أسباب الحزن بلا سبب:
ننتقل من حالتنا الطبيعية إلى الحزن بلا سبب، ونستقر في قاعنا حزانى لمدة قد تطول أو تقصر، وننسحب من الاجتماعات ونَنطوي على أنفسنا، ونُضرِب عن الطعام أو نأكل بشراهة، فما هي الأسباب؟
أولاً: التغيرات في الحياة
في كارما المشاعر لا شعور يفنى ولا شعور يخلق من العدم، وكل الحزن الذي يظهر فجأة ما هو إلا تراكمات شعورية لأسباب لا قيمة لها، فتتفجر براكين الحزن المكبوتة، وتكون التغيرات في الحياة سبباً للحزن عبر إحدى الاحتمالات الآتية:
1. الشعور بالفقدان:
تؤدي التغيرات في الحياة إلى الشعور بالفقدان، حتى لو لم يفقد الشخص شيئاً أو شخصاً معيناً، وعلى سبيل المثال تسبب الغربة الشعور بالفقدان للعائلة والأصدقاء والمجتمع القديم.
2. الشعور بالقلق من المستقبل:
قد يكون القلق من المستقبل أساس الحزن بلا سبب؛ إذ يمكن لشيء تقلق بشأنه في المستقبل أن يقض مضجعك ويسبب لك حزناً مفاجئاً.
3. الشعور بالضغط:
يتولد الضغط بسبب الحاجة إلى التكيف مع التغييرات الجديدة أو بسبب الشعور بالمسؤولية عن النجاح في هذه التغييرات، وقد يترجم الجسم هذا الضغط على شكل حزن بلا سبب.
ثانياً: ضغوطات الحياة اليومية
العمل، والأقساط، والعائلة، ومشكلات الأصدقاء، والمشكلات اليومية، ومستقبل الأبناء، والمستقبل المهني، ومرض الوالدين، والتضخم العالمي، والحروب، فتلك جميعها ضغوطات نتعرض لها يومياً في حياتنا، وقد نظن أنَّنا اعتدنا عليها وعلى وجودها في حياتنا، إلا أنَّ عقلنا يخزن هذه الآلام التي تسببها لنا ليقوم بتفجيرها لنا دفعة واحدة على شكل حزن بلا سبب.
تشعرنا ضغوطات الحياة اليومية بالضغط أو الإرهاق أو الوحدة، أو أنَّنا في سباق أبدي مع الزمن، فعندما نفكر بسنوات الدراسة الطويلة التي أمامنا، أو الأقساط التي يجب علينا دفعها للتأمين، والضرائب، والديون، والتقصير في التواصل مع الأصدقاء بسبب الغربة، فإنَّنا بالتأكيد سندخل في دوامة الحزن بلا سبب.
ثالثاً: المشكلات الصحية
قد تكون الأفكار بريئة أحياناً من استحضار الحزن بلا سبب، وقد تكون الأسباب الصحية هي المعنية بذلك، عبر ما يأتي:
1. الشعور بالألم:
يؤدي الألم المزمن إلى الشعور بالحزن والاكتئاب.
2. الشعور بالضعف:
يؤدي المرض أو الإصابة إلى الشعور بالضعف، والذي يؤدي إلى الشعور بالحزن.
3. الشعور بالخوف والقلق:
يؤدي المرض أو الإصابة إلى الشعور بالخوف والقلق بشأن المستقبل، والذي يؤدي إلى الشعور بالحزن.
4. الشعور بالفقدان:
يؤدي المرض أو الإصابة إلى الشعور بالفقدان للصحة أو القدرة، والذي يؤدي إلى الشعور بالحزن.
فيما يأتي بعض الأمثلة عن المشكلات الصحية التي تسبب الحزن بلا سبب:
- الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب أو السرطان أو السكري.
- الإصابات، مثل الحوادث أو الجراحة.
- الحالات الطبية، مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو نقص فيتامين د.
شاهد بالفديو: 7 نصائح للتغلب على هموم الحياة
رابعاً: الاضطرابات العقلية
تسبب الاضطرابات العقلية الحزن بلا سبب لعدة أسباب، ومنها:
1. التغيرات في الناقلات العصبية:
تؤدي الاضطرابات العقلية إلى تغييرات في مستويات الناقلات العصبية في الدماغ، والتي تؤثر في المزاج ومشاعر الحزن.
2. الاضطرابات في بنية الدماغ:
تؤدي الاضطرابات العقلية إلى اضطرابات في بنية الدماغ، والتي تؤثر في المزاج ومشاعر الحزن.
3. العوامل البيئية:
تساهم العوامل البيئية، مثل التعرض للتوتر أو سوء المعاملة، في تطور الاضطرابات العقلية، والتي تؤدي بدورها إلى الشعور بالحزن.
فيما يأتي بعض الأمثلة عن الاضطرابات العقلية التي تسبب الحزن بلا سبب:
- الاكتئاب: الاكتئاب هو أكثر الاضطرابات العقلية شيوعاً، وهو يتميز بمشاعر الحزن المستمرة والفقدان للاهتمام أو المتعة.
- القلق: هو اضطراب عقلي يتميز بالشعور المستمر بالخوف أو القلق.
- اضطرابات الشخصية: هي اضطرابات عقلية تؤثر في الطريقة التي يفكر بها الشخص ويشعر بها ويتصرف بها، وتؤدي بعض اضطرابات الشخصية، مثل اضطراب الشخصية الحدية إلى الشعور بالحزن الشديد أو المتكرر.
