة عدد كبير من الأشخاص سنوياً مقارنةً بفيروس نقص المناعة البشرية، ويزيد من معدل الوفيات بنسبة 71%.
- يزيد الجلوس أو الاستلقاء من خطر الإصابة بالسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وآلام المفاصل، وهشاشة العظام، والاكتئاب، وضعف الإدراك.
- بالنسبة إلى كبار السن يمكن أن يؤدي الخُمول إلى تعرُّضهم لخطر الإصابة بالخرف بصورة مساوية للأشخاص البالغين المعرَّضين وراثياً للإصابة بالمرض.
- يغيِّر نمط الحياة الخامل هيكل الدماغ المرتبط بتكوين الذاكرة.
هل أنت نشيط؟
يجب عليك أن تستفيد من كل فرصة ممكنة للمشي والوقوف والتحرك؛ حيث تُعَدُّ بضع دقائق كل نصف ساعة مقداراً مثالياً، ويجب ألا تَقِلَّ المدة عن ساعتين.
أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وجمعية القلب الأمريكية التوصيات التالية حول مقدار النشاط الذي يجب أن يحققه الأشخاص أسبوعياً للبالغين ويومياً للأطفال:
- الأشخاص البالغين: التمرُّن لمدة 150 دقيقةً في الأسبوع.
- الأطفال في سن التعليم المدرسي: التمرُّن لأكثر من 60 دقيقةً في اليوم.
- الأطفال دون سن التعليم المدرسي: التمرُّن لمدة 180 دقيقةً في اليوم.
لماذا تحتاج إلى التخلص من نمط الحياة الخامل؟
أولاً، ستمتلك فرصةً أفضل بكثير لعيش فترةً أطول، وهذا الأمر يُعَدُّ حافزاً كافياً، لكن للأسف يكشف التاريخ أنَّ الأمر ليس كذلك.
ولا يقتصر الأمر على زيادة احتمالات العيش لفترة أطول، ولكن لديك أيضاً فرصة أفضل للشعور بالراحة، والنوم نوماً أفضل، وعدم الإصابة بالأمراض والشعور بالسعادة.
إذا لم يكن التحرك هو الأمر الذي تفضِّله، أو كنتَ تواجه صعوبةً في جعله أولويةً بالنسبة إليك، فسوف تحتاج إلى التفكير بعمق والعثور على أمر يناسبك لزيادة نشاطك.
في معظم الأحيان، يرتبط إجراء تغييرات في حياتنا بالتحفيز، ولكن ما الأمور التي تحفزك؟
على سبيل المثال: إذا طُلِبَ منك الوقوف والتحرك لبضع دقائق كل نصف ساعة، فمن المحتمل أنَّك ستدَّعي أنَّ ظهرك يؤلمك ولن تتمكن من القيام بذلك، ولكن إذا عُرِضَ عليك 1000 دولار للقيام بذلك ليوم واحد، فإنَّ معظم الناس سيشعرون فجأةً وكأنَّ الأمر يستحق العناء.
يمكنك أن تسأل نفسك ما هي الأمور التي تجعلك سعيداً؟ وكيف كنتَ ناجحاً في الماضي؟ ولماذا هدفك الجديد هام بالنسبة إليك؟ وما هي التغييرات التي يجب أن تحدث ليكون هدفك واقعياً؟
فوائد أن تكون أكثر نشاطاً:
- المال: تشير الدراسات إلى أنَّ الأشخاص الأكثر نشاطاً بدنياً يكسبون المزيد من المال، فلا أحد يعرف أي هذين الأمرين النتيجة وأيهما السبب، ولكنَّ الارتباط بينهما يستحق الوقوف والتحرك للتأكد.
- تحسين الحياة الجنسية: ذكر استطلاعٌ شمل ألف شخص أنَّ 34% من الأشخاص الذين مارسوا التمرينات الرياضية مارسوا العلاقة الزوجية مراتٍ عدَّة في الأسبوع، في المقابل بلغَت هذه النسبة لدى الأشخاص الذين لم يتمرنوا 15% فقط، ومن المنطقي إذاً أن تؤدي زيادة النشاط البدني إلى زيادة النشاط الجنسي.
- أن تكون أكثر ذكاءً: لقد أُشبِعَت هذه الحقيقة بحثاً؛ حيث إنَّ النشاط يزيد من تركيزنا ويحسِّن ذاكرتنا.
كما يوجد العديد من الأسباب التي تحفِّزك على النشاط غير البقاء على قيد الحياة وبصحة جيدة.
شاهد بالفديو: 9 استراتيجيات فعّالة لتحفيز ذاتك عندما تفتقد إلى الحماس
كيف تتخلص من نمط الحياة الخامل وتكون أكثر نشاطاً؟
يوجد الكثير من الطرائق لتكون أكثر نشاطاً، ونقدِّم لك فيما يلي قائمةً لكل الاحتمالات الممكنة.
