أيضاً يرافق الحزن إهمالاً للعناية بالنفس وتغيُّرات في الشهية، وتختلف المدة التي يحزن فيها الشخص بحسب طبيعة التجربة التي مرَّ بها ودرجة تأثرُّه، ولكن عموماً، إنَّ تحوَّل الحزن من كونه مُؤقَّت يصبح إيذاءً للنفس، وهنا يجب أن نركِّز على فكرة هامة وهي أنَّ الحزنَ شعورٌ مختلف عن الاكتئاب، فالاكتئاب هو اضطراب مزاجيٌّ طويل الأمد يشمل مجموعةً من المشاعر السلبية أهمها الحزن والتوتر والقلق، ويمكن أن يكون الشعور بالذنب أو انعدام الأهمية والقيمة في الحياة هو الشعور السائد، فيتسبَّب الاكتئاب بتأثيرٍ سلبي واضح في طريقة التفكير والشعور، ومن ثم في السلوك العام في الحياة.
فضلاً عن ذلك فإنَّ الاكتئابَ يتسبَّب بظهور علامات جسدية كثيرة ومختلفة من شخص إلى آخر، وسنحاول اليوم في مقالنا أن نتحدَّث عن معظمها ليفهم الشخص ما الذي يحدث بجسده إن سمح للاكتئاب بالسيطرة عليه، فتابِعْ القراءة.
أنواع الاكتئاب:
قبل التحدُّث عن الأعراض والعلامات الجسدية المُصاحبة للاكتئاب يجب أن تتعرَّف إلى أبرز أنواعه، وهما فئتين رئيستين كما يأتي:
1. اضطرابات اكتئابية:
تقسم إلى ما يأتي:
- اكتئاب شديد: أشدُّ الأنواع خطورةً يترافق مع أعراض عاطفية وجسدية خطيرة تعوق الإنسان عن متابعة حياته الطبيعية.
- اكتئاب مزمن: أقلُّ حدَّةٍ من النوع السابق، ولكنَّه يستمرُّ لفترة أطول، لا تقلُّ عن عامين.
- اضطراب ثنائي القطب: يتسبَّب بتقلُّبات مزاجيةٍ حادَّةٍ من الهَوَس.
- اكتئابُ ما بعد الولادة: يصيب معظم الأمهات بعد الولادة.
- اكتئاب ما قبل الحيض: يصيب بعض النساء خلال الفترة السابقة للحيض.
- اكتئاب موسمي: يتعلَّق بفصل الشتاء حصراً فيكتئب بعض الأشخاص خلاله.
- اكتئاب ذهني: هو النوع المصاحب لأعراض ذهنية مثل الوهم والهوس.
2. اكتئاب مؤقَّتٌ:
يشمل ما يأتي:
- اكتئابُ ما بعد الولادة: يصيب معظم الأمهات بعد الولادة.
- اكتئاب ما قبل الحيض: يصيب بعض النساء خلال الفترة السابقة للحيض.
- اكتئاب موسمي: يتعلَّق بفصل الشتاء حصراً فيكتئب بعض الأشخاص خلاله.
- اكتئاب ذهني: هو النوع المصاحب لأعراض ذهنية مثل الوهم والهوس.
العلامات الجسدية التي تدلُّ على أنَّك تعاني من الاكتئاب:
الاكتئاب اضطراب يصيب الجسم نتيجة ما يؤثر في النفس، فترافق الضغوطات النفسية علامات جسدية تؤكِّد الإصابة بالاكتئاب، وأبرزها ما يأتي:
1. التعب المستمر:
وهو أكثر أعراض الاكتئاب انتشاراً، فتلك المشاعر السلبية تُشعِر الإنسان بفقدان الطاقة للقيام بعملٍ ما أو أداءِ مهامهِ اليومية الروتينية، حتَّى وإن نام لساعات متعدِّدةٍ، فالشعور بالتعب لن يزول بل يزداد في كثيرٍ من الأحيان، فيشعر الفرد بعدم القدرة على النهوض من سريره صباحاً ومواجهة العالم الخارجي، ويستمر الشعور بانعدام الطاقة طيلة فترة الاكتئاب عادة.
2. الصداع:
أكثر ما يشعر به البشر عامَّةً عند مواجهة ضغوطات الحياة هو الصداعُ، والذي يتركَّز عادةً في المنطقة المحيطة بالعينين، ولكن عندما يكون الصداع مستمراً، يدلُّ على الإصابة بالاكتئاب الحادِّ وخاصةً إن كان مترافقاً مع شعور انعدام الأهمية والقيمة والتعب المستمر والحزن وغيرها من المشاعر السلبية.
