ما هي دورات النوم؟
تتكون عملية النوم من مجموعة متعاقبة من المراحل تعرف باسم مراحل النوم، فينتقل الدماغ والجسم خلالها دورياً طوال الليل. تبدأ هذه المراحل بالنوم الخفيف ثم العميق وصولاً إلى مرحلة حركة العين السريعة (REM) التي ترتبط بالأحلام. تستغرق كل دورة نوم قرابة 90 دقيقة وتتكرر عدة مرات، مما يساعد على استعادة النشاط الجسدي وتعزيز القدرات العقلية.
المراحل الأساسية للنوم
يمرُّ الإنسان في نومه بمراحل النوم المتعاقبة، ولكل مرحلة دور محدد في تعزيز الصحة الجسدية والذهنية. تنتقل هذه المراحل تدريجياً من اليقظة إلى النوم الخفيف، ثم العميق، وأخيراً مرحلة حركة العين السريعة (REM). فهم هذه المراحل يساعدنا على إدراك أهمية النوم المتكامل للحفاظ على توازن الجسم والدماغ.
1. النوم الخفيف (N1)
تعد المرحلة الأولى من مراحل النوم بداية الدخول في النوم، وتمثل قرابة 5% فقط من إجمالي مدة النوم. يسترخي الجسم في هذه المرحلة تدريجياً، وتتباطأ ضربات القلب والتنفس تباطؤاً ملحوظاً. كما ترتخي عضلات الجسم، وقد يشعر الشخص بانقباضات عضلية مفاجئة تُعرف بالرعشة النومية التي قد توقظه للحظات. غالباً ما يكون النوم في هذه المرحلة سهل الاستيقاظ، فيكفي أي صوت أو حركة لإعادة الشخص إلى حالة اليقظة.
2. النوم الأخف عمقاً (N2)
تُشكل هذه المرحلة من مراحل النوم ما يقارب نصف وقت النوم الإجمالي، وهي المرحلة التي يزداد فيها انفصال الدماغ عن البيئة الخارجية. تنخفض حرارة الجسم قليلاً، ويصبح معدل ضربات القلب والتنفس أكثر استقراراً. على المستوى العصبي، يظهر ما يسمى بمغازل النوم ومركبات (K) في نشاط الدماغ، وهي موجات كهربائية تعزز الذاكرة وتنظم نشاط الجهاز العصبي. يُصبح الاستيقاظ خلال هذه المرحلة أصعب من المرحلة الأولى، لكنها لا تزال تُصنف بوصفها نوماً خفيفاً.
3. النوم العميق (N3)
تمثل هذه المرحلة أهم فترات النوم من حيث الفوائد الجسدية، وتشكل قرابة 20% من إجمالي ساعات النوم. تُعرف أيضاً بنوم الموجات البطيئة (Slow-Wave Sleep) نظراً لبطء موجات الدماغ خلالها. يصل الجسم في هذه المرحلة إلى أعمق درجات الاسترخاء، فينخفض ضغط الدم ومعدل التنفس كثيراً. ينشط الدماغ عمليات الترميم ويُصلِح الأنسجة، كما يُفرَز هرمون النمو الضروري لبناء العضلات وتجديد الخلايا. يعزز النوم العميق أيضاً مناعة الجسم ويُساعد على إزالة السموم من الدماغ من خلال الجهاز الليمفاوي. يؤدي الاستيقاظ المفاجئ في هذه المرحلة عادةً إلى الشعور بالارتباك والكسل الذهني.
4. نوم حركة العين السريعة (REM)
تحدث هذه المرحلة بعد قرابة 90 دقيقة من بدء مراحل النوم، وتشكل ما نسبته 20–25% من وقت النوم الكلي. على الرغم من أنَّ الجسم، يبدو في حالة استرخاء تام، إلَّا أنَّ الدماغ يكون شديد النشاط، فتزداد موجاته لتشبه نشاط اليقظة تقريباً. تتحرك العينان خلال هذه المرحلة بسرعة خلف الجفون، ويحدث معظم الأحلام. تعد هذه المرحلة أساسية في ترسيخ المعلومات والذكريات المكتسبة خلال النهار، كما تؤدي دوراً هاماً في تنظيم العواطف وتعزيز الإبداع. يُعتقد أيضاً أنَّ نوم (REM) يحافظ على صحة الدماغ على الأمد الطويل.
شاهد بالفيديو: 8 طرُق فعّالة لتنام بشكلٍ أفضل
اضطرابات مرتبطة بمراحل النوم
يمكن أن تتأثر جودة النوم بعدد من الاضطرابات التي تظهر في مرحلة أو أكثر من مراحل النوم، مما يؤدي إلى مشكلات صحية وعقلية مختلفة. من أبرز اضطرابات النوم:
- الأرق (Insomnia): صعوبة في الدخول في النوم أو الاستمرار فيه، ما يقلل من الوصول إلى المراحل العميقة الضرورية للراحة.