- المشي متى استطعتَ، إما مع صديق أو وحدك والاستماع لكتاب صوتي أو أي شيء.
- الوقوف قدر المستطاع.
- استخدام الدرج.
- القيام بالأعمال المنزلية، مثل الاهتمام بحديقة المنزل وجز العشب وغسل الصحون والتنظيف.
- اللعب مع الأطفال أو الحيوانات الأليفة.
- تنظيف المواعين والصحون.
- التسوق.
- الانضمام إلى دورات تعليمية.
- جعل النشاط أمراً غير قابل للتفاوض في يومك.
- ضبط المنبه على هاتفك للاستيقاظ.
- إخبار الآخرين لمساعدتك وتذكيرك بتحمُّل المسؤولية.
- السباحة وممارسة الرياضة في الماء.
- الرقص عند سماع الموسيقى.
- لعب ألعاب الفيديو واقفاً.
- اللعب في فناء المنزل الخلفي.
- ممارسة اليوغا.
- مساعدة الأشخاص في أعمالهم المنزلية.
- ممارسة الرياضة.
- الوقوف للعب الورق.
بناء عادات جديدة:
لقد كنَّا نمتلك جميعاً تطلعات لتغيير حياتنا ثمَّ فشلنا في ذلك عندما لم نتمكن من إدراج أمور جديدة في حياتنا اليومية؛ حيث يوجد العديد من الكتب التي تتحدث عن بناء عادات جديدة، ونقدِّم لك فيما يلي بعض النصائح للعالِمة "كاثي ميلكمان" (Katy Milkman) مؤلفة كتاب "طريقة التغيير" (How to Change):
1. اربط عادتك الجديدة بعادة موجودة:
إذا كنتَ تقف بالفعل لتنظيف أسنانك أمام المغسلة، فحاول السير في مكانك أو الوقوف على أطراف أصابعك في الوقت نفسه، وإذا كنتَ تأخذ كلبك في نزهة في الصباح، فمارس التمرينات الرياضية في نهاية جولتك، أو يمكنك صعود الدرج ونزوله عندما تحضر شيئاً من الطابق العلوي، وافعل أي شيء يجعلك تتحرك.
2. اجعل عاداتك الجديدة ممتعةً أو اربطها بنشاط تستمتع به:
إذا كنتَ لا تحب المشي، ولكنَّك تحب لقاء أصدقائك، فحاول المشي ساعاتٍ عدَّة في الأسبوع مع صديق أو جار لا تجد فرصةً للتحدث إليه كثيراً، أو اسمح لنفسك بمشاهدة فيلم على موقع "نيتفليكس" (Netflix) في أثناء ركوب دراجة ثابتة، أو حتى في أثناء الوقوف وغسل الأطباق.
3. حوِّل عاداتك إلى منافسة:
يمكن استخدام هذا المبدأ في أماكن العمل لتشجيع الموظفين على أن يكونوا أكثر نشاطاً، فإذا كنتَ تستمتع بالمنافسة وترغب في الانتقال إلى مستوى أعلى، فيمكنك الانضمام إلى دوري لكرة البيسبول أو التنس.
4. اربط عاداتك بأمرٍ يثير حماستك:
اجعل الأمور الهامة بالنسبة إليك تساعدك على تحقيق هدفك في أن تكون أكثر نشاطاً، فهل تحب الاهتمام بالحيوانات؟ يمكنك التطوع لأخذ الكلاب في نزهة، وهل تحب ألعاب الفيديو؟ العبها وأنت واقف.
5. ابدأ بدايةً جديدةً:
تشير الدراسات إلى أنَّ بدء عادة جديدة في بداية يوم جديد يشجع الناس على الالتزام بها بفاعلية أكثر، لذلك، سواء كان ذلك في يوم رأس السنة الجديدة، أم بداية فصل جديد، أم بداية الأسبوع أم في صباح اليوم التالي، فامنح نفسك بدايةً جديدةً.
6. هيِّئ نفسك للنجاح بتغييراتٍ صغيرة:
يستغرق إنجاز أي أمرٍ وقتاً، لذلك ضع لنفسك أهدافاً صغيرةً وقابلة للتحقيق؛ حيث يؤدي تحقيق الأهداف إلى إطلاق الدوبامين وهي مادة كيميائية تسبب الشعور بالسعادة في دماغنا، وهذا الأمر هام وأساسي في تطوير العادات.
الخلاصة:
أنت مستعد الآن لوضع خطتك موضع التنفيذ، فابحث عن الأمور التي تحفِّزك، واختر بعض النشاطات التي يمكن إدارتها، وحدِّد بعض الأهداف القابلة للتحقيق، والأهم من ذلك تحلَّ بالصبر، فقد يساعدك ذلك على عيش حياة أطول وأكثر سعادةً وذكاءً وثراءً.
أضف تعليقاً