3. تراجع القدرة على تحمُّل الألم:
في حال كان المصاب بالاكتئاب يعاني من أمراض أو أوجاع معيَّنةٍ، فإنَّ الألم الذي يشعر به، هو أكبر من الألم الحقيقي، وتَبيَّن ذلك بوضوح في دراسات أُعدَّت على أشخاص تَرافَق الاكتئاب معهم مع حوادث أدَّت إلى إصابةٍ جسدية، فساعدت مضادَّات الاكتئاب على تقليل الآلام الجسدية الناتجة عن الحوادث.
4. مشكلات في النظر:
من الدراسات الهامة التي توضِّح تأثير الاكتئاب في العينين وحاسة البصر، ملاحظةُ أنَّ الأشخاصَ المصابين في الاكتئاب، عانوا من صعوبةٍ في الرؤية وتحديد الفروق بين الأبيض والأسود فأثَّر ذلك تأثيراً واضحاً في كيفيَّة رؤيتهم للعالم أجمع.
5. آلام في الظهر:
المشاعر السيئة التي يشعر بها الإنسان المُكتئِب تجاه نفسه ينتج عنها تشنُّجٌ في عضلات الجسم يُسبِّب أوجاعاً تظهر بوضوح في الظهر، فأكدَّت الدراسات وجودَ علاقةٍ وثيقة تربط الاكتئاب بآلام الظهر.
شاهد بالفيديو: 5 طرق لقهر الاكتئاب النفسي
6. آلام في البطن:
أيضاً تُعدُّ آلام البطن من أكثر أعراض الاكتئاب انتشاراً، فيظهر الألم على شكل تشنُّجات في منطقة البطن يختلف بحسب حِدَّةِ المشاعر السلبية، ويزداد التشنُّج بازدياد مشاعر الحزن والتوتر، وعموماً نلاحظ في أثناء التوتر والقلق حدوث ألم في المعدة مفاجئ، ويشبه ألم البطن المرافق للاكتئاب آلام البطن الناتجة عن احتباس الغازات أو آلام البطن خلال فترة الحيض عند السيدات.
7. المشكلات الهضمية:
التشنُّجات التي يتسبَّب فيها الاكتئاب وخاصَّةً في منطقة البطن تؤثر في عملِ الأمعاء وحركتها الطبيعية، لذلك ينتج عن الاكتئاب عادةً عسرٌ في الهضم أو إمساكٌ أو إسهالٌ أو غثيان، وأيضاً تزداد درجة المشكلات الهضمية بازدياد حِدَّة الاكتئاب، ونتيجة تلك التشنُّجات يفقد كثير من الأشخاص شهيَّتَه لتناول الطعام، فيظهر التغيُّر في الوزن بوضوح، فغالباً يبدو من يتعرَّض للاكتئاب ويخسر كثيراً من وزنه كمن يعاني من سوء تغذيةٍ واضحٍ.
لكن فقدان الشهية وانخفاض الوزن ليس الحالة العامة لمن يعاني من الاكتئاب، فالكثير من البشر عندما يشعرون بالتوتر والمشاعر السلبية يلجؤون إلى تناول الطعام بشراهة، نتيجة ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم (هرمون التوتر)، فلا يستطيعون التحكم بأنفسهم والتوقف عن تناول الطعام وخاصة الحلويات والطعام غير الصحي، فتنتج عن ذلك زيادة في الوزن زيادةً واضحةً تتسبَّب في زيادة الوضع سوءاً، وما تتسبَّب به زيادة الوزن من تنمُّرٍ وتلقِّي انتقادات سلبية كثيرة.
8. آلام في الصدر:
يؤدِّي الاكتئاب دوراً كبيراً في زيادة خطر الإصابة بالأمراض القلبية وأمراض الأوعية الدموية، ربَّما نتيجة ما يقوم به الشخص المكتئب من سلوكات سلبية مثل التدخين بشراهة أو تعاطي الكحول أو تعاطي المخدِّرات في كثير من الأحيان، وقد يكون ذلك هو السبب وراء الشعور بآلامٍ في الصدر تُرافق الاكتئاب، أو أنَّه ناتج عن التشنُّجات التي تحدث في الجهاز الهضمي.
9. تراجع الدافع الجنسي:
يُعاني البشر عادةً من تقلُّباتٍ طبيعية في الدافع الجنسي لديهم، ولا يُعدُّ الأمر مشكلةً، إنَّما يتعلَّق بما يقومون به من أعمال تأخذ من وقتهم وطاقتهم كثيراً، إلَّا أنَّ الاكتئاب يؤدِّي مع ازدياد حدَّته إلى تراجع الدافع الجنسي إلى أن يُفقَد عند بعض الأشخاص فيتسبَّب ذلك بزيادة الوضع النفسي سوء.