- انقطاع النفس في النوم (Sleep Apnea): يؤثر توقف التنفس مؤقتاً خلال النوم مباشرة في استقرار مراحل النوم ويؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر.
- اضطراب حركة الأطراف الدورية (Periodic Limb Movement Disorder): تعوق الحركات اللاإرادية المتكررة في الساقين أو الذراعين استمرار النوم العميق.
- الخطل النومي (Parasomnias): مثل المشي في النوم أو الكوابيس، وتحدث غالباً في الانتقال بين المراحل المختلفة للنوم.
- اضطراب نوم حركة العين السريعة (REM Sleep Behavior Disorder): يفقد فيه الجسم خاصية الشلل العضلي الطبيعية في هذه المرحلة، فيُجسِّد الشخص أحلامه بحركات مفاجئة أو عنيفة.
- النوم القهري (Narcolepsy): حالة مزمنة تتميز بنوبات نوم مفاجئة خلال النهار، ناجمة عن خلل في تنظيم دورات النوم.
هذه الاضطرابات يمكن أن تحدث في أية مرحلة من مراحل النوم وتعكر صفو حياة الإنسان وراحته.
شاهد بالفيديو: 6 أسباب مسؤولة عن إصابتك بالكوابيس
نصائح لتحسين جودة النوم
للحصول على نوم صحي ومتوازن، لا يكفي فقط المرور بجميع مراحل النوم؛ بل يجب دعمها بعادات يومية سليمة تساعد على استقرار دورة النوم الطبيعية. فيما يأتي أبرز النصائح التي يمكن أن تُحسن من جودة نومك:
- التزِم بجدول نوم ثابت: نَمْ واستيقِظ في أوقات محددة يومياً حتى في عطلة نهاية الأسبوع، فهذا يضبط الساعة البيولوجية.
- هيِّئْ بيئة نوم مناسبة: اجعل غرفة النوم مظلمة، وهادئة، وذات حرارة معتدلة مع فراش مريح لدعم الاسترخاء.
- ابتعِد عن الكافيين والنيكوتين: تجنَّب المنبهات، مثل القهوة والشاي قبل ساعات من النوم؛ لأنها قد تعوق الدخول في المراحل العميقة.
- لا تستخدام الأجهزة الإلكترونية: يؤثر الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات في إنتاج الميلاتونين، مما يؤخر بداية النوم.
- مارِس النشاط البدني بانتظام: تحسن التمرينات الرياضية المعتدلة خلال النهار نوعية النوم، شرط تجنب ممارستها قبل وقت قصير من النوم.
- استرخِ قبل النوم: تبنَّ عادات مهدئة، مثل القراءة أو تمرينات التنفس العميق لتهيئة الجسم للراحة.
- تجنَّب القيلولة الطويلة: يُفضل ألَّا تزيد القيلولة عن 20–30 دقيقة حتى لا تتأثر دورة النوم الليلية.

الأسئلة الشائعة
1. كم عدد مراحل النوم؟
يمرُّ الإنسان بأربع مراحل نوم رئيسة: تُعرَف ثلاث منها بنوم حركة العين غير السريعة (NREM) وتبدأ بالنوم الخفيف، ثم الأعمق وصولاً إلى النوم العميق، تليها مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM) المرتبطة بالأحلام. تتكرر هذه المراحل على شكل دورة النوم تستغرق قرابة 90 دقيقة وتتكرر عدة مرات خلال الليل.
2. ما هي المرحلة الأهم في النوم؟
كل مرحلة من مراحل النوم لها دورها الحيوي، لكنَّ النوم العميق (N3)، يُعد الأهم من الجهة الجسدية، فهو يجدد الطاقة، ويعزز جهاز المناعة، ويُصلِح الأنسجة، بينما تُعد مرحلة حركة العين السريعة (REM) بالغة الأهمية من الجهة العقلية؛ إذ تدعم التعلم، والذاكرة وتنظيم العواطف؛ لذا فإنَّ التوازن بين المراحل جميعاً، ضروري للحفاظ على صحة شاملة.
في الختام، تفتح لنا معرفة مراحل النوم وفهم كل دورة تمرُّ بها خلال الليل باباً لتحسين صحتنا الجسدية والعقلية، فهل أنت مستعد لتطبيق هذه المعرفة والاستفادة من كل مرحلة نوم لتحقيق نوم أكثر عمقاً وتجدداً يومياً؟ لم يعد النوم مجرد استراحة؛ بل رحلة متكاملة تجاه صحة أفضل وحياة أكثر نشاطاً.
أضف تعليقاً