كيف نتعامل مع الحزن بلا سبب؟
إذا أُصبنا بنوبة حزن بلا سبب ماذا نفعل؟ فهل نستسلم لها ونتخلى عن كل شيء؟
بالتأكيد لا، لذا إليك كيفية التعامل مع الحزن بلا سبب:
أولاً: الاعتناء بالذات
العناية الذاتية هي مجموعة من الممارسات التي تساعدك على الحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية والعاطفية، وتساعد العناية الذاتية على تقليل التوتر وتحسين المزاج وزيادة الطاقة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض، وفيما يأتي بعض النصائح للعناية الذاتية لتجنب الحزن بلا سبب:
1. الحصول على قسط كافٍ من النوم:
يحتاج البالغون إلى حوالي 7-8 ساعات من النوم كل ليلة، ويؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة التوتر وانخفاض المزاج وزيادة خطر الإصابة بالحزن بلا سبب.
2. اتباع نظام غذائي صحي:
يؤدي النظام الغذائي الصحي دوراً هاماً في الصحة العقلية، لذا احرص على تناول كثير من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، ولا ننسى الحصة المعتدلة من الشوكولا التي يشهد الجميع بقدرتها على رفع المزاج.
3. قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة:
يساعدك التواصل الاجتماعي مع الآخرين على تحسين مزاجك وتقليل الشعور بالوحدة، لذا خصص وقتاً للأشخاص الذين تحبهم.
4. تعلُّم كيفية الاسترخاء:
يساعدك تعلم كيفية الاسترخاء على تقليل التوتر وتحسين المزاج، لذا جرب تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا أو تمرينات التنفس العميق.
5. الاعتناء بصحتك العقلية:
إذا كنت تعاني من اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق، فمن الهام الحصول على العلاج، فيساعد العلاج على إدارة أعراضك وتحسين صحتك العقلية.
ثانياً: ممارسة الرياضة
تساعد الرياضة على التخفيف من الحزن بلا سبب، وتساعد الرياضة على:
1. تقليل التوتر:
تساعد ممارسة الرياضة على تقليل التوتر من خلال إطلاق الإندورفين، وهي مواد كيميائية في الدماغ تجعلك تشعر بالسعادة، لذا الرياضة تخفف من التوتر.
2. تحسين المزاج:
تساعد ممارسة الرياضة على تحسين المزاج من خلال زيادة إنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي يؤدي دوراً في تنظيم المزاج.
3. تعزيز الثقة بالنفس:
تساعد ممارسة الرياضة على تعزيز الثقة بالنفس من خلال تحسين الشعور بالإنجاز.
لا يُعتقد أنَّ الرياضة هي علاج للحزن بلا سبب، ولكنَّها تكون جزءاً هاماً من خطة العلاج الشاملة، وإذا كنت تعاني من الحزن بلا سبب، فمن الهام أن تتحدث إلى طبيبك أو معالجك عن أفضل طريقة لرعايتك.
ثالثاً: اللجوء إلى المحيط الداعم
يساعدك المحيط الداعم على تجاوز الحزن بلا سبب بعدة طرائق، وذلك عبر:
1. تقديم الدعم العاطفي:
يمكن للأصدقاء والعائلة تقديم الدعم العاطفي عندما تشعر بالحزن بلا سبب، ويمكنهم الاستماع إليك وتقديم الكلمات الطيبة والمساعدة على التغلب على التحديات.
2. تعزيز الشعور بالانتماء:
يساعدك وجود محيط داعم على الشعور بالانتماء والقبول، ويساعدك ذلك على الشعور بتحسن تجاه نفسك والعالم من حولك.
3. تقديم التوجيه والمساعدة:
يمكن للأصدقاء والعائلة أيضاً تقديم التوجيه والمساعدة عندما تكافح من أجل التعامل مع الحزن بلا سبب، ويمكنهم مساعدتك على تحديد الموارد المتاحة لك وتقديم الدعم في اتخاذ خطوات للمضي قدماً.
إذا كنت تعاني من الحزن بلا سبب، فمن الهام أن تحيط نفسك بالأشخاص الذين تثق بهم ويهتمون بك، ويمكنهم مساعدتك على الشعور بدعم ومساندة، وهذا يساعدك على التغلب على هذا التحدي.
رابعاً: طرائق أخرى
يكون لكل شخص طريقة خاصة للتعامل مع حزنه، وبخاصة ذاك الذي يحزن بلا سبب، وقد تكون هذه الطريقة غير فعَّالة مع الآخرين، لذا من الهام أن يعرف كل منا نفسه، والأشياء والأفعال التي من شأنها أن تساعده على طرد الحزن، وبعضهم يفضل المشي في الطبيعة، وآخرون يفضلون التسوق أو اللعب مع الأطفال أو مشاهدة فيلم أو أفلام الكارتون، وأياً تكن طريقتك فالأهم هو أن تكون فعَّالة بالنسبة إليك وقادرة على إزالة حزنك.
في الختام:
إنَّ الحزن بلا سبب هو شعور بالتعاسة أو الضياع أو عدم الرضى لا يمكن تفسيره بحدث أو موقف معين، لذا يكون حالة مؤقتة أو تستمر لفترة طويلة، وقد يكون الحزن بلا سبب ناتجاً عن مجموعة متنوعة من العوامل، وأهمها الضغوطات اليومية والمشكلات الصحية والعقلية، ولكن بطبيعة الحال يتم التعامل معه من خلال تقديم الرعاية للذات واللجوء لدائرة داعمة ومحبة تستوعب مشاعرنا المتخبطة وتعيننا على احتوائها وتنظيمها
أضف تعليقاً