كثير من الأشخاص يشعرون بالحرج بشأن التحدُّث بهذا الوضع، ولكن يُعدُّ الأمر خطيراً لكونه يُهدِّد علاقتك بالشريك، فتنتج عنه مشكلات تؤثر في الاستقرار العائلي، ومن ثم في الوضع العام للفرد ومعالجته ضروريةٌ لوضع حدٍّ للاكتئاب.
10. مشكلات في النوم:
يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من توتر وقلق يجعل النوم صعباً جداً عليهم، وعلى الرَّغم من العمل الكثير أحياناً، إلَّا أنَّهم وإن تمكَّنوا من النوم فسوف يستيقظون بكثرة ليلاً ويزيد ذلك الشعور بالتعب المستمر الذي تحدَّثنا عنه سابقاً.
11. الحركات البطيئة:
أيضاً من الأعراض التي تَظهر جلياً على الأشخاص المصابين بالاكتئاب، الحركة البطيئة فلا طاقة للقيام بالأعمال بالسرعة المُعتادة، ولا طاقة للمشي الطبيعي أو حتَّى التحدُّث الطبيعي، إضافة إلى أنَّ الشخصَ المُكتئب يتوقَّف كثيراً في أثناء حركته أو في أثناء التكلُّم؛ لأنَّه يشعر بصعوبة وثقل ما يقوم به، وفي بعض الحالات النادرة للأشخاص المُكتئبين يحدث معهم نقيض ذلك، فنتيجة التوتُّر والقلق الذي يعيشه الشخص، يصبح سريعاً في الحركة والمشي والعمل وتبدو سرعته مخيفة أحياناً.
كيفية علاج الأعراض الجسدية التي ترافق الإصابة بالاكتئاب:
يلاحظ بعض الأشخاص معاناتهم المُستمرَّة من ألمٍ في منطقة معيَّنة، فيدفعهم ذلك إلى مراجعة طبيب مُختصٍّ يَصِفُ المُسكِّنات والَّتي لا تفيد عادةً، فالسبب في تلك الأوجاع نفسيٌّ وعدم معالجة السبب الرئيسِ للأوجاع يعني استمرارها، فتلك الأوجاع لا تتطلَّب علاجاً منفصلاً خاصَّاً بها.
بناءً على ذلك أصبح أطبَّاء الرعاية والأطبَّاء النفسيون يقيِّمون الأوجاع على أنَّها أعراضٌ جسدية دالَّةٌ على اضطراباتٍ مزاجية كالاكتئاب، ويبدأ العلاج بتقييم درجة الاكتئاب ونوعه وقياس جميع الأعراض الجسدية والنفسية التي يعاني منها الفرد وفق مقاييس تصنيفٍ مُعيَّنةٍ بناءً عليها تُحدَّد مضادات الاكتئاب المناسبة.
إضافة إلى بعض السلوكات المساعِدة على معالجة الاكتئاب، مثل ممارسة الرياضة والنشاطات المسلية كالخروج مع العائلة والأصدقاء، فيحتاج العلاج إلى مساعدة الأشخاص المحيطين بالشخص المُكتئِب، لذلك لا تسمح للاكتئاب بالسيطرة عليك، وبمجرَّد الشعور بتلك المشاعر السلبية والأعراض الجسدية، اطلبْ المساعدة وتخلَّص منها قبل تفاقُم الأمر.
في الختام:
جميع البشر معرَّضون للإصابة بالاكتئاب، فخلال مسيرةِ حياتنا قد نتعرَّض لمواقفَ سلبيةٍ تغيُّر حياتنا تغييراً جذرياً، ويترافق الاكتئاب عادةً مع أعراض جسديةٍ تساعد على تأكيد الإصابة به، مثل الشعور بفقدان الطاقة والتعب المستمر الذي يمنع الفرد من القيام بأعماله الروتينية اليومية، وأيضاً الشعور بآلامٍ في الظهر أو البطن نتيجة تشنُّجات في العضلات وينتج عنها مشكلات هضمية، مثل الإسهال والإمساك.
عادةً يؤدِّي الاكتئاب إلى فقدان الشهية، وتغيُّر كبير في الوزن، كما يزيد الاكتئاب خطرَ الإصابة بالأمراض القلبية، فينتج عن ذلك آلام في الصدر، ويؤثِّر الاكتئاب في الدافع الجنسي عند الفرد وفي النوم تأثيراً واضحاً، وعلاج الأعراض الجسدية يكون بعلاج الاكتئاب فهو المُسبِّب الرئيسِ لها ويُعالَج بالاستعانة بالأطبَّاء المُختصِّين.
أضف تعليقاً